الساكورا.. زهرة زرعت السلام بين اليابان والصين

أوراق صغيرة وردية اللون، تعتلي شجرة طويلة تجاور مثيلاتها، تحول الطرقات إلى لوحة مرسومة تشعرك بالسلام النفسي بمجرد رؤيتها، والتعمن في النظر إليها أو حتى المرور بجوارها، نادرة الانتشار، إلا أنه يحظى بها سكان اليابان، وتقديرا لها أقاموا مهرجانا سنويا للونها الوردي الفريد، ويبلغ عمرها في اليابان أكثر من ألفي عام.
شجرة رقيقة كانت السبب في زرع السلام بين دولتين طال النزاع والخلاف بينهما، لتكون جذور المصالحة بين البلدين، فبعد هدوء الحرب بين اليابان والصين، أهدت الأولى لنظيرتها ما يقارب ألفي شجرة من نبات الساكورا، لكسر الحواجز بينهما، لتكون سببا في السلام ولم شمل البلدين، ومع ارتفاع درجات الحرارة، نمت وازدهرت أزهار الساكورا بالصين لتجذب وتخطب الأنظار وتذيب الجليد بين البلدين.



ليست مجرد زهرة نمت في اليابان بل ارتبطت بالفن والثقافة اليابانية، وأصبحت رمزا لها، وظهرت الساكورا أو شجرة الكرز، ونمت بازدهار في اليابان، حتى أصبح علامة مميزة لها، استخدمها الجنود قديما في التحلي بالقوة والاعتزاز بوطنيتهم لبلادهم، وكانت الحكومة تشجع الناس على الإيمان بأن المحاربين الفدائيين الذين قتلوا في المعارك دفاعًا عن الوطن تتجسد أرواحهم في أزهار الكرز التي لا زالت وستظل رمزًا لجمال الطبيعة اليابانية.



يبدأ تفتح أزهار الساكورا في شهر فبراير، ويصل إلى و يهتم اليابانيون بدرجة كبيرة بموسم التفتح، فيقبلون على الحدائق العامة والمعابد والأضرحة لإقامة ما يدعى بـِ(حفل مشاهدة الزهور) ويسمى باليابانية "هانامي"، والهانامي احتفال بجمال زهور الساكورا، وهي فرصة للاستجمام والاسترخاء والتمتع بمشاهد تفتحها، ومن تعظيمهم لها أصدرت اليابان عملة من فئة الـ100 ين تحمل نقش زهور الساكورا.



وتستخدم اليابان هذه الأزهار كقوة ناعمة لتعزيز وتقوية علاقتها بالدول الأخرى، ففي عام 1912، أهدت اليابان 3000 شجرة ساكورا للولايات المتحدة الأمريكية، للاحتفال بشعب البلدين وتنمية روابط الصداقة، و تم زراعة الأشجار في واشنطن، وجددت اليابان نيتها في عام 1956 بـ 3800 شجرة كرز إضافية.

أوراق الساكورا ليست للزينة فقط، واستحدث اليابانيون وصفات طعام، فهي صالحة للأكل كما استخدموها في صنع الشاي الذي يقدم في حفلات الزفاف أو الموائد الرسمية.