الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القمح في المقدمة.. أجرأ 3 قرارات لحماية أمن مصر الغذائي وقت الأزمات

الرئيس السيسي وقادة
الرئيس السيسي وقادة الدولة

أثرت الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا بالسلب على جميع القطاعات الاقتصادية بدول العالم كافة، والكل تأثر بلا استثناء سواء دول متقدمة أو نامية، وتوالت الأزمات بداية من نقص الطاقة وصولا لتوقف سلاسل التوريد.

الدولة المصرية كانت من بين الدول التي تأثرت بما يحدث في محيطها الإقليمي والدولي، لكن كان لحكمة القيادة السياسية برئاسة الرئيس السيسي، أن تمكنت مصر من تأمين احتياجات مواطنيها من السلع الاستراتيجية، وليس ذلك فحسب، بل أيضا وفرت كل ما يحتاجه المواطن بأسعار مخفضة حتى لا يدفع ضريبة الأزمة العالمية.

الرئيس السيسي 

مصر تؤمن احتياجاتها

وألقى السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، كلمة أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي في افتتاح مجمع مصانع الأسمدة الآزوتية، اليوم الأربعاء، استعرض فيها إنجازات الدولة المصرية في قطاع الزراعة خلال السنوات الثماني الماضية.

وقال القصير، إن الزراعة في عهد الرئيس السيسي تشهد أهمية خاصة، مع تبني آليات ومشروعات أسهمت في تعزيز إنتاجية المحاصيل الزراعية؛ خصوصًا الاستراتيجية منها، تدعيمًا لبناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة.

وأضاف وزير الزراعة: أصبح بناء الأنظمة الزراعية والغذائية واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء، ولم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي؛ لدرجة أصبح معها الغذاء سلاحًا في يد الدول المنتجة والمصدرة له تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية وغيرها.

ونوه القصير بأن هناك حاجة ماسة إلى مضاعفة الجهود المبذولة من أجل تحقيق الأمن الغذائي للشعوب من خلال تعزيز القدرة على تنمية الإنتاج الزراعي وتحسين قدرات التخزين والتوزيع والاستدامة.

وقال وزير الزراعة إن الدولة المصرية تبنت استراتيجية للتنمية الزراعية المستدامة وقطعت شوطًا كبيرًا في تحقيقها؛ إلا أنها لا تزال متأثرة بالعديد من التحديات؛ خصوصًا محدودية الأراضي المتاحة للزراعة، وكذلك محدودية المياه اللازمة للتوسع في الرقعة الزراعية، فضلاً عن تأثير ظاهرة التفتت الحيازي، إضافة إلى ما يشهده العالم من تحديات وأزمات عالمية؛ بدءًا من أزمة كورونا ومرورًا بالأزمة الروسية- الأوكرانية وزيادة حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.

وقال القصير: لعل المتابع لتأثير هذه التحديات على الأمن الغذائي يجد أنها خلقت أوضاعًا مؤلمة أدت إلى ارتباك شديد في أسواق السلع الغذائية الأساسية نتيجة التأثير على سلاسل الإمداد والتوريد مع نقص في إنتاجية المحاصيل الزراعية وارتفاع أسعار الطاقة ومستلزمات الإنتاج؛ خصوصًا الأسمدة والسلع والمنتجات الرئيسية وارتفاع أسعار الشحن والنولون والتأمين مع انخفاض في مصدر العملات الأجنبية للدول.

وأشار القصير إلى أن الدولة المصرية مثلها مثل كل الدول تتأثر بالأزمات والتحديات العالمية؛ حيث لا تستطيع أية دولة العيش بمعزل عن العالم وما يمر به من أزمات نتيجة التشابك والتلاحم في المعاملات التجارية الدولية؛ لكن بفضل الله وبفضل النهضة الزراعية والدعم غير المحدود والرؤية الثاقبة للقيادة السياسية في التوجيه بتنفيذ مشروعات وإجراءات استباقية مكّنت الدولة المصرية من توفير الغذاء الآمن والصحي والمستدام لشعبها العظيم في وقت عانت فيه كثير من الدول ذات الاقتصاديات الكبيرة أزمات وارتباكًا في مجال تحقيق الأمن الغذائي لشعوبها؛ بل وصل الأمر إلى قيام بعض الدول بفرض قيود على استهلاك وتداول السلع الغذائية، وهو ما أكد حقيقة أن الأموال وحدها أصبحت غير كافية لتحقيق الأمن الغذائي للشعوب.

وتمثلت الإجراءات الاستباقية في تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى؛ خصوصًا المرتبطة بالزراعة واستصلاح الصحراء؛ استهدفت زيادة الرقعة الزراعية بنحو 4 ملايين فدان تقريبًا، ومن أهم هذه المشروعات: مشروع الدلتا الجديدة العملاق،  مشروع تنمية شمال ووسط سيناء،  مشروع تنمية جنوب الوادي "توشكى الخير"،  إعادة هيكلة مشروع تنمية الريف المصري الجديد، مشروعات أخرى ببعض محافظات الصعيد والوادي الجديد.

تحقيق الاكتفاء الذاتي 

وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، إن ملف الأمن الغذائي يأتي على رأس أولويات الدولة المصرية، حيث إن هناك أزمة عالمية تأثرت بها جميع دول العالم خاصة الدول المستوردة، مشيرًا إلى أن مصر تستورد 60% من غذائها، وبالتالي تحاول الدولة التخفيف من هذا الاعتماد بإجراءات محددة، وهذا ما تقوم به الدولة المصرية منذ بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، ومن قبلها جائحة كورونا التي ضربت العالم في 2020، حيث تمكنت مصر من رفع المخزون الاستراتيجي لها وبالتالي كلما زاد المخزون كلما زاد اطمئنان المواطنين.

وأضاف صيام - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن افتتاح مصنع الأسمدة الآزوتية اليوم، بالعين السخنة أمر بالغ الأهمية، حيث إن الأسمدة الآزوتية جزء مهم في الإنتاج الزراعي، وعندما تتوافر للمزارعين بأسعار مدعومة، أي بسعر أقل من 50% فبالتالي يتم تأمين الإنتاج الزراعي، لافتًا أن هناك توسعات كبيرة في المشروعات القومية (الأفقية)، مؤكدا: "كلما ارتفعت نسبة الإنتاج ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي، مثل مشروع الدلتا وتنمية جنوب الصعيد وغيرها من المشروعات".

وأردف صيام، قائلا: يجب أيضاً الاهتمام بعدة أمور لرفع الإنتاجية الزراعية، ويكون ذلك بزيادة الإنتاجية في الأراضي القديمة 50% وليس الأراضي الجديدة فقط، فضلًا عن زيادة مخصصات البحوث والإرشاد الزراعي وزيادة الدعم أيضًا.

وأكد صيام، أن الأمن الغذائي يتحقق بعدة أمور من بينها؛ توافر الغذاء بالسوق، حصول الأسرة على ما تحتاجه من غذاء وهذا ما يسمى القدرة الشرائية، وتقوم الدولة المصرية بتوفيره من خلال تكافل وكرامة والبطاقات، كما يتحقق الأمن الغذائي باستقرار الأسعار بالسوق، وألا يكون هناك تذبذبات وهذا ما وضعته منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).

وبحسب دراسة نشرت في فبراير 2023 بالمرصد المصري للباحثة هبة زين، قالت إن الأحداث المناخية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات والعواصف أصبحت أكثر تواترًا وشدة، ما يسبب خسائر تقدر بملايين الجنيهات سنويًا، هذا بخلاف تغير الخريطة الزراعية؛ فوفقًا لتقديرات البنك الدولي، تقدر تكاليف تأثيرات تغير المناخ على قطاع الزراعة وحده في مصر بنحو 1.84 مليار دولار أمريكي سنويًا على مدار الثلاثين عامًا المقبلة، ومن المتوقع أن تشهد مصر انخفاضا 10% في غلال المحاصيل الغذائية بحلول منتصف القرن، وتعد محاصيل مثل (الذرة والمحاصيل الزيتية والبقول والسكر) الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، بينما المحاصيل (مثل الفواكه والخضروات والبطاطس والأرز والقمح) الأقل تضررًا، ويمكن احتواء تأثرها بتعزيز استخدام أصناف المحاصيل المقاومة للجفاف والحرارة، إضافة إلى تنفيذ مشروعات تحسين خصوبة التربة، وإدارة المياه وحماية المحاصيل.

وأضافت الدراسة، أن ارتفاع مستوى سطح البحر وتدهور السواحل وزيادة ملوحة التربة والمياه الجوفية مهددٌ آخر ليس فقط للأمن الغذائي وانخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية بمنطقة الدلتا، بل مهددٌ لقابلية الحياة في المناطق المنخفضة؛ فوفق أسوأ التقديرات حال استمرار أزمة تغير المناخ في التفاقم وعدم تطبيق إجراءات التكيف والتخفيف بالسواحل المصرية وعدم اضطلاع الدول المتقدمة بدورها لتقليل الانبعاثات الكربونية للحد من آثار تغير المناخ، فمن المحتمل أن يؤدي إلى فقدان الأراضي الخصبة، وتهديد الأمن الغذائي والاضطراب الاجتماعي، والنزوح، والهجرة.

ولفتت الدراسة: هذا إلى جانب أثر تغير المناخ في تغير معدلات البخر وزيادة الاحترار العالمي الذي يؤدي إلى تفاقم نقص المياه في المناطق الفقيرة بالمياه، وإلى زيادة مخاطر الجفاف فيما يخص الزراعة، ويؤثر بالتالي على المحاصيل - في حين أن مصر واحدة من أكثر الدول التي تعاني الفقر المائي، حيث يصل نصيب الفرد من المياه إلى أقل من 600 متر مكعب - وقد تدمر كذلك مصايد الأسماك والماشية أو تصبح أقل إنتاجية؛ فمع ازدياد حمضية المحيطات، أصبحت الموارد البحرية التي تغذي مليارات البشر عرضة للخطر.

وقالت الدراسة، إنه سبق وأن توقع تقرير مشترك صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، انخفاض إنتاجية محصول القمح بنسبة لن تقل عن 15% بحلول عام 2050 مقارنةً بحجم الإنتاج الحالي، وتلك النسبة قد تزيد إلى 36% بحلول 2100.

افتتاح مصنع الأسمدة