أوضح الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، الحكم الشرعي لتكسب العامل بصورة شخصية من وظيفته، وذلك ردًا على سؤال ورد إلى دار الإفتاء حول مشروعية تلقي الموظف مبالغ مالية من بعض المواطنين نظير سرعة إنجاز الخدمات المقدمة لهم داخل جهة عمله، مؤكدًا أن هذا الفعل محرم شرعًا ويعد من قبيل الرشوة التي نهى الإسلام عنها.
جاء في نص السؤال الموجه إلى دار الإفتاء أن أحد الموظفين يعمل في جهة خدمية حكومية، ويتقاضى راتبًا ثابتًا مقابل عمله اليومي والتزامه بساعات العمل الرسمية، إلا أنه يسعى إلى زيادة دخله، وقد عرض عليه بعض من يتعاملون معه ماليًا داخل إطار عمله مبالغ مالية مقابل تسريع الخدمات أو إتمامها باهتمام أكبر مقارنة بغيرهم، وتساءل عن الحكم الشرعي في قبول هذه الأموال.
وأكد الدكتور نظير عياد، عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية، أن أخذ هذه الأموال لا يجوز شرعًا، لأنها تُعتبر رشوة محرمة، موضحًا أن الراتب الذي يتقاضاه الموظف هو مقابل أدائه لعمله واحتباسه الوظيفي، أما أخذ أي مقابل إضافي من المواطنين داخل نطاق عمله فهو أكل للمال بالباطل.
وشدد المفتي على ضرورة تحري الكسب الحلال والابتعاد عن الشبهات، والصبر على الرزق الطيب الذي يباركه الله.
وقال المفتي إن الشريعة الإسلامية حثت على العمل والسعي في طلب الرزق الحلال، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: 10]، موضحًا أن السعي في كسب الرزق الشريف هو نوع من الجهاد المشروع، لأن فيه مجاهدة للنفس وصبرًا على الكد والتعب.
وأضاف أن الإمام أبو الليث السمرقندي فسر الآية الكريمة بقوله: "اطلبوا الرزق من الله تعالى بالتجارة والكسب"، مبينًا أن العمل الشريف والتكسب من الحلال يمثلان صورة من صور العبادة التي تقرب الإنسان إلى الله، لما فيهما من الاعتماد على النفس وصون الكرامة والبعد عن الحرام.
واستشهد الدكتور نظير عياد بحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "طلب الحلال جهاد"، كما أخرجه الإمامان الشهاب القضاعي وابن أبي الدنيا، وكذلك ما قاله محمد بن واسع لمالك بن دينار: "ما لك لا تقارع الأبطال؟ قال: وما مقارعة الأبطال؟ قال: الكسب من الحلال والإنفاق على العيال"، وهو ما أورده الإمام البيهقي في كتابه "شعب الإيمان".
وأوضح مفتي الجمهورية أن الإسلام لا يمنع السعي لتحسين الدخل، ولكنه يشترط أن يكون الطريق مشروعًا بعيدًا عن استغلال الوظيفة العامة، داعيًا جميع الموظفين إلى الالتزام بالأمانة والإخلاص في أداء واجباتهم الوظيفية، والاعتماد على الكسب الطيب الذي يجلب البركة والرضا.



