شهدت العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء، تطورًا غير مسبوق في مسار الصراع بالمنطقة، بعدما نفذت إسرائيل هجومًا استهدف مبنى في حي مدني، خلال اجتماع ضم وفدًا من حركة حماس لبحث مقترح أمريكي يتعلق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
الهجوم، الذي وصفته أطراف عربية ودولية بأنه انتهاك خطير لسيادة دولة قطر، أثار تساؤلات واسعة حول كيفية تنفيذه، ودلالاته السياسية والأمنية.
طبيعة العملية
بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" عن المنتج التنفيذي أندرو بوتر من موقع الحدث، فإن مركز المبنى المستهدف قد انهار جزئيًا بفعل ضربة جوية دقيقة، بينما ظلت بعض أجزائه الأخرى قائمة، ما يشير إلى استخدام ذخائر موجهة بدقة عالية.
وأظهرت صور "رويترز" لقطات لمبنى متضرر في واجهته الأمامية، مع انتشار قوات الأمن القطرية التي سارعت لتطويق المكان ومنع المدنيين من الاقتراب أو التصوير.
وسائل التنفيذ
كشفت القناة 14 الإسرائيلية عن أن العملية نُفذت عبر مقاتلات إسرائيلية اخترقت الأجواء القطرية ونفذت الغارة باستخدام صواريخ جو-أرض موجهة، ما يرجح أن العملية تمت بتنسيق استخباراتي مسبق، حيث بدا أن الهدف كان محددًا بدقة لاحتضان اجتماع قيادات حماس.
وأورد موقع "أكسيوس" الأمريكي أن الهجوم جاء بينما كان وفد الحركة يناقش بنود المقترح الأمريكي للتهدئة، الأمر الذي يضيف بعدًا سياسيًا واضحًا إلى الهدف العسكري المعلن.
ردود الفعل
الهجوم قوبل بإدانات واسعة. مصر وصفته بأنه "سابقة خطيرة واعتداء مباشر على السيادة القطرية"، فيما أكدت السعودية، عبر اتصال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقوفها الكامل مع قطر.
أما البحرين فقد شددت على أن ما جرى يمثل انتهاكًا للقانون الدولي. الجامعة العربية من جهتها رأت أن الاستهداف يعد ضربًا لكل الأعراف الدولية، وحذرت من انعكاساته على مسار الوساطة الجارية.
الدلالات الأمنية والسياسية
يرى محللون أن استهداف العاصمة القطرية يمثل تحولًا نوعيًا في الاستراتيجية الإسرائيلية، إذ يتجاوز ساحة الصراع المباشر في غزة ليطال دولة عربية تلعب دور الوسيط.
ويهدد التطور غير المسبوق للاعتداء الإسرائيلي الغاشم بتقويض الثقة في العملية التفاوضية، ويضع الوسطاء في موقع أكثر حرجًا أمام المجتمع الدولي. كما أن استخدام مقاتلات لتنفيذ الهجوم في أجواء دولة مستقلة يفتح الباب أمام تساؤلات حول الثغرات الأمنية والانعكاسات على العلاقات الإقليمية.
مستقبل الوساطة
بدا واضحًا أن العملية تحمل رسالة مزدوجة: عسكرية وسياسية. فعسكريًا، تسعى إسرائيل إلى استهداف قيادات حماس أينما وُجدوا. وسياسيًا، توجّه رسالة ردع للدول الوسيطة.
وفي المقابل، من المحتمل أن يؤدي الاعتداء الإسرائيلي إلى تعزيز التضامن العربي مع قطر، وإلى ضغوط متزايدة على إسرائيل من أطراف دولية تعتبر أن ضرب وسيط رئيسي يضر بجهود التهدئة.
وبينما تلتزم قطر الصمت بشأن رد الفعل المتوقع حتى اللحظة وتفاصيل الاستهداف، فإن تداعيات الهجوم مرشحة لمزيد من التصعيد.