قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

شرق متوسط جديد مبني على التعاون.. ماذا تحمل زيارة الرئيس القبرصي من رسائل؟

الرئيس السيسي ونظيرة القبرصي
الرئيس السيسي ونظيرة القبرصي

تربط مصر وقبرص علاقات قوية ومتميزة ومثمرة، وتتمتع العلاقات بينهم بالخصوصية على المستويات كافة الرسمية والشعبية، حيث مرت العلاقات المصرية القبرصية بتقارب شديد وشهدت خلال الفترة الأخيرة حراكا سياسيا غير مسبوق حيث أجريت عدد من القمم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص.

مصر وقبرص

لقاء السيسي والرئيس القبرصي

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، الرئيس القبرصي ونيكوس أنستاسيادس، بقصر الاتحادية لبحث العلاقات بين البلدين، في أول زيارة إقليمية للرئيس القبرصي منذ انتخابه.

وخلال مؤتمر صحفي لهما، أكد الرئيس السيسي أنهما اتفقا على أهمية إجراء الاستحقاقات الانتخابية بليبيا في أقرب وقت مشددين على أهمية خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.

وأوضح أن اللقاء مع الرئيس القبرصي شهد الاتفاق على أهمية الإعداد الجيد للقمة القادمة لآلية التعاون الثلاثي والتي سيسعد مصر أن تستضيفها خلال العام الجاري، وأن اللقاء كان فرصة مواتية لتأكيد تثميننا للشراكة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان ولما تمثله آلية التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث من مثال يحتذى على جميع الأصعدة.

وأكد الرئيس السيسي للرئيس القبرصي على ثوابت رؤية مصر المبدئية إزاء أهمية تحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة شرق المتوسط عن طريق تأكيد التزام كافة الدول باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأنه توافق مع الرئيس القبرصي على استمرار التنسيق الوثيق على المستوى السياسي إزاء كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأشار الرئيس السيسي إلى أنه أطلع الرئيس القبرصي على مساعي مصر المستمرة للتوصل إلى تسوية عادلة لقضية سد النهضة، وعلى جهودنا المتواصلة للتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لملء وتشغيل السد، بما يحقق تطلعات جميع الشعوب في التنمية، جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على أمن مصر المائي الذي لا تفريط فيه.

الرئيس السيسي ونظيره القبرصي

علاقات بين المصالح والفوائد المتبادلة

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن العلاقات مع قبرص علاقات هامة وتاريخية وبُنيت على أساس المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة في إطار الآلية الثلاثية التي دشنتها مصر وقبرص واليونان وترجمت في الكثير من اللقاءات والمشروعات والمخططات الخاصة بالتنمية الاقتصادية.

وأوضح فهمي ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن هذا وبجانب مشروعات الكهرباء والربط الكهربائي وأمن الطاقة والغاز وريادة الاعمال والاستثمارات في مجال الهيدروجين الأخضر والاقتصاديات الزرقاء، وتُرجم أيضا هذا التعاون في منتدى غاز المتوسط ثم المنظمة الإقليمية للغاز.

وتابع: هناك تحرك قبرصي هام في هذا التوقيت لالتقاء مع المصالح المصرية والتنسيق على أعلى مستوى، وهذا يعكس اهتمام قبرصي ويوناني بالحالة المصرية والتعاون في هذا الإطار.

وأكد أن هناك رسالة طمأنينة للأطراف الإقليمية مع مصر في إقليم شرق المتوسط لارتباطنا بمبادرات كثيرة ومخططات مشتركة خاصة بالملف الخاص ما يعرف باسم (العودة الي الجزور وتنمية العلاقات وتعزيزها) بجانب المشرعات المرتبطة بالطاقة وآمن الغاز.

واختتم: العلاقات التاريخية تعكس دلالة بما يجري في الشرق المتوسط، مصر تبني الان مقاربات مفصلية وهيكلية في إقليم الشرق المتوسط تحت بند المصالح المشتركة الحاكمة لكل الأطراف في هذا التوقيت.

تعود العلاقات الدبلوماسية بين مصر وقبرص إلى عام 1960 مع إعلان قبرص استقلالها، حيث كانت القاهرة من أوائل الدول اعترافاً بها، ليبدأ البلدان بتدشين سفارة قبرصية في القاهرة، وأخرى لمصر في نيقوسيا.

وبلغت العلاقات بين البلدين ذروتها في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتنسيق المواقف والرؤى لمواجهة التحديات في منطقة شرق المتوسط، وتوسيع التعاون إلى آفاق جديدة تشمل ملفات الطاقة والاقتصاد والتجارة، بما يحقق طموحات الشعبين في الرخاء والتنمية.

هذا وبجانب توطيد التقارب الثقافي والإنساني، عبر مبادرة العودة إلى الجذور، التي أطلقها الرئيس السيسي في 2017، لتوثيق العلاقات بين الدول الثلاث، وكرسالة مودة وترحاب من مصر لكل من عاش على أرضها، وله أثر أو إرث إنساني، إلى جانب إحياء السياحة التاريخية للجاليات اليونانية والقبرصية التي كانت تعيش بيننا في الماضي.

الدكتور طارق فهمي

علاقات اقتصادية وتجارية غير مسبوقة

عززت مصر في السنوات الأخيرة من علاقاتها الاقتصادية والتجارية بقبرص وهو الأمر الذي ساهم في تحقيق معدلات إيجابية، سواء فيما يتعلق بقيمة التبادل التجاري بين البلدين والتي تحسنت عام 2020 مقارنة بالعام السابق 2019، أو من خلال الاستثمارات بين البلدين ومجالات التعاون المختلفة.

فمن حيث معدلات التبادل التجاري: فقد أصبح هناك تنوع في المنتجات المتبادلة بين الدولتين، ووفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالتجارة الدولية بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى قبرص 113.09 مليون دولار أمريكي، أما قيمة الواردات المصرية من قبرص فقد بلغت 10.6 ملايين دولار أمريكي وذلك خلال عام 2020، ويُبين الشكل التالي تطور قيمة التبادل التجاري بين البلدين.

وفيما يتعلق بالاستثمارات: فانطلاقًا من رؤية مصر المنفتحة على جذب الاستثمارات القبرصية لمصر، قام الطرفان عام 2017 بتوقيع عدة مذكرات تفاهم لتعزيز الاستثمارات الثنائية فيما بينهما، وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات بلغ عدد المشروعات الاستثمارية القبرصية في مصر 104 مشروعات متمثلة في عددٍ من القطاعات الإنتاجية والخدمية وذلك عام 2014، لتحقق تلك المشروعات ارتفاعًا وتصل إلى 224 شركة قبرصية في مصر عام 2020 موزعة ما بين شركات عاملة في قطاع السياحة والطاقة والصناعة وغيرها.

وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد بلغت قيمة الاستثمارات القبرصية في مصر 57.5 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2020/2021 مقارنةً بما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي 9.2 ملايين دولار وبنسبة ارتفاع قدرها 525%.

الرئيس السيسي ونظيره القبرصي

مشاريع الربط الكهربائي ونقل الغاز

وضعت مصر خطة وطنية بعيدة المدى تهدف إلى تحسين كفاءة قطاع الطاقة الكهربائية من ناحية وتوسيع اكتشافات الغاز الطبيعي، مما مكنها من تحقيق إنجازات ملموسة من تعزيز الإنتاج ورفع كفاءة القطاع الكهربائي من جانب، ومن جانب آخر تحقيق زيادة في إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، ومن ثم سد الاحتياجات المحلية وتعظيم الاستفادة من الطاقة الكهربائية الفائضة والغاز الطبيعي من خلال إقامة مشاريع ربط كهربائي مع قبرص ومنها إلى أوروبا.

ففي يونيو 2018، سلطت الدولة المصرية الضوء على تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية للكهرباء الرئيسية والتي تعزز الموقع الجغرافي لمصر، وتحول البلاد إلى مركز مهم لنقل الكهرباء والطاقة، سواء بين إفريقيا والدول العربية، وكمزود رئيسي للكهرباء عبر قبرص واليونان ومنه لأوروبا.

وعلى إثر ذلك، تم توقيع اتفاقية تعاون عام 2019 كجزء من مشروع أُطلق عليه “يورو أفريكا” وبحجم استثمارات تُقدر بـ 4 مليارات دولار، ونصت الاتفاقية على تطوير مشاريع الربط الكهربائي.

وفي أكتوبر 2021، وقّعت مصر وقبرص مذكرة تفاهم لدراسة إقامة المشروع بين البلدين والذي يوفر الربط المباشر لتبادل الكهرباء بينهما.

وفي سبتمبر عام 2018، قامت مصر بتوقيع اتفاقية مع قبرص تتضمن إقامة خط بحري بغرض نقل الغاز الطبيعي من حقل أفروديت القبرصي إلى محطتي الإسالة المصريتين بدمياط وإدكو، وذلك لتسهيل إسالته في مصر ومن ثم إعادة تصديره من مصر.

وانطلاقًا من إدراك مصر لأهمية توطيد علاقاتها بدول شرق المتوسط، سعت مصر وفقًا لما سبق لتعزيز علاقاتها مع قبرص ليس فقط الاقتصادية والتجارية، وإنما أيضًا تم التنسيق على جميع المستويات، مما يساهم في توطيد العلاقات الثنائية والتنسيق حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلًا عن الوصول بالعلاقات فيما بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق وبما يخدم مصالح الدولتين.

الرئيس السيسي ونظيرة القبرصي