إسرائيل والسعودية تتخذان موقفا مشتركا في ظل تردد أوباما بشأن سوريا

إذا كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما خيب آمال مقاتلي المعارضة السورية
برجوعه إلى الكونجرس قبل قصف دمشق، فإنه لم يبتعد أيضا عن إزعاج الحليفين
الرئيسين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
صحيح أن إسرائيل
والسعودية لا تتبادلان أي محبة تذكر لكنهما تضغطان على صديقهما المشترك في
البيت الأبيض لضرب الرئيس السوري بشار الأسد بقوة، ويمارس الجانبان هذا
الضغط وعينهما ليست على سوريا وحدها بل تنظر أيضا إلى عدوهما المشترك
إيران.
وقد اتضح هذا الربط في رد إسرائيل على الخطوة المفاجئة التي
اتخذها أوباما بتأجيل الضربات الجوية لسوريا أو ربما إلغائها، وقال مسئولون
إسرائيليون إن الموقف الذي يبدو لينا في التعامل مع الأسد بعد اتهامه بقتل
مئات الأشخاص بأسلحة كيماوية قد يشجع حلفاءه في طهران على تصنيع أسلحة
نووية، وإذا فعلوا ذلك فإن إسرائيل قد تضرب إيران وحدها نظرا لأنه لا
يمكنها الوثوق في واشنطن.
ولم تدخل أي من حليفتي الولايات المتحدة
في خلاف علني مع أوباما، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم
الأحد إن إسرائيل "تتحلى بالهدوء والثقة بالنفس" بينما اكتفى وزير
الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بتجديد دعوة "المجتمع الدولي" لوقف
العنف الذي يمارسه الأسد في سوريا.
ورغم أن السعودية ليس لديها نفس
استعداد إسرائيل لمهاجمة إيران إلا أنها تشاطر إسرائيل قلقها من أن كليهما
قد يفتقر الآن إلى الثقة في واشنطن للحد مما تعتبره الرياض مساعي إيرانية
لبسط نفوذها على العالم العربي.
وكان أوباما طمأن الإسرائيليين
العام الماضي بأنه "مستعد دائما للدفاع عن إسرائيل"، والآن يطمئن نتنياهو
الإسرائيليين بأنهم قادرون على تدبير أمورهم بدون الحماية الأمريكية
المشكوك فيها في مواجهة إيران التي دعت إلى تدمير إسرائيل ولكنها تنفي
تطويرها لأسلحة نووية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد: "يعلم
مواطنو إسرائيل جيدا أننا مستعدون لأي سيناريو محتمل.. وعلى مواطني
إسرائيل أن يعلموا أيضا أن أعداءنا لديهم أسباب قوية للغاية تمنعهم من
اختبار قوتنا وقدرتنا".
وقد لا يطمئن ذلك الإدارة الأمريكية التي
حاولت إثناء نتنياهو عن اتخاذ إجراء فردي ضد إيران يمكن أن يؤجج الفوضى في
منطقة الشرق الأوسط التي تشهد وضعا متفجرا بالفعل.
وكان راديو الجيش
الإسرائيلي أكثر وضوحا حيث قال: "إذا كان أوباما مترددا في موضوع سوريا
فلا شك أنه سيكون أكثر ترددا بكثير في مسألة مهاجمة إيران - وهى خطوة يتوقع
أن تكون أكثر تعقيدا - ومن ثم زادت احتمالات اضطرار إسرائيل إلى التحرك
بمفردها".
ويقارن الإسرائيليون بين "الخط الأحمر" الذي وضعه نتنياهو
لتحديد مدى اقتراب إيران من اكتساب القدرة على تصنيع أسلحة نووية قبل شن
ضربات إسرائيلية و"الخط الأحمر" الذي وضعه أوباما بخصوص استخدام الأسد
أسلحة كيماوية والذي يبدو أنه تم تجاوزه دون قيام واشنطن بعمل عسكري حتى
الآن.
ودخلت السعودية - التي تعتمد بشدة على الولايات المتحدة في
استيراد الأسلحة مثل إسرائيل - في مواجهة تاريخية مع إيران بسبب النفوذ
الإقليمي.
والرياض داعم رئيسي للمعارضين السنة الذين يقاتلون الأسد
المنتمي إلى الطائفة العلوية وتعتبر الإطاحة بالرئيس السوري بمثابة إحباط
لطموح إيران ليس في سوريا فحسب بل في سائر الدول العربية بما فيها دول
الخليج، حيث لا تثق في الشيعة في السعودية نفسها وفي البحرين واليمن
والعراق.
وما من أحد ينسى أن رغبة العاهل السعودي الملك عبد الله بن
عبد العزيز في اتخاذ إجراء عسكري ضد إيران برزت في برقيات دبلوماسية
أمريكية مسربة ومن بينها برقية قال فيها مبعوث سعودي إن الملك يريد من
واشنطن "قطع رأس الأفعى" لإنهاء التهديد النووي الذي تشكله طهران.
واتضحت
خيبة الأمل من تردد أوباما في ضرب سوريا يوم الأحد في تصريحات وزير
الخارجية السعودي أمام الجامعة العربية في القاهرة حيث قال إن الكلام لم
يعد كافيا.
وقال سامي الفرج، المحلل الكويتي الذي يقدم المشورة
لمجلس التعاون الخليجي في القضايا الأمنية، إن الرياض وحلفاءها في المجلس
يواجهون خطر الخروج خالين الوفاض من أحدث مساعيهم للحصول على دعم الولايات
المتحدة في حملتهم لكبح جماح إيران.
وذكر أن فكرة المعاقبة على
الجريمة فقدت نكهتها وأن هناك احتمالا ألا يتم اتخاذ إجراء عسكري، مضيفا أن
الكونجرس سيضع بالطبع شروطا للضربة المقرر بالفعل أن تكون محدودة.
وأشار إلى أن الحلفاء الخليجيين قد يخرجون في النهاية خالين الوفاض.
لكن
إسرائيل لا تشاطر السعودية تحمسها لقضية المعارضين السوريين رغم مخاوفها
من دور الأسد باعتباره حلقة وصل بين إيران وأعدائها الفلسطينين
واللبنانيين، وتشعر إسرائيل بالقلق من وجود إسلاميين متشددين في صفوف
المعارضة بعضهم على صلة بتنظيم القاعدة رغم أن الرياض أيضا تتطلع إلى تلجيم
القاعدة التي تصف الأسرة الحاكمة بأنها ألعوبة في يد الأمريكيين.
وتكاد
الانتقادات العالمية الموجهة لدمشق تطغي على التأييد السعودي والإسرائيلي
لشن ضربات جوية أمريكية ردا على مزاعم استخدام الأسد للغاز السام، غير أن
الأزمة المصرية الراهنة دفعتهما إلى اتخاذ موقف مشترك أكثر وضوحا في الضغط
على واشنطن إذ آثرتا الجيش المصري على الإسلاميين على خلاف معظم المواقف
العالمية.