الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبير استراتيجي: مصر بقيادة السيسي لن تسمح لأي طرف أيًا كان أن يهدد أمنها القومي.. والدولة على استعداد للقيام بدور إيجابي لإعادة استئناف عملية السلام وحريصة على المشاركة في مفاوضات السد الإثيوبي

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

  • اللواء محمد إبراهيم:
  • مصر بقيادة الرئيس السيسي لن تسمح لأي طرف أيًا كان أن يهدد أمنها القومي 
  • مصر حريصة على المشاركة في مفاوضات السد الإثيوبى في حالة استئنافها 
  • مصر على استعداد للقيام بدور إيجابي للمساهمة في إعادة استئناف عملية السلام


أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن مصر تواجه خلال المرحلة الحالية مجموعة من التحديات المؤثرة على أمنها القومي، وأهمها الوضع في ليبيا، قضية السد الإثيوبى، والقرار الإسرائيلي بضم منطقة غور الأردن.


وقال اللواء محمد إبراهيم، في تحليل تحت عنوان "مصر في مواجهة إقليم مضطرب"، نشره المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن هذه التحديات تجمعت في توقيت واحد، وهو ما يلقى بالعبء على طبيعة التعامل المصرى معها وكيفية مواجهتها ارتباطًا بالسياسة العامة التي تحكم السياسة المصرية.


وأضاف أن مصر لا تزال حتى الآن تتبنى وتؤيد وتطالب بالحل السياسى لجميع المشكلات المثارة حاليًا، وهي على استعداد للقيام بدور إيجابي وبناء وفعال في المساهمة في حل هذه المشكلات، خاصة فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط.
 

وأكد أن هناك قناعة لدى مصر أن تفاقم هذه المشكلات سيؤدى إلى تفجر الوضع الأمني في المنطقة ويهدد استقرارها ومصالحها، ومن هنا، كان التوجه المصرى إلى الوساطة الدولية ثم إلى مجلس الأمن في قضية السد الإثيوبى، نظرًا لعدم توصل المفاوضات إلى أي نتائج، وبالرغم من ذلك لا تزال مصر حريصة على المشاركة في المفاوضات في حالة استئنافها.




وشدد على أن تعامل مصر مع القضايا التي تمس أمنها القومي يعد تعاملًا جادًا للغاية ويخضع لحسابات دقيقة ودراسة مستفيضة لجميع البدائل المتاحة مع توافر القدرة الكاملة لدى مصر على تنفيذ البديل الأنسب الذي يتم التوافق عليه.


وأوضح أن مصر لن تقبل مطلقًا أن يتعرض أمنها القومى إلى تهديدات حقيقية، ولن تسمح لأي طرف أيًا كان أن يهدد استقرارها ، ومخطئ من يعتقد أن مصر بقيادتها السياسية الحكيمة والحاسمة لا تمتلك القدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب لردع كل من تسول له نفسه أن يهدد أمنها.


وقال نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في تحليله: "من الواضح أن مصر تواجه خلال المرحلة الحالية مجموعة من التحديات المؤثرة على أمنها القومي (الوضع في ليبيا، قضية السد الإثيوبى، القرار الإسرائيلي بضم منطقة غور الأردن)، ولعل أهم ما يمكن أن ننوه إليه هنا أن هذه التحديات قد تجمعت في توقيت واحد، وهو ما يلقى بالعبء على طبيعة التعامل المصرى معها وكيفية مواجهتها ارتباطًا بالسياسة العامة التي تحكم السياسة المصرية، وبالتالي، من الضروري أن نوضح في البداية المبادئ التي تحكم السياسة المصرية في مواجهة القضايا الإقليمية والدولية المهمة، حتى يمكن الاقتراب من كيفية التعامل المصرى مع هذه التحديات أو التهديدات".
 

وأضاف أنه يمكن تحديد أهم هذه المبادئ فيما يلي: 
– رفض التدخل الخارجي في الشئون الداخلية المصرية تحت أى مسمى باعتبار أن مصر لا تتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى. 

– أهمية تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي، وهو ما يتطلب تسوية جميع المشكلات بالطرق السلمية، خاصة أن الحلول العسكرية لا تحسم الصراعات المثارة حاليًا في المنطقة.

– أن التدخل الخارجي في المشكلات الإقليمية أمر من شأنه أن يؤجج الصراعات ويزيد من تعقيداتها، ومن ثم يجب وقف أي تدخلات خارجية من جانب أية أطراف إقليمية أو دولية.

– أن هناك ضرورة لبذل جميع الجهود من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، ليس فقط في المنطقة وإنما على مستوى القارة الأفريقية، وهو ما يفتح المجال أمام مزيد من تحقيق الاستقرار السياسي.

– أن محاربة الإرهاب تظل أحد أولويات السياسة المصرية، ومن ثم يجب أن تتضافر الجهود الدولية من أجل مكافحة الإرهاب ومعاقبة كل الدول الداعمة له.




أولًا: تطورات الوضع الليبى
قال اللواء محمد إبراهيم إن الوضع الليبى خلال الفترة الأخيرة تجاوزًا تركيًا على الأراضى الليبية فاق كافة الخطوط الحمراء، حيث قام النظام التركي بتقديم كل أنواع الدعم لحكومة الوفاق في الغرب الليبي من أسلحة متطورة، خاصة الطائرات المسيرة ومنظومات الدفاع الجوى المتقدمة وإمدادهم بآلاف المرتزقة والميلشيات، مما يعد انتهاكًا صارخًا لجميع الاتفاقات التي تمت، خاصة مخرجات مؤتمر برلين الذي عُقد في يناير الماضي.


وقد أدى هذا الدعم المتواصل إلى سيطرة الميليشيات المدعومة من تركيا على قاعدة الوطية الجوية التي تمثل أحد المواقع الاستراتيجية في ليبيا والتي تهدف تركيا إلى السيطرة عليها بشكل دائم.


وأضاف: "فى نفس الوقت يواصل النظام التركى تحركاته العسكرية دون أن يعطى أي اهتمام للمطالب الدولية بوقف إطلاق النار حتى في ضوء انتشار وباء كورونا، بل ويسعى إلى مزيد من التقدم للسيطرة على مدينة ترهونة وكل منطقة طرابلس، وقد يصل الأمر إلى التوجه إلى الجنوب الليبى رغم صعوبة تحقيق ذلك، مع الأخذ في الاعتبار الأهداف التركية المعروفة للاستيلاء على منطقة الهلال النفطى الليبى والتنقيب عن الغاز والبترول في منطقة شرق المتوسط، وهو ما سوف يمثل تغييرًا إستراتيجيًا في مقدرات الأزمة الليبية ككل، ويهدد في حالة استمراره الأمن القومي المصري والعربي".


وأشار إلى أنه فى ظل تفاقم هذه الأزمة عقدت مجموعة الاتصال الأفريقية اجتماعًا في 19 مايو الجاري على مستوى رؤساء الدول والحكومات.


وقد حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على استثمار هذا الاجتماع في إعادة التأكيد على رؤية مصر لحل الأزمة الليبية، وفق المبادئ التالية؛ أن استقرار ليبيا يعتبر من محددات الأمن القومي المصري، وأن مصر لم ولن تتهاون مع الجماعات الإرهابية ومن يدعمها، ضرورة التوصل إلى حل سياسي لهذه الأزمة بما يحافظ على سيادة ليبيا وأمنها ووحدة أراضيها، رفض التدخلات الخارجية في الشئون الليبية مع تقديم الدعم الكامل لإرادة الشعب الليبي.


ثانيًا: تطورات أزمة السد الإثيوبي 
قال اللواء محمد إبراهيم في تحليله: "بعيدًا عن الخوض في تفصيلات هذه الأزمة وتقييم نتائج مفاوضاتها التي استغرقت حوالي تسع سنوات دون التوصل إلى الحل العادل والمتوازن والمنصف الذي تنادي به مصر بما يحقق مصالح الأطراف الثلاثة (مصر وإثيوبيا والسودان)، فقد شهدت الأزمة خمسة تطورات جديدة يمكن الإشارة إليها فيما يلي:
التطور الأول، تقديم مصر خطاب تفصيلي إلى مجلس الأمن في الأول من مايو الحالى تضمن شرحًا للموقف المصرى تجاه السد المتسق مع القانون الدولي ونتائج سنوات التفاوض.


وقد طلب الخطاب من أعضاء مجلس الأمن دفع إثيوبيا إلى عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية دون اتفاق، وتشجيعها على قبول الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية ومن البنك الدولى ووقعت عليه مصر بالأحرف الأولى في 28 فبراير 2020.


كما أكد الخطاب أن هذا الوضع يشكل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن في جميع أنحاء المنطقة (طلبت مصر تعميم هذا الخطاب ومرفقاته كمستند لمجلس الأمن).


التطور الثاني: قيام إثيوبيا في المقابل بتقديم خطاب مماثل إلى مجلس الأمن في 14 مايو الحالي، ادعت فيه سلامة موقفها وأنها تعاملت بشفافية في هذا المجال، كما أشارت إلى أن بناء السد يرتكز على حقوقها السيادية والشرعية في استخدام المياه، بالإضافة إلى الادعاء بأن مبادرة دول حوض النيل هى الأداة الوحيدة القابلة للتطبيق لتقاسم عادل للمياه والتوازن الصحيح لإنهاء ما أسمته نهج مصر الاحتكارى لنهر النيل.


التطور الثالث: عقد اجتماع يوم 19 الجاري (عبر تقنية الفيديو) ضم رئيسى وزراء مصر والسودان، وكذا وزراء الخارجية والري ورئيسي جهاز المخابرات في الدولتين، حيث تم بحث آخر تطورات الموقف في ضوء توقف المفاوضات.


وقد أوضح رئيس الوزراء السودانى أنه سيقوم بإجراء اتصالات مع رئيس الوزراء الإثيوبي لاستكشاف موقفه إزاء العودة إلى مائدة المفاوضات على أساس مسار واشنطن.


التطور الرابع: دعوة الأمين العام للأمم المتحدة في 20 مايو الجاري إلى أهمية التوصل لاتفاق ودي بين مصر والسودان وإثيوبيا طبقًا لإعلان المبادئ الموقع عام 2015، مؤكدًا أهمية الإعلان الموقع بين الدول الثلاث والقائم على أساس التفاهم المشترك والمنفعة المتبادلة وحسن النية وفقًا لمبادئ القانون الدولي.


التطور الخامس: إعلان الخارجية المصرية في 22 مايو الجاري استعداد مصر للمشاركة في الاجتماع المزمع عقده بشأن السد الإثيوبي، وذلك في ضوء الاتفاق الذي تم خلال اجتماع رئيسى الوزراء السودان والإثيوبى في 21 مايو الجاري بعودة الأطراف الثلاثة للعملية التفاوضية.


ولا شك أن موقف إثيوبيا بحدوده الحالية والمغالطات والادعاءات التي تضمنها خطابها الموجه إلى مجلس الأمن لا يمثل فقط انتهاكًا للقانون وتحديًا للمجتمع الدولى، بل يعكس مدى تمسكها بأن يبدأ الملء الأول خلال الأسابيع القادمة دون التوصل لاتفاق شامل مع كل من مصر والسودان.


وقد تلاحظ أن إثيوبيا حاولت الالتفاف على هذا الموقف من خلال عرض اقتراح بالتوصل لاتفاق جزئى خاص بالملء الأول فقط، وهو الأمر الذي لاقى رفضًا قاطعًا من جانب كل من مصر والسودان من منطلق أن هذا المقترح يتعارض تمامًا مع إعلان المبادئ الذى يطلب من الدول الثلاث التوصل لاتفاق شامل قبل البدء في عملية الملء.


ولا شك أيضا أن مصر لا تزال حريصة على أن تتيح مزيدًا من الوقت أمام الجهود السودانية الأخيرة من أجل التوصل لاتفاق شامل حول عملية الملء وتشغيل السد على أساس نتائج المفاوضات السابقة التي تمت برعاية أمريكية.


في هذا المجال، علينا انتظار الاجتماع المزمع بين الأطراف الثلاثة وتقييم نتائجه حتى تحدد مصر طبيعة الخطوة القادمة، سواء في حالة التوصل إلى توافق من عدمه.


ثالثا: تطورات الوضع الإسرائيلي- الفلسطيني
قال اللواء محمد إبراهيم إن الإعلان عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة في الرابع عشر من مايو الحالى جاء بمثابة الخطوة العملية الأولى نحو تنفيذ خطة السلام الأمريكية المعروفة باسم "صفقة القرن"، حيث أعلن رئيس الوزراء بنيامين ناتانياهو في خطاب التنصيب في الكنيست في 17 مايو الجاري اعتزام إسرائيل البدء في ضم منطقة غور الأردن ابتداء من الأول من يوليو القادم، وهو ما يعد تأكيدًا لأحد أهم مبادئ إتفاق حكومة الوحدة الوطنية الذي وقعه نتانياهو مع بينى جانتس في 20 أبريل الماضي.


وأضاف: "مما يزيد من دعم هذا الموقف الإسرائيلي، وبالتالي تعقيد الموقف ككل، ذلك الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية الأمريكى (بومبيو)، حيث أكد أن موضوع الضم هو قرار يعود في النهاية إلى الحكومة الإسرائيلية. وفى هذا المجال من المهم أن نشير أيضًا إلى أن مسألة ضم غور الأردن جاءت في إطار مبادئ خطة السلام الأمريكية التي نصت في قسمها الرابع على أن غور الأردن سيكون تحت السيادة الإسرائيلية، وهو ما يعنى أن هناك توافقًا أمريكيًا إسرائيليًا حول هذه المسألة ولا يتبقى إلا أن ننتظر العد التنازلى لوضع هذا الأمر موضع التنفيذ".


وأكد أن هذا القرار ستكون له تداعيات سلبية متوقعة على الأمن والاستقرار، ليس فقط في الأراضي الفلسطينية، ولكن على مستوى المنطقة كلها، ولعل أول هذه التداعيات قد تمثلت في القرارات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" في 19 مايو الجاري أثناء اجتماع للقيادة الفلسطينية.


وأوضح أن هذه القرارات كانت عبارة عن ترجمة لقرارت ملزمة صادرة عن المجلسين الوطنى والمركزى لمنظمة التحرير والتى جاءت على النحو التالي: 
– أن دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما في ذلك الاتفاقات الأمنية.


– أن على سلطة الإحتلال الإسرائيلى تحمل جميع المسئوليات أمام المجتمع الدولى كقوة احتلال لدولة فلسطين.


– أن الحكومة الأمريكية تعتبر شريكًا رئيسيًا مع حكومة الاحتلال في جميع القرارات العدوانية المجحفة لحقوق الشعب الفلسطيني.


– تجديد الالتزام الفلسطيني بمحاربة الإرهاب العالمي، وأن حل الصراع الفلسطينى الإسرئيلى لابد أن يقوم على أساس مبدأ حل الدولتين. 

وقال اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، في تحليله إنه فى ضوء ما سبق، لا شك أن هذه القضايا الثلاث التي تم التعرض لها تدخل كلها في الدائرة الأولى للأمن القومي المصري، ومن ثم، ففى رأيى أن تعامل القيادة السياسية مع هذه القضايا سوف ينطلق من أربعة مبادئ أساسية أود أن أؤكد عليها، وهي:
المبدأ الأول: أن مصر لا تزال حتى الآن تتبنى وتؤيد وتطالب بالحل السياسى لجميع المشكلات المثارة حاليًا، وهي على استعداد للقيام بدور إيجابي وبناء وفعال في المساهمة في حل هذه المشكلات، خاصة فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط.


المبدأ الثاني: هناك قناعة لدى مصر أن تفاقم هذه المشكلات سيؤدى إلى تفجر الوضع الأمني في المنطقة ويهدد استقرارها ومصالحها. ومن هنا، كان التوجه المصرى إلى الوساطة الدولية ثم إلى مجلس الأمن في قضية السد الإثيوبى، نظرًا لعدم توصل المفاوضات إلى أي نتائج، وبالرغم من ذلك لا تزال مصر حريصة على المشاركة في المفاوضات في حالة استئنافها.


المبدأ الثالث: أن تعامل مصر مع القضايا التي تمس أمنها القومي يعد تعاملًا جادًا للغاية ويخضع لحسابات دقيقة ودراسة مستفيضة لكافة البدائل المتاحة مع توافر القدرة الكاملة لدى مصر على تنفيذ البديل الأنسب الذي يتم التوافق عليه.


المبدأ الرابع: أن مصر لن تقبل مطلقًا أن يتعرض أمنها القومى إلى تهديدات حقيقية، ولن تسمح لأي طرف أيًا كان أن يهدد استقرارها، ومخطئ من يعتقد أن مصر بقيادتها السياسية الحكيمة والحاسمة لا تمتلك القدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب لردع كل من تسول له نفسه أن يهدد أمنها.