قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صالح نفسك أولاً


فى ظل ما نعيشه اليوم من اضطرابات , أزمات , خلافات , ومشاحنات أصبحنا نتكلم فقط دون أن نسمع , نصدر أحكام ونتخذ قرارات دون أن نفكر, تخلينا عن الصبر والتحمل فتضيق صدورنا ولا نتحكم فى انفعالتنا , نتشاجر ونتناحر و نثور على من حولنا لأتفه الأسباب ... للأسف أصبح لدينا أزمة تعايش مع الغير.
ننشغل بأمور من حولنا أكثر من انشغالنا بأمورنا ونفرض عليهم وصايتنا فنوجه وننصح بل نفرض أحيانا آراءنا , فكل منا يرى الآخر بصورة المخطئ دائما ويرى نفسه على صواب , نلوم الناس من حولنا ولا نلوم أنفسنا , فنترقبهم ونتصيد لهم الأخطاء أو ما نراه نحن أخطاء ونوكل أنفسنا لمحاسبتهم ومحاكمتهم , فلا نقبل الأعذار ولا نعرف ثقافة التسامح أما نحن فالخطأ لدينا دوما مبرر له و لا نقبل من الآخر سوى الرضوخ له وقبوله بصدر رحب .
نفترض فى أنفسنا الذكاء المطلق و نظن أننا الأعلم , الأكثر وعيا والأكثر دراية بالأمور أما عقلية الآخر فهى دوما لا ترتقى لمستوى تفكيرنا .
نسعى لتغيير من نختلف معه ولا نغير من أنفسنا فالآخر كله عيوب ونواقص ونحن نتصف بالكمال !!! فنغفل وننسى أو نتناسى أن الكمال لله وحده وأنه سبحانه وتعالى خلقنا لنتكامل ببعض فكل منا دون الآخر لا يستطيع العيش بمفرده.
نكتفى بالقشور ولا نبحث عن الجوهر فنتوهم أننا نفهم الآخر جيدا وندعى أننا نعرف نواياه تجاهنا ونجزم أنها نوايا سيئة وأنه يحمل لنا الضغائن , و قد نفترض انه يكرهنا أو على الأقل لا يحب لنا الخير... فبدلا من أن نعطى أنفسنا الفرصة للتعرف عليه جيدا نخسره ونخسر ما بداخله من خير قد يحمله لنا .
والأدهى من كل ذلك وبصرف النظر عن كون كل ما سبق سلوكا خاطئا من الأساس إلا أن الفرد منا يرى له مطلق الحرية فى ممارسته ويحرمه على غيره ... فأى حق هذا الذى يجعلك تحرم على غيرك ما تبيحه لنفسك ؟!
فاذا قررت أن تحاسب غيرك وتحاكمه فأقبل أيضا محاسبته ومحاكمته لك , اذا أنكرت عليه ارتكاب الخطأ فاعلم أيضا انه ممنوع عليك منعا باتا أن تخطئ , اذا شعرت أنه يكرهك فاعلم أنك أيضا تحمل نفس مشاعر الكراهية بداخلك له ولغيره من الناس بل لنفسك أيضا .
فأحيانا نرى من حولنا بصورة كاذبة و ننسج لهم من مشاعرنا , وأفكارنا ومعتقداتنا السلبية اطار وهمى لنضعهم داخله , فنطمس حقيقتهم ونشوه صورهم... فأزمة التعايش مع الغير هى نابعة فى الأساس من أزمة تعايش مع النفس , فعدم قبولنا لأنفسنا يجعلنا نرفض الآخر ,عندما نفشل فى حب أنفسنا نكره من حولنا , فانعدام السلام النفسى داخلنا يولد بالطبع الحرب مع غيرنا , لذلك علينا أن نكون أكثر قدرة على التفاهم وعلى تقبل الآخر , أن ننظر له بمنظور أفضل فنلتمس له الأعذار, و نتغاضى عن عيوبه ونرى مميزاته , نحن بحاجة أن نكون أكثر احتواء لبعض .
ولكى يحدث ذلك وننجح فى التعايش مع من حولنا علينا البدء بأنفسنا , فتقبل نفسك كما هى وتعايش معها وابحث عن مواطن جمالها واجعلها تتغلب على عيوبها , احبها لأنها تستحق ذلك وعندما تنجح فى تحقيق السلام النفسى داخلك ستحققه بالتأكيد مع غيرك ... يجب أن تكون نقطة البداية من داخلنا يجب أن نصالح أنفسنا أولا.