تحل غدا الذكرى 67 لتوقيع اتفاقية الجلاء عن مصر «19 أكتوبر 1954»، حيث خروج أخر جندي بريطاني من مصر في 18 يونيو 1956 من القاعدة البريطانية بقناة السويس.
وسجل خروج قوات الاحتلال البريطاني من مصر بعد استعمار استمر 73 عاما وتسعة أشهر وسبعة أيام، حيث شهدت هذه الحقبة عدة ثورات ومقاومة من قبل المصريين كثورة أحمد عرابي ضد غزو الأساطيل والجيوش البريطانية، وثورة 1919 الوطنية التي قادها سعد زغلول، وانتفاضة الشعب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وإضراب جميع الطوائف بمن فيهم ضباط الشرطة الذين اعتصموا بنواديهم في أكتوبر 1947 وأبريل 1948.
كما شهدت هذه الحقبة كفاحا مسلحا ضد القوات البريطانية في قناة السويس فور رفع الأحكام العرفية بعد انتهاء حرب فلسطين، واستمرار هذا الكفاح بعد قيام ثورة يوليو 1952 إلى أن تحقق الجلاء يوم 18 يونيو 1956، بعد ألوف من الشهداء في طريق طويل من النضال والتضحيات.
المشاركون في مباحثات الجلاء
بدأت مباحثات الجلاء عن مصر بجدية بين مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، وممثلي بريطانيا العظمى «الذين سبق وماطلوا بشأن منح مصر الاستقلال»، لـ توقع الاتفاقية يوم 19 أكتوبر 1954، بعد أقل من عام ونصف العام من قيام ثورة 23 يوليو.
ومثل مصر في المباحثات بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة وكان أبرزهم «البكباشي» المقدم جمال عبد الناصر، الذي كان وزيرا للداخلية ثم رئيسا للوزراء واللواء محمد نجيب، الذي كان رئيسا للوزراء في الفترة الانتقالية المَلكية ثم رئيساً للجمهورية، أما المحور السياسى فتولاه ثعلب السياسة المصرية الدكتور محمود فوزي.
ومثل الجانب البريطاني سفيرهم فى القاهرة آنذاك، رالف ستيفنسون وقائد القوات البريطانية في مصر الجنرال بينسون ومساعد وزير الخارجية للشرق الأوسط انتوني هيد وممثل وزارة الدفاع البريطانية ومن خلف الستار وزير الخارجية أنتوني إيدن ورئيس الوزراء وينستون تشرشل.
ولعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط للوصول إلى حلول مقبولة، فـ بريطانيا حليفها خلال الحرب العالمية وعضو حلف الأطلنطى «ناتو»، أما مصر فتمثل لها حليف إقليمي منتظر سيلعب دورا مهما فى استقرار الشرق الأوسط وقناة السويس.
وشجعت الولايات المتحدة مصر لإتمام الجلاء بوعود بمساعدات اقتصادية وعسكرية وبخطابات مباشرة من الرئيس إيزنهاور إلى الرئيس محمد نجيب مما أغضب بريطانيا.
وبهذه المناسبة ننشر البنود المنصوص عليها في اتفاقية جلاء الإنجليز عن مصر:
نص اتفاقية الجلاء
نص اتفاق 19 أكتوبر سنة 1954، إن حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال أيرلندا، إذ ترغبان في إقامة العلاقات المصرية ـ الإنجليزية على أساس جديد من التفاهم المتبادل والصداقة الوطيدة، قد اتفقتا على ما يأتي:
المادة (1)
تجلو قوات صاحبة الجلالة جلاء تاماً عن الأراضي المصرية وفقاً للجدول المبين في الجزء (أ) من الملحق الرقم (1) خلال فترة عشرين شهرا من تاريخ التوقيع على الاتفاق الحالي.
المادة (2)
تعلن حكومة المملكة المتحدة انقضاء معاهدة التحالف الموقع عليها في لندن في السادس والعشرين من شهر أغسطس سنة 1936، وكذلك المحضر المتفق عليه، والمذكرات المتبادلة، والاتفاق الخاص بالإعفاءات والميزات التي تتمتع بها القوات البريطانية في مصر وجميع ما تفرع عنها من اتفاقات أخرى.
المادة (3)
تبقى أجزاء من قاعدة قناة السويس الحالية، وهي المبينة في المرفق (أ) بالملحق الرقم (2) في حالة صالحة للاستعمال ومعدة للاستخدام فوراً وفق أحكام المادة الرابعة من الاتفاق الحالي، وتحقيقاً لهذا الغرض يتم تنظيمها وفق أحكام الملحق الرقم (2).
المادة (4)
في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية الموقع عليها في القاهرة في الثالث عشر من شهر إبريل سنة 1950، أو على تركيا، تقدم مصر للمملكة المتحدة من التسهيلات ما قد يكون لازماً لتهيئة القاعدة للحرب وإدارتها إدارة فعالة.
وتتضمن هذه التسهيلات استخدام الموانئ المصرية في حدود ما تقتضيه الضرورة القصوى للأغراض سالفة الذكر.
المادة (5)
في حالة عودة القوات البريطانية إلى منطقة قاعدة قناة السويس وفقاً لأحكام المادة (4)، تجلو هذه القوات فوراً بمجرد وقف القتال المشار إليه في تلك المادة.
المادة (6)
في حالة حدوث تهديد بهجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون عند توقيع هذا الاتفاق طرفا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية، أو على تركيا يجري التشاور فوراً بين مصر والمملكة المتحدة.
المادة (7)
تقدم حكومة جمهورية مصر تسهيلات مرور الطائرات وكذا تسهيلات النزول وخدمات الطيران المتعلقة برحلات الطائرات التابعة لسلاح الطيران الملكي التي يتم الإخطار عنها، وتعامل حكومة جمهورية مصر هذه الطائرات فيما يتعلق بالإذن بأية رحلة لها، معاملة لا تقل عن معاملتها لطائرات أية دولة أجنبية أخرى مع استثناء الدول الأطراف في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية، ويكون منح التسهيلات الخاصة بالنزول وخدمات الطيران المشار إليها آنفاً في المطارات المصرية في قاعدة قناة السويس.
المادة (8)
تقر الحكومتان المتعاقدتان أن قناة السويس البحرية ـ التي هي جزء لا يتجزأ من مصر ـ طريق مائي له أهميته الدولية من النواحي الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، وتعربان عن تصميمهما على احترام الاتفاقية التي تكفل حرية الملاحة في القناة الموقع عليها في القسطنطينية في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1888.
المادة (9)
(أ) لحكومة المملكة المتحدة أن تنقل أية مهمات بريطانية من القاعدة أو إليها حسب تقديرها.
(ب) لا يجوز أن تتجاوز المهمات القدر المتفق عليه في الجزء.
(ج) من الملحق الرقم (2) إلا بموافقة حكومة جمهورية مصر.
المادة (10)
لا يمس الاتفاق الحالي، ولا يجوز تفسيره على أنة يمس، بأية حال حقوق الطرفين والتزاماتهما بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة.
المادة (11)
تعتبر ملاحق هذا الاتفاق ومرفقاته جزءاً لا يتجزأ منه.
المادة (12)
(أ) يظل هذا الاتفاق نافذاً مدة سبع سنوات من تاريخ توقيعه.
(ب) تتشاور الحكومتان خلال الإثنى عشر شهراً الأخيرة من تلك المدة ؛ لتقرير ما قد يلزم من تدابير عند انتهاء الاتفاق.
(ج) ينتهي العمل بهذا الاتفاق بعد سبع سنوات من تاريخ التوقيع عليه، وعلى حكومة المملكة المتحدة أن تنقل، أو تتصرف، فيما قد يتبقى لها وقتئذ من ممتلكات في القاعدة ما لم تتفق الحكومتان المتعاقدتان على مد هذا الاتفاق.
المادة (13)
يعمل بالاتفاق الحالي على اعتبار أنه نافذ من تاريخ توقيعه وتتبادل وثائق التصديق عليه في القاهرة في أقرب وقت ممكن، وإقراراً بما تقدم وقع المفوضون المرخص لهم بذلك هذا الاتفاق ووضعوا أختامهم عليه.
تحرر في القاهرة في اليوم التاسع عشر من أكتوبر 1954 من صورتين باللغتين العربية والإنجليزية ويعتبر كلا النصين متساويين في الرسمية.