الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعلام للأزمات .. ضرورة ملحة


احتل البعد الإعلامى مكانة مهمة فى أدبيات دراسة الأزمات، حيث يعد الإعلام أداة رئيسية وفعالة من أدوات إدارة الأزمة سواء على المستوى الداخلى أو على المستوى الخارجى، وقد اهتمت الدراسات التى تناولت البعد الإعلامى فى إدارة الأزمة بدراسة دور الإعلام وأجهزته فى إدارة الأزمات الداخلية وتحديد ملامح هذا الدور من خلال التعرض لأزمات محددة ذات طبيعة مختلفة فيما يعرف بدراسة الحالة، وكذلك وضع إطار نظرى لمفهوم الإدارة الإعلامية للأزمات. كما اهتم جانب آخر من الدراسات بالتركيز على الدور الإعلامى فى إدارة الأزمات الدولية أى تلك التى تتسع آثارها وتتعدد الأطراف الفاعلة فيها.

وقد أشارت الدراسات التى تناولت دور الإعلام فى إدارة الأزمات الداخلية- ومنها الأزمات الاجتماعية والبيئية والصناعية- إلى أهمية الدور الذى تلعبه وسائل الإعلام أثناء وبعد الأزمات، بل إن هذه النوعية من الأزمات تعتمد فى إدارتها على وسائل الإعلام كأحد مكونات استراتيجية مواجهة الأزمة.

كما تناول جانب آخر من الدراسات دور الإعلام فى إمداد الجمهور بالبيانات والمعلومات أثناء الأزمات، حيث أوضحت الدراسات وجود علاقة ارتباطية إيجابية بين التعرض لوسائل الإعلام واكتساب المعلومات عن الأزمات وذلك لعدة أسباب منها:

أ- التركيز الإعلامى الكبير الذى تحصل عليه الأزمة من قبل وسائل الإعلام.
  ب- اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام فى حالة غموض بعض القضايا لاسيما فى الأزمات الطارئة.
ج- توافر عنصر الأهمية لبعض الأزمات كأزمة البوسنة، على سبيل المثال، حيث كان للبعد الدينى للأزمة أثره فى توافر عنصر الأهمية تجاهها.
وبالرغم من كثافة التعرض لوسائل الإعلام أثناء الأزمات إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن أزمة البوسنة مثلها مثل بعض الأزمات المتشابهة افتقدت تغطيتها الإعلامية بعض العناصر المهمة منها:
أ‌- إغفال التغطية لعنصر التكامل فى المعلومات المقدمة.
ب‌- غياب الخلفية المعلوماتية الدقيقة عن الأزمة.
ج- الافتقار إلى الصور الحية للأحداث.
د- افتقار التغطية لعنصر المتابعة.
وإذا كانت بعض الدراسات قد ركزت على سلبيات الأداء الإعلامى فى إدارة بعض الأزمات من زاوية الافتقار إلى المعلومات أو عدم شمولها، فإن جانبا آخر من الدراسات أشار إلى أهمية التمييز بين السرعة والتسرع فى الإدلاء بالمعلومات، وهى مسئولية تقع على عاتق وسائل الإعلام أثناء حدوث الأزمات ، حيث أنه مقابل الحرص على سرعة إعلام الرأى العام بما حدث، فإنه ينبغى تقديم معلومات صحيحة ودقيقة دون تسرع، وفى الوقت نفسه فإن بعض الأزمات والكوارث ذات التأثير فى الرأى العام الداخلى قد يتطلب التعامل معها حجب أو منع بعض المعلومات حرصا على المصلحة العامة مع ضرورة ممارسة هذا الحجب للمعلومات فى ضوء معايير واضحة وبحرفية إعلامية عالية المستوى تراعى إمكانية نشر أو إذاعة هذه المعلومات عبر وسائل إعلام أجنبية

وتأكيدا لما سبق، فقد ركزت بعض الدراسات فى تناولها للأزمات  على ضرورة وجود إطار نظرى واستراتيجية محددة المعالم للتعامل مع الأزمة وإدارتها، مع وضع تصورات بديلة وسيناريوهات مختلفة تتعامل مع الأزمة القائمة  فى إطار أن التفاعل مع أى حدث له طبيعة خاصة تقتضى وجود فريق إعلامى يستطيع التعامل مع الأزمة ويلتزم بعناصر استراتيجية دفاع محكمة يتصدرها مبدأ الدفاع عن المصالح الحيوية والأمن الداخلى مع الحرص على مصداقية الإعلام، وذلك من خلال تقديم المعلومات الحقيقية فى التوقيت المناسب وبالحجم الملائم بما لا يخل بأهداف الأمن القومى مع الإبقاء على القدر المقبول من حرية الآراء وحرية التعبير وهى قيمة أساسية داخل المجتمعات الديمقراطية  .  
وقد ظلت استراتيجية الإعلام فى إدارة الأزمات الدولية مجالا لاهتمام الباحثين وموضوعا رئيسيا فى المؤتمرات والندوات الدولية، حيث عقد فى الولايات المتحدة الأمريكية منتدى الحرية الإعلامية فى 28 ديسمبر 1998 وهو مؤتمر ضم 79 صحفيا ودبلوماسيا وأكاديميا من 20 دولة لمناقشة أساليب فعالية الإعلام فى إدارة الأزمات، وقد أشارت المناقشات إلى قضية تماثل التناول الإعلامى وتشابه التغطية الإخبارية فى الأزمات ذات الطبيعة الدولية كنتيجة للمنافسة الشرسة ورغبة من وسائل الإعلام المحلية فى الوقوف على نفس المستوى من وسائل الإعلام الدولية مما يؤدى إلى النقل منها، بالإضافة إلى نمو ظاهرة الإعلام الدولى فى ظل سيطرة أقطاب محدودة على مصادر المعلومات وتوزيع الأخبار.

وقد رصدت دراسات أخرى تطور دور الإعلام فى إدارة الأزمات فى ظل التحولات الاجتماعية والسياسية التى شهدها المجتمع الدولى وسعيه نحو إقرار النظم الديمقراطية مع بداية القرن العشرين. وقد اختلف هذا الدور فى الفترة ما بين 1960- 1970 عنه فى الفترة من 1980- 1990 حيث شهدت الفترة الأخيرة تطور البعد الدولى فى إدارة الأزمات وذلك لتعاظم القضايا والأزمات واتساع نطاقها مع تعدد وتشابك المصالح مما استدعى التعامل الإعلامى مع الأزمة فى إطار ما يعرف بعولمة الإدارة الإعلامية للأزمات









كما دعا الباحثون إلى الاهتمام بدراسة هذه الأزمات  فى ظل ثلاثة ضوابط رئيسية:
أ‌- ضيق الوقت.
ب‌- التهديد النابع من وجود خطر تنجم عنه أثار شديدة التأثير.
ج- عدم توافر المعلومات الكافية.
وفى إطار هذه الضغوط الثلاثة تبرز أهمية التعامل مع العنصر البشرى من خلال رفع درجة الوعى والتعاون لدى الأفراد بطبيعة و تداعيات الموقف، وهنا يظهر دور الجهاز الإعلامى، حيث يناط به القيام بهذا الدور أثناء الأزمة مما يقلل من الخسائر  ، كما أن توافر المعلومات وانتشارها بالحجم والسرعة المطلوبة هو عنصر أساسى فى التعامل مع هذه الأزمات.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط