يواصل الحوار الوطني جلساته، حيث قرر مجلس أمناء الحوار الوطني، برئاسة ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني، بدء جلسات الأسبوع الأول للحوار اعتبارًا من الأحد الموافق 14 مايو الجاري وحتى يوم 18 من نفس الشهر.
الحوار والهُوية المصرية
كما قرر مجلس أمناء الحوار الوطني تخصيص يوم الخميس الموافق 18 مايو، لمناقشة بعض قضايا المحور المجتمعي، بحيث في ذلك اليوم، تخصص جلستان لمناقشة قضايا الولاية والوصاية على المال المدرجة على جدول لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي، بينما على التوازي تخصص الجلستان الأخيرتان لمناقشة قضايا الهوية الوطنية المدرجة على أعمال لجنة الثقافة والهوية الوطنية، حيث تناقش لجنة الثقافة والهوية الوطنية؛ قضايا الهوية الوطنية.
وانطلقت الأربعاء 3 مايو 2023 - أولى جلسات الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية 26 أبريل 2022، بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية والحزبية ورجال الدولة والمال والأعمال والرياضة والفن والثقافة، إضافة لممثلي النقابات والاتحادات المهنية والعمالية والنوعية والمتخصصة والمجتمع المدني وأهل الخبرة والمعرفة.
وتم تحديد المحاور الرئيسية في الحوار الوطني، وتقسيمها إلى 3 محاور، بحيث يضم كل محور، عددا من اللجان التي تهتم بمناقشة الملفات بداخله، وجاء تقسيم المحاور كالتالي:
- المحور السياسي.
- المحور الاجتماعي.
- المحور الاقتصادي.
فيما يخص لجان المحور الاجتماعي ، فقد تم تقسيم لجان المحور الاجتماعي، إلى 6 لجان فرعية كالتالي:
- لجنة التعليم والبحث العلمي.
- لجنة الصحة.
- لجنة القضية السكانية.
- لجنة الأسرة والتماسك المجتمع.
- لجنة الثقافة والهوية الوطنية.
- لجنة الشباب.
وقال الدكتور أحمد زايد، مقرر لجنة الثقافة والهوية الوطنية بالمحور المجتمعي في الحوار الوطني، إن لجنة الثقافة والهوية من اللجان المهمة في الحوار الوطني، نظرا لأن الثقافة حاضرة في كل سلوك، ويجب أن تفهم الثقافة بأنها أساليب الحياة والعادات والفكر وتوجهات الإنسان ورؤاهم للعالم، وأشكال السلوك المختلفة، وهذا حاضر في السياسة والاقتصاد والاجتماع.
وأضاف أحمد زايد خلال تصريحات إعلامية، أن المحور المجتمعي يتضمن موضوعات مختلفة من ضمنها الثقافة والهوية الوطنية، ومن أهم الموضوعات التي تناقشها اللجنة الهوية الوطنية والمؤسسات الثقافية.
وأشار إلى أنه يوجد مؤسسات مسؤولة عن الثقافة مثل المجلس الأعلى للثقافة وأكاديمية البحث العلمي والمجالس الثقافية المختلفة سواء المراكز الخاصة بالسينما أو الطفل، ويطرح حولها حوار حول توجهها ودورها ومدى القيام بدورها وكيفية أداء دور قوي في المجتمع.
وأوضح أن اللجنة تناقش أيضا السياسات الثقافية والرؤية الثقافية، ومدى تكوين هذه الرؤية الثقافية والرسالة وتشكيل الوعي والمزاج العام للمجتمع وإمكانية رسم سياسات ثقافية واضحة.
محاولات طمس الهُوية
وقال الرئيس السيسي، في عام 2020 وبالتحديد خلال مناسبة الذكرى السابعة لثورة 30 يونيو، إن 30 يونيو قضت على كل المحاولات المستميتة لطمس الهوية الوطنية، وأن جماهير الأمة خلال هذه الثورة المجيدة سطرت بإرادتها ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن.
وأوضح: "لقد تابع العالم أجمع باندهاش وإعجاب انطلاق شرارة ثورتنا المباركة التى قضت على كل محاولات البعض المستميتة لطمس الهوية الوطنية، فقد ظن هؤلاء ومن يقف وراءهم أن مصر قد دانت لهم دون غيرهم من أبناء الوطن وأن أهدافهم التى يسعون إليها قد أصبحت قريبة المنال".
وحول التحديات التي تواجه الهوية الوطنية والمحاولات الكثيرة التي يقوم بها أهل الشر لطمسها؛ تحدث النائب طارق نصير، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ، قائلا في 2022، إن هناك عدوا خفيا، يستهدف طمس الهوية الوطنية ومحاصرة الدولة بالشائعات وتغييب الوعي.
وأشار إلى أنه تواجه الدولة المصرية في هذه الآونة تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة لم تشهدها من قبل على مر تاريخها المعاصر، في ظل عالم يموج بالصراعات السياسية والحروب الاقتصادية والهيمنة التكنولوجية والنزاعات المسلحة.
ولفت: لقد وضح جليًا من دراسة القضايا والأزمات المعاصرة أن أخطر التحديات على الدولة الوطنية ذلك العدو الخفي المتمثل في الغزو الثقافي ومحاولات طمس الهوية الوطنية، وتغييب الوعي الوطني، ومحاصرة الدولة بالشائعات والنقد الهدام، ما يسهّل من تفكيك قوى التماسك المجتمعي ومؤسسات الدولة الوطنية.
ونوه وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي قائلا: "وفي هذا الإطار فقد لعبت الحروب بالوكالة من خلال تصدير الجماعات الإرهابية، وتوجيه العقول عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتغيير نظم الحكم بالثورات والاحتجاجات الشعبية غير السلمية، كأبرز أدوات إسقاط الدولة الوطنية وتدمير مقدرات شعوبها، وخاضت مصر في عام 2013 معركة استعادة الهوية الوطنية من أيدي جماعات الفكر المتطرف".
وأشار إلى أنه: "لما كانت الدراسات والنظريات الحديثة في العلوم الاجتماعية تؤكد على أن الوعي الوطني ليس قضية فلسفية أو اجتماعية فحسب، بل صناعة تحتاج للتنمية، وباتت (صناعة الوعي الوطني) تتطلب وضع خطط قومية واستراتيجيات طموحة (لاستدامة الوعي الوطني)، وإذكاء روح (المواطنة الإيجابية) بالتركيز على خلق أدوات لبناء أجيال قادرة على فهم الواقع بشقيه (الحقيقي والافتراضي) والتعامل معه بإيجابية، وتحصين الفرد والمجتمع بالقيم".
وجود رؤية واستراتيجية
وأردف قائلا إن ضرورات ومبررات الأمن القومي تتطلب وجود استراتيجية ورؤية قومية ترسم أهمية وأهداف وملامح استدامة الوعى الوطني، وتحدد بوضوح أدوار مؤسسات الدولة المعنية وأوجه التعاون بينها، وخطط رفع الوعي الإيجابي لدى فئات المواطنين كافة، ما يضمن تنفيذ هذه الرؤية بفاعلية وكفاءة واستدامة.
ولأن الهوية الوطنية المصرية تتكون من عناصر عديدة؛ توجهت الدكتورة حنان حسني يشار، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، في مارس 2023 بسؤال برلماني، موجه إلى وزيرة الثقافة، بشأن دور الوزارة في بناء الوعي وصون الهوية الوطنية.
وجاء في المذكرة المذكرة الإيضاحية، أن الهوية الوطنية المصرية لا يوجد ما يناظرها على مستوى العالم، وهي هوية متجانسة تتكون من عناصر عديدة كلها منصهرة في مركب فريد، مثل العنصر الفرعوني والقبطي والآسيوي والأفريقي والنيلي والمتوسطي والعربي والإسلامي.
وأضافت أن الهُوية الوطنية المصرية، تواجه عددًا من التحديات في الوقت الراهن ولعل أبرزها التحدي الأيديولوجي والثقافي، في ظل محاولات خارجية للعبث بها، كما أنه على مدار تاريخنا كانت ولا تزال هناك جهود خارجية لطمس الهوية المصرية.
وطالبت بتفعيل دور قصور الثقافة على مستوى الجمهورية للقيام بدورها التوعوي في نشر الثقافة بين الشباب، قائلةً: "كلما زاد الوعي الثقافي كلما تمسك المواطن بهويته وحضارته"، مضيفة: "لابد من تفعيل دور الوزارة التي تكتفي بالعروض والمهرجانات الفنية والغنائية في الأعياد القومية للمحافظات دون التركيز على الشباب".
ولما تمثله الهوية الوطنية المصرية من أهمية، فمن الضروري وضع حلول وطرق للحفاظ عليها؛ حيث أكد أحمد مبارك، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن الهوية المصرية الوطنية تتشكل من مجموعة من القيم والأخلاقيات التي تراكمت عبر حضارة 10 آلاف سنة، وهي هوية فريدة نظرا لأنها أقدم هوية لحضارة في التاريخ.
وقال مبارك خلال مشاركته في الجلسة الثانية من الصالون الذي نظمته تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بعنوان "التنسيقية والحوار الوطني"، إن سلامة الهوية هي التي تحافظ على سلامة المجتمع سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، موضحا أن قضية الهوية ليست فرعية بل هي قضية مرتبطة بالأمن القومي.
وأضاف مبارك أن تكسير قيم المجتمع إحدى مظاهر ضرب الهوية، مشيرا إلى أنه في ظل التحديات العالمية الحالية والتطور التكنولوجي لابد من أن تكون هناك استراتيجية وطنية للحفاظ على الهوية الوطنية بشكل تتكامل فيه جميع الجهود من الجهات المعنية والوزارات المختلفة لإنتاج محتوى تعليمي تربوي يعزز الهوية الوطنية ويحافظ عليها.
الهوية الوطنية الجامعة
قال الدكتور أحمد عبد الظاهر ، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة إنه من الملائم إلقاء الضوء على بعض نصوص الدستور ذات الصلة، وفى هذا الصدد، قد يرى البعض من المفيد الإشارة إلى مواد الهوية الواردة في صدر الدستور، لا سيما المادة الثانية من الدستور، بنصها على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع"، ومن ثم، فقد يجد البعض فى هذا النص سنداً ونصيراً له فى القول بالهوية العربية الإسلامية دون غيرها. ولكن، وبقراءة المادة السابعة والأربعين من الدستور، نجدها تنص على أن تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة.
وأضاف أستاذ القانون: وتضيف المادة الخمسون من الدستور ذاته أن تراث مصر الحضارى والثقافي، المادي والمعنوي، بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته، والاعتداء على أىٍي من ذلك جريمة يعاقِب عليها القانون. وتولي الدولة اهتماماً خاصاً بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر.
واستكمل: وهكذا يُكرس المشرع الدستورى المصري الهوية الوطنية الجامعة لمصر، من خلال القول إن الهوية الثقافية المصرية ذات روافد حضارية متنوعة، ولم يكتفِ الدستور بذلك، وإنما يؤكد أن تراث مصر الحضاري والثقافي، المادي والمعنوي، بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى، المصرية القديمة والقبطية والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، وبالترتيب على ذلك، كان من الطبيعي أن يلقي المشرع الدستوري على عاتق الدولة التزاماً بأن تولي اهتماماً خاصاً بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية في مصر.
وتابع: والواقع أن هذه الهوية الوطنية الجامعة هى التى أضفت على مصر مسحة من التسامح والانفتاح وقبول الآخر، وبحيث وجد فيها الكثير من الأجانب ملاذاً وملجأً ومستقراً، فأقاموا على أرضها، وانصهروا فيها مندمجين مع شعبها، فكانوا بذلك مصريي الهوى، فلا غرو إذن أن تجد من الإخوة العرب والأجانب من يهيم حباً في مصر، مؤكداً عشقه لترابها وأرضها وسمائها، مدافعاً عنها فى مواجهة الفئة الباغية الضالة. وصدق الله العظيم إذ يقول: "ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ"، حفظ الله مصر الحبيبة من كل مكروه وسوء.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، في فبراير 2022، إن الحكومة سعت إلى ترسيخ الهوية الثقافية والحضارية، وذلك من خلال تفعيل دور المؤسسات الثقافية، وتنفيذ العديد من البرامج والأنشطة الثقافية المختلفة، والتي بلغت تكلفتها الإجمالية نحو 9 مليارات جنيه.
وتم تنفيذ 113 ألف نشاط ثقافي في مجال تعزيز القيم الإيجابية والنهوض بالذوق العام للمجتمع، وترسيخ الهوية الوطنية، استفاد منها بشكل مباشر نحو4.5 مليون مواطن، إلى جانب البرامج الخاصة بتطوير المؤسسات الثقافية، والتي تضمنت إحلال وتطوير 940 مؤسسة ثقافية، بإجمالي تكلفة 1.44 مليار جنيه، وافتتاح 56 موقعا ثقافيا في 17 محافظة بإجمالي تكلفة 1.3 مليار جنيه، وذلك خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منها افتتاح متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ بتكية أبو الدهب بحي الأزهر، وافتتاح مُتحف محمود خليل وحرمه، إلى جانب العديد من قصور وبيوت الثقافة، والمكتبات بتلك المحافظات.
كما تم تنفيذ 239 خدمة مُميكنة، وربط 134 موقعا ثقافيا بشبكة المعلومات الدولية، إلى جانب إنشاء منصة إلكترونية لإتاحة وتأمين المحتوى الثقافي إلكترونياً، تم خلالها إتاحة 536 كتابا للاطلاع بالمجان، كما تم رقمنة نحو 13ألف كتاب في إطار مشروع التحول الرقمي، بالإضافة إلى رقمنة 2090 مخطوطا تاريخيا، وأفلام تسجيلية وسينمائية، وغيرها من المواد والمشروعات الثقافية، فضلاً عن تنفيذ 2244 نشاطاً متنوعاً في مجال نبذ التطرف بتكلفة 264 مليون جنيه.
مشروعات لحفظ الهوية
تنفيذ الأنشطة الخاصة بمشروع "أهل مصر"، التي تضمنت أنشطة الدمج الثقافي لأبناء المناطق الحدودية، وتنفيذ 20 أسبوعاً في هذا الصدد استفاد منها 1890 طفلا وطفلة، كما تم إقامة 7 ملتقيات لشباب الحدود، استفاد منها نحو 770 شابا، إلى جانب اقامة 10 ملتقيات للمرأة الحدودية؛ لتنمية قدرات ومهارات المرأة الحدودية، وشمل ذلك تنفيذ أكثر من 29 فعالية.
وجرى تنظيم أكثر من 133 ألف نشاط، شملت عروضا مسرحية ودورات تدريبية ومعارض وورش عمل استفاد منها أكثر من 1.4 مليون مواطن بإجمالي تكلفة 1.7 مليار جنيه، إلى جانب إطلاق جائزة الدولة للمبدع الصغير للأطفال والنشء من 5 إلى 18 سنة، والتي تهدف إلى الاكتشاف المبكر للمواهب الصغيرة وتحفيز الطاقات الابداعية في مجالات الثقافة والفنون والابتكار.
وكذلك تنظيم أكثر من 33 ألف نشاط ثقافي في إطار برنامج الثقافة للجميع استفاد منها نحو 1.3مليون مواطن، بإجمالي تكلفة تقدر بنحو مليار جنيه، ومن هذه الأنشطة التي تم تقديمها من خلال قصور الثقافة الموجهة لكل من المرأة، والشباب، والعمال، والقرى، وغير ذلك من الدورات التدريبية، فضلاً عما تم تقديمه من خلال المسارح المتنقلة، التي استهدفت الوصول بالأنشطة الثقافية إلى القرى والنجوع بعدد من المحافظات.
وتم تنفيذ 7774 نشاطا متنوعا لذوي الهمم استفاد منها أكثر من 37 ألف مواطن، بما يسهم في تعزيز مشاركتهم في الأنشطة الثقافية المختلفة، كما تم تأسيس "فرقة الشمس" لذوي الهمم كأول فرقة رسمية تابعة للدولة، تقدم عروضاً فنية مشتركة، وتم إنتاج عروض فنية للفرقة وتقديمها داخل مصر وخارجها.