الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دستور جديد لشعب يستحق الكثير


من جديد أثبت المصريون أنهم على قدر المسئولية والثقة بعد أن خرجوا أمس وأول أمس في إقبال كبير وطوابير أمام اللجان ليدلوا بأصواتهم في الاستفتاء علي الدستور، خرجوا جميعا سواء في الخارج في 124 دولة يتم الاستفتاء فيها علي الدستور من خلال 140 مقرا بالسفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية أو في الداخل ،خرجوا جميعا رجالا ونساء وشبابا فى ملحمة تاريخية تعبر عن شجاعة هذا الشعب وقدرته على الإنجاز بشرط أن يجد من يثق فيه وفى إخلاصه ويستنفر همته فتتفجر المعجزات! ويثبت للعالم من جديد حرصه علي حقوقه السياسية بالإدلاء بصوته وممارسته للديمقراطية بمفهومها الصحيح.

منذ أربع سنوات كتبت فى ذروة البهجة بالدستور ـ الجديد وقتها ـ تحت عنوان هل لدينا شجاعة تعديل هذا الدستور؟، إذ إتضح لي وقتها أن دستور 2013 جاء معيبا مليئا بالثغرات ولم تكن هذه الثغرات خافية بل واضحة لي منذ اللحظة الأولي، منها مثلا تغييب مجلس الشورى، وغياب منصب نائب رئيس الجمهورية الذى يمكن أن يخفف عن كاهل الرئيس بعض المهام، أما مدة الرئاسة وحصرها فى أربع سنوات ـ فى الفترة الواحدة ـ فقد كانت لغزا محيرا من أول وهلة، ولم تكن تكفى لدراسة المشاكل وخاصة فى حالة دولة خرجت مهلهلة بعد تجربة إخوانية خرج منها المصريون منهكين بعد معركة مع جماعة إرهابية تشدهم إلى التخلف ، وتساءلت يومها كيف يستطيع هذا الرئيس أن يضمد الجراح التى مزقت الشخصية المصرية بعد سنة الإخوان الكئيبة ، ومتى يبدأ فى التخطيط الاستراتيجى طويل الأمد ومتى يشرع فى تنفيذها؟

صحيح فاجأنا الرئيس السيسى بما لم نكن نحلم به من معدلات السرعة فى الإنجاز، فكأنه خلال السنوات الأربع الماضية كان يسابق الزمن، أنجز مشروع قناة السويس الجديدة فى عام واحد وكان مقدر له أربع سنوات، وفى عام واحد أيضا استطاع تشخيص أوجاعنا فى مجال النقل فشق شبكة الطرق العملاقة التى أوصلت مفاصل البلد مع بعضها وصار بوسع أى مصرى أن يتباهى أمام شركات الاستثمار العالمية وهو يدعوها لوضع استثماراتها فى أى مكان وفى أى بقعة من أرض مصر، أما القضاء نهائيا على أعطال الكهرباء وتحقيق فائض ضخم للتصدير وتحويل مصر من دولة مظلمة إلى دولة مصدرة ومركز عالمى للطاقة والبدء فى مشروع الطاقة النووية والتعاقد بالفعل على تنفيذه بالضبعة بعد عقود من التراجع فى تنفيذه فكان القرار الشجاع بتحويل هذا الحلم الذى لا يقل أهمية عن السد العالى إلى حقيقة لا خيالا كما تقول كلمات الأغنية !

وما حدث فى الطرق والكهرباء حدث أيضا فى مجال الإسكان بكل شرائحه بدءا من خطة القضاء على العشوائيات إلى تحويلها إلى مناطق حضرية تتحقق فيها كرامة الإنسان وحقوقه بكل معنى الكلمة لمن يدركون الأبعاد الحقيقية لحقوق الإنسان ، فضلا عن الرعاية التى أولاها الرئيس لسكانها وحقهم الذى صانه فى الحياة الكريمة والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، أما فى مجال الرعاية الصحية والاجتماعية فقد حدثت فيها فتوحات لم تخطر على قلب بشر.

صحيح لم تحدث هذه الطفرات فى يوم وليلة بل احتاج الأمر إلى أربع سنوات كاملة مرت كالحلم والتحدى وملاحم الصمود والعطاء التى سطرها المصريون خلف قيادة هذا الرئيس ، لكن الصحيح أيضا أن كل هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا وجود هذا الرجل الذى لم يفرش الطريق بالورود للمصريين لكنه بقدر ما آمن بهذا الشعب وقدرته على العطاء وبقدر ما وهبه الله من البصيرة والقبول والثقة بالنفس وبشعبه ، بقدر ما فجر بداخلهم من الطاقات والاستعداد للبذل والتحمل .

وأى منصف يفهم فى فلسفة الشعوب يستطيع أن يدرك العلاقة بين صورتين تبدوان الآن لكل ذي بصيرة:

الأولى: صورة صرخات شعوب وهى تهز عروش الحكام الذين أشبعوا مواطنيهم وعودا وخطب طنانة فلم يحصدوا من وراء هؤلاء الحكام ووعودهم وشعاراتهم البراقة إلا الغضب والحصرم ، والصورة الثانية لشعب مصر الذى وجد قائده عند حسن الظن به وطالبهم من البداية بالتحمل والتضحية والصبر لبناء البلد فكان عند حسن ظن شعبه به .. ولأن الشعوب تعرف وتقدر فقد خرج الشعب المصري بكامل أطيافه ليقول كلمته في دستوره الجديد.

فكانت هذه الصورة التاريخية التى ينقلها العالم عن المصريين اليوم وهم يخرجون فى المدن والقرى والنجوع لتعديل الدستور ليلائم متطلبات العصر واحتياجنا للحياة الكريمة المستقرة فكان هذا الخروج والإقبال الكبير على لجان الاستفتاء الذى يثبت أن المصريين واعين لمصلحتهم وما يحدث فى العالم من حولهم ، أنا على ثقة أنهم سيظلون على الوعد وعلى قدر الثقة التى منحوها منذ البداية للبطل الذى أنقذ مصر وحول أحلامهم فى التنمية والاستقرار إلى حقيقة ملموسة لا خيالا!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط