الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مسيحية عشقت الأذان وقراءة القرآن.. قصة سناء جميل مع صوت المسجد المجاور

صدى البلد

سناء جميل.. فنانة راقية وممثلة من زمن الفن الجميل، برعت في أداء مختلف الأدوار، مثقفة، وقارئة جيدة، جادة في أدائها، لا تشعر أنها تمثل نظرا لإحساسها العالي بالكلمة، وتستطيع دائما إبهار المشاهدين، ودفعهم إلى تصديق الشخصية التي تجسدها، فمن يستطيع نسيان مسلسل الراية البيضاء «المعلمة فضة المعداوي» أمام العملاق جميل راتب، وغيرها من الأدوار التي قدمتها بعبقرية.

تحل اليوم ذكرى ميلاد أيقونة الأداء البارع سناء جميل، التي ولدت في 27 إبريل عام 1930.

قسوة والديها ونفي طفلة

اسمها الحقيقي ثريا يوسف عطاالله، لن تجدها تتحدث ولو مرة واحدة عن والدها أو والدتها، ما أن أتمت الـ9 من عمرها حتى رحلت العائلة من مركز ملوي في المنيا بصعيد مصر إلى القاهرة، حيث تم إيداع الابنة الصغيرة داخل مدرسة الميرديديو، لأسباب مبهمة وغير معلنة، وذلك عقب فصلها عن شقيقتها التوأم، لتصير كل منهما في مكان مختلف، كان الأمر أشبه بـ "النفي".

أكدت سناء جميل في أحد حواراتها، أن الخوف الذي عرفته منذ ولادتها وحتى مجيئها إلى القاهرة في كفة، وذلك الذي عرفته داخل المدرسة في كفة أخرى، صحيح أنها تعلمت التمثيل هناك، لكنه لم يكن الأمر الوحيد الذي تعلمته، وقالت: "المدرسة الداخلية بتعلم الخوف، الرهبة، وده فضل معايا على طول".

غير قابلة للترويض

ربما تسببت طباعها الحادة منذ طفولتها في تنبؤ الجميع بأنها فتاة غير قابلة للترويض، حين قررت الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، بدأت فصلاً جديداً قاسياً جداً في حياتها، وقالت عنه: "علاقتي بأخويا قبل التمثيل كانت كويسة، لما خلصت المدرسة حب يجوزني راجل جه بيتنا، قابلته وقلت له انت تحب تتجوز واحدة مش بتحبك، قال لأ، قلت له خلاص".

وأضافت أنها نالت "علقة ساخنة"، نتيجة ذلك، لكنها نفذت ما أرادت في النهاية، حتى جاء اليوم الذي واجهت فيه شقيقها بإصرارها على تعلم الفنون المسرحية، وقالت: "ضربني كف على ودني طرشني، لدرجة حطيت سماعة من وقتها، كان عندنا عار، واشترط عليا أسيب المعهد قلت له لأ، قالي اطلعي بره، كرشني ليلة حريق القاهرة، كنا بنجري في الشارع ومصر مولعة، لحد الآن ما زال أثر اللي عمله موجود".

الفقر سبب آلام ظهرها

كان الكف الذي تلقته ثريا على وجهها هو الأول في حياتها، لم يسبق لأحد أن صفعها من قبل، هكذا ركضت من بيتها في منطقة غمرة لا تدري إلى أين، حتى اهتدت لمنزل جارهم الأستاذ سعيد أبو بكر، خاصة أنه الوحيد الذي تستطيع اللجوء اليه، حيث كان من أرشدها الى خطوة الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وباتت ليلتها هناك قبل أن يساعدها الفنان زكي طليمات على الحصول على غرفة في بيت للطالبات في شارع شامبليون، وأيضاً اختار لها طليمات اسم سناء جميل، وساعدها في إتقان اللغة العربية.

وأكدت سناء جميل، أنها كانت تعمل وتدرس، فتحصل على 6 جنيهات من المعهد، ومثلها من محل راحت تقوم بالتطريز لحسابه، حيث كانت توقع على المفروشات بـ SG، لتقرر وقتها الانتقال إلى سكن خاص بها، فاستأجرت شقة في دور أرضي بـ«3 جنيه»، واشترت أثاثا بسيطا، لكنها لم تستطع شراء مرتبة، وكانت تنام على ملابسها، وهو ما سبب لها «انزلاق غضروفي».

تحب الأذان وتحفظ القرآن

قالت سناء جميل: «أنا عصبية جداً، مش عارفة تكويني ليه كده، بيقولوا إن الإنسان اللي إحساسه قوي بيكون عصبي، ودي نقطة ضعفي، رغم أن دموعي قريبة جدا»، مضيفة: "طول عمري واخدة المسائل جد وبصدق، وعمري ما بخلت على أي موقف، من إني أديه كل ما عندي من إحساس وحب واحترام".

يروي زوجها الكاتب الصحفي الراحل لويس جريس، عنها أنها كانت تحب وتشعر بكل شيء، بداية من الأعمال المنزلية التي كانت تؤديها بنفسها، مروراً بكل وأي شيء تسمعه، بما في ذلك الأذان، الذي كان يصل لها في المنيل من أحد المساجد بمنطقة مصر القديمة، حيث ساءها وهي المسيحية أن تسمع صوتاً للأذان ليس جميلاً، كما اعتادت عليه أن يكون.

وأضاف جريس: «طلبت مني أن أتصل بوزير الأوقاف، لأسأله: "لماذا وقع اختيار الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام على بلال حتى يكون هو مؤذن الرسول، أليس لجمال صوته؟، فرد الشيخ الشرباصي بالموافقة على كلامها، مؤكداً جمال صوت سيدنا بلال، ومن اليوم الثاني تغير المؤذن وحل مكانه مؤذن آخر ذو صوت عذب».

وتابع جريس: كانت تقرأ القرآن بصدق، ونطقت الشهادتين بصدق أيضاً في فيلم "الرسالة" لمصطفى العقاد، حتى إنها في ذلك الفيلم بالذات أصيبت بصدمة، حيث قدمت دور سمية (أول شهيدة في الإسلام)، حيث تدخل الممثل حمدي غيث، الذي لعب دور أبي سفيان في الفيلم، ليقول لها بأنّ نطقها بالشهادتين يعني دخولها الإسلام، حسب الشريعة الإسلامية.

زوجها أعتقد أنها مسلمة

وأستكمل جريس: وقتها اتصلت بي لتخبرني أنها لم تعد مسيحية، وأرادت عندها الانفصال، ما دفعني إلى النطق بالشهادتين أمام صديقي الداعية مصطفى محمود، الذي مازحني بأني "نصّاب" اعلن إسلامي كي أتزوّج بمسلمة".

لم تكن تلك المرة الأولى التي يبدي فيها لويس استعداده لتغيير ديانته لأجل حبيبته، فمنذ التقيا لأول مرة وحتى قبل الزواج بفترة قصيرة، كان لويس يظن أن حبيبته مسلمة، وقال: "لما قالت لي أنا مسيحية زيك، اتخضيت، قالت لي وانت مستعد تسلم عشاني، قلت لها آه أنا مستعد أسلم عشانك".

كما أكد لويس أكثر من مرة، عشقهما معاً للاستماع لكل من صوت الأذان، والقرآن، حيث قال، قبل وفاته بفترة قصيرة: "اعتدنا سماع الأذان وسماع القرآن أيضاً من أصوات شيوخنا الأفاضل مصطفى إسماعيل ومحمد رفعت وشعيشع وعبد الباسط عبد الصمد وغيرهم".