من هم الأعراف ؟ .. يتساءل كثير من الناس عـ من هم الأعراف؟، ولماذا خصهم الله بالرجال دون النساء؟، وما هو مصيرهم من حيث دخول الجنة أو الخلود في النار؟
ومن خلال التقرير التالي نجيب أسئلة من هم الأعراف؟ ولماذا اختصوا بالرجال دون النساء؟

من هم الأعراف؟
ورد اسم “الأعراف”، في سورة كاملة من السبع الطول وجاء تفصيلها في قوله تعالى: « وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ»، وأصحاب الأعراف هم: الأشخاص الّذين تتساوى حسناتهم مع سيّئاتهم، والأعراف هو عبارة عن سور عالي يقع بين الجنّة وبين النار.
والأعراف لغة جمع عرف، وهو المكان المرتفع من الأرض كما عرّفها الطبري، وقد قيل لعُرف الدّيك عرفاً لارتفاعه على ما سِواه من جسده، ويعود سبب تسمية المكان المرتفع عرفاً؛ لأنّه يصبح أعرف ممّا انخفض منه.[٤] أمّا في الاصطلاح فالأعراف: حجاب أو سور أو تلّ مُشرف، أو جبال بين الجنّة والنّار، أو أيّ حاجز آخر يجعله الله يوم القيامة بين الجنّة والنار، ويطلع أصحاب الأعراف من خلاله على فريقيّ الجنّة والنار؛ يَعرِفون كلّاً بسيماهم.
ويقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أنواع: الأوّل: الّذين تكون حسناتهم كثيرة وتغلب على سيّئاتهم، وهؤلاء يدخلهم الله تعالى الجنّة وينعمون بنعيمها الدائم من دون عذاب، والثاني: فهم الّذين تكون سيئاتهم أكثر من حسناتهم وهؤلاء يعذّبهم الله، ويدخلهم نار جهنّم خالدين فيها.
والنوع الثالث: فهم الّذين تكون أعداد حسناتهم مساوية لأعداد سيّئاتهم، وأولئك الأشخاص لا يعتبرون من أهل الجنّة، ولا من أهل النّار؛ بل يضعهم الله تبارك وتعالى في مكان مخصّص لهم يسمّى البرزخ، وفي هذا المكان يتمكّن هؤلاء الأشخاص من رؤية الجنّة ورؤية النار، وبعد ذلك يدخلهم الله تعالى الجنّة بعد أن يقضو الفترة التي يحدّدها الله تعالى لهم في البرزخ جزاء لهم، وإنّهم لايدخلون الجنّة إلّا برحمةٍ من الله تعالى وليس بأعمالهم وحسناتهم.
وذلك ما ورد على لسان الحافظ الحكمي الّذي قال عن أهل الأعراف: «يقفون بين الجنّة والنار ما شاء الله أن يوقفوا، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة»، وقد سمّي جبل الأعراف بهذا الاسم لأنّه يقع بين الجنّة والنار.
وأصحاب الأعراف لايكون جزاؤهم دخول النار لأنّ سيّئاتهم لا تجعلهم من أهل النار، ولا يدخلون الجنّة لأنّ حسناتهم لا تخوّل لهم ذلك، ومن حكمة الله تعالى ورحمته وفضله وعدله بأنّه يتركهم فترةً يحدّدها لهم، ثمّ يدخلهم الجنة كي يكون الأمر عادلاً، فلا يدخلون الجنّة مباشرة لأنّهم كانوا يعرفون الحق ويعرفون الباطل، لكنّهم لم يتّبعوا ما أمرهم به الله تعالى بشكلٍ كبير، ولم ينتهوا عن الّذي نهاه الله تعالى بشكل كبير، فوجب لهم العذاب والجزاء.

من هم الأعراف؟
ذهب ابن مسعود وكعب الأحبار وابن عباس -رضي الله عنهم- إلى القول بأنّ أصحاب الأعراف هم مساكين أهل الجنّة، واستدلّوا على ذلك بما أخرجه الإمام الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "الأعراف سورٌ بين الجنة والنار، وأصحاب الأعراف بذلك المكان، حتى إذا بدا لله – هكذا بالأصل – أن يعافيهم؛ انطلق بهم إلى نهرٍ يقال له: الحياة، حافتاه قصب الذهب، مكلَّلٌ باللؤلؤ، ترابه المسك؛ فألقوا فيه، حتى تصلح ألوانهم ويبدو في نحورهم شامة بيضاء يُعرَفون بها، حتى إذا صلحت ألوانهم، أتى بهم الرحمن، فقال: تمنوا ما شئتم، قال: فيتمنون، حتى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم: لكم الذي تمنيتم ومثله سبعين مرة، فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يُعرفون بها، يسمون مساكين الجنة".
وقد نقل ابن وهب عن ابن عباس -رضي الله عنه-: أنّ أصحاب الأعراف هم الذين ذكرهم الله في القرآن، وهم أصحاب الذّنوب العظيمة من أهل القبلة. ذكر ابن عطية في تفسيره: أنّ أصحاب الأعراف هم قومٌ كانت لهم ذنوب صغيرة لم تُكفَّر عنهم بالآلام والمصائب في الدنيا، وليست لهم كبائر، فيُحبسون عن الجنة لينالهم بذلك غمّ وهمّ، فيقع ذلك في مقابلة صغائرهم إلى أن يدخلون الجنة. يرى أبو نصر القشيري في قولٍ آخر، والشوكاني ومجاهد في أحد قوليه: أنّ أصحاب الأعراف هم فضلاء المؤمنين والشهداء الذين فرغوا من شغل أنفسهم، وتفرّغوا لمطالعة أحوال الناس وأحوالهم. يرى ابن عباس -رضي الله عنه- كما نقل القشيري: أنّ أصحاب الأعراف هم أولاد الزنا.
ويرى مجاهد: أنّ أصحاب الأعراف هم قومٌ صالحون، وأنّهم من الفقهاء والعلماء. ذهب المهداوي، ومعه الشوكاني والقشيري وشرحبيل بن سعد: أنّ أصحاب الأعراف هم الشُّهداء من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم. يرى شرحبيل بن سعد: أنّ أصحاب الأعراف هم الذين استشهدوا في سبيل الله والذين خرجوا للجهاد عاصين لآبائهم.
كما يرى الزهراوي والنّحّاس: أنّ أصحاب الأعراف هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم، وهم فئةٌ مختارةٌ في كل أمة. ذهب ابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس في قول له، والشعبي، والضحاك، وسعيد بن جبير إلى: أنّ أصحاب الأعراف هم "قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجُعلوا هناك إلى أن يقضي الله فيهم ما يشاء، ثم يُدخلهم الجنّة بفضل رحمته لهم".

من هم الأعراف؟
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إن أصحاب الأعراف وقد ذكر الله سبحانه وتعالى شأنهم في قوله : {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ } يعنى بعلاماتهم، والأعراف هى تله أو مرتفع من الأرض، لافتاً إلى أن هناك تفسيرات عدة ولكن من أبدعها "أن أصحاب الأعراف هؤلاء هم الأنبياء والرسل، لأن الله سبحانه وتعالى وصفهم بأنهم يعرفون كل بسيماهم، فلأنهم يعرفون كل بسيماهم، هؤلاء من أصحاب النار، هؤلاء من أصحاب الجنة، هؤلاء في الدرجة العالية، هؤلاء في الدرجة التي بعدها، كل ذلك يعرفه أصحاب الأعراف {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ} إذًا فهم أصحاب معرفة، ولهم شأن عظيم عند الله.
وتابع خلال برنامج القرآن العظيم على شاشة صدى البلد: “هذا القول من أهل التفسير يدل على تعظيم المعرفة ؛ وأن المعرفة سلطة لها مكانه، وهذا هو ما نطق به القرآن { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وأكد فقال {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } يعنى يفتخر بالعلم {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}. ومن هنا فإن أصحاب الأعراف في القول الذي قال أنهم هم الانبياء، يتسق ذلك مع السياق، هؤلاء كأنهم شهداء على الناس”.
وبين أن الله سبحانه وتعالى يذكر لنا أشياء ونجلس نبحث عنها بالسنين الطوال، ثم بعد ذلك نعرفها {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} الله سبحانه وتعالى هو الذي سيبين معاني القرآن الكريم عبر العصور حتى تتم معجزة القرآن الكريم، يقول تعالى : {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} الله سبحانه وتعالى سيظهر لنا ذلك، هذا يتم شيئا فشيئا، كل مدة نرى أن العالم اكتشف شيئا أو اخترع شيئا بتوفيق الله للبشرية، ولبناء الحضارة، اخترع شيئا أو اكتشف شيئا يساعد على فهم الصياغة القرآنية، وهذا يدل على أن هذا الكتاب من عند الله وليس من عند بشر.
كلمات التوبة على آدم
رأى أهل التفسير أن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه هي المذكورة في سورة الأعراف في قوله تعالى: «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (الأعراف: 23) وقيل: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك، لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
وقالت الدكتورة هبة عوف، الداعية الأزهرية، إن الله تعالى عاقب سيدنا آدم على ذنبه، بنزوله إلى الأرض، فدعا سيدنا آدم الله تعالى كثيرًا للتوبة من هذا الذنب.وأضافت «عوف»، في تصريح لـ «صدى البلد»، أن الله تعالى عرّف آدم -عليه السلام-، كلمات ليتوب عليه، كما فى قوله تعالى: «فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»، منوهة بأنه فى سورة الأعراف ورد ذكر هذه الكلمات فى قوله تعالى: «قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ».
وأشارت العالمة الأزهرية، إلى أن هذه كلمات رغم صغرها إلا أنها عظيمة، ففيها اعتراف بالذنب من سيدنا آدم والسيدة حواء -عليهما السلام-.
آدم عليه السلام
هو أول نبي من أنبياء الله تعالى، وأبو البشر، خلقه الله -تعالى- بيديه، وعلّمه الأسماء كلها، ثم أمر الملائكة بالسجود له، وبعدها عاش آدم -عليه السلام- في الجنة، وخلق الله -تعالى- له زوجته حواء، وأباح لهما كل ثمار الجنة ونعيمها إلا شجرة واحدة، فوسوس لهما الشيطان فأكلا منها، فأنزلهما الله -تعالى- إلى الأرض وأمرهما بعبادته وحده لا شريك له ودعوة البشر إلى ذلك.
ورد ذكر قصة آدم -عليه السلام- في العديد من سور القرآن الكريم، حيث ذُكرت في سبعة مواضع في سورة البقرة، والأعراف، والحجر، والإسراء، والكهف، وطه، وص، وقد وردت أحداث القصة بدرجات متفاوتة من القِصر، والطول، والإيجاز، والإسهاب، والتفصيل، والاختصار، ولكن عند تجميع الأحداث تتشكل قصة مترابطة لا انقطاع فيها ولا اختلال، حيث تبدأ القصة بالحديث عن إرهاصات خلق الكائن الجديد وهو آدم عليه السلام، وبيان نوع المادة التي سيُخلق منها، ثم الاحتفاء به وأمر الملائكة بالسجود له، وبيان سجود الملائكة -عليهم السلام- له ورفض إبليس للأمر الإلهي، وتستمر الأحداث بالتسلسل إلى أن تنتهي بخروج آدم من الجنة وهبوطه إلى الأرض.
خلق آدم عليه السلام
سبق خلق آدم -عليه السلام- إخبار الله -تعالى- ملائكته -عليهم السلام- بأنه سيخلق بشرًا، وأنّ هذا المخلوق الجديد سيسكن الأرض، ويكون على رأس ذرية يخلف بعضهم بعضًا، فتساءلت الملائكة عن الحكمة من خلق آدم عليه السلام، فبيّن الله -تعالى- في القرآن الكريم استفسار الملائكة، حيث قال: «إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ» والظاهر من توقع الملائكة بأنّ ذرية آدم ستسفك الدماء وتُفسد في الأرض؛ لأنّ لديهم من الإلهام والبصيرة ما يكشف لهم شيئًا من فطرة المخلوق، أو أنّ لهم تجربة سابقة في الأرض، بالإضافة إلى أنّ فطرة الملائكة التي جُبلت على الخير المطلق لا تتصور غايةً للوجود إلا تسبيح الله -تعالى- وتقديسه، وذلك متحقق بوجودهم، وبعد ما أبداه الملائكة عليهم السلام من الحيرة بعد معرفة خبر خلق آدم، جاء الرد من رب العالمين حيث قال: «إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ».