الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تتكبد فاتورة باهظة سنويا.. التغيرات المناخية تتلاعب بموازنات الدول النامية وتعيق تقدمها

التغيرات المناخية
التغيرات المناخية

تتجاوز تكاليف مواجهة آثار التغيرات المناخية قدرات الدول النامية، وهناك حاجة للعمل المشترك وتعزيز جهود التمويل المبتكرة والمحفزة للاستثمارات الخاصة والعامة، ما يؤكد دور القطاع الخاص في تسريع عملية الانتقال الأخضر والمستدام.

وهناك فجوة ملموسة في الربط بين أبعاد القضية المناخية وأنشطة التنمية تحت مظلة وفلسفة إنمائية شاملة، ولذلك أطلقت مصر العديد من المبادرات المناخية الساعية لتحفيز العمل المناخي بشكل أكثر استدامة.

أعباء التغيرات المناخية 

وفي هذا الصدد، ٱكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن التغيرات المناخية تفرض على موازنات الدول النامية أعباءً إضافية فوق التكلفة المتزايدة المطلوب تدبيرها للوفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين من غذاء ووقود، وتلبية الاحتياجات التنموية أيضًا، فى ظل ظروف اقتصادية عالمية بالغة التعقيد، موضحًا أنه لابد من مساندة المبادرات المناخية الداعمة للأولويات الاجتماعية والاقتصادية لكل دولة مع الأخذ في الاعتبار القدرات المختلفة بين البلدان فى مسار التعامل المرن مع التحديات المناخية.

وقال الوزير، في جلسة رفيعة المستوى لوزراء المالية حول «توسيع نطاق تمويل المناخ» خلال مشاركته فى «يوم التمويل» بقمة المناخ «COP28»، بدبي، إن مبادرة تحويل جزء من المديونيات إلى أداة لمواجهة التغيرات المناخية التي تم إطلاقها في نوفمبر 2022، بالتعاون مع «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا» واللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لغرب آسيا «اسكوا» تعد خطوة فعالة تهدف إلى تحسين وتوسيع القدرة المالية اللازمة لتوفير التمويل للدول النامية التى تسعى لتحقيق تطلعاتها فى المجالات التنموية وإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة ارتفاع تكاليف خدمة الديون في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة، تتضمن تقليل التكلفة المرتبطة بإصدارات أدوات الدين الجديدة، خاصة تلك التي تتوافق مع الأهداف المستدامة والبيئية، وتوفير ضمانات للديون السيادية والتمويل المختلط لخفض تكاليف رأس المال، واستكشاف أدوات بديلة توفر مساحة مالية للاستثمارات الصديقة للبيئة، إضافة إلى مبادرة "خفض تكلفة التمويل الأخضر" التى تهدف لتحقيق المستهدفات التنموية بمراعاة البعد البيئي من خلال التوسع فى المشروعات الصديقة للبيئة بالدول النامية والأفريقية، وتوفير السيولة الكافية لإنشاء بنية تحتية ذكية أكثر مرونة مناخيًا.

وأشار الوزير، إلى أن مصر تستهدف التوسع فى المشروعات الصديقة للبيئة والاستثمارات النظيفة، اتساقًا مع «الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050» مع العمل على تنويع مصادر التمويل الأخضر والمستدام الذى انعكس في العديد من الإصدارات المصرية منها: السندات الخضراء، وسندات الـ«باندا»، والـ«ساموراي» والحصول على التمويل الأخضر والمستدام من البنوك الدولية من خلال شريحة التمويل الأخضر والإسلامي بمشاركة نحو 26 مؤسسة مالية دولية وإقليمية، وقد بلغت قيمة التمويل الأخضر 1.5 مليار دولار، تم تدبيره فى نوفمبر 2021، إضافة إلى التمويل المستدام الذى تم الحصول عليه من بنك «دويتشه» و«ABC» بقيمة نصف مليار دولار فى نوفمبر2023.

وسبق، وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إن من أبرز جهود مصر لمواجهة التغير المناخي، إصدار الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والتي تضمنت الأهداف الخمسة وهم تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وبناء المرونة والقدرة على التكيف مع مخاطر تغير المناخ، وتحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ، وتحسين البية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، وتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي، بالإضافة إلى اعتماد تقرير المساهمات المحددة وطنيا المحدث وتقديمه إلى سكرتارية إتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ من أجل تحقيق خطة خفض الانبعاثات الوطنية.

مخاطر ظاهرة التغيرات

وأضافت الوزيرة- خلال تصريحات لها، أنه جار العمل بالمرحلة الثالثة من مشروع الخريطــة التفاعليــة لمخاطــر ظاهــرة التغيــرات المناخيــة علــى جمهوريـة مصـر العربيـة والـذي يتـم علـى ثلاثـة مراحـل بالتعـاون مـع إدارة المسـاحة العسـكرية والهيئــة العامــة للأرصــاد الجويــة ومركــز بحــوث الميــاه التابع لــوزارة المــوارد المائيــة والــري، بهــدف مســاعدة متخــذي القــرار علــى تحديــد المناطــق المعرضــة للمخاطــر المحتملــة مــن تغيـر المنـاخ، بمـا قـد يؤثـر علـى تنفيـذ خطـة التنميـة فـى الدولـة؛ واتخـاذ التدابيـر اللازمـة فـى القطاعــات التنمويــة المختلفــة، وكذلك اقتنــاص فــرص تمويليــة للتكيــف مــن الجهــات الدوليــة.

وفي نفس السياق، تم رفع الوعى بقضية التغيرات المناخية بهدف المشاركة فى التصدى لآثارها السلبية من خلال المشاركة في كافة المنتديات والمؤتمرات الوطنية وورش العمل ومعسكرات شباب الجامعات، ومنصات مكاتب المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، والندوات لمختلف الفئات العمرية من الأطفال والشباب والمرأة، بالإضافة إلى إطلاق مشروع صياغة وتطوير عملية خطط التكيف الوطنية في مصر (NAP) والذي يهدف إلى تعزيز القدرات الوطنية والبشرية والمؤسسية للتكيف مع التغيرات المناخية وتحديد الأولويات ودمجها فى الموازنة والتخطيط، كما يسعى إلى الشمولية والتكامل لتستوعبها كافة الجهات داخل خططها وإستراتيجيتها.

وعقدت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فعالية بعنوان " مستقبل مبادرة حياة كريمة من أجل افريقيا قادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ نحو أفريقيا التي نريدها في عام 2063" بحضور د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وذلك ضمن فعاليات النسخة 28 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ CoP28 المنعقد بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر الجاري. تناولت الفعالية أهمية مبادرة حياة كريمة لأفريقيا بالنسبة للقارة في ضوء التحديات التنموية والمناخية التي تواجهها.

ويقول رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، الدكتور أحمد عبد العال، إن التصدي لآثار التغيرات المناخية سواء بالمواجهة أو بالتكيف له شقين، أولا على مستوى الدولة الواحدة: يستلزم تكاتف الحكومات والقطاع الخاص لما يمثله من آثار مدمرة على الأشخاص والممتلاكات العامة والخاصة، وهذا يستلزم اللجوء إلى المشروعات الخضراء للتقليل من آثار غازات الاحتباس الحراري.

 مصادر التمويل الأخضر

وأضاف عبدالعال - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن السندات الخضراء التي تطلق بنسبة فائده ضئيلة جدا للمشروعات الخضراء، كل ذلك يندرج تحت برنامج " نوفي"، إضافة إلى أنه بين الدول وبعضها بالنظر إلى تأثير التغيرات المناخية على المستوى العالمي.

وأشار عبدالعال: "نجد أن مواجهة التغير المناخي والتكيف معه لا تستطيع دولة بمفردها على هذه المواجهة أو التكيف، خاصة إذا كانت هذه الدولة من الدول النامية، حيث ذلك يتطلب المال الوفير وهذا يتطلب تكاتف الدول وخاصة الدول العظمى والمتسببة فى غازات الاحتباس الحراري لمساعدة الدول المتضررة من آثار التغير المناخي وتعويض هذه الدول عن الاضرار التي لحقت بها".

والجدير بالذكر، أن مواطني القارة الأفريقية ككل يعانون من الآثار السلبية الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ والتي تتجاوز بوضوح قدرتهم على التكيف، خاصة أولئك الذين يعيشون في القرى والمناطق الريفية والأكثر احتياجاً، حيث يعانون من عدم إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والمياه النظيفة والكهرباء وشبكات الصرف الصحي، وتلك التحديات تتفاقم بسبب الآثار المباشرة لتغير المناخ بما يؤثر على مختلف مناحي الحياة.

وتقوم الدولة ببذل العديد من الجهود من أجل مواجهة تغير المناخ، ومنها المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية وإعداد التقارير الطوعية المحلية،إضافة إلى مبادرة "حياة كريمة" كقصة نجاح ونهج مبتكر للارتقاء بجودة حياة المواطنين، والحد من عدم المساواة بين المناطق الحضرية والريفية، والتي تتسق مع مبادرة حياة كريمة لأفريقيا.