الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أربكان وجولن وأوغلو | الغادر الماكر.. كيف ضحى أردوغان بأصدقائه لتحقيق أطماعه الشخصية

رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان

منذ بزوغ نجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وظهوره في الحياة السياسية التركية، ارتبط اسمه بلقب "المتسلق"، في حين صمم كثيرون خاصة من رفقائه على ربط اسمه بـ «الخائن»، فقد سبق وخان كلا من ساعده، وسرق أمجاد من علموه في سبيل الانفراد بالسلطة والحكم، ولتحقيق حلمه في أن يصبح «السلطان العثماني».

أردوغان الذي تحول إلى مصدر شقاء لدول المنطقة بسبب سياساته التخريبية ودعمه المستمر للمليشيات والجماعات الإرهابية، والأدوار التخريبية التي يعمد على تنفيذها، لا يستبعد أحد عنه كل ذلك إذا ما تأكدنا هو الشخص ذاته الذي ضحى بكل أصدقائه ورفاقه وكل من ساعدوه في الوصول للحكم، والذين كان مصيرهم الطرد والإبعاد في سبيل انفراده بالسلطة.

المتتبع لمسيرة صعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يجد أن أبرز من ساعدوه في الوصول إلى تلك المكانة في أن يصبح على رأس الحكم في تركيا العديد من الأشخاص لكن من بينهم 4 فقط هم أصحاب علامات فارقة ودعم كبير في حياة أردوغان وهم " نجم الدين أربكان – عبد الله جول – داود أوغلو – فتح الله جولن" ، لكنه سرعان ما سرق إنجازاتهم، وتسلق على أكتافهم قبل أن يخذلهم ويقمعهم ويطرد بعضهم خارج البلاد.

سرقة مجد نجم الدين أربكان

في مطلع الألفية الثالثة عملت السلطات التركية على حل حزب الفضيلة التركي الذي كان يرأسه رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان الذي كان يلقب بـ « أبو الإسلام السياسي التركي »، والذي انشق بعده عدد من أعضائه لتأسيس حزب العدالة والتنمية والذي تزعمه رجب طيب أردوغان، والذي تركزت دعايته طوال الوقت على أن أردوغان التلميذ الوفي لـ نجم الدين أربكان، ويحمل أفكارا تجديدية متوافقة مع أفكار أربكان، على أنه الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا، حتى استطاع أن يصل أردوغان بحزبه الجديد لسدة الحكم للمرة الاولى في تاريخه في عام 2002.

أردوغان الذي استغل اسم نجم الدين أربكان للوصول إلى سدة الحكم على أساس أن أردوغان تلميذ أربكان النجيب، وأن أربكان الأب الروحي لأردوغان، عمل على مدار أكثر من 8 سنوات على تهميش نجم الدين أربكان، والذي كشف مخططه وخرج عن صمته في عام 2010 ووصفه عميل للصهيونية وأنه من جاءت به إلى رأس السلطة في تركيا، وفقا لما نشر في صحيفة الزمان التركية، قائلا: «هناك بعض القوى الخارجية جاءت به إلى السلطة، القوى التي تتحكم في النظام العالمي، وتتبنى سياسات عرقية وتتميز بتوجهاتها الصهيونية الإمبريالية»

وفي إحدى المقابلات التلفزيونية لرئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان، قال فيها: «إسرائيل هى من تنصح أردوغان بترديد أمور تستهدفها و تعاديها حتى ينجح في كسب تأييد وتعاطف الشعب التركي المعارض لإسرائيل، وهو منفذ تام لسياستها .. أردوغان كان أحد طلابي وقلت له ما عليه فعله إلا انه لم ينصت إلى ولم ينفذ ما قلته له.

جولن دعم أردوغان فخانه وطرده من تركيا

على مدار السنوات الماضية، لم تتوقف اتهامات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للداعية الإسلامي فتح الله جولن، حيث أن أردوغان لا يعتبر أي شخص أشد عداوة له من فتح الله جولن الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هل يتوقع أحد أن كل تلك العداوة التي يحملها أردوغان لـ جولن سبقها صداقة كبيرة بين الإثنين حتى أن أردوغان لم يكن ليصل لسجة الحكم في تركيا لولا الدعم الذي قدمه له فتح الله جولن زعيم جماعة الخدمة الصوفية في تركيا.

«جولن» الذي كان السند الكبير لـ أردوغان للوصول إلى السلطة نتيجة الدعم الكبير الذي وفره لحزب العدالة والتنمية وقت تأسيسه، بجانب الشبكة الكبيرة من الصوفية أتباع جولن في أجهزة الدولة التي ساعدت الحزب الجديد "العدالة والتنمية" في الوصول للحكم، إلا أن سرعان ما انقلب أردوغان على من مد له يد العون ونصبه على عرش تركيا، حتى اكتشف جولن مع مرور الوقت أن أردوغان ليس سوى ديكتاتور صغير، فبدأ فى مهاجمته، متهما إياه بأنه يسعى منذ عام 2011 لإقامة دولة الرجل الواحد الديكتاتورية.

قضايا الفساد التي اتهم فيها الرئيس التركي وعائلته اضطرت فتح الله جولن لمهاجمة أردوغان بعد خروجه عن الميثاق الذي كان يجمعهما في بداية الأمر وهو تحقيق نهضة تركيا والحفاظ على ثرواتها، وهو الأمر الذى اضطر جولن إلى ترك تركيا بعد التضييق عليه للإقامة في بنسيلفينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن أردوغان لم يتوقف على ملاحقة كل أتباع جولن والذين ساعدوا أردوغان في بداية الأمر.

جول صديق الكفاح الذي طرد من الحكومة

ومن بين أكثر الأشخاص الذين ساعدوا أردوغان على الوصول إلى حكم تركيا، سطع نجم عبدالله جول، والذي لقب بالرجل الذي شارك أردوغان في مجده خطوة بخطوة، وهو الرجل الذي تولى رئاسة الحكومة بعد وصول حزب العدالة والتنمية في الوقت الذي كان أردوغان فيه في سجون تركيا بسبب قصيدته التي ألقاها وحرض فيها على الإرهاب، وظل جول رئيسا للحكومة حتى خروج أردوغان من سجنه ليتولى بعدها منصب وزير للخارجية.

الصداقة بين أردوغان و عبدالله جول وما قدمه جول من دعم لأردوغان لم تمنع الرئيس التركي من خيانة صديقه المقرب وأن يطيح به بعد الخلافات التي اندلعت بينهما حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات التركية التي اندلعت في ميدان تقسيم في عام 2013 للاعتراض على سياسات أردوغان، حيث كان جول يرى ضرورة التفاهم مع المتظاهرين للوصول إلى حل مرضي للجميع، في حين كان يرى أردوغان ضرورة قمع تلك الاحتجاجات لعدم تكرارها ومنع نزول أي أحد للميدان الشهيرة مرة أخرى.

أطماع أردوغان أنهت مسيرة الصداقة

وفي العام التالي من احتجاجات ميدان تقسيم، اعترض عبدالله جول على ما فعله الرئيس التركي أردوغان من حجب موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» على خلفية نشر تسجيلات صوتية لنجل أردوغان تثبت تورطه في قضايا فساد، حتى بلغ الخلاف بينهما ذروته بعد قرار أردوغان التحول إلى النظام الرئاسى ليتمكن من إعطاء نفسه فرصة جديدة ليصبح رئيسا حتى عام 2029، وهو ما رآه جول ساعتها استحواذا على المشهد السياسى، وهو ما اعتبره جول استمرار لسياسة أردوغان في ممارسة ديكتاتوريته رغم أنف الجميع.

حرص جول على مصلحة تركيا رغم طرد أردوغان له من الحكومة، دفعه لتوجيه نصيحة للرئيس التركي خلال حفل إفطار حضره أردوغان في تركيا في عام 2015، قال فيه جول:"البلاد تحتاج إلى مراجعة سياستها فى الشرق الأوسط من خلال تبنى وجهات نظر أكثر واقعية، وبصراحة أعتقد أننا نحتاج إلى مراجعة سياستنا الخارجية تجاه الشرق الأوسط، والعالم العربى من منظور أكثر واقعية، وعلى تركيا تقوية وتعزيز علاقاتها مع دول الشرق الأوسط بدءًا من مصر"، وهو ما رد عليه أردوغان فى نفس الإفطار بشكل عصبى فى كلمته ووصفه بطريقة غير مباشرة بـ "الخائن والجبان".

ومن بين أكثر من دعموا أردوغان للوصول إلى سدة الحكم في تركيا كان المفكر السياسي داوود أوغلو، أحد أشهر المفكرين المؤثرين في العالم، وأحد أبرز أصدقاء أردوغان قبل مطامعه الديكتاتورية، والذي شغل منصب كبير مستشاري أردوغان وقت أن كان رئيسا لوزراء تركيا، ثم وزيرا للخارجية في من 2009 حتى 2014، ثم رئيسا لحزب التنمية والعدالة، و رئيسا لوزراء تركيا.

الإطاحة بـ داوود أوغلو

نتيجة الصعود القوي الذي حققه داوود أوغلو، وتماشيا مع التطلعات الديكتاتورية التي يسعى إليها أردوغان، وخوف الرئيس التركي من أن ينقلب عليه داوود اوغلو، عمل أردوغان على نقل منصب السلطة القوي من رئيس الوزراء إلى منصب الرئيس، وأجبر بعدها أردوغان أوغلو على الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء قبل الفترة القانونية بـ6 أشهر، بحسب ما صرح به أوغلو.