الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة خلال الصلاة السرية

صدى البلد

أجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة:" ما حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية؟ حيث يسأل رجلٌ يصلِّي بالناس إمامًا: ما حكم قراءته آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية؟ وإذا جاز له ذلك فهل يسجد لها على الفور، أو يجوز له تأخيرها حتى الانتهاء مِن الصلاة؟".

وردت دار الافتاء  أن قراءة الإمام آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السِّرِّيَّةِ غير مكروهة عند الشافعية، ومكروهةٌ عند جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو المختار للفتوى، ومع ذلك يُشرَع السجود لها فَوْر قراءتها وجوبًا كما هو مذهب الحنفية، وسُنَّة أو فضيلة كما هو مذهب المالكية، ويُشرع تأخير السجود لها حتى يَفرغ مِن الصلاة استحبابًا كما هو مذهب الشافعية، ويُستحب عند إرادة السجود أثناء الصلاة الجَهرُ بآية السجود عملًا بمذهب المالكية؛ حتى يعلم المأمومون بسبب السجود وأنه للتلاوة فيتبعوه في ذلك.

ويُكره للرجل المذكور إذا كان يصلي بالناس إمامًا أن يقرأ آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية، فإذا قرأ فَلْيُؤَخِّر السجود لها إلى ما بعد الانتهاء مِن الصلاة؛ حتى لا يُشَوِّشَ على المأمومين.

حكم سجود التلاوة

مِن المقرر شرعًا أنَّ السجود للتلاوة مطلوبٌ في حق القارئ والمستَمِع، سواءٌ أكانت التلاوة في الصلاة أم خارجها؛ لما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل، فسَجد وسَجد الناسُ، حتى إذا كانت الجمعةُ القابِلَةُ قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»، ولَم يَسجد عمر رضي الله عنه. وزاد نافعٌ عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ، إِلَّا أَنْ نَشَاءَ".

والمختار للفتوى: أنَّ السجود للتلاوة سُنَّةٌ، يثاب فاعلُها، ولا يُؤاخَذ تاركُها، وهذا ما عليه جمهورُ الفقهاء مِن المالكية والشافعية والحنابلة. ينظر: "التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (2/ 361، ط. دار الكتب العلمية)، و"فتح العزيز" للإمام الرَّافِعِي الشافعي (4/ 185، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (1/ 446، ط. مكتبة القاهرة).

حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية وأقوال الفقهاء في ذلك
قراءة الإمام آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية وسجودُه لها -محلُّ خلافٍ بين الفقهاء.

فذهب فقهاء الحنفية إلى أنَّه لا ينبغي للإمام في الصلاة السرية قراءة آيةٍ لها سجود؛ لأنه إذا قرأها ولَم يسجد لها فقد تَرَك السجدة عقب التلاوة، وإن سجد لها لَم يَعلم المأمومون سببَ السجود، فيظنون أنه سَهَا عن الركوع، فيُسَبِّحُونَ له ولا يَتَّبِعُونَهُ في سجوده، مما قد يترتب عليه اختلاف كبير بين المصلين، إلا أنه يجب السجود لها عقب تلاوتها، ويسجد المأمومون معه؛ لتقرر سبب السجود في حق الإمام بالقراءة، وفي حق المأمومين بوجوب متابعة الإمام.

وذهب فقهاء الشافعية إلى أنَّ قراءة الإمام لآية سجدة في الصلاة السرية لا كراهة فيها؛ لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «سَجَدَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ، فَرَأَيْنَا أَنَّهُ قَرَأَ تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ» أخرجه الأئمة: أبو داود في "السنن" واللفظ له، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وعبد الرزاق في "المصنف".

إلا أنه يُستحبُّ للإمام في الصلاة السرية تأخير السجود للتلاوة إلى ما بَعْد الفراغ مِن الصلاة؛ حتى لا يُشَوِّشَ على المأمومين في صلاتهم بسجوده للتلاوة أثناء الصلاة.

قال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 59، ط. دار الفكر): [وإن كان المصلي إمامًا فهو كالمنفرد فيما ذكرناه، قال أصحابُنا: ولا يكره له قراءة آية السجدة في الصلاة، سواء كانت صلاةً جَهرِيَّةً أو سِرِّيَّةً، هذا مذهبنا] اهـ.

وقال في "روضة الطالبين" (1/ 324، ط. المكتب الإسلامي): [إذا قرأ الإمامُ السجدةَ في صلاةٍ سِرِّيَّةٍ، استُحب تأخير السجود إلى فراغه مِن الصلاة] اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الْهَيْتَمِي في "تحفة المحتاج" (2/ 213-214، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ولا يُكره لإمامٍ قراءةُ آيةِ سجدةٍ مطلقًا، لكن يُسَنُّ له في السرية تأخيرُ السجود إلى فراغه؛ لِئَلَّا يُشَوِّشَ على المأمومين] اهـ.

وذهب فقهاء الحنابلة إلى كراهة قراءة الإمام آيةً فيها سجودٌ للتلاوة في الصلاة السِّرِّيَّةِ، وكذلك يُكره السجود لها إن قرأها؛ لما في ذلك مِن التشويش والخلط على المصلين، وإذا سجد الإمام لها لا يَلزم المأمومَ متابعتُه في ذلك، إلا أنَّ متابعتَه أَوْلَى مِن مخالفته.