في محاولة جديدة لإحياء اتفاق الحبوب الأوكرانية، بعد تعليق روسيا العمل باتفاق تصدير القمح من أوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى صدور تحذيرات رهيبة من حدوث نقص حاد في الغذاء في الدول الأفريقية التي تتعامل مع تبعات الجفاف.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأحد، إن بلاده تبذل قصارى جهدها لتجديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود و"لم تفقد الأمل بعد".
وكانت روسيا أعلنت في وقت سابق من يوليو الماضي، أنها أبلغت تركيا وأوكرانيا والأمانة العامة للأمم المتحدة رسميًا بعدم موافقتها على تمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، الذي كان يتعين تمديده في 17 يوليو الماضي.
تعطيل اتفاق تصدير الحبوب
وأضاف أردوغان، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الهندية نيودلهي على هامش اجتماعات قمة العشرين، أن أنقرة "تولي أهمية قصوى لإيصال الحبوب إلى الدول الإفريقية والفقيرة"، موضحًا أنه "من غير الممكن استمرار اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود إذا استثنى روسيا".
وهدفت الاتفاقية التي أبرمت برعاية أنقرة والأمم المتحدة في صيف العام 2022، إلى تأمين صادرات الحبوب من كييف عبر المواني الأوكرانية المطلة على البحر الأسود.
وأنهت روسيا في يوليو الماضي العمل بهذا الاتفاق المهم لإمدادات الغذاء العالمية، موضحة أنّ العقوبات الغربية تُعرقل وصول منتجاتها الزراعية والأسمدة إلى الأسواق الدولية.
فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، للصحفيين،أمس الأحد، إن بلاده ستعود إلى اتفاق توريد الحبوب عبر البحر الأسود "في اليوم نفسه" الذي تُنفذ فيه شروط موسكو المتعلقة بصادراتها من الحبوب والأسمدة إلى الأسواق العالمية.
وانسحبت روسيا من الاتفاق في يوليو بعد عام من سريانه بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا، إذ شكت من أن صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة تواجه عقبات إلى جانب عدم وصول كمية كافية من الحبوب الأوكرانية إلى البلدان التي تحتاج إليها.
من جانبه قال الدكتور أحمد سيد أحمد المحلل السياسي، إن تمسك روسيا بشروطها للعودة إلى إتفاقية حبوب البحر الأسود يعكس عدم رفض روسيا التام لتصدير الحبوب من أوكرانيا للدول الأخرى ومعالجة قضايا الأمن الغذائي، لافتاً أن العودة مشروطة بذهاب 90 ٪ من الحبوب الأوكرانية منها القمح والذرة إلى الدول الأوروبية أو الدول النامية، ثانيا العقوبات الأمريكية على روسيا أعاقت تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.
وأضاف سيد أحمد في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن روسيا ترى أنه ينبغي أولا رفع العقوبات الغربية عن قطاع الشحن حتى يتثنى تصدير الحبوب الروسية إلى الخارج، ولابد أن يكون هناك عدالة في تصدير الحبوب الأوكرانية خاصة أن تذهب إلى الدول النامية، مشيراً إلى إعلان روسيا عن تزويد الدول الأفريقية الأشد فقرا بالقمح.
وتابع: روسيا توجه رسالة إنها ليست سبباً في أزمة الغذاء العالمية وانما الغرب بسبب فرض عقوبات على روسيا، والعودة إلى اتفاقية الحبوب بسبب تعنت الغرب.
انسحاب روسيا من الاتفاقية
وكانت أخطرت روسيا الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا بأنها لن تجدد اتفاق الحبوب المهم الذي سمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود.
وقال المتحدث باسم الكرملين، دمتري بيسكوف إن الاتفاق وصل إلى نهايته "بحكم الأمر الواقع"، وسمح الاتفاق لسفن الشحن بالمرور عبر البحر الأسود من موانئ أوديسا، وتشورنومورسك، ويوجني/بيفديني، لكن موسكو قالت إنها ستعود إلى الاتفاق إذا استوفيت شروطه.
وظل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يشتكي مما اعتبره عدم احترام أجزاء من الاتفاق تسمح بتصدير الأغذية والأسمدة الروسية.
وقال إن الحبوب لم تورد إلى الدول الفقيرة، بالرغم من أن هذا كان شرطا للاتفاق.
كما اشتكت روسيا مرارا من أن العقوبات الغربية تقيد صادراتها الزراعية. وهدد بوتين في عديد المرات بالانسحاب من الاتفاق.
وكانت جددت وزارة الخارجية الروسية هذه الشكاوى، متهمة الغرب بـ"التخريب المستمر" و "بالأنانية" وتقديم المصالح التجارية للاتفاق قبل أهدافه الإنسانية، لكن أردوغان، قال للصحفيين إنه يعتقد أن بوتين "يريد الاستمرار في الاتفاق".
وفي ردود الفعل الدولية على القرار الروسي، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن مئات الملايين في العالم "سيدفعون ثمن" قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.
وصرح أنطونيو جوتيريش للصحفيين قائلا: "آسف بشدة لقرار روسيا الاتحادية إنهاء تطبيق مبادرة البحر الأسود، بما يشمل سحب الضمانات الأمنية الروسية للملاحة في شمال غرب البحر الأسود".
وأضاف أن المشاركة في هذا الاتفاق "هي خيار. لكن الناس الذين يواجهون صعوبات في كل مكان والدول النامية لا خيار لديهم"، مشددا على أن "مئات ملايين الأشخاص يواجهون الجوع، فيما يواجه المستهلكون أزمة عالمية لكافة الحياة".