طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الاثنين، بدعم «الدول الغنية» لقارة أفريقيا، قائلا: «ينبغي ألا تدفع أفريقيا ثمن الآثار الناجمة عن الاستعمار واستغلال مواردها مرة أخرى».
مشيرا إلى أن دول القارة السمراء «ليست مستعدة حتى الآن لجذب استثمارات جديدة بسبب الصراعات وعدم الاستقرار بها».
وقال السيسي، في مداخلة خلال جلسة حوارية على هامش مؤتمر ومعرض مصر الدولي للبترول «إيجبس 2022»، الذي افتتح بالقاهرة أمس، إن بلاده «أنفقت نحو 400 مليار دولار لتطوير مشروعات البنية التحتية خلال السنوات السبع الماضية».
مؤكدا أن مبادرة «حياة كريمة» التي أطلقها مؤخرا «تستهدف تطوير الأوضاع المعيشية للريف المصري، وتتكلف نحو 40 مليار دولار».
أفريقيا متأخرة عن التقدم الإنساني
وشدد السيسي على أن «قارة أفريقيا كانت متأخرة عن التقدم الإنساني لأسباب تاريخية»، مشيرا إلى أنه «لا يجب أن تدفع الدول الأفريقية ثمن الآثار التي نجمت عن الاستعمار واستغلال مواردها مرة أخرى».
وأضاف: «أفريقيا أضحت أقل قارات العالم تقدما وأكثرها في محدودية الدخل والفقر والجهل بشكل ضخم»، لافتا إلى أن «نصف سكان القارة بدون طاقة، وفقا للدكتورة أماني أبو زيد مفوضة البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الأفريقي فإن نصف سكان القارة ليست لديهم طاقة، ونحو 400 ألف يموتون جراء استخدام الخشب والمواد الأولية في الإشعال»، متسائلا: «هل تستطيع الدول الأفريقية أن تتعامل مع متطلبات الطاقة الجديدة والمتجددة؟».
واعتبر الرئيس السيسي أن «الدول الأفريقية ليست مستعدة حتى الآن لجذب استثمارات الطاقة الجديدة بسبب الصراعات وعدم الاستقرار»، مشيراً إلى أن تطوير البنية التحتية في أفريقيا يحتاج إلى استثمارات ضخمة».
وأوضح: «لكي تتحول مصر لمركز أو محطة للطاقة كان لزاما أن تكون شبكة الكهرباء والنقل والتحكم والإنتاج الخاصة بها قادرة على استيعاب النقل لدول مثل ليبيا والسودان والأردن والسعودية وإسرائيل»، متسائلاً: «هل تتوفر مثل تلك الشبكات في دول القارة الأفريقية؟».
وأبدى الرئيس السيسي تطلعه بأن يخرج مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «كوب 27» المقرر عقده في شرم الشيخ نهاية العام الحالي بقرارات موضوعية ومتوازنة وعادلة حتى لا يتحمل الأفارقة نتائج الظروف التي مروا بها مرة أخرى.
السيسي يدعم بقوة افريقيا
وتساءل السيسي عم إذا كان أكثر من 50 دولة أفريقية جاهزة لتنفيذ التزامات الانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة خلال الـ 30 عاما المقبلة في ظل حالة عدم الاستقرار وتنامي الإرهاب والتطرف ومحدودية القدرات الاقتصادية لبلدانها؟ وأوضح أنه «لأسباب أخلاقية واقتصادية وإنسانية يجب إعطاء أفريقيا فترة انتقالية أطول ودعم قدراتها لتكون ثاني أكثر سوق بعد قارة آسيا حيث سيزيد إلى مليار ونصف مليار خلال الأعوام الـ 20 أو الـ 30 المقبلة لتصبح ثاني أكبر قارات العالم سكانا بعد آسيا، حتى يتثنى لها أن تصبح سوقا غنية تستطيع شراء منتجات دول العالم الصناعية».
وأضاف أن «أفريقيا سوق كبيرة، لكنها ليست غنية لأن قدراتها كدول متواضعة»، داعيا «الدول الغنية إلى دعم القارة الأفريقية للنهوض وعدم إعاقة تقدمها واستغلال مواردها التي كانت سببا في غني الدول الاستعمارية خلال الـ 60 أو الـ 70 عاما الماضية».
ودعا الرئيس السيسي الدول الغنية إلى مساعدة الدول الفقيرة، مشيرا إلى «أننا في مصر وفي ظل جائحة كورونا لم نر نهاية العالم، لأن قدرات الإنسان العلمية قادرة على التغلب على أي صعوبات».
وفيما يتعلق بتداعيات تغير المناخ، أكد السيسي «ثقته في أن البشرية قادرة على تجاوز هذه التداعيات»، داعيا الأجيال القادمة إلى عدم الانزعاج في مواجهة هذه التحديات.
كما دعا الشركات المشاركة في مؤتمر «إيجبس 2022» إلى أن تكون صوت أفريقيا من الآن، ولا تنتظر حتى مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «كوب 27».
إستغلال الدول الأوروبية القارة الأفريقية
هناك ضرورة لوضع إقليم شمال أفريقيا ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية لعديد من الأسباب التي تتعلق بإمدادات الطاقة.
ففي الحقيقة يمكن القول أن مستقبل الدول الأوروبية بيد شمال أفريقيا"، هذه الفكرة؛ إذ يدعو إلى إعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية الأمريكية من جديد بإعطاء أولوية لدول الشمال الأفريقي والتوقف عن جعلها منطقة اهتمام "ثانوي" للولايات المتحدة أو بالأحرى تهميشها.
التقارب الجغرافي والإرث الاستعماري
هناك تقارب جغرافي بين دول الشمال الأفريقي والدول الأوروبية لا سيما الدول الأوروبية المشاطئة للبحر المتوسط "الدول الأورومتوسطية" بالإشارة إلى المسافات التي تفصل بين الجانبين.
أمن الطاقة الأوروبي
ومن أبعاد أهمية إيلاء الشمال الأفريقي قدرا كافيا من الاهتمام لدى صناع قرار السياسة الخارجية في كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية ألا وهو تأمين سيرورة إمدادات الغاز من دول الشمال الأفريقي.
بيد أن هناك دولا أوروبية لا تزال تعتمد على إمدادات الغاز المقبلة من الشمال الأفريقي ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى أنه قرابة الـ52% من إمدادات الغاز لإسبانيا تأتي من الجزائر كما يعد إقليم شمال أفريقيا ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي لإيطاليا.