قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الحسين يوم الخميس| قهاوي نار والغلابة فسحتهم على الرصيف.. صور


في الساعات الأولى من مساء الخميس اصطحب "ايمن لطفي" - موظف - خطيبته إلى ساحة الحسين المضيئة بالانوار الزاهية حول المسجد العتيق، ليقضيان معا نزهة لطيفة بنهاية الأسبوع الشاق، عكف لطفي وخطيبته على الجلوس بأحد المقاهي الشهيرة، بجوار مسجد الحسين، وفور جلوسه تطلع إلى قائمة مقهى ليصدم من غلاء الأسعار التي قد تكلفه هو وخطيبته ما لا يقل عن 300 جنيه، للجلوس لتناول المشروبات لبضع ساعات.اعتاد الموظف الثلاثيني على الجلوس في السابق بتلك المقاهي التي لم تكن تتعدى التكلفة فيها سوى 100 جنيه للفردين، ولكن لم يكن يتوقع أن أسعار المقاهي بتلك المنطقة السياحية ستزداد أكثر من ضعفي ما كانت عليه في الماضي، قائلا: "انا وخطيبتي تفاجأنا بالاسعار الغالية في القهوة، انا عارف انها منطقة سياحية، وكنت باجي هنا على طول بس ماكنتش بالغلاء ده، ومش هينفع طبعًا ادفع مبلغ ممكن ميكونش معايا عشان قعدة قهوة".
اضطر "لطفي" وخطيبته الجامعية إلى القيام من المقهى لارتفاع اسعاره، والبحث عن منفذ آخر للتنزه بساحة الحسين، حتى لا يضيعا فرصة الخروج معًا التي قليلًا ما تحدث في كل نهاية اسبوع.
بشاربه الأسود الداكن وقميصه الاحمر ذات الدوائر البيضاء وقف " ماهر امام"، عامل بأحد مقاهي الحسين، حاملًا قائمة من الأسعار محاولًا استقطاب الزبائن خاصة الأجانب والعرب، واقناعهم بأي لغة أو طريقة كانت للجلوس على مقهاه بدلا من المقاهي المنافسة.

يقف ماهر العامل الأربعيني أمام المقهى من الثالثة عصرًا حتى الواحدة صباحًا، لجذب الزبائن واجلاسهم وتنفيذ طلباتهم من مأكولات ومشروبات، بنشوة فرحة وانتصار على منافسيه في استقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن، "الرجل معدتش زي الاول والواحد بيقف من صباحية ربنا لحد بالليل عشان يلقط الزبائن وخصوصًا الأجانب والعرب عشان بقشيشهم حلو، وكلنا في الحسين بناكل عيش ومش بنقطع على بعض بس العامل الشاطر هو اللي بيعرف يجيب الزبون ويبسطه".



يعتقد "أمام" بخبرته في تلك المهنة التي تجاوزت العشرين عامًا، ان استقطاب الزبائن له اسلوبه الخاص ولا يمكن الضغط على الزبائن حتى لا ينفروا منه، يستخدم "ماهر" النكات والمزاح والكلمات اللطيفة لجذب واستقبال زبائنه إلى المقهى التي يعمل بها من سنين "لازم اسلوبنا يكون حلو عشان الزبون يجي ورجله تاخد على المكان، هو الصحيح الدنيا وقفه من ساعة ما السياحة وقفت في 2011، بس الصراحة الفترة اللي فاتت الزبائن ابتدت تجي خصوصًا الاجانب".
يتذكر عامل المقهى وهو يفرك جبهته بحرقة لحظات عودته إلى منزله وأسرته دون مصروفات او أموال بعد توقف الحال خلال أيام ثورة 25 يناير والسنوات التي تلتها، لعزوف السائحين عن الذهاب إلى المصر بعكس السنوات التي سبقت الثورة والتي يصفها "بأيام العز"، ويتشوق لعودتها مجددًا.
في الجهة المقابلة لمسجد الحسين والمقاهي المحيطة به تجلس السبعينية "صفية زغلول"، بجلبابها الأسود على حافة الرصيف وأمامها حلة نحاسية كبيرة الحجم معبأة باصابع المحشي من كافة الانواع، وبجوارها أحد أحفادها منتظرًا في ولع تناول تلك الأصابع التي تحترف جدته عملها.
تستقل "صفية" واحفادها قطار او عربة من الصعيد يوم الخميس من كل شهر لزيارة أهل البيت والتبارك بهم والتنزه مع الأحفاد حامله صواني و حلل من الاطعمة وفرشها بالرصيف المجاور للحسين بعد انتهاء زيارتها لاهل البيت " انا بجي من الصعيد للحسين يوم خميس من كل شهر عشان ازوره واتبارك، وباخد العيال ومعانا الاكل ونقعد نفرش على الرصيف ونتفرج على الناس ونضحك ونهزر وبيبقى يوم جميل والجو حلو".


تعشق السيدة السبعينية رؤية مسجد الحسين والصلاة فيه من آن إلى اخر كما اعتادت منذ صغرها، وتحرص على ترسيخ هذا الأمر باحفادها ليظلوا يفعلون الشيء نفسه بعد رحيلها "حب اهل البيت ده لازم احفادي يتربوا عليه زي ما تربيت بالظبط، وبعودهم على زيارة الحسين من صغرهم عشان لما يكبروا يجوا يزوروا على طول بعد ما اموت ويترحموا عليه".



بالرغم من ضيق حال "صفية" إلا أنها تصر على الذهب إلى الحسين حين تسمح الظروف خاصة يوم الخميس كما عودها والدها وهي في صغرها "لما ما برحش الحسين فترة طويلة بحس بتعب نفسي وخنقة شديدة ولما اجي الحسين واصلي في المسجد برتاح ونفسيتي بتبقى احسن، وغير كده بنتفرج على الناس و الخواجات وناكل وننبسط احلى انبساط".



تنصرف السبعينية من الحسين للعودة إلى ديارها بالمنيا في العاشرة مساء لتلحق بالقطار، بعد قضاء ليلة الخميس في أجواء الحسين التي تتشدق بعبقه وفوح ابخرته الجميلة، بحسب وصفها.