صفات رسول الله فى «التوراة»

سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء والمرسلين وبشر الرسل أقوامهم بقدومه وذكرت صفاته الشريف فى التوارة والإنجيل ووردت أحاديث نبوية شريف تدل على أن اليهود والنصارى كانو يعرفون صفات سيدنا رسول الله من صفته المذكورة عندهم فى كتبهم.
عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّوْرَاةِ قَالَ: «أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا»، رواه البخارى .
وقال الإمام ابن حجر العسقلانى فى كتابه فتح البارى لشرح صحيح البخارى، إن أحد الأشخاص سأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن صفة سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى التوارة لأن عبدالله كان قد قرأها فقال: أن الرسول موصوف فى التوراة ببعض صفاته فى القرآن فإنه -صلى الله عليه وسلم- شاهداً لأمته بتصديقهم وعلى الكافرين بتكذيبهم ومبشراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين، وقيل: أن الرسول شاهداً للرسل بالبلاغ ومبشراً للمطيعين بالجنة ومنذراً للعصاة بالنار، وهذه الصفات وردت أيضاً فى القرآن فى سورة الأحزاب.
وأضاف ابن حجر فى شرحه للحديث، أن المقصود من قوله: «وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ»، أى حصناً للعرب يتحصنون به عن غوائل الشيطان أوعن سطوة العجم وتغلبهم، وسموا أميين لأن أغلبهم لا يقرأ ولا يكتب فهو متوكل على الله تعالى لقناعته باليسير من الرزق واعتماده على الله فى النصر والصبر على انتظار الفرج والأخذ بمحاسن الأخلاق واليقين بتمام وعد الله فتوكل عليه سبحانه و ليس بسيئ الخلق جاف ولا غليظ القلب.
وأوضح العسقلانى أن معنى قوله: «وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ»، أى أن الرسول لا يرفع صوته على الناس لسوء خلقه ولا يكثر الصياح عليهم فى الأسواق بل يلين جانبه لهم ويرفق بهم ولا يدفع السيئة بالسيئة بل يدفعها بالتى هى أحسن فهو كان يعفو ويغفر مالم تنتهك حرمات الله تعالى .
وبين ابن حجر أن من صفاته -صلى الله عليه وسلم-: «وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا»، أن الله لن يُميته قبل أن يقيم به ملة إبراهيم -عليه السلام- فإنها قد أعوجت فى أيام الفترة -فترة انقطاع إرسال الرسل للناس- فزيدت ونقصت وغيرت من استقامتها وأميلت بعد قوامها وما زالت كذلك حتى أتى الرسول فأقامها بنفى ما كان عليه العرب من الشرك وإثبات التوحيد بكلمة التوحيد فيفتح الله بواسطة هذه الكلمة أعينا عمياً وآذاناً صُماً وقلوب غُلفاً، والغلف هو: ظلمة القلب بسبب الشرك والمعاصى .