الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انخفاض الدولار لأدنى مستوى منذ 27 عاما|كيف أطاحت به العملات غير الاحتياطية؟

عوامل انهيار الدولار
عوامل انهيار الدولار

يشهد العالم حركة متسارعة للتخلي عن العملة الأمريكية الدولار، نظرا لما تسببت فيه ارتفاعاتها الأخيرة من تفاقم في معدلات التضخم، وعدم تمكن الدول من إتمام عمليات التبادل التجاري، ما دفع البعض للجوء إلى التخلي عن العملية الأمريكية، وباتت مؤشرات انهيار الدولار كعملة احتياطي عالمي، تظهر ولو بشكل طفيف.

الدولار في خطر.. استقرار محلي وتراجع عالمي| هل تنهار العملة الأمريكية؟
انهيار سعر الدولار

الدولار يلفظ أنفاسه الأخيرة

وأكد صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، أن حصة الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي العالمية انخفضت في نهاية العام الماضي 2022 إلى 58.36% وهو أدنى مستوى في 27 عاما.

وأضاف الصندوق، أن "العملات غير الاحتياطية أصبحت المستفيد الرئيسي، حيث قفزت حصتها إلى الحد الأقصى منذ منتصف العام "2012.

وأوضحت المؤسسة الدولية أن "حصة الدولار تراجعت في احتياطيات النقد الأجنبي الدولية في العام 2022 بنسبة 0.44% إلى 58.36%، وهو أدنى مستوى منذ العام 1995 على الأقل".

وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن "انخفاض حصة "الدولار لأمريكي" كان الأقوى بين جميع العملات، كما انخفضت حصة اليورو بنسبة 0.12% إلى 20.47%، واليوان الصيني بنسبة 0.11% إلى 2.69%، والين الياباني بنسبة 0.01% إلى 5.51%.

وارتفعت في الوقت نفسه حصة الجنيه الإسترليني بنسبة 0.14% والدولار الاسترالي بنسبة 0.12% إلى 1.96%، والفرنك السويسري بنسبة 0.06% إلى 0.23%، فيما حافظ الدولار الكندي على حصته كما هي عند 2.38%.

إلا أن العملات الأخرى زادت حصتها بنسبة 0.36% بما يصل إلى 3.45% وهو الحد الأقصى منذ الربع الثاني من عام 2012 وفقا للصندوق.

وتأتي تلك البيانات التي أوردها الصندوق في تقريره الأخير، في وقت تتسارع فيه خطوات العديد من الدول والتكتلات إلى الحد من هيمنة الدولار على التعاملات التجارية حول العالم؛ سواء من خلال التوجه نحو التعامل بالعملات الوطنية للدول على الصعيد الثنائي، أو من خلال إطلاق عملات جديدة، وبما يسهم في تعريض العملة الخضراء لتحديات مستقبلية واسعة.

وكشف تقرير صندوق النقد الدولي الأخير عن أن "العملات غير الاحتياطية أصبحت المستفيد الرئيسي؛ بعد أن قفزت حصتها إلى الحد الأقصى منذ منتصف العام 2012"، وذلك بعد أن سجلت حصة الدولار باحتياطيات النقد الأجنبي تراجعاً عند أدنى مستوى منذ 27 عاماً.

فيما قال الخبير الاقتصادي بصحيفة فاينانشال تايمز، الدكتور أنور القاسم، يبدو أن لا مفر في نهاية المطاف من كسر هيمنة الدولار كعملة احتياطية في العالم تُستخدم على نطاق واسع في التجارة الدولية.

بعد انهيار اليورو.. آخر أسعار الدولار اليوم السبت 16 يوليو 2022 فى مصر |  المصري اليوم
انهيار سعر الدولار

عوامل انهيار الدولار عالميا

ويلفت القاسم، إلى عددٍ من الشواهد التي تقود بدورها "البداية القوية للحد من هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي لصالح عملات ناهضة مثل الصين وروسيا"، على النحو التالي:

  1. الصين وروسيا والهند والبرازيل يضغطون بقوة من أجل تسوية التجارة الدولية بعملات غير الدولار.
  2. روسيا وإيران تعملان معاً على تطوير عملة مشفرة مدعومة بالذهب، يمكن أن تحل محل الدولار في المدفوعات الخاصة بالتجارة الدولية.
  3. تتطلع الصين إلى إضعاف الدولار عن طريق جعل اليوان بديلاً عنه في صفقات النفط، في ضوء زيادة تجارتها مع روسيا بعد حربها مع أوكرانيا.
  4. يبدو أن هذه الخطوة تقضي على نظام البترودولار المعمول به منذ السبعينات
    البرازيل والأرجنتين تستعدان لإطلاق عملة مشتركة، تسمى Sur أي جنوب، يمكن أن تصبح في نهاية المطاف مشروعاً شبيهاً باليورو تتبناه كل أمريكا الجنوبية.
  5. كما أن الإمارات والهند تتبنيان إجراء تجارة غير نفطية بالروبية، تهدف إلى تعزيز التجارة باستثناء النفط بين البلدين إلى 100 مليار دولار.
  6. دول البريكس الناهضة بقوة تبدو أكثر ميلاً للاستقلال عن الدولار أيضاً.

وأضاف القاسم أن الدولار الآن ومن ورائه يتحسسون سلطته الاقتصادية والسياسية المهيمنة، وقد نشهد نزاعات كبيرة كي يحافظ على مكانته التي تعطي الولايات المتحدة ميزات نادراً ما تحصل لدولة وحيدة لطالما ساعدتها على الهيمنة الدولية، مضيفاً أن صافرة الإنطلاق انطلقت، لكن المشوار معقد وشائك جداً، وقد تكون دونه كوارث عالمية متنوعة.

ومن جانب آخر قال الخبير المصرفي، الدكتور أحمد شوقي، إن هناك تهديدًا قائما بالفعل لعرش الدولار، ولكن هذا الانهيار لن يحدث في ليلة وضحاها، مشيرًا إلى أن التأثير على الدولار وتراجعه سوف يأخذ وقتا، خاصة وأن هناك دولًا بدأت تتم معاملاتها التجارية بالعملات المحلية، لذلك يبقى السؤال القائم هو ما ثقل أو حجم هذه العملات، لأنه عندما نرى حجم الاحتياطيات، نجد الدولار الأمريكي في المقدمة بنسبة 60% يتبعه اليورو، ثم اليوان وبالتالي ما قيمة باقي العملات.

وأضاف شوقي - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن العامل الثاني، يتعلق بـ Cross currency، وهو السعر الذي تتم به معادلة ومعايرة قيمة العملة، بمعنى معرفة قيمة كل عملة أمام الدولار، وبالتالي حال استبعاد الدولار كيف تتم معادلة عملة أمام أخرى، وبالتالي فإن الدول سوف تقلل من تعاملاتها بالدولار ولكن ذلك في إطار حجم التبادل التجاري بينها، أما التأثير على الدولار بقوة سوف يحتاج لسنوات.

وأشار شوقي إلى أن التأثير يمكن أن يكون لحظيًا، خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي، من الاقتصادات التي ظلت مهيمنة لفترة، وانتبهت الدولة لهذه الأزمة، وبدأت تطالب بحقها في العمل بنظام مصرفي آخر بعيدا عن الدولار، لأن هيمنته أيضا تظل ممارسة احتكارية، تؤدي إلى تقوية عملة مقابل عملات العالم، وهو ما رأيناه في الفترة الأخيرة من صعود الدولار، وهبوط كل عملات العالم ومن ضمنها اليورو، عدا العملات العربية لأنها مرتبطة بالدولار المرتبط بتسعير النفط.

مع عطلة البنوك.. انهيار الدولار عالميا عرض مستمر.. وهذا سعره مقابل الجنيه -  اخبار الاقتصاد
انهيار سعر الدولار

الاعتماد على العملة الخضراء

ومنذ أن حل الدولار محل الإسترليني بصدارة عملات الاحتياطي العالمي (بموجب اتفاق بريتون وودز بنهاية الحرب العالمية الثانية)، بزغت عديد من المحاولات المرتبطة بكسر هيمنة العملة الأمريكية في فترات مختلفة، فقد سعت على سبيل المثال دول أمريكا اللاتينية للابتعاد عن الدولار في الثمانينات التسعينات.

وتُضاف إلى تلك العوامل كذلك دعوات أوروبية لتقليص الاعتماد على العملة الخضراء، آخرها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على متن طائرة العودة من الصين في زيارته الأخيرة لبكين والتي استغرقت ثلاثة أيام، والتي شدد خلالها على ضرورة ألا تصبح أوروبا تابعة للولايات المتحدة، داعياً الدول الأوروبية إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي خارج الحدود الإقليمية.

يأتي ذلك في خطٍ متوازٍ مع توقعات غير مُبشرة بالنسبة للولايات المتحدة بشأن انكسار هيمنة الدولار في غضون سنوات، من بينها تقديرات الملياردير الأمريكي ستانلي دراكينميللر، والذي يعتقد بأن العملة الخضراء قد لا تصبح عملة الاحتياط العالمية الرئيسة في غضون 15 عاماً.

ويذكر أن حجم الدين المقيم بالدولار يمثل نحو نصف الدين العالمي، كما أن نحو 40 بالمئة من المعاملات عبر نظام "سويفت" للمعاملات المالية الدولية تتم بالدولار الأمريكي.

وكان المجلس الأطلسي في واشنطن، قد تحدث ضمن تقرير صادر مطلع العام الجاري ومعنون بـ "أهم 23 خطراً وفرصة للعام 2023"، عن احتمال مرتبط بابتعاد عدد من البلدان – وليس خصوم الولايات المتحدة الأمريكية فقط - عن الدولار بأسرع مما كان متوقعاً.

طبقاً للتقرير، فإن القلق بشأن مستقبل الدولار الأمريكي هو جدل تقليدي عادة ما يثار، لكنه أشار إلى وجود احتمالية -وإن كانت بشكل ضعيف على المدى القصير- لابتعاد مجموعة من الدول من حلفاء وخصوم واشنطن عن الدولار.

لكن حتى الآن وبشكل عملي "لا تزال مزايا الدولار متجذرة بعمق في النظام المالي العالمي"، طبقاً لجوش ليبسكي، وهو مدير مركز "جيو إكونوميكس" التابع للمجلس الأطلسي، والذي عمل كمستشار سابق لدى صندوق النقد الدولي.

عصر الدولاا

المسارات المستقبلية للدولار

واستعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، المسارات المستقبلية للدولار الأمريكي، في ظل  تزايد الاعتماد على "اليوان" الصيني كعملة وسيطة في المعاملات التجارية بدلاً من الدولار.

وأشار الإنفوجراف، إلى حجم ما فقدته العملة الدولارية من حصة داخل الاحتياطات الأجنبية بالبنوك المركزية الكبرى، وذلك منذ إطلاق العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" في عام ١٩٩٩ وحتى نهاية عام ٢٠٢٢، حيث انخفضت نسبة مساهمته في احتياطات النقد الأجنبي العالمي من ٧١٪ إلى ٥٨ ٪، خلال تلك الفترة.

وأوضح الإنفوجراف، أن هناك توقعات بأن تستمر رحلة تراجع حصة الدولار في الاحتياطات الأجنبية العالمية، حال انخفاض نسبة مساهمته في حجم التجارة الدولية، والتي تبلغ حاليًا ٥٠ ٪ من إجمالي المعاملات التجارية العالمية، مشيرًا إلى أن حصة الدولار من الاحتياطات الدولية قد تنخفض إلى ٤٠ ٪ حال انخفاض نسبة مساهمته في التجارة الدولية إلى الثلث بدلاً من النصف حاليًا، بما يشير إلى تأثير استمرار الاعتماد على اليوان الصيني والعملات غير الدولارية الأخرى على هيمنة "الورقة الخضراء" على الاقتصاد العالمي، ونفوذها الذي اكتسبته أعقاب الحرب العالمية الثانية خلفًا للجنيه الاسترليني.

وتطرق الإنفوجراف، إلى عدد من الصفقات التجارية التي تمت مؤخرًا باليوان الصيني، وكذلك عدد من الاتفاقات التجارية بين بعض البلدان للتبادل التجاري بعملات غير دولارية، بالإضافة إلى رصد ردود فعل المجتمع والإعلام الأمريكي حيال ذلك.

عصر الدولار 
مستقبل الدولار