الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الذكرى 67 لتوقيع اتفاقية الجلاء|حلقات مضيئة في التاريخ المصري كتبت نهاية الاحتلال

أرشيفية
أرشيفية

تحل اليوم الذكرى 67 لتوقيع اتفاقية الجلاء عن مصر «19 أكتوبر 1954»، حيث خروج أخر جندي بريطاني من مصر في 18 يونيو 1956 من القاعدة البريطانية بقناة السويس.

وسجل خروج قوات الاحتلال البريطاني من مصر بعد استعمار استمر 73 عاما وتسعة أشهر وسبعة أيام، حيث شهدت هذه الحقبة عدة ثورات ومقاومة من قبل المصريين كثورة أحمد عرابي ضد غزو الأساطيل والجيوش البريطانية، وثورة 1919 الوطنية التي قادها سعد زغلول، وانتفاضة الشعب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وإضراب جميع الطوائف بمن فيهم ضباط الشرطة الذين اعتصموا بنواديهم في أكتوبر 1947 وأبريل 1948.

كما شهدت هذه الحقبة كفاحا مسلحا ضد القوات البريطانية في قناة السويس فور رفع الأحكام العرفية بعد انتهاء حرب فلسطين، واستمرار هذا الكفاح بعد قيام ثورة يوليو 1952 إلى أن تحقق الجلاء يوم 18 يونيو 1956، بعد ألوف من الشهداء في طريق طويل من النضال والتضحيات.

وفيما يلي يستعرض «صدى البلد» أهم مراحل الكفاح ضد الإنجليز والشخصيات التي كانت سببا في جلاء القوات الإنجليزية عن مصر.

ثورة 1919

وكانت ثورة 1919 تعبر عن سخط الشعب على السياسة البريطانية في مصر عقب الحرب العالمية الأولى، بقيادة الوفد المصري الذي كان يرأسه سعد زغلول ومجموعة كبيرة من السياسيين المصريين، كنتيجة لتذمّر الشعب المصري من الاحتلال الإنجليزي وتغلغله في شئون الدولة بالإضافة إلى إلغاء الدستور وفرض الحماية وإعلان الأحكام العرفية وطغيان المصالح الأجنبية على الاقتصاد.

بدأت أحداث الثورة في صباح يوم الأحد 9 مارس 1919، بقيام الطلبة بمظاهرات واحتجاجات في أرجاء القاهرة والإسكندرية والمدن الإقليمية. تصدت القوات البريطانية للمتظاهرين بإطلاق الرصاص عليهم، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. استمرت أحداث الثورة إلى شهر أغسطس وتجددت في أكتوبر ونوفمبر، لكن وقائعها السياسية لم تنقطع واستمرت إلى عام 1922، وبدأت نتائجها الحقيقية تتبلور عام 1923 بإعلان الدستور والبرلمان.

واندلعت شرارة الثورة عندما قام الاحتلال الإنجليزى باعتقال سعد زغلول وثلاثة من زملائه قبل مشاركتهم في مؤتمر باريس للسلام لعرض القضية المصرية على المجتمع الدولي ونفيهم إلى جزيرة مالطا، الأمر الذي أدى إلى بداية الاحتجاجات في مارس 1919. انطلقت تظاهرات في العديد من المدن والأقاليم المصرية وكانت القاهرة والإسكندرية وطنطا من أكثر تلك المدن اضطرابًا، الأمر الذي أدى السلطات البريطانية إلى الإفراج عن سعد زغلول وزملائه، والسماح لهم بالسفر لباريس. 

ووصل الوفد المصري إلى باريس في 18 إبريل، وأُعلنت شروط الصلح التي قررها الحُلفاء، مؤيدة للحماية التي فرضتها إنجلترا على مصر.

وحققت الثورة مطالبها، ففي 28 فبراير ألغت بريطانيا الحماية المفروضة على مصر منذ 1914، وفي 1923 صدر الدستور المصري وقانون الانتخابات و ألغيت الأحكام العرفية. لم تستطع الثورة تحقيق الاستقلال التام، فقد ظلت القوات البريطانية متواجدة في مصر.

كفاح مصطفى كامل

اشتهر مصطفى كامل منذ صغره بالحماسة وحب النضال وعشقه للحرية، حيث بدأ نضاله فى وقت عصيب في حياة الأمة المصرية.

كان يعتمد مصطفى كامل على فن الخطابة وتنظيم المؤتمرات والصحافة لتعبئة الرأى العام ضد الاحتلال البريطاني والمطالبة بالجلاء، وكان كثير السفر إلي الخارج لعرض القضية المصرية على المجتمع الدولي، و عانى الكثير من الشدائد في أسفاره، فسافر إلى باريس وبرلين ولندن و الآستانة فى نطاق حملته السياسية والدعائية ضد الاحتلال البريطانى.

أصبح مصطفي كامل اسمه لامعاً فى أوروبا وتعرف على الصحفية الفرنسية جولييت آدم التى فتحت له صفحات مجلتها «لانوفيل ريفيو» ليكتب فيها وقدمته لكبار الشخصيات الفرنسية فألقى عددا من المحاضرات فى المحافل الفرنسية.

كانت علاقة مصطفى كامل بالخديوي عباس الثانى وثيقة فى بدايتها، حيث كان عباس يريد أن يستقل بالسلطة بعيدا عن سيطرة الإنجليز، فبدأ فى تأليف لجنة سرية للاتصال بالوطنيين المصريين للدعاية لقضية الاستقلال عرفت باسم «أحباء الوطن السرية» إلا أن العلاقة شهدت توتراً بسبب عوامل الشد والجذب بين الخديوي والإنجليز واستدعاه على إثرها من أوروبا لوقف حملاته ضد الإنجليز لكنه رفض وكتب رسالة إليه فى أكتوبر 1904 قال فيها: «رفعت إلى مقامكم السامي أن الحالة السياسية الحاضرة تقضى على أن أكون بعيداً عن فخامتكم وأن أتحمل وحدي مسؤولية الخطة التي اتبعتها نحو الاحتلال والمحتلين»، ولم يكف عن نقد الخديوي كلما أخطأ فكتب فى جريدة اللواء: «إن كل مصرى صادق لا يقبل أن يكون حكم مصر بيد سمو الخديوي بمفرده أو بيد المعتمد البريطانى أو بيد الاثنين معا».

وحينما وقع حادث دنشواى كان يعالج من المرض فى باريس فقطع رحلة علاجه وسافر إلى لندن وكتب مجموعة من المقالات العنيفة ضد الاحتلال والتقى هناك السير «كامبل باترمان» رئيس الوزراء البريطانى الذى عرض عليه تشكيل الوزارة فى مصر لكنه رفض ونشر مقاله الشهير «إلى الأمة الإنجليزية والعالم المتمدن» فى صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية دفاعا عن القضية المصرية والتنديد بوحشية الإنجليز فى دنشواى.

وبعد الحادث ألقى خطبة بالإسكندرية وهو فى حالة إعياء شديد وصفت بأنها من أجمل وأطول خطبة وأطلقوا عليها خطبة الوداع وأعلن فيها تأسيس الحزب الوطنى الذى تألف برنامجه من عدة مواد أهمها المطالبة باستقلال مصر وصياغة دستور يكفل الرقابة البرلمانية على الحكومة ونشر التعليم وبث الشعور الوطنى.

الثورة العرابية

قامت الثورة العرابية في فترة 1879-1882 ضد الخديوي توفيق والتدخل الأجنبي في مصر و سميت آنذاك هوجة عرابي.

وكانت أسباب الثورة المعاملة السيئة للضباط المصريين من قبل الضباط الشراكسة ووقف الترقيات لهم، مما جعل أحمد عرابي ومن معه من الضباط المصريين أن يكتبوا عريضة يطالبون فيها بعزل ناظر الجهادية عثمان رفقي.

وفي صباح 17 يناير توجه عرابي ورفاقه إلي مقر نظارة الداخلية وسلموا العريضة وطلبوا تقديمها إلى رياض باشا، وفي 31 يناير اجتمع مجلس الوزراء برئاسة الخديوي وقرر تكليف وزير الحربية بإلقاء القبض على الضباط الثلاثة وتقديمهم للمحاكمة العسكرية.

وفي 1 فبراير 1881 دعي وزير الحربية الضباط الثلاثة إلى قصر النيل وهناك تم القبض عليهم وتجريدهم من أسلحتهم وايداعهم في قاعة السجن تمهيداً لمحاكمتهم، فلما علم الآلاي الأول بقشلاق عابدين بالقبض على الضباط الثلاثة أمر البكباشي محمد عبيد بسرعة التوجه إلى قصر النيل لتحرير زملائهم، وهاجم جنود الآلاي على القصر، وهرب عثمان رفقي من أحد النوافذ، وقام البكباشي محمد عبيد بتحرير الضباط الثلاثة، وخرجوا جميعاً بقيادة أحمد عرابي وتوجهوا إلى ميدان عابدين فيما عرف بـ مظاهرة عابدين الأولى.

ي 9 سبتمبر 1881 وصلت الثورة العرابية إلى ذروتها حيث تحركت جميع الوحدات العسكرية المتمركزة في القاهرة إلى ميدان عابدين مع أحمد عرابي، بل شملت أيضا مشاركة الشعب المصري بكل طوائفه نتيجة نمو الوعي القومي وسخط الشعب من سوء الأحوال الاقتصادية، ومعاملة رياض باشا القاسية للمصريين، ووصل أحمد عرابي أمام قصر عابدين وخرج الخديوي توفيق ومعه القنصل البريطاني والمراقب المالي البريطاني وسط حرسه الخاص، وأعلن احمد عرابي مطالب الجيش والشعب المصري للخديوي توفيق، وهي: «عزل وزارة رياض باشا، وانشاء مجلس نواب على النسق الأوروبي، وزيادة عدد الجيش إلى 18 ألف جندي».

فكان رد الخديوي: «كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا»، فرد عليه عرابي جملته الشهيرة قائلاً: «لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقار فوالله الذي لا إله إلا هو لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم».