في خطوة جديدة نحو تحفيز النمو الاقتصادي وتنشيط القطاعات الحيوية التي تدعم الصناعة المصرية، جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بإقرار إعفاءات ضريبية جديدة، بمثابة حوافز استثمارية ثمينة، لتمنح الاقتصاد المصري صحوة وانطلاقة كبرى، وتؤثر بصورة فاعلة وإيجابية على زيادة الاستثمارات، بحسب ما أكد خبراء اقتصاد ومالية.
وشملت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزير المالية الدكتور محمد معيط، تعديلات بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة للارتقاء بالنظام الضريبي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحفيز الاستثمار، ورفع كفاءة التحصيل الضريبي، حيث شملت الإعفاءات قطاعات هامة أهمها الدواء والأمصال واللقاحات والدم ومشتقاته، وآلات ومعدات الانتاج الصناعي الواردة من الخارج، والمنتجات الزراعية وخدمات الصرف الصحي وتحلية المياه، وخدمات هيئة قناة السويس للسفن العابرة، ومدخلات صناعة الورق، والخدمات الإعلانية، والطائرات المدنية ومحركاتها، وغير ذلك.
للإطلاع على التفاصيل الكاملة
لتحفيز الاستثمار والتخفيف عن المواطن .. قرارات عاجلة من رئيس الجمهورية بإعفاءات ضريبية ضخمة
ثورة تصحيح ضريبية
ووصف خبراء ومتخصصون في الاقتصاد والمالية والضرائب، توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأنها ثورة تصحيح ضريبية انتظرها الصُناع والمستثمرون في مصر منذ عقود، ومرونة كانت غائبة عن هذه القطاعات التي تقود بدورها صناعات كبرى وتتحكم في أكثر من نصف اقتصاديات البلاد.
كما توقع خبراء الاقتصاد أن تؤثر تلك القرارات والإعفاءات الضريبية على السوق المصري من جهة تحفيز الصناعة وزيادة الإنتاج وتحرير رؤوس الأموال المنخرطة في عمليات الاستثمار، ومن جهة أخرى تنظيم عمليات التحصيل الضريبي، والتي تعتبر الحافز الاستثماري الأكبر والأكثر أمانًا لمخاطبة المستثمرين الراغبين في الولوج إلى
السوق المصرية.
تمنع نقل آثار التضخم العالمي إلى مصر
يرى الدكتور شريف الدمرداش، خبير الاقتصاد، أن الدولة المصرية تعاملت مع حالة التضحم التي تواجه العالم بهذه الاعفاءات الضريبية لمواجهة آثار التضخم العالمي بالداخل المصري.
وعن تأثير هذه الاعفاءات الضريبية على السوق المحلي والقوى الشرائية، قال إن الاعفاءات الضريبية التي تم الإعلان عنها هي الإجراءات المنطقية والعملية ليكون هناك توازن في معدلات التضخم في الداخل، بمعنى تجنب حالة التضخم الاقتصادي التي تواجة العالم وتأثيرها على الداخل المصري.
ولفت إلى أن الاقتصاد المصري سيتأثر بهذه الإجراءات بشكل إيجابي، لأن السوق كان يعاني من الركود التضخمي، بمعنى أن الأسعار ترتفع والقوة الشرائية لا تستطيع أن تتعامل مع هذا الارتفاع.
وتابع: "علاج كلا من ظاهرة التضخم وظاهرة الركود متناقض، لذلك تم اتخاذ هذه الاعفاءات الضريبية والتي ستُحدث توازن على مستوى التضخم الداخلي ولن يؤدي إلي تفاقم الركود، وسيكون هناك ثبات نسبي في مستوي الأسعار أو زيادة طفيفة يستطيع أن يتعامل معها المواطن والاقتصاد المصري".
كما أشار إلى أن الاعفاءات الضريبية التي تم إقرارها ستساعد على ثبات مستوي الاسعار في البلاد، وستمنع نقل آثار التضخم العالمي وغلاء الأسعار في العالم إلي مصر.
تنعكس على زيادة فرص العمل والإنتاج وضبط الأسعار
من جانبه أشاد أحمد معطي محلل أسواق المال والاقتصاد، بتويجهات القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إجراء تعديلات على قانون الضرائب على القيمة المضافة، مشيرًا إلى أنه جاء لدعم القطاعات الاقتصادية المفصلية وزيادة الإجراءات الخاصة بالصناعة الوطنية.
وقال "معطي" إن الإصلاح الضريبي الذي تبنته القيادة السياسية يستهدف بصورة كبيرة إعطاء مزيد من الحوافز الضريبية المقررة على المنتجين والمصنعين المحليين بما ينعكس علي زيادة فرص العمل والإنتاج وضبط الأسعار بالسوق المحلي.
وأشار "معطي" إلى أن منح الإعفاء الضريبي علي السلع التي يتم انتاجها داخل مشروعات المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة وتصديرها للخارج، يساعد بصورة كبيرة علي جذب الاستثمار الأجنبي باعتبار ذلك الإجراء أحد المحفزات الجاذبة للاستثمار حيث يصل سعر الضريبة المقررة 0%.
وذكر "معطي" أن إعفاء السلع الوسيطة كالآلات والمعدات والوحدات الإنتاجية التي يتم استيرادها جمركيا لمدة عام من الضريبة هو أمر منطقي وداعم للقطاع الصناعي بصورة كبيرة، خصوصا وأن التعديل الجديد تضمن إعطاء مصلحة الجمارك سلطات تقديرية في مد تلك المهلة، مع وضع ضوابط لاستخدام تلك المعدات في الإنتاج باعتباره مسئولية رقابية لضمان حقوق الخزانة العامة.
رفع نسب الحصيلة الضريبية المستهدفة لمعدلات غير مسبوقة
ووصف محسن الجيار، مدير إدارة المسجلين بمصلحه الضرائب المصرية إن تعديلات قانون الضرائب علي القيمة المضافة الذي تضمن 52 اعفاءً ضريبيا؛ بأنه جاء استجابة من القيادة السياسية لمطالب العاملين بالقطاع الصناعي والانتاجي في مصر.
وقال إن التعديلات التي يجري مناقشتها داخل أروقة مجلس النواب تستهدف بصورة كبيرة دعم النشاط الصناعي والانتاجي داخل الدولة خصوصا وأنها تضمنت قطاعات اقتصادية مفصلية ومن ثم سيسهم بصورة كبيرة في توفير المزيد من فرص العمل وضبط الأسعار داخل السوق.
وأشار إلي أن هذه الإجراءات من شأنها الإسهام في رفع معدلات التحصيل الضريبي وتحريك عجلة الإنتاج وهو ما يعني رفع نسب الحصيلة الضريبية المستهدفة لمعدلات غير مسبوقة وعدم وجود أي أعباء على الممولين .
تتوافق مع البُعد الاجتماعي والجانب التنموي للبلاد
وأكد الجيار أن تعديل الضرائب على القيمة المضافة على الأدوية والمستلزمات الطبية بالتحديد من 14% إلى 0%، يتوافق مع توجهات الدولة في الظروف الحالية للاهتمام بصحة المواطنين.
وقال إن التعديلات جاءت بناءً على اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضمن المبادرات الرئاسية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا و100 مليون صحة، مشيرا إلى أن التوجهات كانت استكمالا للخطط الاستراتيجية التي تتوافق مع البعد الاجتماعي للمواطنين والجانب الاقتصادي والتنموي للبلاد.
وأوضح أن هناك مناقشات عديدة تمت مع القائمين على القطاع الطبي والدوائي للتوصل لاتفاق مرضي لهم دعما لقطاع التصنيع الطبي وتقليل التكلفة على الصناعات الطبية والدوائية وبما يتوافق مع إمكانيات المواطنين لشراء الأدوية أو المستلزمات الطبية أو إجراء التحاليل الطبية.
وأكد أن التوسع في منح الإعفاءات الضريبية علي ذلك القطاع الاقتصادي الهام من شأنه زيادة حجم الإنتاج المحلي وتقليص الأسعار وهو ما يعزز التوجهات الرئاسية بالاهتمام بالفئات الأولي بالرعاية من جهة و المستثمرين في ذلك القطاع من جهة اخرى.
زيادة حجم مقتنيات السياح من السلع المصرية
واستكمل الجيار توضيح مزايا قرار الرئيس السيسي، معتبرًا أن من شأنها المساعدة في عودة القطاع السياحي وتشجيع السائحين على اقتناء السلع والمنتجات التذكارية والتراثية الخاصة بمصر.
وقال الجيار إن إعفاء الضرائب على القيمة المضافة على القطاع السياحي يساهم في ترويج للسياحة المصرية بصورة كبيرة معتبرا أن تلك المبادرات جاءت بناء علي تكليفات من القيادة السياسية، وبما يعني وجود تكاملا على الصعيد الحكومي لتنفيذ التكليفات الرئاسية.
وأضاف أن ذلك الإجراء من شأنه زيادة حجم اقتناء السائح للسلع المصرية داخلالأسواق الحرة بسعر عادل وبدون أي عبء ضريبي، حيث يكون سعر السلع 100% بدلا من 114% حيث يستفيد السائح بنسبة خصم 14% .
وأشار الجيار، إلى أن جوهر التعديلات على قانون الضريبة على القيمة المضافة جاء لاستدراك بعض التشوهات الضريبية والتي أيقنت القيادة السياسية بسرعة معالجتها للترويج اكثر للاقتصاد القومي والانشطة المحفزة له.
تدعم المجتمع الصناعي والبنية التحتية للمصانع
ويؤكد المهندس علاء مرسى رئيس جمعية مستثمرى المينا أن التعديلات التى أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسي، خطوة جيدة وفعالة لدعم المجتمع الصناعي خاصة بند تعليق أداء الضريبة على الآلات والمعدات الواردة من الخارج لاستخدامها فى الإنتاج الصناعي لمدة سنة من تاريخ الإفراج، وهذا أحد مطالب المُصنعين منذ فترات ماضية بإعفاءات كاملة لكافة المعدات الرأسمالية من ضرائب القيمة المضافة نظرا لكونها من البنية التحتية للمصانع.
وأوضح مرسي، أن الدولة تسعى لتخفيف العبء على المستثمرين الصناعيين خاصة فى أوقات الأزمات التى يعيشها الاقتصاد العالمى وحالة عدم استقرار أسعار النفط وزيادة أسعار الشحن، وتراجع الإنتاج مع كثرة الطلب وكلها عوامل تتحملها الصناعة الوطنية.
واشار رئيس جمعية مستثمرى المينا إلى أن دعم الصناعة بتخفيف الأعباء الضريبية عليها يصب فى النهاية لصالح الاقتصاد القومى حيث زيادة الانتاج و التشغيل، وبالتالي ارتفاع حصيلة الضرائب على الأرباح وتعويض الاعفاءات على الآلات والمواد الخام من تحصيل الضرائب على المنتج النهائى.
وقال إننا نحتاج لمزيد من الحوافز الضريبية لدعم الاستثمار الصناعى و بالفعل كان هناك المزيد من الحوافز الضريبية المطبقة من قانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 قبل تعديلات التى اقرت فى 2017 ، نطمح لعودة تلك الحوافز لرفع نسبة مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الاجمالى للبلاد.