التصريحات الإعلانية في الهيئات الإعلامية

رغم مرور 4 أشهر، و11 يوما زيادة ، على تشكيل الهيئات الإعلامية ، التى خرجت ترجمة لقانون التنظيم المؤسسى رقم 92 لسنة 2016 ، إلا أن تلك الهيئات ، والتى تتمثل فى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام ، يغلب عليها طابع التصريحات ، التى لم تخرج – عندى – عن كونها عملية تهدف من ورائها كل جهة من الجهات الثلاث ، للإعلان عن نفسها.
فحتى الآن لم نرَ إنجازات حقيقية لتلك الهيئات ، التى حدد لها القانون أهدافا واختصاصات ، نظن – وليس كل الظن إثما – أنها حال تطبيقها ، كفيلة بضبط الأداء الإعلامى بشكل عام ، سواء كان ذلك يتعلق بنوعه المكتوب فى الصحافة ، أو المرئى فى القنوات التليفزيونية ، أو المسموع عبر أثير الإذاعات المختلفة.
لكن الحاصل هو أن تلك الهيئات تبارت فيما بينها فى التصريحات الصحفية والإعلامية، التى تجاوزت الإعلان النظرى عن جهودها ، إلى ما يشبه المعارك على الأدوار ، تحت دعاوى التداخل والتشابك فى المهام والإدارة.
فهذا هو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، الذى أبدى اعتراضا على نظام إدارة المراسلين الأجانب ، وهى المهمة التى انتقلت إليه وفقا للقانون الجديد ، غير أنها مازالت متداخلة مع الهيئة العامة للاستعلامات ، التى كانت صاحبة الاختصاص قبل صدور قانون التنظيم المؤسسى.
كما سبق وأن أبدى المجلس أيضا اعتراضا على عمل الهيئة الوطنية للصحافة ، فيما يتعلق باختيار رؤساء مجالس وتحرير المؤسسات المملوكة للدولة ، وشب خلاف بينهما ، ففى حين ترى الهيئة وفقا لاختصاصاتها أنه أمر تختص به وحدها ، أبدى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إصرارا على ضرورة مشاركته فيها.
وهذا هو المجلس الأعلى كذلك ، يعترض على عمل اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين ، ويؤكد أنها ليست لها سلطة اتخاذ قرارات ، فى حين ردت اللجنة بحقها وفقا للقانون.
ولم تكن تلك الخلافات مجرد آراء ، وإنما تحولت إلى تصريحات للصحف ، حتى تحول الأمر فى النهاية ، إلى حرب تصريحات فيما بين المسئولين عن تلك الهيئات.
وبهذا يبدو عمل الهيئات الإعلامية وقد تحول إلى تصريحات إعلانية عن جهود نظرية تقدمها للوسط الصحفى والإعلامى ، فى وقت يعانى فيه الإعلام على اختلاف أنواعه ، أزمات حقيقية ، سواء كانت تتعلق بالسلوك المهنى ، أو بمشاكل العاملين فيه ، أو حتى بأزماته المالية التى تشكل عبئا على الشعب ، وذلك أخذا فى الاعتبار أن أغلب المؤسسات التى تعانى ديونا هى مملوكة للدولة ، وفى المقدمة منها المؤسسات الصحفية ، وجهاز ماسبيرو.
الأوضاع التى يعانى منها الإعلام فى حاجة إلى فض اشتباك بين الهيئات المسئولة عن ضبطه ، وفى حاجة إلى ترجمة الأهداف والاختصاصات التى نص عليها قانون التنظيم المؤسسى إلى إجراءات تنفيذية على أرض الواقع، حتى يتم ضبط الأداء الصحفى والإعلامى ، بما يخدم الدولة ، التى تمر بظروف استثنائية تتطلب أداء إعلاميا يتوافق مع المعايير الأخلاقية لمواثيق الشرف ، ومع ما تتعرض له الدولة من تحديات.
زمن التباهى بالأدوار والمناصب ولّى وانتهى ، ويجب أن يعى المسئولون، كل فى مكانه ، أن المناصب تكليف ولم تعد تشريفا ، وأن العمل يسبق التصريحات التى يجب أن تكون إعلانا عن واقع ملموس، بعيدا عن التصريحات الإعلانية التى تعتمد عليها الهيئات الإعلامية.