الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صلاح هاشم يشيد بجهود الدولة فى توفير سكن كريم لكل المصريين

صدى البلد

انطلاقا من أهمية قضية الإسكان كونها تمس حياة كل المصريين ، أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية " دراية " دراسة مقارنة حول سياسات الإسكان فى مصر قبل وبعد عام 2014 من خلال تسليط الضوء بالأرقام والحقائق على أهم ملامح سياسة الإسكان المُتبعة من قبل الحكومات المختلفة منذ حقبة الخمسينيات وحتى الآن، وذلك للوقوف على مدى مراعاة السياسة الحالية لسلبيات السياسة السابقة، ومدى نجاحها فى حل مشكلة الإسكان وتلبية احتياجات جميع المواطنين خاصة فئة محدودي الدخل من الوحدات السكنية.

كما اهتمت الدراسة الصادرة عن منتدى "دراية" بتوضيح ما إذا كانت قد أسهمت السياسة الإسكانية الحالية فى إعادة رسم الخريطة السكانية وتوزيع السكان خارج النطاق الضيق، ومن ثم زيادة مساحة المعمور من الأراضى المصرية، إلى جانب تقديمها بعض التوصيات فى إطار رؤية جديدة نحو سياسة إسكانية أكثر شمولية فى توفير المسكن الكريم وتفعيل برامج ومشروعات إسكان فئات الدخل المحدود.

وتناولت الدراسة بالبحث والتحليل أسباب مشكلة الإسكان والتى كان أبرزها الزيادة السكانية المضطردة بواقع يتجاوز 2.5 مليون نسمة سنويا، وتناقص نصيب الفرد من المعمور حيث بلغ 75 م2 فى حين كان فى السابق 2000 م2 ومن ثم شهدت مساحات الأراضى الصالحة للبناء تناقصا مستمرا نتيجة لتوطين السكان على مساحة لا تتجاوز 7% من المساحة الكلية للدولة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضى والوحدات تباعا والزحف على الأراضي الزراعية بمعدل 65 ألف فدان سنويا ، وتناقص نصيب الفرد من الأرض الزراعية حيث أصبح نصيبه أقل من 2 قيراط بعدما كان أكثر من فدان سابقا أى بمعدل يتجاوز الـ90%.

وخلصت الدراسة إلى أن سياسات الإسكان قبل 2014 اتسمت بالعديد من السلبيات التى قوضت نجاحها فى حل مشكلة الإسكان وتوفير سكن ملائم وكريم خاصة لمحدودي الدخل، الأمر الذى أفضى إلى عدم التناسب بين العرض والطلب من الوحدات السكنية، وظهور المناطق العشوائية التى شكلت خطورة ليس فقط على سلامة قاطنيها بل المجتمع المصرى بشكل عام فى ظل غياب التخطيط وشيوع الفقر والجهل والبطالة والجرائم المختلفة.

وأبرز السلبيات التى رصدتها الدراسة جاءت كالتالي:    
- خدمة أغراض سياسية تتعلق بالدعاية الإنتخابية فى المقام الأول.
- التغاضى عن احتكار بعض السلع الأساسية المستخدمة فى عمليات البناء.
- اتسمت عمليات تخصيص الوحدات بغياب الشفافية وخضوعها للمحسوبية وغياب الرقابة القانونية.
- جاءت أنماط الحيازة بنسبة 90% للتمليك و10% للإيجار، ومن ثم لم تحقق تطلعات الفئات المستهدفة من محدودى الدخل والأكثر احتياجا فى ضوء عدم قدرتهم على دفع مقدم لتملك الوحدة أو دفع الأقساط الشهرية المرتفعة.
- التشوه الجغرافي في تخصيص الوحدات بما لا يتلائم مع واقع أعداد السكان فى محافظات مصر المختلفة.
- عدم ملائمة الوحدات للسكن نظرا لصغر المساحات التى كانت تتراوح بين 42 مترا (صافى مساحة 37 مترا) ، و63 مترا (صافى مساحة 54 مترا).
- وجود مشكلات فى المواصفاته الهندسية والإنشائية لكثير من الوحدات مثل التصدعات والهبوط.
- بناء أكثر من 50% من وحدات المشروع القومى للإسكان فى مناطق صحراوية وفى المدن الجديدة البعيدة عن العمران دون توفير المرافق والخدمات الضرورية من وسائل مواصلات ومدارس ومستشفيات وأسواق ونقاط شرطة وغيرها.
 
وقامت الدراسة أيضا بتقديم تحليل لسياسات الإسكان بعد عام 2014 ، حيث احتلت قضية الإسكان أولوية لدى القيادة السياسية التى حرصت على وضع خطة متكاملة لحل هذه المشكلة بشكل جذرى،  وتبنت سياسة ارتكزت على ثلاثة محاور متزامنة: الأول: تعديل ووضع الإطار الدستورى والتشريعي، الثانى: محور القضاء على العشوائيات مضاعفة مساحة العمران، والثالث: إتاحة السكن الكريم لكل الطبقات وبمواصفات قياسية وتسهيلات تُمكن جميع فئات المجتمع من تملكها، خاصة فئات محدودي الدخل.

وأوضحت الدراسة أنه فيما يتعلق بالمحور الأول (الدستورى والتشريعى ) فقد أفرد دستور عام 2014 عددا من مواده لقضايا الإسكان، وعالج إشكالية المادة 68 الواردة فى دستور 2012 من خلال إلزام الدولة بكفالة المسكن الملائم لجميع المواطنين من خلال المادة 78 ، كما ألزمت هذه المادة الدولة بوضع إطار زمنى للقضاء على العشوائيات وأكدت على التزام الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق، وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة.

من جانبه، أشاد الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى "دراية" بالسياسة الإسكانية التى تبنتها الدولة بعد 2014 ، مؤكدا أنها اتسمت بالشمولية والقابلية للتنفيذ ووضع إطار زمنى للقضاء على مشكلة الإسكان فى مصر التى شكلت تحديا حقيقيا استمر لعقود نتيجة القصور الواضح فى السياسات والإجراءات التنفيذية وعدم وجود استراتيجية متكاملة وإرادة سياسية جادة للقضاء عليها خلال الفترات السابقة لعام 2014، والتى كان من أبرز تداعياتها تنامى المناطق العشوائية بشكل كبير حيث مثلت ما يقرب من 40% من الكتلة العمرانية لمدن الجمهورية.

وأكد هاشم، أن "الجمهورية الجديدة" نجحت فى وضع حلول جذرية لمشكلة الإسكان العشوائي، وذلك من خلال إعداد استراتيجية مواجهة شاملة للقضاء على المناطق العشوائية غير الآمنة والمناطق غير المخططة والأسواق العشوائية، والوصول بمصر دون عشوائيات بحلول 2030، وضمان حصول الفئات الأولى بالرعاية ومحددوي الدخل على مسكن كريم فى إطار دولة تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية بين فئات الشعب.

وقال إنه قبل عام 2014، كان هناك نحو 14 مليون نسمة يقطنون المناطق العشوائية على مستوى الجمهورية، وهذا الرقم وصل في بعض الدراسات إلى 20 مليون نسمة، منهم 1.7 مليون نسمة يقطنون المناطق غير الآمنة "بدرجاتها المختلفة"، و12 مليونا يقطنون المناطق غير المخططة.

وذكر هاشم أن أبرز ملامح سياسة الدولة لمواجهة العشوائيات وتوفير مسكن كريم للفئات محدودة الدخل تتضح من خلال التالي:
- الإزالة الكاملة للمناطق غير الآمنة التى تُشكل خطورة على حياة سكانها، ثم إعادة استخدام هذه المناطق فى أغراض أخرى غير سكنية، أو إزالتها وإعادة تخطيطها والبناء بشكل حضاري ثم إعادة توطين السكان مرة أخرى.
- التطوير الكامل لبعض المناطق العشوائية القابلة للتطوير (غير المخططة) فى وجود قاطنيها، وإمدادها بالمرافق اللازمة.
- مضاعفة مساحة العمران لاســـتيعاب الزيادة السكانية السريعة بدون عشوائيات.
-مراعاة الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية فى عمليات التطوير أو الإزالة حيث تم بناء المناطق الجديدة على 30% من مساحة الأرض، وباقي الأرض عبارة عن مناطق خضراء، ومراكز شباب ومدارس ودور عبادة ونقاط إسعاف وشرطة ووحدات بريد.  
- توفير وسائل نقل مناسبة وأسواق لتلبية الاحتياجات، والربط بين أماكن العمل والمناطق الجديدة.
-تطبيق مباديء الشراكة مع الأهالي في مشروعات تطوير المناطق العشوائية ودعم الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
 
وفيما يتعلق بالمحور الثالث (مشروعات الإسكان )، ذكرت الدراسة أن الدولة المصرية أطلقت مشروعات ومبادرات بهدف إتاحة السكن الملائم للمصريين خاصة لفئة محدودي الدخل والأولى بالرعاية، والتى ساهمت فى زيادة عدد الوحدات السكنية (الإسكان الاجتماعي والمتوسط وفوق المتوسط والفاخر) بشكل غير مسبوق حيث بلغ إجمالى عدد الوحدات السكنية المنفذة 336.3 ألف وحدة عام 2020 /2021 باستثمارات قدرها 150 مليار جنيه مقابل 194.2 ألف وحدة عام 2019 /2020 باستثمارات قدرها 79 مليار جنيه بنسبة ارتفاع فى الوحدات قدرها 73.1% والاستثمارات قدرها 90.1% .
 
ووفقا لدراسة منتدى "دراية"، جاء الإسكان الاقتصادى فى المرتبة الأولى طبقا لنوعية البناء بعدد 169.1 ألف وحدة بنسبة قدرها 50.3% يليه الإسكان المتوسط بعدد 123.7ألف وحدة بنسبة قدرها 36.8% ويليه الإسكان فوق المتوسط بعدد 17.1 ألف وحدة بنسبة قدرها 5.1% ثم الإسكان الفاخر بعدد 26.3 ألف وحدة بنسبة قدرها 7.8% من الإجمالى العام عام 2020 /2021.
وأكدت الدراسة على مراعاة الإسكان الاجتماعي لمشكلة صغر المساحات فى الوحدات كما كان متبعا قبل 2014، حيث اهتم قطاع الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال بالإسكان الاقتصادي الذى يستهدف الشباب ومحدودي الدخل بمساحة 90 م مكونة من 3 حجرات، ذلك فضلا عن تنامي مساهمة القطاع الخاص فى بناء وحدات الإسكان الاقتصادي -على عكس ما كان مُتبع فى السياسات الإسكانية السابقة - حيث بلغ عدد الوحدات المُنفذة بواسطة القطاع الخاص 64.4 ألف وحدة بنسبة 37.9% من إجمالى الوحدات المُنفذة من قبل القطاع الخاص عام 2020/2021.
وأشارت الدراسة إلى أن سياسة الإسكان الحالية راعت البعد الاجتماعى والاقتصادى لفئات الشعب المصرى، حيث تم توفير وحدات بنظام الإيجار يناسب الفئات المستهدفة إلى جانب التمليك، وتسليم الوحدات السكنية كاملة المرافق والتشطيب، مع توفير كافة الخدمات داخل هذه المجمعات السكنية كالنوادى ودور العبادة والمحال التجارية وغيرها ، مع ربطها بوسائل المواصلات العامة.
 
وهنا أكد د صلاح هاشم أنه من المقرر أن تطرح وزارة الإسكان خلال الفترة القادمة وحدات جديدة ضمن محور الإيجار وهي وحدات كاملة التشطيب وجاهزة للسكن، وذلك استجابة لتكليفات القيادة السياسية فى مطلع 2022 بتنفيذ 100 ألف وحدة بنظام الإيجار بهدف تسهيل الحصول على وحدات سكنية لغير القادرين.
 
وأخيرا قدمت الدراسة عددا من التوصيات فى إطار رؤية جديدة نحو سياسة إسكانية أكثر شمولية ، والتى جاء أبرزها كالتالي:
1- مراعاة  التوزيع الجغرافى العادل لوحدات الإسكان الاجتماعى وعدم تركيزها فى محافظات دون الأخرى (تحقيق التوازن بين العرض والطلب).
2- إعادة النظر فى أسعار وحدات الإسكان الاجتماعي بما يتناسب مع القدرة المالية للفئة المستهدفة من محدودي الدخل.
3- وجود جهة واحدة معنية بالتقديم لحجز الوحدات السكنية واستكمال الأوراق المطلوبة مع ضرورة التيسير على المواطنين وضمان سرعة وسهولة إجراءات تخصيص الوحدات السكنية.
 
4- تنوع المساحات المعروضة للنماذج السكنية وتصميم أكثر من نموذج معماري يساعد بشكل كبير في تلبية احتياجات السكان.
 
5- ضرورة توفير كافة الخدمات والمواصلات والمرافق والبنية الأساسية (الكهرباء والغاز والصرف والمياه) بعد اكتمال بناء الوحدات السكنية.
 
6- الالتزام بتسليم وحدات الإسكان الاجتماعى إلى الملاك بمجرد سداد مقدم التعاقد ودفعة الإستلام.
 
7- عدم فرض رسوم إضافية على الملاك بعد تسليم الوحدات نظير إدخال المرافق.
 
8- وضع معايير محددة وصارمة للشركات المنفذة لوحدات الإسكان الاجتماعى وخاصة فيما يتعلق بشكل وجودة التشطيبات مع خضوعها لجهات مراقبة مستمرة من قبل وزارة الإسكان.
 
9- تعديل شروط البيع والتعاقد لملاك وحدات الاسكان الاجتماعى بحيث يمكن للمالك التصرف فى الوحدة إذا ما تعثر فى سداد الأقساط المُستحقة.
 
10- تعديل بعض بنود كراسة الشروط الخاصة بتملك وحدات الإسكان الاجتماعى مع الالتزام بوضع السعر النهائى للوحدة وقت التعاقد وعدم قابلية هذا السعر للزيادة.
 
11- إعادة النظر فى طبيعة عمارات " سكن مصر " وتخصيص على الأقل مصعد واحد لكل عمارة ، ونقل المحال التجارية من أسفل العمارات إلى مول تجارى منفصل خاص بكل منطقة.
 
12- العمل على خلق فرص عمل من خلال إقامة تجمعات اقتصادية واستثمارية داخل الأماكن الجديدة التى انتقل إليها سكان المناطق العشوائية.