سد النهضة من الملفات المهمة لمصر من أجل حفظ أمنها المائي، وتطالب مراراً وتكراراً بأن يكون هناك اتفاق ثلاثي يحفظ حقوق دولتي المصب ودولة المنبع، “مصر والسودان وإثيوبيا”، وترفض أي قرارات أحادية من شأنها زيادة الأزمة تفاقماً.
مفاوضات سد النهضة الإثيوبي
ومن المعروف أن المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي معطلة رسميا منذ أبريل 2021، بعد فشل مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل إلى تفاهم قبل بدء الملء الثاني للسد، الذي نفذته إثيوبيا في شهر يوليو الماضي، بسبب تعنت الجانب الإثيوبي وتمسكه بآرائه، وعدم تقديم أي تنازلات فيما يتعلق بمسألة سد النهضة، وحفظ الحقوق المائية لكل من مصر والسودان.
وترفض مصر والسودان إصرار إثيوبيا على ملء سد النهضة، قبل التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن الملء والتشغيل.
ويعد ملف سد النهضة الإثيوبي من القضايا الهامة، حيث أعربت دولتا المصب عن مخاوفهما من أن يؤثر المشروع سلبا على إمدادات المياه، كما أصرتا على اتخاذ تدابير لحماية دولتي المصب في حالة حدوث جفاف أثناء عملية ملء السد.
ودائما ما يظهر المسؤولون في إثيوبيا عكس ما يحدث على أرض الواقع، ففي الوقت الذي أعلنت فيه إثيوبيا عن عدم الضرر بمصالح مصر والسودان، اعترف أحد المسؤولون بأن السد سيضر بمصالح البلدين، كما أعلن في الوقت نفسه عن استمرار عملية الملء رغم استمرار رفض مصر والسودان أي قرار أحادي الجانب.
وفي صورة تعكس تخبط الجانب الإثيوبي، والسعي لكسب مزيد من الوقت لتنفيذ أهدافه، تحدث سيليشي بيكيلي، السفير الإثيوبي في الولايات المتحدة الأميركية عن نية بلاده لاستئناف المفاوضات، رغم أن "بلاده كانت السبب في توقف المفاوضات بسبب تعنتها ورفضها أية حلول تحفظ حقوق مصر والسودان".
وأعلن الجانب الإثيوبي استعداده لاستئناف المفاوضات، في الوقت الذي يقوض من فرصة نجاح أي مفاوضات من خلال تمسكه بمواقفه، ورفضه لأي حلول تحفظ حقوق دولتي المصب وتؤمن لشعوبهما احتياجاتهما المائية خاصة.
من جانبه أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا بشأن سد النهضة، أعرب فيه عن دعمه مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، بين إثيوبيا ودول حوض النيل، التي توقفت العام الماضي.
وجاء ذلك خلال الاجتماع التاسع لمجلس المشاركة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، الذي عقد في لوكسمبورغ، 19 يونيو 2022، والذي نشرته الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية.
وبحسب البيان، فقد "رحب الاتحاد الأوروبي ومصر بالبيان الرئاسي لمجلس الأمن حول سد النهضة الإثيوبي، الصادر بتاريخ 15 سبتمبر 2021، بشأن التوصل لاتفاق مقبول لدى كافة الأطراف وملزم حول ملء وعملية تشغيل السد، وذلك في ضوء أهمية النيل كمصدر وحيد لموارد المياه والحياة في مصر في إطار الندرة المائية الفريدة بها".
حماية أمن مصر المائي والسلام
وأضاف البيان أن "التوصل لهذا الاتفاق في أسرع وقت ممكن، يعد بمثابة أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي ومصر، من أجل حماية أمن مصر المائي ودعم السلام والاستقرار في المنطقة ككل".
ولفت البيان إلى أن "الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي، وممارسة دور أكثر نشاطا، في حال كون هذا الدور مفيدا ومرغوبا فيه من جانب كافة الأطراف، عبر إتاحة خبرة الاتحاد الأوروبي الثرية في إدارة الموارد المائية المشتركة بما يتوافق مع القانون الدولي".
ونوّه البيان إلى أنه "من خلال الإرادة السياسية ودعم المجتمع الدولي، يمكن تحويل هذا النزاع إلى فرصة لكثير من الأشخاص".
وواصل أن "ملايين الأشخاص المقيمين بحوض النيل سوف يستفيدون من اتفاق حول سد النهضة الإثيوبي، إذ سيخلق الاتفاق القدرة على التنبؤ، ويفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية في الطاقة والأمن الغذائي والأمن المائي".
ومن جانبه قال السفير حسين هريدي في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن مصر ترحب بأي مساندة دولية للموقف المصري في موضوع الخلافات الحالية مع إثيوبيا، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي له ثقل على المسرح الدولي، وأن الاتحاد الأوروبي له ثقل في أفريقيا، وأن مثل هذه المساندة تقوي من الموقف المصري في أي مفاوضات أو مباحثات تستأنف مع إثيوبيا والسودان لحل الخلاف.
يذكر أنه بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي في عام 2011، وهو أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، وتبلغ تكلفته أكثر من 4 مليارات دولار.
وكان قد أعلن السفير الإثيوبي لدى روسيا، أليمايهو تيجينو، أن 88% من أعمال بناء سد النهضة اكتملت، مشيرا إلى أن بلاده تتطلع لاستكمال أعمال البناء في نهاية العام المقبل.
وقال تيجينو في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية: إن 88% من أعمال بناء سد النهضة اكتملت ونخطط لاستكمال جميع أعمال البناء بحلول نهاية عام 2023".
وأكد السفير الإثيوبي أنه "نظرًا لأن سد النهضة هو مشروع أنشأته إثيوبيا بنفسها، فسيتم إدارته فقط من قبل الإثيوبيين ولكن قد نشارك المعلومات مع دول المصب عند الضرورة".
إثيوبيا تواصل قراراتها الأحادية
وأكد تيجينو على ضرورة الحوار مع مصر والسودان في إطار الاتحاد الأفريقي للتوصل إلى اتفاق حول السد.
وسبق وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن إثيوبيا تريد خنق دولتي المصب مصر والسودان، في حين أن أداء مجلس الأمن مؤسف في تناوله لقضية السد الإثيوبي، ويجب أن يكون هناك مواقف واضحة لمن يريد تطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بالأنهار الدولية.
وأضاف أبو الغيط في حوار تليفزيوني على صدى البلد، أتمنى أن ننجح في إقناع إثيوبيا بأن يكون ملء السد في حدود معقولة بدون التأثير على الحصة السنوية لمصر والسودان.
وتابع أتصور أن المجتمع المصري يمكنه التعامل مع ملف السد الإثيوبي بدون اللجوء إلى أي إجراءات سياسية خارجية.