الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معانا ولا علينا.. خبراء يحسمون الجدل هل المقاطعة تعمل لصالح أم ضد الاقتصاد المصري؟

صدى البلد

اتجه بعض المصريين عقب أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، والدول الموالية لها، وذلك دعما منهم للقضية الفلسطينية، ورفضا للمشاركة في رواج سلع الدول الداعمة للاحتلال.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي العديد من المنشورات الداعمة والمشجعة لهذه المقاطعة، كما تداولوا بدائل لها مصرية أو عربية الصنع.

واستطلع "صدى البلد" آراء خبراء الاقتصاد والاتحاد العام للغرف التجارية المصرية لبيان تأثير المقاطعة الشعبية للمنتجات الاجنبية على السوق المحلي، والصناعة الوطنية، خلال التقرير التالي...

المقاطعة تشجع الصناعة الوطنية

قالت الدكتورة هدى الملاح الخبير الاقتصادي ومدير المركز الدولي للاستشارات ودراسات الجدوى الاقتصادية،  أن حملة مقاطعة المنتجات الاجنبية و الاتجاه لشراء المحلية، التي ينادي بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي لها عدة ايجابيات على مستوى الصناعة، الانتاج، العمالة.

وأضافت "الملاح" في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد" أن مقاطعة المنتجات الاجنبية تعني زيادة في الانتاج المحلي بسبب الاقبال الكبير عليها، و للوفاء باحتياجات المواطنين من هذه السلع، وبالتالي تشجيع للصناعة الوطنية والمستثمر المحلي.

وأوضحت الخبير الاقتصادي، أن الاقبال على المنتج المحلي يحث الصانع على زيادة الإنتاج، مما يجعله بحاجه إلى عدد اكبر من العمالة الحالية فيقدم العديد من فرص العمل، و بالتالي تنخفض معدلات البطالة.

وأشارت مدير المركز الدولي للاستشارات ودراسات الجدوى الاقتصادية، أن عزوف المواطنين عن شراء المنتجات الاجنبية، يساعد في خفض اسعارها، نتيجة لزيادة المعروض منها عن الطلب، و هذا يعتبر من ايجابيات المقاطعة.


مقاطعة فروع "الفرينشايز" يضر الاستثمار

من جانبه ، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية،  إن البعض ممن يدعمون هذه المقاطعة ليست لديهم المعلومات الكافية لمعرفة مدى تأثيرها على اقتصاد الدول مصدري السلع.

وأضاف "عبده" في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد" أنه على المواطن أن يفرق بين فروع الماركات الأجنبية الموجودة في مصر التابعة للشركة الأم، والأخرى التي تعمل بنظام "الفرينشايز" فالأخيرة يديرها ويعمل بها مصريون، ويدفع صاحبها مبلغا ماليا كل عام للشركة الام مقابل استغلال العلامة التجارية، والشركة الأم ليس لها علاقة بالأرباح ولا تتقاضى أي نسبة منها، وبالتالي مقاطعة هذه الفروع تضر بالمستثمر المحلي، والاقتصاد المصري.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مقاطعة السلع الأجنبية أمر ضروري لنصرة اخواننا في فلسطين و لكن يجب تحري الدقة والتفرقة بين المنتجات الاجنبية والأخرى مستخدمة العلامة التجارية، حتى لا نؤذي أنفسنا، و هذا الأمر يجب أن يتم تحت مراقبة عربية من جهة مسؤولة توجه المواطنين نحو المنتجات التابعة لشركات تدعم الاحتلال، كاتحاد الغرف التجارية العربي، وحينها ستؤتي المقاطعة بثمارها ويخسر العدو الملايين.

وطالب "عبده" المنتج المصري، بأن يستغل الإقبال على المنتجات المحلية و العزوف عن المنافسة، بعدم رفع الأسعار و العمل على تحسين جودة المنتج، و أن يتحلى بالروح الوطنية حتى تنتعش الصناعة المصرية و نستفيد بهذا الاقبال من المستهلك، كما طالب المقاطعين بالتحلي بسياسة النفس الطويل و يمتنعوا عن شراء المنتجات الداعمة للاحتلال لفترات طويلة حتى نستفيد من نتائج المقاطعة.

فرصة للمنتجات المصرية


وقال المهندس متى بشاي رئيس لجنة التجارة الداخلية والتموين بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية أن المقاطعة الشعبية للمنتجات والسلع التي تدعم شركاتها الأم دولة إسرائيل تعتبر فرصة جديدة للمنتجات المصرية لتوسع من قاعدتها الإنتاجية وتهتم بعنصري الجودة والسعر لتقدم سلعة بديلة عن المنتجات المستوردة بشكل عام وتحد من أزمة الدولار.

وأضاف بشاي ، في تصريحات صحفية أنه يجب على المصانع والمنتجين المصريين الاهتمام بالمنتج المحلي ليكون بأفضل صورة حتى يتمكن من جذب شرائح المجتمع المصري المختلفة للإقبال عليه، لافتا إلى أنهم خلال الفترة السابقة ومع بداية ظهور فيروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ثبت أن الدول الأكثر صمودا في مواجهة الأزمات هي الدول التي تهتم بالمنتج المحلي لها، وتستطيع ان تقلص أكبر قدر من الاستيراد في حالة وجود أزمات دولية دون التأثير على الأسواق الداخلية لديها او يكون التأثير محدودا للغاية.

وقال رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين ، إن فترة المقاطعة يجب أن يستغلها المنتجون المصريون استغلالا لتطوير المنتجات والوصول بها الى جوده عالميه يمكنها تغطية السوق المحلي وأن يكون هناك خطة تصديرية لغزو الأسواق الأخرى.

الشركات المحلية تطور أعمالها

أكد المهندس محمد عبد الهادي، عضو غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات والخبير الإقتصادي، أن حملات مقاطعة المنتجات الأجنبية للشركات التي تدعم إسرائيل، فرصة ذهبية أمام المنتجات المصرية وزيادة الإقبال عليها وسيكون لذلك انعكاسات إيجابية، ومنها تغيير أنماط الاستهلاك، وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة بشكل كبير ما يسهم في تقليل الضغط على العملة الصعبة.

وأضاف عبد الهادي، خلال تصريحات صحفية، أن الاستمرار في دعم المنتجات المحلية سيكون اتجاهاً ونمطاً استهلاكياً مستداماً، مشيراً إلى أن ذلك سيتوقف على مدى جاهزية الشركات المحلية في تحسين استراتيجيات الإنتاج عبر تطوير المنتجات وزيادة جودتها.

وتابع الخبير الاقتصادي، أن بعض الشركات المحلية نجحت في الأيام الأخيرة في استغلال ذلك الزخم، وأعلنت عن تطوير أعمالها وتوسعتها بشكل مفاجئ وسريع، للتكيف مع زيادة الطلب، كما شرعت في ضخ كميات إضافية، وهي شركات مختلفة ما بين شركات عاملة في قطاعي الأغذية والمشروبات وغير ذلك من القطاعات.

الاستقلالية الاقتصادية

وشدد عبد الهادي، علي أن استمرار هذا التوجه سيحدث تحولاً جذرياً في عادات التسوق والاستهلاك للاعتماد علي المنتج المحلي ، علاوه علي زيادة حصة المنتجات المحلية في الأسواق وتعزيز الاقتصاد المحلي ، إضافة إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة بشكل كبير ما يسهم في تقليل الضغط على العملة الصعبة.

وأوضح أن زيادة استخدام المنتجات المحلية والتقليل من استهلاك المنتجات المستوردة يمكن أن يسهم في التقليل من استنزاف العملة الأجنبية؛ فعندما يتم شراء المنتجات المحلية يتم دفع الأموال لتعزيز اقتصاد الدولة، بما يقلل من حاجتها إلى استيراد المزيد من المنتجات، وبالتالي سيخفض ذلك الطلب على العملة الأجنبية لشراء تلك المنتجات.

وتابع عضو غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات ، أن الإقبال على المنتجات المحلية سيقابله زيادة في الإنتاج من جانب تلك الشركات؛ لتلبية الطلب المرتفع، ما يتيح للكثير من المؤسسات زيادة حصتها السوقية أمام المنتجات الأجنبية، وبما يعزز المنافسة ، علاوه علي زيادة مساهمة قطاع الصناعة بشكل كبيرفي الناتج المحلي، وزيادة الطاقة الإنتاجية، بما يسهم في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، الأمر الذي يؤثر على معدلات البطالة.

وأشاد عبد الهادي، بإعلان إحدى الشركات المحلية القديمة للمشروبات الغازية عن توسعة أعمالها وإنتاجها ، وغيرها من الشركات عقب تلك الحملات ، وسط حفاوة و"دعاية مجانية" على ضرورة تشجيع المقاطعة من جانب النشطاء والمهتمين عبر وسائل التواصل وحتى وسائل إعلام محلية.


من يتأثر بالمقاطعة ؟ 
وأكد الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، وهو بلا شك يقف مع الأشقاء في غزة، ويشارك مع منتسبيه واتحادات الغرف العربية في توفير المعونات اللازمة، لكن يجب عليه ان يوضح ان تلك الشركات التي تم الدعوة لمقاطعتها، تعمل بنظام الفرانشايز، أي أن الشركة الأم لا تملك أي من الفروع الموجودة في مختلف دول العالم ، وأن فروعها في مصر يملكها مستثمرين مصريين، فهى شركات مساهمة مصرية، وتوظف عشرات الالاف من أبناء مصر، وتسدد ضرائب وتأمينات لخزانة الدولة،  كما ان من يقوم بدعم جيش الاحتلال في غالبية الأحوال هو الوكيل في إسرائيل وليس الشركة الام، وبالطبع ليس الوكيل في مصر الذى لا ذنب له بأي حال من الأحوال

وأضاف الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية فى بيان له الخميس، 2 نوفمبر ان مثل تلك الحملات لن يكون لها أي تأثير على الشركات الام، لان مصر تشكل اقل من 1 في الألف من حجم الأعمال العالمية، ونصيب الشركة الأم من الفرانشايز لا يتجاوز 5% من إيرادات الشركة المصرية، وبالتالي فالأثر على الشركة الام لا يذكر، ولكن الأثر سيكون فقط على المستثمر المصرى والعمالة المصرية.

لذا يناشد الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أبناء مصر الاوفياء بعدم الانسياق خلف تلك الدعوات لمقاطعة شركات مصرية تحمل علامة تجارية اجنبية لما فيه ضرر على الاستثمار والاقتصاد المصرى والأهم على مرتبات عشرات الألاف من أبناء مصر من العاملين بتلك الشركات.

ومن جانبة أكد الدكتور علاء عز، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية ، أن عملية مقاطعة منتجات صاحبة العلامات التجارية العالمية تسئ للاقتصاد المصري، ولا تسبب خسائر للشركات الكبرى، و إنما تضر اقتصادنا.
و أضاف عز، أن مصر من الدول السياحية والتى يجب ان يحتوى السوق الخاص بها العديد من المنتجات سواء الغذائية او الإلكترونية أو الأدوية التى تناسب أذواق السياح المقبلين على مصر، حتى يتنسنى له إيجاد ما يقوم باستهلاكه فى بلده، وعدم استمرار  عمل هذه العلامات التجارية الأجنبية يسئ للاقتصاد المصرى ويحجم السياحة لعدم توافر احتياجات هذا السائح.

وأشار،  إلى أن العلامات التجارية العالمية المتداولة فى السوق المصرى هى استثمارات أجنبية، نسعى لجذبها للنهوض وتطوير الاقتصاد والتى تساهم فى توفير فرص عمل، وتعمل فى الحد من معدلات البطالة، الأمر الذى يضر بالعمالة المصرية وليست الأجنبية.

ونوه عز،  إلى أن مقاطعة المنتجات ليست حل للقضاء على سمعة أو التسبب فى خسائر للشركات العالمية الكبرى ، حيث أنها لا تعتمد على السوق المحلى فقط، و إنما أسواق عالمية، ومن يضر فى المسألة هنا هو الاقتصاد المصرى وليست تلك الشركات.

و أشار، إلى أن دخول تلك الشركات بعلامتها التجارية للسوق المصرى يكون من خلال وكيل مصرى والذى يقوم بدوره بتشغيل عمالهدة مصرية ويعمل مع موردين مصريين وهولاء هم من يقع عليهم الضرر الحقيقى.

ولفت، إلى أن هذه النوعية من الحملات مثال سئ لطرد الاستثمار الأجنبي من السوق المصرى، وهو ما يؤدى الى انخفاض دخول العمله الصعبة، وتشريد عمالة مصرية.

الخلاصة أنه يتضح من خلال التقرير السابق أن عملية المقاطعة هي موقف شعبي يهدف إلى دعم الجانب الفلسطيني وهو كأي موقف خلال الأزمات قد يتضمن بعض الإيجابيات التي يمكن استغلالها أو السلبيات التي يمكن العمل على تحويلها إلى مكاسب .