هل تنفع الأنساب يوم القيامة ؟ ، سؤال نجيب عنه في بيان قول الحق سبحانه وتعالى: «فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)».
هل تنفع الأنساب يوم القيامة ؟
جاء في تفسير الآية من تفسير الإمام ابن كثير : «يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور ، وقام الناس من القبور ، ( فلا أنساب بينهم ) أي : لا تنفع الأنساب يومئذ ، ولا يرثي والد لولده ، ولا يلوي عليه ، قال الله تعالى : ( ولا يسأل حميم حميما . يبصرونهم ) [ المعارج : 10 ، 11 ] أي : لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره ، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره ، وهو كان أعز الناس عليه كان في الدنيا ، ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة ، قال الله تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه . لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) [ عبس : 34 37 ] .
وقال ابن مسعود : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد : ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه : قال : فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرا; ومصداق ذلك في كتاب الله : ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) رواه ابن أبي حاتم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن المسور هو ابن مخرمة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاطمة بضعة مني ، يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ". وهذا الحديث له أصل في الصحيحين عن المسور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فاطمة بضعة مني ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا زهير ، عن عبد الله بن محمد ، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر : " ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنفع قومه؟ بلى ، والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة ، وإني أيها الناس فرط لكم ، إذا جئتم " قال رجل : يا رسول الله ، أنا فلان بن فلان ، [ وقال أخوه : أنا فلان ابن فلان ] فأقول لهم : " أما النسب فقد عرفت ، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى " .
وذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من طرق متعددة عنه ، رضي الله عنه : أنه لما تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، قال : أما والله ما بي إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي " . رواه الطبراني ، والبزار والهيثم بن كليب ، والبيهقي ، والحافظ الضياء في " المختارة " وذكرنا أنه أصدقها أربعين ألفا; إعظاما وإكراما ، رضي الله عنه; فقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق أبي القاسم البغوي : حدثنا سليمان بن عمر بن الأقطع ، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، سمعت ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري " . وروي فيها من طريق عمار بن سيف ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " سألت ربي عز وجل ألا أتزوج إلى أحد من أمتي ، ولا يتزوج إلي أحد منهم ، إلا كان معي في الجنة ، فأعطاني ذلك " . ومن حديث عمار بن سيف ، عن إسماعيل ، عن عبد الله بن عمرو .
هل تنفع الأنساب يوم القيامة ؟
وفي جواب سؤال هل تنفع الأنساب يوم القيامة ؟، نوضح ما ذكره الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمفتي السابق.
وقال علي جمعة من خلال الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: «كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا ما كان سبباً يوصلنا إلى الأسوة الحسنة بإتباعه ﷺ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }»، موضحًا فكل سبب يوصلنا برسول الله ﷺ من طاعته وإقامة سنته في أنفسنا وشرعه في حياتنا فهو موصول يوم القيامة.
وأضاف: «كل نسب موصول بنبي الله صلي الله عليه وآله وسلم ونسبه آية من آيات إثبات الدين، وليست هي كل الآيات فالآيات كثيرة ولكن نسب رسول الله ﷺ قد صدَّق القرآن {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}؛ فكثر نسله وقد أرانا الله أنه كان قادراً علي إهلاكهم حتي لا يبقي أحد ، فمات الذكور من أبناءه في حياته؛ وماتت السيدة أم كلثوم والسيدة رقية والسيدة زينب في حياته ولم تبقي إلا السيدة فاطمة؛ ولم تنجب السيدة أم كلثوم والسيدة رقية ؛وأنجبت السيدة زينب بنتاً ماتت من غير أن تنجب، والسيدة فاطمة أنجبت الحسن والحسين ومحسَّن؛ فمات المحسَّن في حياته ولم يبقي إلا الحسن والحسين».
وأكمل: «الحسن مات كل أبنائه وقد تزوج كثيرا وكانت القبائل تطلب النسب الشريف منه ،كل أبنائه ماتوا إلا زيد الأبلج والحسن المثني، ومات كل أبناء الحسين إلا علي زين العابدين، ليرينا الله أنه كان قادراً أن يفني الثلاثة، ومن الثلاثة جاء النسل الشريف وبقي إلي يومنا هذا شرقاً وغربا يدلّون علي أن نسب النبي ﷺ محفوظ ؛وعلي أنه عالي المقام؛ وعلي أنه ثابتٌ حساً أن هناك من كان يسمي بمحمد بن عبدالله آمن به من آمن وكفر به من كفر ،تأييد رباني لا بيد سيدنا محمد ﷺ ولا بيد غيره أن يبقي نسله فيعطي له فعلاً الكوثر لأنهم قد تكاثروا كثيرا ؛وكذلك إذا ما رجعت مرة ثانية في آخر الآيات {إِنَّ شَانِئَكَ} مبغضك كارهك {هُوَ الْأَبْتَرُ} الذي لا نسل له ولا نعرف من هذا الأبتر ذهب ذكره لكن هنا {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} فرفع الله ذكره علي المنابر وفي الأذان يطوف الأرض كل يوم ،وأعلي ذكره حتي تسمَّي الناس كثيراً بمحمد وأحمد ومصطفي وأسمائه ﷺ فكان ذلك أكثر عدد في الأرض ،علي كل حال "كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سببي ونسبي" صلي الله عليه وآله وسلم وذلك لأن ذلك متصل بالدين.