الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تجب الزكاة على رأس المال المودوع بالبنك أم العائد؟

الزكاة
الزكاة

حكم إيداع الأموال بالبنك.. وهل تجب الزكاة على رأس المال أم العائد؟.. سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر. 

حكم إيداع الأموال بالبنك

يقول السائل: ما الحكم الشرعي في إيداع الأموال بالبنك ؟ وهل تجب الزكاة على رأس المال أم على العائد وهل يجوز إخراج الزكاة على مدار السنة ؟

وقال علي جمعة: اختلف الفقهاء منذ ظهور البنوك في العصر الحديث في تصوير شأنها طبقاً لاختلاف أهل القانون والاقتصاد في ذلك التصوير فيما إذا كانت العلاقة بين العملاء والبنك هي علاقة القرض كما ذهب إليه القانونيون أو هي علاقة الاستثمار كما ذهب إليه الاقتصاديون والاختلاف في التصوير يُبنى عليه اختلاف في تكييف الواقعة حيث إن من كيّفها قرضاً عده عقد قرض جر نفعاً فكان الحكم بناء على ذلك أنه من الربا المحرم، ثم اختلفت الفتوى فرأى بعضهم أن هذا من قبيل الضرورات التي يجوز للمسلم عند الاضطرار إليها أن يفعلها بناء على قاعدة " الضرورات تبيح المحظورات " أخذاً من عموم قوله تعالي : { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} ( البقرة:173) .

وبين أنه رأى بعضهم أنه ليس من باب الضرورة حيث إن الضرورة تعرف شرعاً بأنها ما لم يتناولها الإنسان هلك أو قرب على الهلاك وبعض هؤلاء رأي الجواز من قاعدة الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة ومن سلك في التكييف مسلك الاستثمار فبعضهم عدها من قبيل المضاربة الفاسدة التي يمكن أن تصحح بإجاره وبعضهم ذهب إلى أنها معاملة جديده وعقد جديد غير مسمى في الفقه الإسلامي الموروث فأجتهد فيه اجتهاداً جديدا. 

كما اجتهد فقهاء سمرقند في عقد بيع الوفاء باعتباره عقداً جديداً، وكما أجتهد شيخ الإسلام أبو السعود في عقد المعاملة وحكم بحلها كما حكم الأولون بحل الوفاء وذلك لمراعاة مصالح الناس ولشدة الحاجة إليها ولاستقامة أحوال السوق بها ولترتب معاش الخلق عليها ولمناسبتها بمقتضيات العصر من تطور المواصلات والاتصالات والتقنيات الحديثة وزيادة السكان وضعف الروابط الاجتماعية وتطور علوم المحاسبة وإمساك الدفاتر واستقلال الشخصية الاعتبارية عن الشخصية الطبعية وغير ذلك كثير .

وأوضح: أن الخلاف قد وقع في تصور مسألة التعامل في البنوك ومع البنوك وفي تكييفها وفي الحكم عليها وفي الإفتاء بشأنها والقواعد المقررة شرعاً :   أولاً : أنه إنما ينكر ترك المتفق على فعله أو فعل المتفق على حرمته ولا ينكر المختلف فيه .
ثانياً : أن الخروج من الخلاف مستحب .
ثالثاً : أنه من ابتلي بشيء من المختلف فيه فليقلد من أجاز .
وأشار إلى أنه من المعلوم من الدين بالضرورة حرمة الربا حيث وردت حرمته في صريح الكتاب والسنة وأجمعت الأمة على تحريمه قال تعالي : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (البقرة 275)، وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ،  وَكَاتِبَه.

واستطرد: لكن الخلاف حدث فيما إذا كان هذا الحاصل في واقع البنوك من قبيل الربا المحرم شرعاً أو أنه من قبيل العقود الفاسدة المحرمة شرعاً أيضاً أو أنها من قبيل العقود المستحدثة والحكم فيها الحل إذا حققت مصـالح أطرافها ولم تشتمل على ما حرم شرعاً .

وشدد بناء على ما سبق : فإنه يجب على كل مسلم أن يدرك أن الربا قد حرمه الله سبحانه وتعالى وأنه متفق على حرمته ويجب عليه أن يدرك أن أعمال البنوك أختلف في تصويرها وتكييفها والحكم عليها والإفتاء بشأنها العلم وأنه يجب عليه أن يدرك أن الخروج من الخلاف مستحب ومع ذلك فله أن يقلد من أجاز ولا حرمة عليه حينئذ في التعامل مع البنك بكافة صوره أخذاً وإعطاءً وعملاً وتعاملاً ونحوها .

وقال: من المقرر شرعاً أن زكاة المال ركن من أركان الإسلام الخمسة وفرض عين على كل مسلم توافرت فيه شروط وجوب الزكاة وأهمها أن يبلغ المال المملوك النصاب الشرعي وأن تكون ذمة مالكه خالية من الدين وأن يمضي عليه سنة قمرية .
وبين أن النصاب الشرعي هو ما يعادل قيمته بالنقود الحالية 85 جراماً من الذهب عيار 21 .
وشدد بناءً على ذلك: إذا بلغ المال النصاب الشرعي أو أكثر وجبت فيه الزكاة بعد استيفاء الشروط المنوه عنها سابقاً بواقع 2,5% وإذا كان العائد يضم إلى رأس المال وجبت فيه الزكاة بنفس النسبة أما إذا كان العائد يصرف على احتياجات صاحب المال ومن يعول فلا زكاة عليه، ويجوز لصاحب المال إخراج الزكاة على مدار العام .