الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم القنوت في صلاة الفجر.. وهل يجوز جمع النية بين تحية المسجد وركعتي السنة؟

حكم القنوت في صلاة
حكم القنوت في صلاة الفجر

حكم القنوت في صلاة الفجر.. يقترب موعد أذان الفجر في القاهرة ويتساءل الكثيرون عن حكم القنوت في صلاة الفجر،  وهل هناك فضائل محددة للمواظبة على صلاة الفجر في موعدها. 
 

المداومة على الصلاة في جماعة

حكم القنوت في صلاة الفجر

وفي جواب سؤال: بجوارنا مسجدٌ والقائمون على شؤونه يمنعون قنوت الفجر؛ فما حكم الشرع في ذلك؟، قالت الإفتاء، إن القُنُوتُ في صلاة الفجر سُنَّةٌ نبويّةٌ ماضيةٌ قال بها أكثر السلف الصالح مِن الصحابة والتابعين فَمَن بعدهم مِن علماء الأمصار، وجاء فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ ثُمَّ تَرَكَهُ، وَأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا"؛ وهو حديثٌ صحيحٌ رواه جماعةٌ مِن الحُفَّاظ وصَحَّحُوه –كما قال الإمام النووي وغيره– وبه أخذ الشَّافِعيَّة والمَالِكيَّة في المشهور عنهم؛ فيُستَحَبُّ عندهم القنوتُ في الفجر مُطلَقًا، وحَمَلُوا ما رُويَ في نَسْخِ القنوت أو النَّهي عنه على أنَّ المتروك منه هو الدعاء على أقوامٍ بأعيانهم لا مطلق القنوت.

واستدلت بقول الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي في كتابه "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ مِن الآثار" (3/ 90-91، ط. دائرة المعارف العثمانية): [وقد اختلف الناس في القنوت في صلاة الصبح؛ فذهب أكثر الناس مِن الصحابة والتابعين فَمَن بعدهم مِن علماء الأمصار إلى إثبات القنوت: فَمِمَّن روينا ذلك عنه مِن الصحابة: الخلفاء الراشدون؛ أبو بكرٍ وعمر وعثمان وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ومِن الصحابة أيضًا: عمار بن ياسر، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الرحمن بن أبي بكرٍ الصديق، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو حليمة معاذ بن الحارث الأنصاري، وخفاف بن إيماء بن رحضة، وأهبان بن صيفي، وسهل بن سعد الساعدي، وعرفجة بن شريح الأشجعي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعائشة الصدِّيقة رضي الله عنهم.

ومِن المخضرمين: أبو رجاء العطاردي، وسويد بن غفلة، وأبو عثمان النهدي، وأبو رافع الصائغ.

ومِن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن بن أبي الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبان بن عثمان، وقتادة، وطاوس، وعبيد بن عمير، والربيع بن خثيم، وأيوب السختياني، وعبيدة السلماني، وعروة بن الزبير، وزياد بن عثمان، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمر بن عبد العزيز، وحميد الطويل.

ومِن الأئمة والفقهاء: أبو إسحاق، وأبو بكر بن محمد، والحكم بن عتيبة، وحماد، ومالك بن أنس، وأهل الحجاز، والأوزاعي، وأكثر أهل الشام، والشافعي وأصحابه، وعن الثوري روايتان، وغير هؤلاء خلقٌ كثير.

وخالفهم في ذلك نَفَرٌ مِن أهل العلم ومنعوا مِن شرعية القنوت في الصبح، وزعم نَفَرٌ منهم أنه كان مشروعًا ثم نُسِخ، وتمسَّكوا في ذلك بأحاديث تُوهِم النَّسخ] اهـ.

والفريق الآخر مِن العلماء يرى أنَّ القنوت في صلاة الفجر إنَّما يكون في النوازل التي تقع بالمسلمين، فإذا لم تكن هناك نازلة تستدعي القنوت فإنَّه لا يكون حينئذٍ مشروعًا، وهذا مذهب الحَنفِيَّة والحنابلة.

وتابعت:  فإذا أَلَمَّتْ بالمسلمين نازلةٌ فلا خلاف في مشروعية القنوت في الفجر عند الجميع، وإنَّما الخلاف في القنوت للنازلة في غير الفجر مِن الصلوات المكتوبة؛ فمِن العلماء مَن رأى الاقتصار في القنوت على صلاة الفجر؛ كالمالكية، ومنهم مَن عَدَّى ذلك إلى بقية الصلوات الجهرية؛ وهم الحنفية، والصحيح عند الشَّافِعيَّة تعميم القنوت حينئذٍ في جميع الصلوات المكتوبة، ومثَّلوا النازلة بوباءٍ أو قحطٍ أو مطَرٍ يَضُرُّ بالعُمران أو الزرع أو خوف عدُوٍّ أو أَسْرِ عالِمٍ.

وأكدت أنَّ العلماء إنَّما اختلفوا في مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير النوازل، أمَّا في النوازل فقد اتفق العلماء على مشروعية القنوت واستحبابه في صلاة الفجر واختلفوا في غيرها مِن الصلوات المكتوبة، ولا يخفى على الناظر ما تعيشه الأمة الإسلامية مِن النوازل والنكبات والأوبئة وتداعي الأمم عليها مِن كل جانبٍ وما يستوجبه ذلك مِن كثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.

ومِن العلماء مَن قال بتواصل النوازل وعدم محدوديتها؛ وهذا يقتضي مشروعية قنوت الفجر في هذا العصر، ولا يتأتَّى عدم القنوت حينئذٍ إلَّا على قول مَن قال بمحدودية النازلة ووَقَّتَها بما لا يزيد عن شهرٍ أو أربعين يومًا.

وبينت:  إذا أخذ المسلم بقول مَن قَصَر القنوت على النوازل فقط فليس له أن يُبَدِّع غيره مِمَّن يقنت في الفجر على كلّ حال، ولذلك فعندما ارتضى ابن القيم الحنبلي القولَ بِقَصْرِ القنوت على النوازل فقط وَصَفَ القائلين بذلك في "زاد المعاد" (1/ 226، ط. مؤسسة الرسالة) بأنهم: [لا يُنكِرون على مَن داوم عليه، ولا يَكرَهون فعلَه، ولا يَرَوْنه بدعةً، ولا فاعله مخالفًا لِلسُّنَّة. كما لا يُنكِرون على مَن أنكره عند النوازل، ولا يرون تَركَه بدعة، ولا تاركَه مخالفًا لِلسُّنَّة. بل مَن قَنَتَ فقد أحسن، ومَن تَرَكَه فقد أحسن] اهـ.

وشددت: الأمر مبنِيٌّ على أنَّ مَنْ قنت في الفجر فقد قلَّد مذهب أحد الأئمة المجتهدين المتبوعين الذين أُمرنا باتِّباعهم في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، ومَن كان مُقلِّدًا لمذهب إمامٍ آخر يرى صوابه في هذه المسألة فلا يحقّ له الإنكار على مَن يقنت؛ لأنَّه "لا يُنكَر المختلف فيه"، ولأنه "لا يُنقَض الاجتهاد بالاجتهاد".


الجمع في النية بين تحية المسجد وركعتي السنة القبلية

سائل يقول: إذا دخل المسلم المسجد بعد أذان الفجر وقبل الصلاة فهل يصلي ركعتين تحية المسجد وركعتين سنة، أو يصلي ركعتين فقط بنية تحية المسجد والسنة معًا؟

وقالت الإفتاء، أنَّه إذا دخل الرجل إلى المسجد بعد أذان الفجر وقبل الصلاة الصبح فإنَّه يصلي ركعتين سنة الفجر، وتكفي عن تحية المسجد، وينوب عن تحية المسجد مطلق صلاة يؤدّيها ذات ركوع وسجود عند دخوله، فمَن صلى فائتة كانت عليه بدخوله المسجد فإنَّ تحية المسجد تُؤدَّى بها ضمنًا بشرط أن ينويها.

الصلاة

فضائل صلاة الفجر 

صلاة الفجر التي انفردت عن غيرها من الصلوات بالعديد من الفضائل العظيمة، والـمنافع الكثيرة، والـمكاسب الجليلة، وفي هذه الخطبة سأستعرض معكم (بارك الله فيكم) عشر فضائل لأداء صلاة الفجر مع جماعة المسلمين في الـمساجد، ومنها:

1 * أن صلاة الفجر في جماعة تعدل في فضلها قيام الليل؛ فقد صحَّ عند مسلمٍ عن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) أنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله".

وروى مالك بسند صحيح أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) افتقد سليمان بن أبي حثْمة في صلاة الصبح؛ فمر على الشِّفاء أم سليمان فقال لها: لم أر سليمان في الصبح؟ فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه. فقال عمر: " لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إليّ من أن أقوم ليلة". [موطأ مالك: 1/131، الترغيب والترهيب: 601].

2* أن صلاة الفجر في جماعة نورٌ لصاحبها يوم القيامة؛ فعن سهل بن سعد الساعدي (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "بشِر الـمشائين في الظُلمِ إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" [ابن ماجه: 870، وابن خزيمة، الترغيب والترهيب: 603].

3* أن صلاة الفجر مع الجماعة أمانٌ وحفظٌ من الله تعالى للعبد الذي يكون بعدها في ذمة الله تعالى وحفظه ورعايته؛ فعن سمرة بن جندب (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عيه وسلم) أنه قال: "من صلى الصُبح في جماعة فهو في ذمة الله تعالى" [ابن ماجه].

4* أن المحافظة على صلاة الفجر في جماعة ضمان للجنة بإذن الله تعالى؛ فعن أبي موسى (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "من صلى البردين دخل الجنة" [البخاري: 574، مسلم: 635]. والبردان كما قال أهل العلم: هما الصبح والعصر.

5* أن صلاة الفجر مع الجماعة حجابٌ للعبد عن النار، فقد صحَّ عن أبي زهير عمارة بن رويبة (رضي الله عنه) أنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" يعني الفجر والعصر [مسلم: 634].

6* أن صلاة الفجر مع الجماعة تعني حضور المُصلي للصلاة المشهودة التي تُسمى (قرآن الفجر) لقوله سبحانه: ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78].

والمعنى أن صلاة الفجر هي الصلاة التي يجتمع فيها ملائكة الليل وملائكة النهار ويخبرون الله سبحانه بعدها عن حال عباده، ويؤكد ذلك حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قـال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم يصلون وأتيناهم يصلون" (رواه البخاري).

7* أن الحرص على أداء صلاة الفجر مع الجماعة في المساجد براءةٌ بإذن الله تعالى من النفاق نعوذ بالله تعالى منه، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): "أثقلُ الصلاة على المنافقين صلاةُ العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا" (رواه البخاري ومسلم).