الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحُسَيْن أبو الشُهَداء

 ... تتجَدَّد مع بداية كل عام هجري ذِكْرى استشهاد "الإمام الحُسين" رضى الله عنه في اليوم العاشِر من شهر المُحَرَّم بمدينة "كربِلاء" من أراضي العِراق – ومِن أهم الكِتابات التي تناوَلَتْ بالتحليل قصة شهيد الإسلام كِتاب "الحُسين أبوالشُهداء" للمُفَكِّر الكبير "عباس محمود العقاد"*– وكيف أنَّ هذه المأساة الفريدة في حوادِث التاريخ – كانت خيراً للإنسانية ...؟!؟ – ففي كل زمان تتعَطَّش البشرية إلى دِماء الشُهداء الأبرار مِن أصحاب العقائِد والمبادئ العُليا مِمَّن يدفعون حياتَهُم ثمناً – عن طيب خاطِر – دِفاعاً عن الحق وبحثاً عن الكمال ...!؟! – وإذا كان الإمام الحُسين قد انْهزم واسْتُشْهِد في كربِلاء لِاختلال ميزان القوة لِصالِح الخِصْم المُتَجَرِّد من كل معاني الإنسانية والإنصاف – فإنَّهُ قد ترَكَ وراءَه "دعوة" قامَتْ بها دول وممالِك العباسيين والفاطميين – واسْتَظَلَّ بها الملوك والأمراء مِنَ العَرَب والعَجَمْ ...!؟! – ليتحَوَّل استشهاده إلى شُعاع النور الذي خشعت له الأبصار على تطاول السنين والأيام – فَلَمْ يعرِف العالَم واحِدة من العائِلات أنْجَبَتْ من الشُهداء مثل ما أنْجَبَتْ أُسْرة الحُسين – ويكْفيهِ شَرَفاً أنَّهُ وَحْدَهُ في تاريخ هذه الدُنيا الشهيد ابن الشهيد أيو الشُهداء على مدار الأزمان ...!؟!.

 ... يُشير "العقَّاد" إلى أسباب التنافُس بين الهاشميين والأُمَوِّيين – رغم انتسابهُما معاً إلى "بني عبْد مَناف" وإلى اصل واحِد يجمعهُم هو "قبيلة قُريش" – بينما الأُسْرَتين تختلفان في الطِباع والأخلاقْ – فَبَنو هاشِم – في الأغْلَب الأعَم – مثاليون أصحاب نخوة وشهامة ونُبْل وإيثار – لاسيَّما أبناء فاطِمة الزهراء – وبنو أُمَيَّة تَغْلِب عليهم النفعية والأثرة والواقعية – وقد اتَّضَح الفَرْق بين بني هاشِم وبني أُمَيَّة في المناقِب والصِفات في الجاهلية قبل الإسلام – فكان الهاشميين سِراعاً إلى النجدة والنُضْرة والتعاون على الحق – بينما تَخَلَّف بنو أمَيَّة عَنْ "حلف الفضول" الذي نهض به بنو هاشم وحُلفائهم وهو الحلف الذي اتفق فيه نُخْبة مِنْ رؤساء قُريش على نُصْرة المظلوم وإغاثة الملهوف ومَنْع القوي من ظُلْم الضعيف – وقد انْفَرَدَ الهاشميون بالزعامة في مكَّة، وعندما عَلا نجم "أبو سُفيان ابن حرب ابن أُمَيَّة" في الحِجاز – فأصبحث له زعامة مرموقة إلى جانب الزعامة الهاشمية – فلما ظَهَرَت "الدعوة المُحَمَّديَّة" أخَذَتْه الغيرة على زعامته، فكان في طليعة المُحاربين للدعوة الجديدة ...!؟! – وقد أوْجَز "المؤرِخ الشهير" (تَقِيِّ الدين المقريزي) المُنافسة بين الهاشميين والأُمَويين في هذين البيتين مِن الشِعْر – بِقَوْلِه: 
"... عَبْد شَمْس قَدْ أَضْرَمَت لبني هاشِم
... حرْباً يَشيبُ منها الوَليدْ ..."
"... فابن حَرْب للمُصْطَفى – وابن هند 
... لِعَلِىْ – وللحُسَيْن يَزيد ..."    

 ... يوازِن "العقاد" بين صِفات وخِصال "الإمام الحُسين" وخِصمه يزيد بن مُعاوية – وكيف أنَّ "الحُسين" كان ملء القلب والعين في خَلْقٍ وخُلُق، وفي سيرَةٍ وأدَبْ – وقد تَعَلَّمَ في صِباه خير ما يتَعَلَّمَهُ أبناء زمانه مِن فنون العِلْم والأدَب  والفروسيَّة – فضلاً عَنْ اتِّصافه بالكَرَم والجود، فكان يُعْطي كل من قَصَدَهُ من ذوي الحاجات، ولا يُخَيِّبُ رجاء من استعان بِهِ على مروءة، ومِن أكْرم الصِفات الإنسانية التي تليقُ ببيْتِه وشَرَفِه – مَناقِب والوفاء والشجاعة – فمِن وفاء "الإمام الحُسين" أنَّهُ أبَى الخروج على "مُعاوية ابن أبي سُفْيان" بعد وفاة أخيه "الحَسَن" لأنَّهُ عاهَد مُعاوية على المُسالَمة، وقال لِأنْصارِهِ الذين حَرَّضوهُ على خَلْع مُعاوية أنَّهُ بينه وبين الرَجُل عَهْداً لا يجوز له نَقْضِه حتَّى تَمْضي المُدَّة – أمَّا عن شجاعة الحُسين فإنَّها فضيلة ورثها عن الآباء وأورثها الأبناء بعْدُه – وقد حَضَرَ مع أبيه "الإمام عليّ" وقائعهُ من الجمل إلى صفين – ويؤكِّد "العقاد" أنَّهُ ليس في بني الإنسان مَن هو أشْجَع قلْباً مِمَّن أقْدم عليه الحُسين في يوم كَرْبِلاء ...!؟! – أمَّا عن صِفات "يزيد ابن مُعاوية" فَلَمْ تُجْمع الروايات على شئ كإجماعِها على إدمانِهِ الخَمْر وشَغَفَهُ واتِّصافِهِ بالصَغائِر – ولم يَكُن هذا الإجماع اختِلاقاً من أعداءِه ومُعارِضيه – لأنَّهُم لَمْ يختلقوا مثل ذلك على أبيه "مُعاوية" أو على "عمرو بن العاص" رغم أنَّهُما بغيضان كل البُغْض لأنصار الحُسين – ويُشير "العقاد" إلى أن مِنْ أعْجَب عجائِب المناقضة التي تَمَّتْ في كُل شئ بين "الحُسين" و"يزيد" – أنَّ يزيد لَمْ يَخْتَصْ بمزية محمودة تُقابِلُ نظائرها من مزايا الحُسين – فلما تنازعا البيعة كان الحُسين في السابعة والخمسين مُكْتَمِل القوة ناضِج العَقْل وافي المعرفة بالعِلْم والتجربة، بينما كان يزيد في نحو الرابعة والثلاثين، لَمْ يُمارِسْ مِن  شئون الرُعاة ولا الرَعيَّة ما ينفعه بين الحُكام أو المحكومين ...!؟! – فكان رجُلاً هازِلاً في أحوج ما تكون البِلاد إلى الجِدْ – فلا يُرْجى له صلاح، ولا يُنْتَظَر مِنْهُ إصلاح – وأعجب شئ أن يُطْلَبُ من الإمام الحُسين مُبايعة مثل هذا الرَجُل ويُزَكِّيه أمام المُسْلمين، ويشهد لَهُ عندهم أنَّهُ نِعْمَ الخَليفة المأمول ...!؟!.

 ... في طريقِهِ إلى الكوفة – مُلَبِّياً دعوة شيعته للسفر إليهِم – كان الحُسين يسْألُ من يلْقاهُم عن أحوال الناس هُناك في موقفهم بينَهُ وبين بني أُمَيَّة – ولَمْ تَكُنْ هُناك اختِلافات في الجواب – سأل الشاعِر "الفرزدق" المشهور بالتشيَع لآلِ البيت – وهو خارِج مِنْ مَكَّة – فقالَ لَهُ: "قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أُمَيَّة، والقضاء ينزل مِنَ السماء، والله يفعل ما يشاء" – وقد أصاب الفرزدق فيما قال – ولعلَّ أنصح الناس لَهُ في مسألة الخروج إلى العراق – كان "عبدالله بن عباس" لِما بينهُما من قرابة وما عُرِفَ بِهِ ابن عباس مِن الدهاء – فقد أعاذَهُ من ذلك الخروج مُبْدياً تَخَوُّفِهِ عليهِ مِن الهلاك هُناك – وأنَّهُ إذا كان أهل العِراق يريدونك كما زَعموا فليتَخَلَّصوا مِن عدوِّهِم أوَّلاً – لكن الحُسين كان قد أجْمَع أمرَهُ على المسير ...!؟! – وفي هذا الإصرار على الخروج إلى الكوفة – يقول "العقاد" إن خروج الحُسين مِن مَكَّة إلى العِراق – حركة لا يَسْهُل الحُكْم عليها بمقياس الحوادِث العادية – لأنَّها حركة مِنْ أنْدَر حركات التاريخ في باب الدعوة الدينية أو الدعوة السياسية – لأنَّها حركة لا يأتي بِها إلَّا رِجال خُلِقوا لِأمثالهِا فلا تَخْطُر لِغَيْرِهِم على بال ...!؟! – هى حركة فَذَّة يُقْدِمُ عليها رِجال أفْذاذ – ومن العبث أن نُدينَهُم بما يمكن أن يقومَ بِهِ من ليسوا من معدنهم – فهى ليسَت ضَرْبَة مُغامر من مُغامري السياسة، ولا صفقة مُساوِم من مُساومي التجارة – هى حركة لا تُقاس بمقياس المُغامرات ولا الصفقات – وعلينا عدم نسيان أنَّ السنين الستين التي أعْقَبَتْ حركة الحُسين وسقطت بعدها الدولة الأُمَويَّة هذه السنوات انقضت في ظل دولة تقوم على تخطئة الحُسين في كل شئ وتصويب مُقاتليها في كل شئ – هذا هو الزور والبُهتان الذي أدَّى إلى سقوطِها في نهاية الأمر – ولا يَخْفَى على كل ذو رأي أن القول بِصواب الحُسين في ظِل هذه الدولة أو حتى التماس العُذْر لَهُ مَعْناه إلقاء الجريرة والذنب عليها ومِنْ ثَمَّ الاعتِراف بِبُطلان تِلك الدولة – وأول ما ينبغي أن نَذكُره لِفِهم البواعِث النفسية التي خامَرَتْ نفس الحُسين في تلك المِحْنة الأليمة – أن "بيْعَة يزيد" لَمْ تَكُنْ بالبَيْعَة المستقرة لِعَدَم قبول المُسلمين بِها – فيما عدا المتزلفين مِنْ أصحاب الأهواء والمَصالِح وفي مُقَدِّمَتِهِم "المغيرة بن شُعبة" الذي كان والياً لِمُعاوية على الكوفة، وعِندما عَلِمَ أنَّهُ يُفَكِّر في عزلِهِ جرياً على عادته في إضْعاف الولاة قبل أن يتمكَّنوا – فلا يتفقوا عليه – فكانَتْ رِشْوَة آجِلة من المغيرة لِمُعاوية باقتراحِه لَهُ عقد البَيْعَة من بَعْدِه لإبْنِهِ يزيد وإعانتَهُ عليها، مقابل رشوة عاجِلة مِن مُعاوية لَهُ بإبْقاءِه في منصبه والياً على الكوفة – بينما لَمْ يَكُنْ يزيد نفسه يُصَدِّقُ أنَّهُ أهْلٌ لِلخِلافة، أو أن بِيعته يُمْكِن تمريرها بِسَلام ...!؟! – وكان مُعاوية دون شك ينوي أن يجعلها دولة أُمَويَّة مُتَعاقِبة في ذُرِّيَتِهِ مِنْ بَعْدِه مُنْذُ أن تَصَدَّى لِلخِلافة وخَلا لَهُ الميدان مِنْ أقوى مُنافِسيه بعد استشهاد "الإمام عليّ" – إلَّا أنَّهُ كان يتَرَدَّد في ذلِك ويتَكَتَّم الأمْر – ثُمَّ كَبُرَتْ سِنْةُ فخاف عدم إتمام ما يُريد، فَقامَ بِالتَمْهيد في حياتِهِ لبَيْعَة إبْنهُ يزيد مُسْتَخْدِماً كل وسائِل الترغيب والترهيب ...!؟!.

 ... يَتَعَجَّب "العقاد" رَحِمَهُ الله – مِنْ آراء بعض المُستشرقين ومَنْ ذهبَ مذهبهم مِنْ الشرقيين – مِمَّنْ يعتقدون أنَّهُ كان يجِب على "الحُسين بن علي" أنْ يُبايع "يزيد بن مُعاوية" لتحاشي المصير الذي ذَهَبَ إليْه بالقَتْل على أيْدي أتباع يزيد ...!؟! – فكيف يُمْكِنْ مُطالَبة الحُسين بمُبايعة مثل هذا الرَجُل وتَزْكيَتَهُ أمام المُسْلِمين، ويشهدُ لَهُ عندهُم أنَّهُ نِعْمَ الخليفة المأمول صاحِب الحَق في الخِلافة وصاحِب القُدْرة على تَبَعاتِها ومسئوليَّاتِها ...!؟! – وكان يجِب على هؤلاء أن يعلموا أن مسألة "العقيدة الدينية" في نفس الحُسين لَمْ تَكُنْ مَسْألة مزاج أو مُساومة، وأنَّهُ كان رَجُلاً يؤمِن أقْوى الإيمان بِأحْكام الإسلام، ويعتَقِدْ أشَدَّ الاعتقاد أنَّ تعطيل حدود الدين هو أكبر بَلاء يَحيقُ بِهِ وبأهله وبالمُسلمين أجمعين في حاضرهم ومصيرهم – فالإسلام عِنْد الحُسين هداية نَفْس وشَرَف بَيْت – وأنَّهُ لِما عُرِفَ عَنه من الوفاء وصِدْق نيَّته – فإذا بايَع يزيد فقد وَفَّى لَهُ بَقيَّة حياته مِثلما وَفَّى لِمُعاوية بِما عاهده عليه بعد وفاة أخيه الحسن من المُسالَمة وعدم الخروج عليه – كل هذه البواعِث النفْسية كانت تَجيشُ في صدر "الإمام الحُسين" يوم دعاهُ أولياء بَني أُمَيَّة إلى مُبايعة يزيد فضْلاً عن الإقرار بالنُّزول عن كل حَقٍّ لَهُ ولأبنائه ولأسرته في إمامة المُسْلمين ...!؟! – ورفضَ إعطائهم الكلمة التي كانوا يريدون بِها تَثْبيت أركان دولتهم لمعرفَتِهِم مَدى تأثير كلمته – ولَمْ تَكُنْ مُبايعة يزيد تقوم على شئٍ واحد يرضاه الحُسين لِدينِه أو لِشَرَفِهِ أو لِلأُمَّة الإسلامية ...!؟! – ولَمْ تَكُنْ المسألة عندَهُ مُجَرَّد "كَلِمَة" يَنْطِق بِها وينتهي الأمر...!؟! – يوضِّح الأديب "عبدالرحمن الشرقاوي"** رَحِمَهُ الله – في مسرحيَّتِهِ "الحُسين ثائِراً" موقِف الإمام الحُسين الرَّافِض لإعطائِهِم كلمَتُه بالموافقة على "بَيْعَة يزيد" – فقال على لِسان الحُسين: "هل البَيْعَة إلَّا كَلِمة ...؟!؟ – ما دينُ المَرْء سوى كَلِمة ... مُفْتاح الجَنَّة في كَلِمة ... دُخول النار على كَلِمة ... وقضاء الله هو الكَلِمة ... الكَلِمة لو تَعْرِفُ حُرْمَة ... الكَلِمَة نورْ ... وبَعْض الكَلِمات قُبورْ ... بَعْض الكَلِمات قِلاعٌ شامِخَةٌ يَعْتَصِمُ بِها النُبْل البَشَري ... الكَلِمَةُ فُرْقانٌ بَيْنَ نَبيٍّ وبَغيّْ ...!؟! – بِالكَلِمَة تَنْكَشِف الغُمَّة ... ودليلٌ تَتْبَعُهُ الأُمَّة ... شَرَف الرَجُلِ هو الكَلِمة ...!؟!...".

 ... فَكَيْف يَنْخَذِلُ الحُسين ويَنْتَصِرُ يزيد في عالَم شَهِدَ النُبوَّة وشَهِدَ الخلافة على سُنَّة الراشِدين ...!؟! – إنَّ كَلِمَة واحِدة قالَها الحُسين في ساعَة يأسِهِ بَعْد إدراكِهِ مَصيرِهِ الذي ذهبَ إليْه – إنَّها كَلِمَة تَدُلُّ على مَدى يَقينِهِ في وجوبِ الحَق، وعَجَبِهِ مِنْ أنْ يَكون الأمْر غَيْر ما وَجَبْ عِنْدَما قال: "... النَّاسُ عبيدُ الدُنْيا ... فإذا مُحِّصوا بِالبَلاء قَلَّ الديانون ...!؟!" – ولَمْ تنْقَضِ في ذلك اليوم الذي لقى فيه الحُسين مصرعه "خمْسون سنة" على انْتِقال النَبيِّ مُحَمَّد عليه السلام مِنَ الدُنْيا إلى دار الخلود – مُحَمَّد النَبيّْ الذي بَرَّ بِدينهم ودُنيْاهُم – فَلَمْ يُغادِر الدُنيا حتَّى نَقَلَهُم مِنْ الظُلْمَة إلى النور، ومِنْ حياة التِّيهْ في الصحراء إلى حياة عامِرة يَسودونَ بِها أُمَم العالَمين ... لقد لَقِيَ الحُسين مَصْرَعَهُ في عام خروجِه، ولَحِقَ بِهِ يزيد بعد ذلك بِأقَل مِنْ أربع سنوات – ولَمْ تَمُرْ ستْ سنوات على مصْرَع الحُسين حَتَّى حاقَ الجَزاء بِكُلِّ من اعتدى عليه في كربِلاء – فَلَمْ يَكَدْ يَسْلَم مِنْهُم أحَد من القَتْل والتَنْكيل غير ما أصابَهُم مِنْ سوء السُمْعَة والشَرِّ الوَبيل – ولَمْ تُعَمِّر دولة بَني أُمّيَّة بَعْد مَصْرع الحُسين أكْثَر من ستين سَنة – وكانَتْ جريمة يَزيدُ وأعْوانه بِقَتْلِ الحُسين بِمثابة الداء القاتِل الذي أصابَها حَتَّى قَضى عليْها – وأصْبَحَتْ ثارات الحُسين نِداء كُلْ دولة تَسْعَى إلى أنَّ تَفْتَحُ لَها طَريقاً إلى الأسْماعْ والقلوبْ ...!؟!.

 ..."في خِتام المَقال لا نَجِدُ ما نَقول سِوَى – أنَّ المَمالِكْ والدوَل تَتَلاشى وتزول – ورُبَّما تَنْجَح المَطامِعُ أو تَخيبْ ... وقَدْ تَتَحَقَّق المَطالِبُ أو تَغيبْ – إنَّما تَظَلُّ فَضائِلُ النُبْل ومَكارِم الأخْلاق في صَدْرِ الإنْسان أحَقُّ بِالبَقاء مِنْ كُل ما تَجودُ بِهِ الحياة مِنْ مَنافِع ومَكاسِب ...!؟!... ولا توجَدْ صِفات أنْبَل ولا ألْزَمْ للنوع الإنساني مِنْ الإيمان والفِداء والإيثار ويَقَظَة الضَمير وتَعْظيم الحَقْ ورعاية الواجِب والأنَفة مِنَ المَذَلَّة والجَلَد في المِحْنَة والشَجاعة في وَجْه الموت المَحْتومْ – إنَّها كُلَّها ومثيلاتها من طرازها – هى التي تَجَلَّتْ في "حوادِث كَرْبِلاء" مُنْذُ أن نَزَلَ بِها رَكْبُ الحُسين – هذِهِ الأخْلاق تَمَكَّنَتْ مِنْ نُفوسٍ مَنْ رافَقوه – وما مِنْ أحَدٍ قُتِلَ في كَرْبِلاء إلَّا وكان في وُسْعِهِ أنْ يَتَجَنَّب القَتْل بِكلمَةٍ "البَيْعَة" أو يَخْطوا بِخَطْوَةٍ تِجاه المُعَسْكَر الآخَر – لَكِنَّهُم جَميعاً آثَروا المَوْت عِطاشاً جياعاً مُناضِلين – على أنْ يَقولوا تِلْكَ الكَلِمة أو يَخْطوا تِلْكَ الخَطْوَة لأنَّهُم آثَروا جَمال الأخْلاق على مَتاعِ الحياة ... هذهِ هى سِمات وسَجايا الشُهْداء ...!؟!.
"... يَقول الشاعِر الفيلسوف "أبوالعلاء المَعَرِّي" في وَصْفِهِ لِلأئِمَّة الشُهَداء "الإمام عَليّ والإمام الحُسين"}وعَلى الدَهْرِ مِن دِماءِ الشَهيدَيْن ... عَليٌّ ونَجْلَهُ شاهِدانْ{
} فَهُما في أواخِر الليْل فَجْران ... وفي أوْليَاتِه شَفَقان {
🌴"... إنَّها صورة مُشْرِقة بِالجَمال في عالَم المِثال – عاشَتْ وتَعيش في قُلوب الأجيال – مَحَبَّةً لِذِكْرى خلود أرْواح الشُهداء ... ونبْراساً من النور يُضئُ طريق الحَق لِكُلٍّ شَهيدٍ في كُلٍّ زَمانْ...!؟!"🌴
🌴رَحمَ اللهُ الشُهَداء الأبْرار🌴
 

___________________________
تنويه:- *عباس محمود العقَّاد "الحُسين أبو الشُهداء" سلسلة "كتاب الهلال" عدد نوفمبر 1969م – إصدار مؤسسة دار الهلال – القاهرة. 
**عبدالرحمن الشرقاوي "الحُسين ثائِراً" مسرحية – سلسلة روايات الهِلال – عدد نوفمبر 1971م – إصدار مؤسسة دار الهلال – القاهرة.

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط