الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: الإسلام قدم للإنسانية نماذج حية للتعايش السلمي

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه ما زال الإسلام يقدم للإنسانية النماذج الحية للتعايش السلمي بين جميع البشر بمختلف دياناتهم وتعدد مشاربهم وثقافاتهم‏، ففي صدر الإسلام قدم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نموذجا فريدا طيبا للتعايش مع الآخر.

النماذج الحية للتعايش السلمي

ولفت “جمعة”، إلى نموذج هجرة المسلمين وعيشهم بأرض الحبشة‏، إذ لما اشتد البلاء والبطش والتعذيب من مشركي مكة للقلة المسلمة‏، قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم‏: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد‏، وهي أرض صدق‏، ‏حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه» (‏سنن البيهقي‏).‏

وأضاف "لقد كانت الحبشة كقريش مجتمعا غير مسلم‏,‏ ولكنه كان مظنة العدل والحماية لكل من يلجأ إليه من المستضعفين وذوي الدعوات النافعة الصالحة‏,‏ التي تبني ولا تهدم‏,‏ وتحيي النفوس ولا تفنيها‏,‏ وهذا ما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن لأصحابه ‏-‏والمأذون مأمون‏-‏ بالهجرة إلى الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم‏,‏ فكانت أول هجرة في الإسلام‏,‏ وكان جميع من لحق بأرض الحبشة سوى الصغار ومن ولد بها نيفا وثمانين رجلا وإحدى عشرة امرأة.

وتابع "حين نزلوا بالحبشة استقبلهم النجاشي خير استقبال وأحسن وفادتهم‏,‏ فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت‏: «‏لما نزلنا أرض الحبشة‏,‏ جاورنا بها خير جار النجاشي‏,‏ أمنا على ديننا‏,‏ وعبدنا الله تعالى لا نؤذي ولا نسمع شيئا نكرهه‏» (‏مسند أحمد ).‏ وكانت الحبشة متجرا لقريش فدرسوا طريقها وعرفوا ملكها النجاشي‏,‏ ولذلك سعوا متفائلين في طلب من هاجر من المسلمين‏,‏ وأرسلوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص‏,‏ فحاولا استمالة النجاشي وتأليبه على تلك الفئة المسلمة توطئة لأخذهم وإعادتهم إلى مكة‏,‏ إلا أن النجاشي رفض وقال لبطارقته‏: «لا ها الله إذن لا أسلمهم إليهما‏,‏ ولا يكاد قوم جاوروني‏,‏ ونزلوا بلادي‏,‏ واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان أي في أمرهم‏,‏ فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم‏,‏ وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما‏,‏ وأحسنت جوارهم ما جاوروني».

وأكمل : عندما سأل النجاشي المسلمين‏,‏ بيّن له سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في خطاب بليغ الحال التي وصل إليها أهل مكة من الانحلال الأخلاقي والديني‏, ‏وأخبره أن الله تعالى بعث رسولا من بينهم‏,‏ يتصف بكل خلق حسن وخصلة حميدة‏,‏ يدعوهم إلى الفضيلة وينقذهم من الرذيلة‏,‏ ويأمرهم بترك عبادة الأوثان إلى عبادة الله وحده‏,‏ وزاد جعفر‏: «وحرمنا ما حرم علينا‏,‏ وأحللنا ما أحل لنا‏,‏ فعدا علينا قومنا‏,‏ فعذبونا‏, ‏وفتنونا عن ديننا‏,‏ ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى, ‏وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث‏,‏ فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا‏,‏ وحالوا بيننا وبين ديننا‏,‏ خرجنا إلى بلادك‏,‏ واخترناك على من سواك‏;‏ ورغبنا في جوارك‏,‏ ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك».‏ ثم تلا عليه صدر سورة‏ «مريم»‏ فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا صحائفهم حين سمعوا ما تلا عليهم‏,‏ ثم قال لهم النجاشي‏: «إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة».