الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منطقة الأمراء والباشاوات.. تعرف على تاريخ الحلمية أعرق أحياء المحروسة

صدى البلد

"ومنين بييجي الرضا.. من الإيمان بالقضا، ومنين بيجي السواد.. من الطمع والعناد"، كلمات مرتبطة بواحد من أشهر المسلسلات المصرية الذي تابعه الملايين وهو "ليالي الحلمية"، الذي قدم لنا فترة زمنية هامة من تاريخ مصر وأهلها الذين عاشوا وماتوا وهم يدافعون عن كل ما هو جميل وأصيل، تلك المنطقة الشعبية التي تكتظ بالملايين في يومنا هذا، لن تصدق أنها كانت منطقة قصور ومنازل للأمراء والباشاوات والفنانين، لكن هل فكرت ما هو تاريخ الحلمية وما هي بدايتها؟!

الحلمية حي عريق يقع في شرق القاهرة ويتميز بعدد القصور التي أنشئت فيه.

يعود تاريخ الحلمية إلى الوالي عباس حلمي الأول، حيث نشأ الحي مكان سراي ضخمة جدا كان قد بناها الوالي عباس باشا الأول في هذا المكان، وظلت موجودة حتى أواخر القرن التاسع عشر، وقد ضمّت داخل جنباتها بعض البيوت القديمة للأمراء المماليك الذين كانوا يسكنون في هذه المنطقة في الأزمنة القديمة.

وسميت باسم الحلمية نسبة للخديوى عباس حلمي الثاني وفي الأصل منطقة حدائق مثمرة متاخمة لمنطقة صحراوية، وقد تم تعميره ببناء عدد من القصور والسرايات للعديد من أمراء الأسرة العلوية مثل قصر الأمير يوسف كمال والأمير وحيد الدين والعديد من القصور وتبعهم العديد من الوجهاء في تشييد القصور والفيلات، ويوجد بها فيلا محمد فريد أبو حديد، المفكر الإسلامي الكبير، وفيلا الشيخ عبد العزيز البشرى وفيلا الشيخ محمد عبده، الإمام المجدد، وفيلا الشيخ الدكتور محمد المسير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، وفيلا الفنان محمود مرسي، ومنزل مصطفى بيومى، وكيل أول وزارة الإنتاج الحربي وأحد أبطال حرب أكتوبر.

بالغ عباس حلمي الأول في تشييد سراي الحلمية، حيث أنشاها في مكان بيت إبراهيم بك الكبير وبيت ابنه مرزوق –المقتول في مذبحة القَلْعَة في سنة 1226 هـ/1811م وبيوت أخرى لأمراء سابقين.

في سنة 1266هـ / 49 – 1850م صدر تكليف من عباس باشا إلى علي باشا مبارك بعمل تصميم ميدان وإسطبل وعربخانة وقراقول وسجن ملحقين بهذا القصر، فاشترى عدة أماكن حتى امتدت مباني السراي وملحقاتها إلى قُبّة المظفر.

كانت هذه السراي كما حددتها خريطة جراند بك التي رسمها لمدينة القاهرة سنة 1874م وخريطة التخطيط الجديد لمدينة القاهرة تمتد حدائقها حتى شارع محمد علي شمالًا، وتطل على بركة الفيل، وتمتد غربا حتى حدائق سراي دَرْب الجمّاميز التي كانت على الخليج المصري.

يتوسط مبنى القصر حديقة وتحيط به الحدائق من الثلاث جهات: الشمالية والجنوبية والغربية، ويحيط بهذه الحدائق كلها سور، وقد كان هذا القصر يشمل معظم منطقة الحلمية الحالية تقريبًا، وكان القصر ملاصقا لسراي درب الجماميز الخاصة بمصطفى باشا فاضل (سراي الجماميز اليوم أصبحت مدرسة الخديوية).

كان مبنى القصر يقع شمال غرب قصر علي باشا مبارك وشمال قصر الأمير أحمد باشا طلعت، وقد آلت هذه السراي بعد وفاة عباس باشا حلمي الأول إلى حفيدته أمنية هانم بنت إلهامي باشا بن عباس باشا الأول، وهي زوجة الخديوي توفيق ووالدة الخديوي عباس حلمي الثاني والتي كانت تعرف بأم المحسنين.

في أوائل القرن العشرين، هدمت سراي الحلمية وخططت حدائقها إلى شوارع وقطع وبيعت وعرف هذا التخطيط بالحلمية الجديدة.

نسبت منطقة الحلمية إلى عباس باشا حلمي بعد أن بنى بها قصره وجعل أِمامه ميدانًا عرف بالحلمية أيضًا كان أمام باب جامع ألماس الحاجب، وقد امتد هذا الميدان إلى قُبّة المظفر، وأصدر إرادة في 27 ربيع الأول 1267هـ / 30 يناير 1851م بتسمية تلك المنطقة بالحلمية.

وكانت بها مزرعة كبيرة لتربية النعام متاخمة لقصر الأمير يوسف كمال، ومقر قصر الأمير يوسف الآن المعهد القومى لبحوث الصحراء، وفي المنطقة الصحراوية كانت قشلاقات الجيش الإنجليزى التي أصبحت بعد الجلاء ثكنات للجيش المصري.

الحلمية الجديدة شهدت حياة الكثير من المشاهير والشخصيات البارزة الذين عاشوا فيها مثل الفنان سامي مغاوري، والشيخ أبو الفتوح السيد الليثي الكناني، والشاعر عماد زيور ورياض باشا ناظر النظار، وأحمد باشا تيمور، وعبد الله باشا فكري وعلى باشا مبارك، والفنان محمود مختار، صاحب تمثال نهضة مصر الشهير، والفنان حسين صدقي، والفنان فريد شوقي، والفنان زكي رستم، والفنانة شادية، والفنان حسن حسني، والفنانة سهير المرشدي، والفنان شوقي شامخ، والمعماري على لبيب.

وجاء الزمن على السرايات الضخمة ذات الحدائق الشاسعة والتي تهدمت شيئا فشيء حتى لم يتبق منها سوى أقل القليل، فتغيرت معالم الحي وأصبح يشبه أي حي بسيط بالقاهرة بمنازله الشعبية.