الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الصدقة الجارية .. شروط قبولها وهل تمنع الفقر؟

فضل الصدقة الجارية
فضل الصدقة الجارية

يبحث الكثيرون عن فضل الصدقة الجارية، وفضلها، وهل تمنع الفقر عن صاحبها؟، وغير ذلك من الأمور المرتبطة بالصدقة الجارية.

فضل الصدقة الجارية

والصدقة الجارية كما روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا ماتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عَمَلُه إلَّا مِن ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جارِيةٍ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ به، أَو وَلَدٍ صالِحٍ يَدعُو لَهُ».
ويقول الإمام الرافعي الشافعي: والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف. والوقف هو: حَبسُ مالٍ معينٍ قابلٍ للنقل يمكن الانتفاعُ به مع بقاء عينه، وقطعُ التصرف فيه، على أن يُصرَف في جهة خير تقربًا إلى الله تعالى.
ووفقا لدار الإفتاء، فكل ما كان وقفًا يكون مصرفًا للصدقة الجارية كبناء المساجد والمدارس والمعاهد الدينية والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية ومراكز محو الأمية وبناء الجسور وشق الأنهار والترع واستصلاح الأراضي وبناء الحصون للدفاع عن الأمة، كل ذلك وأمثاله مما يُخرِجه الواقف عن ملكه إلى ملك الله تعالى، وتكون غَلَّته ورِيعه لجهات الخيرات المختلفة؛ يكون بنودًا لمصارف الصدقة الجارية.

هل الصدقة تمنع الفقر؟

يقول الشيخ رمضان عبدالمعز، الداعية الإسلامي، إن الصدقة واجبة على كل مسلم، وهذا ما قاله النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فى حديثه حين قال: على كل مسلم صدقة قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف قال: أرأيت إن لم يستطع، قال: يأمر بالمعروف أو الخير. قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر، فإنها صدقة.

وتابع عبد المعز، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc": "لو عندك راتب بسيط خرج منه صدقة، حتى تطهرك وتصلح الحال، فالصدقة تطهر الغير من الحقد والحسد ما دام يعطيه الغنى، والصدقة تطهر الأغنياء من الشح والبخل".

ما الفرق بين الوقف والصدقة الجارية؟

قالت دار الإفتاء إن الصدقة لغة: ما يعطى للفقراء على وجه القربة إلى الله تعالى. انظر: "تاج العروس" (26/ 12، مادة: ص د ق، ط. دار الهداية).

يقول الراغب الأصفهاني في "المفردات" (1/ 480، ط. دار القلم): [الصدقة: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل تقال للمتطوع به، والزكاة للواجب، وقد يُسمَّى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبها الصدق في فعله] اهـ.

واصطلاحًا: تطلق الصدقة حقيقة على إعطاء المال ونحوه -دون عوض- بقصد ثواب الآخرة. انظر: "المجموع" للنووي (6/ 246، ط. المنيرية).

وبينت هذا بعمومه يشمل صدقة التطوع وصدقة الفرض التي هي الزكاة، لكن عند الإطلاق يراد بها في اصطلاح الفقهاء صدقة التطوع. انظر: "مغني المحتاج" (4/ 194، ط. دار الكتب العلمية).ولم يختلف الفقهاء في جواز إعطاء صدقة التطوع لغير المحتاج مع كونه خلاف الأولى غير أن هذا الإعطاء لا يعتبر صدقة إلا إذا طلب به ثواب الآخرة؛ يقول الإمام النووي في "المجموع" (6/ 236): [تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها، ولكن المحتاج أفضل] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (3/ 559): [الصدقة على الغني جائزة ويثاب عليها إذا قصد القربة، فخرج بذلك ما لو ملَّك غنيًّا من غير قصد ثواب الآخرة] اهـ.

وتطلق الصدقة مجازًا على سائر أعمال البرِّ كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» متفق عليه، يقول الإمام النووي في "المجموع" (6/ 246): [اعلم أن حقيقة الصدقة إعطاء المال ونحوه بقصد ثواب الآخرة وقد يطلق على غير ذلك] اهـ.

وتنقسم صدقة التطوع إلى: (صدقة منقضية) بتمليك العين ومنافعها للمتصدق عليه، أو بإباحة انتفاعه بها إلى وقت محدد، أو إلى حدث معين منتظر حصوله تنتهي عنده الصدقة؛ (وصدقة جارية) يجري ثوابها لصاحبها في حياته وبعد موته، إذ يتم فيها إبقاء العين ومنع التصرف فيها بالبيع أو الهبة ونحو ذلك مع إباحة الانتفاع بها، أو تمليك ما تبقى من ريعها للمتصدَّق عليه -سواء كان شخصًا معينًا أم جهة- مدة بقاء العين بعد البدء أولًا بعمارتها من الريع وإصلاح ما يكون به نموها وعدم انقطاع ريعها؛ سواء بدأت هذه الصدقة في حياة المتصدِّق صاحب العين كما في (الوقف)، أو بعد مماته كما في (الوصية بالمنافع على التأبيد).

والأصل في مشروعية الصدقة الجارية ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول». وقال ابن سيرين: غير متأثلٍ مالًا.
وكذلك ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر تصدق بمال له على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يقال له ثمغ وكان نخلًا، فقال عمر: يا رسول الله، إني استفدت مالًا وهو عندي نفيس، فأردت أن أتصدق به، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ»، فتصدق به عمر، فصدقته تلك في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين والضيف وابن السبيل ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف، أو يوكل صديقه، غير متمول به.

أما الوقف لغة: الحبس. واصطلاحًا: حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح. انظر: "غاية البيان شرح الزبد" للرملي الشافعي (ص: 230، ط. دار المعرفة).