الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد 10 سنوات على الحرب السورية

حوار| مدير متحف حلب السابق: الحرب دمرت العديد من الآثار السورية.. ولدينا مشروعات للحفاظ على التراث .. صور

تأمين متحف حلب أثناء
تأمين متحف حلب أثناء الحرب.. وقطع أثرية معروضة

جهود مستمرة وواضحة لمشروع الحفاظ على التراث الأثري بحلب، إذ يحاول أصحابها إصلاح ما أفسدته الحرب ودمرته من آثار سورية سواء في المواقع العامة أو المتاحف، من خلال دعم مؤسسة "غيردا هنيكل" الألمانية، وفريق من الباحثين من ألمانيا وسوريا وإيطاليا وسويسرا، لتنفيذ المشروع المستقبلي للمساهمة في إعادة تأهيل متحف حلب.

 وفي حوار خاص مع «صدى البلد» يكشف د. يوسف كنجو الباحث في معهد آثار الشرق الأوسط بجامعة توبنجن بألمانيا، ومدير متحف حلب الوطني السابق، تفاصيل المشروع الذي يشمل إعداد قاعدة بيانات لمعظم المواقع الأثرية في محافظة حلب حوالي 800 موقع حتى الآن بهدف المساعدة أثناء تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، كذلك عمل خرائط أثرية جديدة توضح المواقع الأثرية والفترات التاريخية العائدة إليها عن طريق برنامج "جوجل"، وعمل قاعدة بيانات تعريفية لكل موقع أثري بطاقة تعريفية مع الصور، وتدريب الكوادر الأثرية في متحف حلب من خلال عدد من ورش العمل المشترك.

 

د. يوسف كنجو
د. يوسف كنجو

حدثنا عن مشروع الحفاظ على التراث الأثري في حلب.

يتضمن مشروع الحفاظ على التراث الأثري بحلب عدة مستويات للتنفيذ، والهدف الأساسي بالمرحلة الأولى هو عمل قاعدة بيانات تضم كل المعلومات المتوفرة والمتاحة عن الآثار في مدينة حلب، وبحثنا عن الصور والمعلومات القديمة والكتب والصور قبل 50 سنة وبالأقمار الصناعية أيضا، في الفترة منذ عام 1967 حتى الآن ومبين بها شكل الموقع الأثري قديما.

وبهذه الصور يكون واضحا حدود الموقع الأثري، وتتضمن قاعدة البيانات كل المعلومات القديمة والحديثة، ووثقنا كل الأضرار التي صارت بالوقت الحالي مع عقد مقارنة بين وضعها قديما وحديثا.

تدمير مواقع أثرية في سوريا خلال الحرب (1)
تدمير مواقع أثرية في سوريا خلال الحرب (1)

وما الأهداف الرئيسية التي حددها المشروع ؟

ننفذ المشروع من أجل هدفين رئيسين، الأول هو تنفيذ مشاريع إعادة معمار من خلال تقديم معلومات عن الأماكن التي دُمرت أو ستُقام فيها أبنية جديدة، مع الاخذ بعين الاعتبار المعلومات الأثرية حفاظا عليه حتى لا يتم تدميرها بشكل أكبر من تلك التي تم تدميرها خلال الحرب، وتقديم المعلومات للذين يخططون لإقامة مشاريع أو ترميم أو إعادة إعمار جديدة سواء الدولة أو منظمة، بشرط امتلاك أساس علمي عن المكان الذي سيتم العمل عليه.

كذلك يضم المشروع تدريب أفراد في حلب وتأهيلهم لكيفية عمل دراسات أثرية وعلمية للتوثيق، وجعلهم قادرين على إعطاء رأيهم في المشاريع الأثرية، بدون دمار للآثار سواء فوق أو تحت الأرض.

تأمين متحف حل أثناء الحرب (1)
تأمين متحف حل أثناء الحرب (1)

من القائم على تنفيذ المشروع ؟

بدأنا في نهاية المرحلة الثانية من المشروع الذي يرجع انطلاقه إلى عام 2018، ونحن فريق مكون من مختصين بجنسيات مختلفة بعدة دول من سوريا وألمانيا وسويسرا وإيطاليا، بالإضافة إلى الطلاب والمختصين والمشروع يتبع بشكل رسمي جامعة برلين التطبيقية في المانيا، وتمويله بشكل رئيسي من مؤسسة خاصة، ونحن الفريق العامل في ألمانيا مع متعاونين ومساعدين في حلب.

ما مراحل تنفيذ مشروع الحفاظ على التراث الأثري بحلب ؟

حتى الآن يضم المشروع مرحلتين، الأولى في حلب "المدينة" وعملنا أيضا على ريف مدينة حلب والمنطقة المحيطة نطلق عليها محافظة حلب، وحاليا نعمل على المتحف الوطني لمدينة حلب.

تدمير مواقع أثرية في سوريا خلال الحرب (2)
تدمير مواقع أثرية في سوريا خلال الحرب (2)

ماذا عن حالة المتحف وهل تأثرت بالحرب ؟

شغلت منصب مدير المتحف الوطني لمدينة حلب قبل الحرب، والمتحف كان يقع في منطقة تعد حدا فاصلا بين المعارضة وقوات الحكومة أو قوات النظام، وكمبنى لحق به الضرر بشكل كبير لكن القطع الأثرية لم تتضرر، ونفذنا حماية لها بشكل كبير وهناك قطع تم إرسالها إلى المستودعات مع تنفيذ جدران اسمنتية، وإحاطة التماثيل الكبيرة بأكياس من الرمل والقطع الهامة نقلناها لأماكن آمنة مثل البنك المركزي، وكل هذا كان بهدف حماية مقتنيات المتحف أما المتحف نفسه كمبنى فقد تدمر الزجاج والسقف المستعار والبنية التحتية.

منذ حوالي سنة تم افتتاح قسم من المتحف، يعد جزءا صغيرا منه، أما المتحف حاليا مفتوح بشكل كامل، ونعمل على توثيق كل القطع الأثرية بالمتحف، مع إجراء دراسة لتسجيل القطع الأثرية وتوثيقها لأنها غير مسجلة.

حدثنا عن تاريخ وقيمة الآثار السورية.

لا نعتبر متحف حلب متحفا وطنيا لمدينة حلب فقط وإنما لمنطقة شمال سوريا، ويوجد في متحف حلب قطع أثرية هامة لأهم الممالك الأثرية في سوريا مثل مملكة السماري، ومملكة "ايبلا" و"أوجاريت"، بالإضافة إلى قطع متنوعة وكتابات مسمارية، تم حفظها في أماكن لا يستطيع أحد الوصول إليها، وعددها في المتحف حوالي 25 ألف قطعة أثرية لم تتأثر إلا قطعة واحدة أما الدمار الكبير حول المتحف تم ترميمه.

تأمين متحف حل أثناء الحرب (2)
تأمين متحف حل أثناء الحرب (2)

وهل أثرت الحرب على الآثار السورية بشكل عام ؟

الحروب بشكل عام تؤثر على البشر والدرجة الثانية هي الآثار، وتأثرت آثارنا بالحرب السورية بشكل كبير، بالإضافة إلى وفاة وتشرد الكثير، وعن الآثار للأسف في سوريا تم تدميرها بشكل كبير، إذ تمتلك سوريا عددا من المواقع الأثرية الهامة منها ما تم تدمير أجزاء كبيرة منها مثل مدينة "تدمر" التي تعد أهم موقع في سوريا وحلب القديمة، وتدمير أهم معبد بها ومدافن برجية، ما يؤثر على الأجيال القادمة التي لن ترى هذه الآثار مجددا.

وتأثرت أماكن أثرية أخرى بسبب التنقيب السري إذ حفروا للوصول إليها بواسطة "بلدوزر" في موقع أثري ما أثر على المواقع الأثرية، والمشكلة الكبرى أنه عند تدمير موقع أو مبنى أثري لا يتم ترميمه، "الموقع ذهب ولن يُعاد مجددا"، ولكن يوجد أيضا العديد من الآثار على نطاق واسع لم يتم تدميرها.

وللأسف تمركزت المعارك في الاماكن الأثرية والقلعة التي تم استخدامها مرة ثانية كموقع حربي وليس أثريا، ولكن باستخدام أسلحة دمار شامل وأصبح التدمير كبيرا يجمع المواقع الأثرية كسلاح في الحرب مرة ثانية، واستخدامها بين المعارضة والنظام وكل طرف في اتهام للآخر، ولكن في الواقع الكل دمر، والحرب توقفت بالفعل ولكن مسلسل تدمير الآثار ما زال مستمرا.

تأمين متحف حل أثناء الحرب (3)
تأمين متحف حل أثناء الحرب (3)

ماذا عن مشروع رصد تدمير الآثار السورية ؟

دشنا مشروعا لرصد كيفية تدمير الآثار قبل عام 2018، في الفترة من عام 2011 حتى 2020 من خلال استخدام الاقمار الصناعية لمعرفة تسلسل دمار الآثار، ونفذت مع اليابانيين مشروعا آخر لحفظ الآثار بشكل ميداني لأنه من المفترض أن الحرب لا تدمر الآثار ودرسنا الأسباب  لتدمير الآثار سواء من قبل الجيش او المسلحين، والتدمير بشكل مقصود أو غير مقصود يكون نتيجة قلة الوعي بأهميتها.

كذلك قدمت عدة منشورات بالتعاون مع اليابانيين، منها كتاب "تاريخ سوريا في 100 موقع أثري"، باللغتين العربية والإنجليزية، والهدف هو إعطاء معلومات للجمهور بطريقة غير أكاديمية مع توزيعه مجانا في لبنان وسوريا.

خريطة سوريا
خريطة سوريا

بماذا تتميز الحضارة السورية القديمة؟

تتميز الآثار السورية بأنها تختلف عن نظيرتها في مصر، إذ تهتم بشكل أكبر بالإنسانية بشكل عام، ولدينا فترات تاريخية هامة مثل عصور ما قبل التاريخ و10 آلاف سنة، وما سمى بالثور النيولوتية وبداية الزراعة وبداية تربية الحيوان وهذه الفترة مهمة للجميع لفهم تطور الحضارة والثقافة في العالم، وفي المواقع الأثرية في سوريا يوجد تنوع ثقافي. 

فضلا عن آثار العديد من الحضارات، مثل الحضارة البابلية والآشورية والإسلامية والرومانية والهيلينستية، وذلك في استمرارية دون انقطاع في التسلسل الأثري، وتتمتع سوريا دائما بالتنوع الثقافي وما ينعكس منها على المواقع الثرية الموجودة، وبكل حقبة أثرية يوجد المئات من المواقع الأثرية والتي تخدم العرب والإنسانية بشكل عام وهذه المواقع مهمة من الناحية القافية والأثرية لفهم العلاقات بين الشعوب وتطورها.

دمار بسبب الحرب السورية
دمار بسبب الحرب السورية