الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زيادة 9 أضعاف في المشتريات من موسكو.. وارتفاع 6 مرات بحجم البيع لأوروبا .. هكذا تحولت الهند لمحلل للنفط الروسي

النفط الروسي
النفط الروسي

"يا سادة إنها لعبة المصالح" .. دائما ما كان يردد كافة أساتذة العلوم السياسية، والخبراء تلك المقولة، وذلك عند الحديث عن كواليس المطبخ السياسي العالمي، وهو ما يفسر هذا التناقض الذي كشفه تقرير هندي عن كيفية شراء أوروبا للنفط الروسي، ولكن بعد أن تم تغيير ورقية صغيرة عليه من "صنع في روسيا"، إلى "صنع في الهند".

 

ويبدوا أن هناك لعبة عالمية في تجارة النفط الروسي، خصوصا بعد أن أصبح "رخيص الثمن"، في ظل العقوبات الأوروبية عليه، وهنا تكشف صحيفة أجاتاك الهندية في تقرير لها، كواليس تلك التجارة، وكيف أصبحت الهند محللا لشراء احتياجات بعض دول القارة العجوز، وذلك عبر التحايل على العقوبات التي أقرها الاتحاد بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

 

بعد الحرب تضاعف النفط المستورد من روسيا 9 مرات 

 

والهند هي ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الصين وأمريكا، وحتى بعد فرض العديد من الدول الغربية عقوبات اقتصادية على روسيا، فمازالت الهند تشتري النفط الخام من روسيا بكميات ضخمة وبأسعار ميسرة، والملفت للنظر أن الهند تعرضت لانتقادات شديدة في منتصف العام الماضي بعد أن علق العديد من الدول الغربية عن دعمها لروسيا بشكل غير مباشر بشراء نفطها.

 

وحينها دافع وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار، عن استيراد بلاده النفط من روسيا، قائلا إن "هناك حاجة إلى أن نكون منصفين"، وأضاف جايشانكار، في منتدى جلوبسيك 2022 في براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا: "هل شراء الغاز الروسي لا يمول الحرب؟ الأموال والنفط الوحيدان اللذان يأتيان إلى الهند هما اللذان يمولان الحرب ولكن الغاز القادم إلى أوروبا لا يمول الحرب؟" وذلك في إشارة إلى شراء أوروبا الغاز الروسي.

 

الهند تتهم الغرب بتقليص أسواق النفط العالمية 

وقال وزير الخارجية الهندي، خلال الاجتماع السنوي حول السياسة الخارجية الهندية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ: "دعونا نكون منصفين قليلاً هنا"، ودافعت الهند مرارا وتكرارا عن وارداتها النفطية من روسيا وبررت زيادة وارداتها النفطية لهذا العام، وذكر الوزير الهندي أن واردات بلاده من النفط ارتفعت 9 أضعاف على الأقل بين عامي 2021 و2022.

 

وتابع: "إذا كانت الدول في أوروبا والغرب والولايات المتحدة قلقة للغاية، فلماذا لا تسمح للنفط الإيراني بدخول السوق؟ لماذا لا يسمحون بدخول النفط الفنزويلي إلى السوق؟"، وأضاف: "لقد قلصوا كل مصادر النفط الأخرى التي لدينا".

 

وقال جايشانكار: "نحن لا نرسل الناس إلى هناك قائلين اذهب واشتري النفط الروسي.. نحن نرسل الناس قائلين اذهبوا واشتروا النفط، وأنت تشتري أفضل نفط يمكنك شراؤه في السوق"، وأضاف: "لا أعتقد أنني سأرفق رسالة سياسية بذلك".

 

الأحوال تتغير .. دول الغرب تدافع عن الهند 

ورغم أن انتقاد الهند في السابق لشراء النفط الروسي كان بسبب غزو أوكرانيا، والعقوبات التي فرضتها العديد من الدول الغربية بما في ذلك أمريكا على اقتصاد روسيا، حيث كان الغرض من هذا الحظر الاقتصادي هو عزل روسيا عن العالم وتقليص مصدر الدخل لروسيا، إلا أن الأحوال تغيرت وأصبح هناك دولا غربية تدافع عن موقف الهند من شراء النفط الروسي الرخيص من روسيا. 

 

فبعد أن دافعت أمريكا وفرنسا من قبل، ها نحن الآن، نرى كيف ردت ألمانيا أيضًا على خطوة الهند هذه، ففي خطوة لشراء النفط المدعوم من روسيا، قال السفير الألماني لدى الهند فيليب أكرمان، إنه إذا اشترت الهند النفط من روسيا بسعر منخفض للغاية، فلا يمكنني إلقاء اللوم على الهند في ذلك، وقال إن الهند لديها دبلوماسية فعالة وجيدة ويمكنها إيجاد حل للحرب الجارية في أوكرانيا.

 

وكان مؤخرًا، قد قال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية جيفري آر بات أيضًا إن أمريكا ليس لديها اعتراض على السياسة الهندية لشراء النفط الخام من روسيا، وفي الوقت نفسه، قالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن خطوة الهند هذه ليست غير عادية، فالهند لديها موقفها الخاص بعدم الانحياز.

 

ألمانيا : لا يمكننا إلقاء اللوم على الهند

وقال السفير الألماني لدى الهند فيليب أكرمان وفق الصحيفة الهندية، إن الهند تشتري النفط من روسيا، فإذا كان النفط متوفرًا بسعر أقل، فلا يمكنني إلقاء اللوم على الهند في ذلك، والهند لديها دبلوماسية فعالة وجيدة، والحرب الروسية الأوكرانية يمكن للهند إيجاد حل يكون لها بديل عن ذلك.

 

وذكر السفير الألماني، في تصريحات نقلتها الصحيفة الهندية، أننى قد أوضحت مرارًا وتكرارًا أنه لا علاقة لنا بقرار الهند شراء النفط من روسيا، ولا يمكنني إلقاء اللوم على الهند لشرائها إذا حصلت عليه، فمن حق الهند أن تشتري من حيث يكون السعر أرخص".

فضيحة .. 6 أضعاف زيادة في مبيعات المواد النفطية لأوروبا 

 

ورغم ما تقوم به الدول الغربية من انتقادات في السابق على هذه الخطوة من الهند، إلا أنه في الوقت نفسه، زادت مبيعات الهند للمنتجات النفطية إلى الدول الأوروبية، وهنا تحرج الهند أوروبا باحتمالية زيادة أسعار مبيعاتها لأوروبا حينما تقول، إنه أينما تحصل على نفط رخيص، فإنها ستستمر في شراء النفط من هناك، وتبيعه بسعر رخيص.

 

وكشفت الصحيفة أن أوروبا اشترت وقودًا أحفوريًا أكثر من الهند بين فبراير ونوفمبر، حيث اشترى الاتحاد الأوروبي ستة أضعاف النفط من الهند، وأصبحت روسيا أكبر دولة مصدرة للنفط في الهند، وفي ترحيبها بقرار الهند ، قالت موسكو إن روسيا ترحب بقرار الهند عدم دعم سقف الأسعار الذي فرضته مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى وحلفاؤها. 

 

السر في تغير موقف دول أوروبا 

في الماضي، كانت شركات تكرير النفط الهندية نادرًا ما كانت تشتري النفط الروسي بسبب الخدمات اللوجستية الباهظة الثمن، ولكن بعد الحرب الأوكرانية، والعقوبات الغربية على صادرت النفط الروسي، ظهرت الشركات نفسها كمشترين رئيسيين للنفط لروسيا، وخلال الأشهر القليلة الماضية، تشتري الهند النفط الخام من روسيا بكميات ضخمة وبأسعار ميسرة.

 

ولكن المفاجأة أن الشركات الهندية تقوم بإعادة  تصنيع النفط الروسي وبيعه لأوروبا، حيث يتم تكرير البترول الروسي، وبيعه لأوروبا وأمريكا، وذلك تحت ذريعة أن النفط المكرر لا يعتبر نفط روسي في الهند، وهو التحايل التي تقوم به الدول الغربية لتحقيق مصالحها، دون الإخلال بالعقوبات الشكلية على روسيا، وهنا تصبح هناك علامة استفهام كبيرة حول جدوى العقوبات الغربية على روسيا، ومن المتضرر الحقيقي منها، خصوصا بعد تلميحات المسئولين الهنود عن كون الغرب يستهدف بالفعل معظم كبار منتجى النفط حول العالم.