قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فتاوى وأحكام| هؤلاء لا يجوز دفع الزكاة إليهم .. اعرف المستحقين لها وكيفية إخراجها.. حكم صلاة المنفرد والجماعة قائمة..حكم تهرب الزوج من الإنفاق على بيته وتحميل المسؤولية للزوجة؟

فتاوى وأحكام
فتاوى وأحكام

فتاوى وأحكام

هؤلاء لا يجوز دفع الزكاة إليهم .. اعرف المستحقين لها وكيفية إخراجها

حكم صلاة المنفرد والجماعة قائمة

حكم تهرب الزوج من الإنفاق على بيته وتحميل المسؤولية للزوجة؟

نشر موقع صدى البلدخلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى والأحكام التى يتساءل عنها عدد من المسلمين نستعرض بعض منا فى التقرير التالى.

هؤلاء لا يجوز دفع الزكاة إليهم .. اعرف المستحقين لها وكيفية إخراجها

من هم الذين لا يجوز دفع الزكاة لهم؟ هناك خمسة لا يجوز دفع الزكاة إليهم، فلا يجوز إعطاء زكاة المال لمن تلزم المُزكِّي نفقتهم من الأصول كالوالدين والأجداد، والفروع كالأولاد وأولادهم، وتجوز الزكاة على الإخوة والأخوات في حال كونهم من فئات مصارف الزكاة، ما لم تلزم المزكي نفقتهم.
 

أربعة أشخاص لا يجوز دفع الزكاة إليهم

1-لا تدفع الزكاة لآل النبي وبني هاشم ومواليهم، فعن عبد الْمطَّلبِ بن ربِيعة والفضل بن عباس رضي الله عنهما أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ محَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاس». أخرجه مسلم.

2-لا تدفع الزكاة إلى غير المسلم
لا تدفع دفع الزكاة إلى غير المسلم إلا في حال كان من المؤلفة قلوبهم، وأجاز فقهاء دفع الزكاة لغير المسلم إذا كان من مستحقيها؛ استدلالًا بعموم آية مصارف الزكاة التي لم تفرق بين المسلمين وغيرهم؛ حتى قال الإمام الرازي في "تفسيره" (16/ 89، ط. دار إحياء التراث العربي): [عموم قوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: 60] يتناول الكافر والمسلم] اهـ، وهذا مشهورٌ من مذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومحمد بن سيرين، والزهري، وجابر بن زيد، وعكرمة، وابن شبرمة من التابعين، وهو قول الإمام زُفَر صاحب الإمام أبي حنيفة رحمهم الله تعالى، وقول للحنابلة إذا كانوا من العاملين عليها.

3-لا تدفع الزكاة للأشخاص الأغنياء
من شروط  صحة أداء زكاة المال -إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول- أن تصرف لمصارفها الثمانية التي بينها الله تعالى في الآية الكريمة: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (التوبة/60)، فإذا صرفت لغير هذه المصارف كأن دفع الزكاة لغني على أنه فقير ثم بان له أنه غني فلا يجزئ ما دفعه عن الزكاة، ويجب عليه إخراج بدلها.

4- لا تدفع الزكاة لمن تلزم وتوجب النفقة عليهم
كالأولاد والزوجة، والأب والأم والأجداد، فمن تجب عليهم النفقة لا تجب إليهم الزكاة، فمن الشروط المتفق عليها عند جمهور الفقهاء في المذاهب الأربعة المتبوعة؛ ألَّا يكون المعطى له من الزكاة ممَّن تلزمه نفقته؛ فإذا كان ممن تلزمه النفقة؛ فلا يجوز إعطاء الزكاة له.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 49، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها: أن لا تكون منافع الأملاك متصلة بين المؤدي وبين المؤدى إليه؛ لأن ذلك يمنع وقوع الأداء تمليكًا من الفقير من كلّ وجه، بل يكون صرفًا إلى نفسه من وجه؛ وعلى هذا يخرج الدفع إلى الوالدين وإن علوا، والمولودين وإن سفلوا؛ لأن أحدهما ينتفع بمال الآخر، ولا يجوز أن يدفع الرجل الزكاة إلى زوجته بالإجماع].

شروط إخراج زكاة المال

كيفية إخراج الزكاة عنها تكون بالخطوات التالية:

أولا بحساب قيمتها فإن بلغت قيمتها خمسة وثمانين جراما من الذهب عيار(21) فأكثر فهذه قد بلغت نصاب الزكاة.

ثانيا: تجب فيها الزكاة بمرور عام هجري كامل من وقت الشراء.

ثالثا: تخرج الزكاة عنها على قيمتها في نهاية الحول على الراجح، فإن كانت في أول الحول تساوي مائة ألف، وفي نهاية الحول تساوي مائة وعشرين فتخرج الزكاة على اعتبار مائة وعشرين.

لمن تعطى زكاة المال

يجب إخراج الزكاة إلى مصارف الزكاة وهي الجهات التي حددها الله تعالى في القرآن الكريم والتي يجب إخراج الزكاة إليها، ومصارف الزكاة ثمانية كما ورد في قول اللهتعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» [التوبة:60].

متى تجب زكاة المال

الزكاة لا تجب في كل ما نملكه من أموال أو أشياء أخرى، ولكنها تجب في الأمور الآتية:

1- الأصول الثابتة حيث يجب على المسلم أن يقوم بإخراج الزكاة عن المال الذي بقي لديه لأكثر من عام كامل، وزاد عن النصب الشرعي وهو 595 جرام من الفضة أو 85 جرام من الذهب، بحيث يتوجب على المسلم إخراج ما يعادل 2,5% من قيمة هذا المال.

2- الذهب أو الفضة وغيرهما من المعادن الثمينة بحيث يجب على المسلم إخراج الزكاة فيهما سواء أراد المسلم أن يتاجر بهما أو يشتري بيت أو سيارة .

3- البهائم والأنعام فيجب على المسلم أن يخرج الزكاة عن هذه الأنعام، ومن الأمثلة على النصاب الشرعي للأنعام: أن نقوم بإخراج بقرة لا تقل عن سنتين من 30 بقرة، أو نخرج شاة واحدة عن الإبل التي تزيد على خمسة.

4- المزروعات التي نزرعها في الأرض من الأشجار والحبوب فيجب أن نخرج الزكاة عنها.

حكم الزكاة

الزكاة فريضةٌ عظيمة من فرائض الإسلام، وهي الركن الثالث من أركانه، فهي آكدُ الأركان بعد الشهادتين والصلاة،وقد تَظاهرتْ على وجوبها دلائلُ الكتاب والسُّنة والإجماع؛ قال تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» [النور: 56]، وثبتَ في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان".

الأموال التي تجب فيها الزكاة


فُرضت الزكاة على الأغنياء في أموالهم النامية التي تحتمل المواساة وهي نوعان:أحدهما: نوع يُعتبر فيه الحول على نصاب تامٍّ، وهو: الأثمان، والماشية السائمة التي تُتَّخَذ للدرِّ والنَّسْل، وتَرْعَى أكثر الحول، وعُروض التجارة؛ والحولُ شرطٌ في وجوب الزكاة في العين - يعني: الذهب والفضة وما يقوم مقامَها من الأوراق النقديَّة المعاصرة - والماشية، وعُروض التجارة.


كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث عُمَّاله على الصَّدَقة كلَّ عام، وعملَ بذلك خلفاؤه الراشدون؛ لِمَا عَلِموه من سُنَّته، وقال البيهقي رحمه الله: المعتمد في اشتراط الحول على الآثار الصحيحة عن أبي بكر وعثمان وابن عمر وغيرهم.
 

وقد رُويتْ أحاديثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، منها: حديث عائشة رضي الله عنها: «لا زكاةَ في مالٍ حتى يحولَ عليه الحول»،ومنها حديث ابن عمر: "مَن استفاد مالًا، فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول".


الثاني: ما لا يُعتَبر فيه الحول: وهو ما تجب فيه الزكاة بمجرَّد وجوده؛ كالحبوب والثمار والمعدن والركاز، فلا يشترط فيها مضيُّ الحول؛ لأنها نماءٌ في نفسها، تؤخَذ منها الزكاة عند وجودها، ثم لا تجب فيها مرَّة أخرى لعدم إرصادها للنماء؛ قال تعالى: «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» [الأنعام: 141]، والمعدن والركاز معطوفان عليه.وأجمع المسلمون على رُكنيَّتها وفرضيَّتها، وصار أمرًا مقطوعًا به، معلومًا من الدِّين بالضرورة؛ حيث يُستغنَى عن الاحتجاج له.

مصارف الزكاة في القرآن


لمن تعطى الزكاة ، ورد في القرآن الكريم ذكر مصارف الزكاة الثمانية وسنوضحها بالتفصيل:
الفقراء:والمفرد: فقير، وهو المحتاج في اللغة، والفَقْر ضدّ الغِنى، أمّا الفقير في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهو مَن لا يجد ما يكفيه، أو يجد بالكسب، أو غيره، بعض ما يكفيه، ممّا يقلّ عن نصف حاجته.

المساكين:والمفرد: مسكين، ويرجع إلى الجذر اللغوي سَكَنَ، وسكن الشيء؛ أي ذهبت حركته، ومنه: المسكين؛ لسكونه إلى الناس، والمسكنة تأتي بمعنى: الخضوع والقَهْر، أما المساكين في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهم الذين يجدون أكثر كفايتهم، أو نصفها، من كسبٍ، أو غير ذلك، إلّا أنّهم لا يجدون كفايتهم، وكفاية مَن تلزمه نفقتهم كلّها.
 

واختلف العلماء في الفرق بين المسكين والفقير في أيهما أحوج؛ فذهب الإمام مالك إلى أنّ المسكين أشدّ حاجةً من الفقير، لأنّ المسكين هو الساكن عن الحركة، أي الذي لا يَقْدر على العمل والكسب، أمّا الفقير فقادر على العمل والكسب، وذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ الفقير أشد حاجةً من المسكين؛ مستدلّين بقول الله -تعالى- في سورة الكهف: «أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ».
 

فقد ذكرت الآية الكريمة أن المساكين يعملون في البحر، وهو عملٌ يحتاج قوّةً، فكيف يكونون غير قادرين على الكسب، وقالوا إنّ السفينة للمساكين؛ فلا يكونون بذلك أقلّ حالًا من الفقراء، وردّ الحنفيّة والمالكيّة على ذلك بقولهم إنّ المقصود من الآية الكريمة أنّ المساكين يعملون في السفينة مقابل أجرٍ، أو أنّهم من ركّابها، لا أنّهم مالكوها.

العاملون عليها:وهم القائمون بالأعمال المُتعلّقة بالزكاة، من جمعها، أو حفظها، أو الكتابة لموجوداتها، فيعطون من الزكاة مقابل عملهم عليها.

المُؤلّفة قلوبهم:وهم السَّادة المُطاعون في أقوامهم ممّن يُرجى إسلامهم، أو إسلام أقوامهم بإسلامهم؛ فيُعْطَون ترغيبًا لهم، أو ممّن يُخشى شرُّه؛ فيُعْطون لِما في إعطائهم من مصلحةٍ ومنفعةٍ للإسلام والمسلمين.

الرِّقاب:وهم العبيد الذي كانوا يدفعون لأسيادهم ثمنًا؛ لقاء حرّيتهم، ويُطلق عليهم: المُكاتِبين، فيجوز دفع الزكاة لهم، أو الرّقاب المسلمة التي تقع في الحَبْس، فيُدفَع من الزكاة؛ لفكّها وتحريرها.

الغارمون:وهم المدينون الذين تحمّلوا دَينًا؛ إمّا لدفعهم مالًا في سبيل إصلاحٍ بين متخاصمين؛ لإنهاء الخصومة بينهم، فيُعْطون من الزكاة؛ حتى يتقوَّوا، ويزيد عزمهم على الإصلاح بين المُتخاصمين، وقد يكون الغارم هو المَدين الذي أُعسِر، ولا يملك المال لِسداد دَيْنه؛ فيجوز إعطاؤه من الزكاة؛ ليسُدَّ دَيْنه.
 

في سبيل الله:فيُعطى المقاتلون في سبيل الله من أموال الزكاة ما يُعينهم في القتال، من السلاح والعتاد، أو النفقة له ولعائلته؛ ليتقوّى على القتال ويتفرّغ له، مع العلم أن الجهاد لا يكون إلا تحت راية دولة وبأمر من حاكمها وليس بيد فئة تبغي كما يفعل داعش والإرهابيون، ومن العلماء من قال إنّ المُتفرّغ لطلب العلم داخلٌ في هذا المصرف من مصارف الزكاة -في سبيل الله-، وهناك من أدخل في هذا المصرف الفقير الذي لا يملك مالًا لأداء الحجّ، فيُعطى من الزكاة ما يكفيه ليُؤدّي الحجّ.
 

ابن السبيل:وهو الغريب المسافر الذي انقطعت به الطريق في غير بلده، ولا مال له، فيُعطى قَدْرًا من مال الزكاة يُوصله إلى بلده.

كيفية حساب زكاة المال عن الأنشطة التجارية

الزكاة تجب في جميع الأنشطة التجارية التي تدر الربح، وتسمى هذه الأنشطة عند الفقهاء باسم عروض التجارة، ودليل وجوب الزكاة في عروض التجارة عموم قوله تعالى{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ }، وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ».

كيفية حساب الزكاة في عروض التجارة تتم كالتالي:
1- تقييم البضاعة المعدة للبيع التي عند التاجر (بسعر الجملة).
2- إضافة النقود المملوكة لنفس التاجر، وكذلك ما يملكه من ذهب وفضة وديون له ثابتة على الغير.
3- خصم الديون التي على التاجر من رأس ماله السابق.
4- يخرج عن صافي رأس ماله الزكاة الواجبة متى بلغ المال النصاب.
5- نصاب الزكاة في عروض التجارة 85جم من الذهب عيار 21، والقدر الواجب إخراجه في عروض التجارة ربع العشر =2,5%
6- لا تجب الزكاة في عروض التجارة إلا بعد مرور حول – عام - على امتلاك المال أو السلعة ملكا تاما.
7- يتم تقييم البضائع بسعر الجملة وقت إخراج الزكاة.
8- زكاة عروض التجارة تخرج من النقود وهو مذهب الجمهور.

كما أن مصارف الزكاة بينها الله تعالى بقوله: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، فلا يجوز صرفها إلى غير هؤلاء الأصناف الثمانية، ولا يدفعها إلا لمن يغلب على الظن أنه من أهلها لأنها لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب كما في حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي» ولا يجوز دفعها إلى أصوله أو إلى فروعه أو زوجته أو إلى أحد ممن تجب عليه نفقته.

كيفية حساب زكاة المال على أرباح دفتر التوفير

الأموال المودَعة بالبنوك والتي تُدِرُّ عائدًا بمعدَّلٍ ثابت فيها الزكاة إذا حال عليها الحول القمري، ومقدار الزكاة الواجبة فيها هو ربع العشر أي: اثنان ونصف بالمائة من أصل المال.
والمال المودع في البنك إذا بلغ النصاب ومقداره ما يعادل قيمته 85 جرامًا من الذهب عيار 21، ومر على هذا المال سنة هجرية -قمرية- فتخرج زكاة المال بواقع 2.5%.

حكم صلاة المنفرد والجماعة قائمة

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه : ما حكم صلاة المنفرد والجماعة قائمة؟ فقد رأيت أحد الأشخاص دخل المسجد والجماعة قائمة، فصلى منفردًا صلاة مستقلة دون اقتداء بالإمام، ثم انصرف؛ فهل صلاته منفردًا والجماعة قائمة صحيحة؟

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة : ينبغي على المسلم أن يتحرَّى الصلاة في جماعة؛ لِمَا لها من فضلٍ عظيم، وخيرٍ عميم، وثوابٍ جزيلٍ، وقد حثَّ عليها النبي الكريم، إلا أنه لو صلَّى الشخص منفردًا والجماعة قائمة؛ فصلاته صحيحة وتجزئه، لكنه أساء بفعله هذا؛ لمخالفته مقصود الشرع الشريف منها، ما لم يكن له عذرٌ في ترك الجماعة.

حكم صلاة الجماعة وبيان فضلها

من المقرر شرعًا أن صلاة الجماعة من أعظم شعائر الإسلام، وهي فرضٌ على الكفاية، سُنَّةٌ على الأعيان، وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ» متفقٌ عليه.

حكم صلاة المنفرد والجماعة قائمة

الأصل فيمن دخل المسجدَ والجماعةُ قائمةٌ أن يلتحق بها على أيِّ حالٍ؛ إلا أنه لو صلى منفردًا والحالة هذه، فقد نصَّ غيرُ واحد من العلماء على صحة صلاته، وأنها تجزئه، لكنه أساء بفعله هذا.

قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 457- 458، ط. دار الفكر): [صلاة الجماعة واجبة على الراجح في المذهب، أو سُنة مؤكدة في حكم الواجب؛ كما في "البحر"، وصرحوا بفِسْق تاركها وتعزيره، وأنه يأثم، ومقتضى هذا أنه لو صلى مفردًا؛ يؤمر بإعادتها بالجماعة، وهو مخالف لما صرحوا به في باب "إدراك الفريضة": من أنه لو صلى ثلاث ركعات من الظهر، ثم أقيمت الجماعة؛ يُتِمُّ ويقتدي متطوعًا، فإنه كالصريح في أنه ليس له إعادة الظهر بالجماعة مع أن صلاته منفردًا مكروهةٌ تحريمًا أو قريبة من التحريم.. (قوله: والمختار أنه) أي: الفعل الثاني جابر للأول بمنزلة الجبر بسجود السهو، وبالأول يخرج عن العهدة وإن كان على وجه الكراهة على الأصح؛ كذا في "شرح الأكمل على أصول البَزْدَوِي"] اهـ.

وقال أبو الوليد الباجي المالكي في "المنتقى" (1/ 291، ط. مطبعة السعادة): [ولو قدَّموا رجلًا منهم إلا واحدًا منهم صلى فذًّا، فقد أساء وتُجْزِئه صلاتُه، بمنزلةِ رَجُلٍ وَجَدَ جماعةً تصلي بإمام فصلى فذًّا] اهـ.

وقال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 89، ط. دار الفكر): [قال القَبَّاب في شرح أول القاعدة الثانية -وهي أول الصلاة في كلامه على الصلوات الممنوعة-: فإذا كان الإمام في فرضٍ، فلا يجوز للشخص أن يصلي تلك الصلاة فذًّا، ولا في جماعة، ولا أن يصلي فريضة غيرها، قال القاضي عِيَاض: فإن فعل أساء، وتجزئه، قاله فيمن يصلي فذًّا ما يصلي الإمام جماعة انتهى.

وما ذكره عن القاضي عِيَاض لم أره، بل ظاهر كلامه في القواعد خلافه؛ لأنه عدَّ من مفسدات الصلاة: إقامة الإمام على المصلي صلاة أخرى. فتأمَّلْه، وفي "الأُبِّي شرح مسلم" في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إِلَّا المَكْتُوبَةَ» ما نصه: قلت: الظاهر أنه نفى الكمال لا الإجزاء، بدليل أنه لم يأمر المصلي بالإعادة. انتهى بالمعنى.

وصرَّح به في "التوضيح" في فصل الاستخلاف بالإجزاء، ونقله عن الباجي، ذَكَرَهُ في قوله: وكذا لو أتمَّ بعضُهم وحدانًا، ونصه بعد قوله: وحدانًا، بمنزلة جماعةٍ وجدوا جماعةً يصلون في المسجد بإمام فقدَّموا رجلًا منهم وصلوا، قال الباجي: قالوا: ولو هُمْ قدَّموا رجلًا إلا واحدًا منهم صلى فذًّا فقد أساء، وتجزيه صلاته، بمنزلة رجل وجد جماعة تصلي بإمام فصلى وحده فذًّا] اهـ.

وقال العلَّامة الزُّرْقَاني المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (1/ 497، ط. دار الكتب العلمية): [فيكره لِمَن بالمسجد الانفراد بها عن الجماعة التي يصلونها به، وأولى إذا كان انفرادُه يعطِّلُ جماعةَ المسجد] اهـ.

وقال العلَّامة المَحَامِلي الشافعي في "اللباب" (ص: 94-95، ط. دار البخاري): [وأما المكروه؛ فهو خمسة أنواع وهو:.. والصلاة منفردًا في المسجد في وقت الجماعة] اهـ.

وقال العلَّامة البُهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 259، ط. عالم الكتب): [(لا شرطًا) أي: ليست الجماعة شرطًا لصحة الصلاة نصًّا؛ لحديث ابن عمر مرفوعًا: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رواه الجماعة إلا النسائي وأبا داود، ولا يصح حمله على المعذور؛ لأنه يُكتب له من الأجر ما كان يفعله لولا العذر للخبر، ولا يمتنع أن يجب للعبادة شيء وتصح بدونه، كونه كواجبات الحج، وكالصلاة في الوقت (فتصح) الصلاة (من منفرد) لا عذر له، ويأثم، وفيها فضل لما تقدم] اهـ.

بيان الحكمة من مشروعية صلاة الجماعة

من المقرر أن المقصودَ الأعظم من صلاة الجماعة هو تحقيقُ وحدة واجتماع المسلمين، وإظهار التعاطف والتراحم والقوة ووحدة الصفوف، وفي صلاة الشخص منفردًا مع قيام الجماعة ما يخالف هذا المقصود، فضلًا عما قد يقع للمنفرد من تشويش؛ لعلو صوت الجماعة، ممَّا قد يفسد عليه صلاته.

قال الإمام الحطَّاب في "مواهب الجليل" (2/ 111) في صلاة جماعتين في مسجدٍ واحد: [الفعلُ المذكورُ مناقضٌ لمقصود الشارع من مشروعية صلاة الجماعة، وهو اجتماع المسلمين، وأن تعودَ بركةُ بعضِهم على بعض، وأن لا يؤدي ذلك إلى تفرُّق الكلمة، ولم يسمح الشارع بتفريق الجماعة بإمامين عند الضرورة الشديدة وهي حضور القتال مع عدوِّ الدين، بل أَمَرَ بقَسْمِ الجماعة وصلاتهم بإمام واحد، وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بهدم مسجد الضرار لما اتُّخِذَ لتفريق الجماعة] اهـ؛ وهذا المعنى متحققٌّ في صلاة الشخص منفردًا والجماعة قائمة.

حكم تهرب الزوج من الإنفاق على بيته وتحميل المسؤولية للزوجة؟

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا تقول صاحبته : ما حكم تهرب الأب من البيت؛ حتى لا يتحمل مسؤولية الإنفاق على الزوجة والأولاد، وتربيتهم كذلك، ملقيًا بالمسؤولية كاملةً على الزوجة؟.

وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: تهرب الأب من البيت متخليًا عن مسؤولياته المادية والمعنوية يترتب عليه في حقه إثمٌ شرعي؛ فمن واجباته الشرعية نفقةُ الزوجة وأولاده القُصَّر بأنواعها الثلاثة: المأكل، والملبس، والمسكن.

وتابعت: إذا قصَّر في ذلك صارت هذه النفقة -التي هي بقدر الكفاية- دَينًا عليه في ذمته من وقت التقصير والامتناع، وللزوجة حينئذٍ أن تطلب من القاضي فرض نفقتها ونفقة أولاده القصر على زوجها، وإن ثبت إعساره أذن لها القاضي بالاستدانة من الغير على حساب زوجها ويصير ذلك دينًا في ذمة الزوج.


بيان الحكمة من مشروعية الزواج
شرع الله تعالى الزواج لِحِكَمٍ سامية منها: إعفاف النفس، وتحصيل الذرية الصالحة، وحتى تستكمل البشرية مسيرتها التي قدرها الله تعالى لها في الحياة الدنيا، فيقوم الإنسان بخلافة الله تعالى في الأرض، ويعمرها بطريقة واضحة آمنة غير محرمة، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

وقال العلامة البيضاوي في "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (4/ 204، ط. دار إحياء التراث العربي): [لتميلوا إليها وتألفوا بها.. بخلاف سائر الحيوانات؛ نظمًا لأمر المعاش، أو بأن تعيش الإِنسان متوقف على التعارف والتعاون المُحوِج إلى التوادِّ والتراحم، وقيل: المودة كناية عن الجماع، والرحمة عن الولد] اهـ.

الترغيب في الزواج وبيان معنى قوامة الرجال على النساء

وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث ترغِّب في الزواج؛ منها ما رواه ابن ماجه في "سننه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ».

ولا شك أنَّ كلا الزوجين عليهما مسؤولية تجاه بعضهما البعض، ومسؤولية تجاه أبنائهما كذلك؛ فقد روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مسؤولةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ».

والقوامة التي جعلها الله تعالى للرجل على المرأة في قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34] إنما هي: قيامه بالنفقة والرعاية؛ قال العلامة القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 168، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ ابتداء وخبر؛ أي: يقومون بالنفقة عليهن، والذب عنهن] اهـ.

وجوب نفقة الزوج على زوجته وأبنائه ونصوص الفقهاء في ذلك

وأوجب الله تعالى للأبناء على الأب حقوقًا منها: النفقة عليهم، ورعايتهم، وتعهدهم بالتربية والنصح، قال تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]؛ قال العلامة فخر الدين الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (3/ 62، ط. بولاق): [والمولود له هو الأب فأوجب الله تعالى عليه رزق النساء لأجل الأولاد، فلأن تجب عليه نفقة الأولاد بالطريق الأولى] اهـ. وقد أوجب الله تعالى عليه كذلك الأجرة لإرضاع الأبناء؛ قال تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطَّلاق: 6]، وهذا يقتضي وجوب مؤنتهم والإنفاق عليهم.

الحجز على أموال الزوج وحبسه في حالة الامتناع عن دفع النفقة للزوجة والأبناء
وأجاز الشرع الشريف للمرأة التي لا ينفق عليها زوجها أن تأخذ ما يكفيها وولدها، وأن تتقي الله فلا تأخذ إلا ما هو حد الكفاية بلا زيادة؛ لأنها مؤتمنةٌ على هذا المال، وراعية في بيت زوجها كما تقدم، وقد روى الشيخان في "صحيحيهما" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنَّ هند بنت عتبة زوج أبي سفيان بن حرب أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله! إنَّ أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ».

وقد اتفق فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على وجوب إنفاق الزوج على أبنائه المباشرين؛ قال العلامة المرغيناني الحنفي في "الهداية" (4/ 414، ط. دار الفكر): [ونفقة الصغير واجبة على أبيه وإن خالفه في دينه؛ لأنه جزؤه فيكون في معنى نفسه، وتجب النفقة على الأب إذا لم يكن للصغير مال، أما إذا كان فالأصل أن نفقة الإنسان في مال نفسه صغيرًا كان أو كبيرًا] اهـ.

وقال العلامة القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (1/ 937، ط. المكتبة التجارية): [تلزم الرجلَ نفقةُ ولده الصغير إذا كان فقيرًا] اهـ.

وجاء في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (3/ 446، ط. دار الفكر): [يلزمه -أي: الشخص ذكرًا كان أو غيره- نفقة الوالد الحر وإن عَلَا من ذكرٍ أو أنثى، والولد الحر وإن سفل من ذكرٍ أو أنثى] اهـ.

وقال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (8/ 212، ط. مكتبة القاهرة): [وأجمع كلُّ مَن نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. ولأن ولد الإنسان بعضه، وهو بعض والده، فكما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله كذلك على بعضه وأصله. إذا ثبت هذا، فإن الأم تجب نفقتها] اهـ.

وعليه: فإن نفقة الزوجة والأبناء واجبةٌ على الزوج، ويجب عليه القيام بجميع ما يحتاجونه من نفقةِ طعامٍ وكسوةٍ وغير ذلك بحسب العرف لأمثالهم على مثله؛ فإذا قصَّر في ذلك صارت هذه النفقة دَينًا عليه في ذمته من وقت التقصير والامتناع، خاصةً إذا قضى بذلك القاضي أو حصل بتراضي الزوجين عند الحنفية؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 28، ط. دار الكتب العلمية): [إذا فرض القاضي لها نفقةً كل شهرٍ أو تراضَيًا على ذلك ثم منعها الزوج قبل ذلك أشهرًا -غائبًا كان أو حاضرًا- فلها أن تطالبه بنفقة ما مضى؛ لأنها صارت دينًا بالفرض أو التراضي] اهـ.

وعند الشافعية والحنابلة تصير دينًا في ذمة الزوج من غير حاجةٍ إلى قضاءٍ ولا رضًا من الزوج؛ قال شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (8/ 335، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [إذا (أعسر) الزوج (بها) أي: النفقة (فإن صبرت) زوجته ولم تمتعه تمتعًا مباحًا (صارت) كسائر المؤن ما عدا المسكن لما مَرَّ أنه إمتاع (دينًا عليه)، وإن لم يفرضها قاض؛ لأنها في مقابلة التمكين] اهـ.

وبها أخذ قانون الأحوال الشخصية المصرية؛ فقد نصت المادة رقم 1 في القانون رقم 100 لسنة 1985م على أنه: [تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكمًا حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين. ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة. وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك بما يقضي به الشرع.. وتعتبر نفقة الزوجة دينًا على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبها، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء] اهـ.

كما شَرَعَ الشَرْعُ الشريف ما يجبره على الأداء والقيام بهذه الحقوق؛ فأجاز عقوبته بالحجز على أمواله أو حبسه، جاء في "المبسوط" للعلامة السرخسي (5/ 187، ط. دار المعرفة): [وإن كان القاضي لا يعلم من الزوج عسره فسألت المرأة حبسه بالنفقة لم يحبسه القاضي في أول مرة؛ لأن الحبس عقوبة لا يستوجبها إلا الظالم، ولم يظهر حيفه وظلمه في أول مرة فلا يحبسه، ولكن يأمره بأن ينفق عليها، ويخبره أنه يحبسه إن لم يفعل، فإن عادت إليه مرتين أو ثلاثًا حبسه] اهـ.

كما جاء في المرجع السابق (5/ 224): [وإذا امتنع الأب من الإنفاق على أولاده الصغار حبس في ذلك، بخلاف سائر الديون فإن الوالد غير محبوس فيه؛ لوجهين: أحدهما: أن النفقة لحاجة الوقت فهو بالمنع يكون قاصدًا إلى إتلافه، والأب يستوجب العقوبة عند قصده إلى إتلاف ولده، كما لو عدا عليه بالسيف كان له أن يقتله دفعًا له بخلاف سائر الديون] اهـ.

مسؤولية الأب تجاه أولاده وحقوقهم عليه

مسؤولية الأب تجاه أولاده ليست هي الإنفاق فحسب، وإنما تشمل وجوب التربية والمتابعة كوجوب النفقة سواء بسواء، فيجب على الوالد أن يقوم بتربية أولاده ورعايتهم جسميًّا وعلميًّا، وأن يتعاهدهم بالأخلاق والقيم النبيلة، وتعليمهم الحلال والحرام، ويوفر لهم ما هم في حاجة إليه من عناية مادية ومعنوية؛ قال العلامة ابن الحاج في "المدخل" (4/ 295، ط. دار التراث): [قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله في كتاب "مراقي الزلفى" له: اعلم أن الصبي أمانةٌ عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرةٌ نفيسةٌ ساذجةٌ خاليةٌ عن كل نقش وصورة، وهو قابلٌ لكل نقشٍ وقابلٌ لكل ما يُمال به إليه، فإن عُوِّد الخيرَ وعُلِّمَهُ نشأ عليه وسَعِدَ في الدنيا والآخرة، يُشاركه في ثوابه أبواه وكل مُعَلِّمٍ له ومُؤَدِّب، وإن عُوِّد الشر وأُهمل إهمال البهائم شَقِيَ وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم به والولي عليه، وقد قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، ومهما كان الأب يصونه من نار الدنيا، فينبغي أن يصونه من نار الآخرة وهو أولى، وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من القرناء السوء] اهـ.

ولا شك أنَّ هذه الواجبات التي يتحملها الزوج تجاه أسرته زوجةً وأبناءً، إنفاقًا وتربيةً وحمايةً تقتضي بذل الجهد في تحقيق ذلك، وهي مقاصد جليلة، وتشريعات محكمة تحقق تماسك المجتمع، وتحافظ على نسيج الأسرة متماسكًا في الروابط والصلات بين أفراده ومكوناته، فإذا قصَّر صاحب هذه المسؤولية الجسيمة ولم يقم بما أمره الله تعالى به يكون عاصيًا لله تعالى؛ لما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن الحسن قال: "عاد عبيدُ الله بن زياد معقلَ بن يسار المُزنيّ في مرضه الذى مات فيه فقال معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لو علمت أنَّ لي حياةً ما حدثتك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».