قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ياسمين عبده تكتب: ماذا قال الرئيس السيسي في لحظة الاختبار الأوروبي؟

ياسمين عبده
ياسمين عبده

كانت بروكسل هادئة كعادتها… حتى دخلتها مصر.

في تلك القاعة اللامعة، حيث تُصاغ سياسات القارة العجوز، انقلبت الموازين فجأة.

رئيس عربي يقف بثقة أمام أوروبا كلها، لا ليتلقى مديحًا أو دعمًا، بل ليذكّرها بمن يصنع معادلة الاستقرار في هذا العالم المختلّ.

كانت تلك هي اللحظة التي أدركت فيها أوروبا أن “القاهرة” لم تعد مجرد عاصمة شرق أوسطية، بل عقل المنطقة وقلبها النابض.

كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة المصرية الأوروبية الأولى لم تكن خطابًا دبلوماسيًا عابرًا،

بل بيانًا سياسيًا من الطراز الذي يُحفر في الذاكرة.

نبرة الهدوء أخفت وراءها زخم القوة،

وجمل قصيرة لكنها قاطعة كأنها صيغت بيد التاريخ نفسه.

قالها ببساطة مدهشة:

“مصر لا تتلقى المساعدات.. مصر تبني الشراكات.”

في تلك اللحظة، بدا أن بروكسل تُصغي للمرة الأولى بجدية.

الوجوه الأوروبية التي اعتادت الوعود المشروطة واللغة المتعالية، وجدت نفسها أمام زعيم يتحدث بلغة جديدة — لغة القوة الهادئة والثقة التي لا تحتاج إلى صخب.

تتابعت كلمات السيسي كأنها خريطة طريق تعيد توازن العالم:

الطاقة، والهجرة، والتنمية، وغزة، والسلام… كلها ملفات لم تَعُد قابلة للتجزئة.

قالها بوضوح: “أمن أوروبا يبدأ من استقرار مصر.”

عبارة انتشرت في الصحافة الأوروبية كالنار في الهشيم.

كتبت Le Monde: “في بروكسل تحدثت مصر بلسان القارة كلها.”

أما Politico Europe فوصفت الخطاب بأنه “التحول في لغة الجنوب مع الشمال.”

لكن ما لم يُكتب في الصحف كان أعظم من كل العناوين:

تصفيق القاعة الذي استمر لدقائق.

نظرات القادة الأوروبيين الذين بدا عليهم — ولو للحظة — أنهم تخلّوا عن لغة التوجيه واستبدلوها بالإصغاء.

لقد أدركوا أن هذا البلد الذي وقف في وجه الإرهاب والاضطراب الاقتصادي والمناخ السياسي القاسي،

يملك اليوم مفاتيح التوازن في المتوسط،

ويعرف كيف يصوغ المعادلة بلا ضجيج.

القمة أفرزت نتائج مالية ضخمة — 7.4 مليار يورو استثمارات أوروبية في مصر —

لكن الإنجاز الحقيقي لم يكن في الأرقام، بل في “الموقف”.

مصر خرجت من بروكسل بشيء لا يُشترى: احترام العالم.

في وقتٍ تتراجع فيه القيم ويعلو فيه صوت المصالح، استطاعت القاهرة أن تُعيد تعريف كلمة “السيادة” بلغة يفهمها الجميع:

هدوء… وثقة… ومكانة لا تُمنح بل تُنتزع.

وحين تحدّث الرئيس عن غزة، تغيّر الهواء في القاعة.

قالها بنبرة تشبه الوجع والكرامة معًا:

“غزة ليست ملفًا، إنها اختبار للضمير الإنساني.”

كان الصمت بعدها أبلغ من التصفيق.

في تلك اللحظة فقط، بدا أن أوروبا كلها تنظر إلى مصر كصوت العقل الأخير في هذا العالم الصاخب.

الحدث انتهى… لكن الرسالة باقية:

أن الشراكة لا تُكتب في بيانات، بل تُفرض في لحظات كالتي عاشتها بروكسل.

وأن مصر — كما كانت في أكتوبر وكما هي اليوم —

لا تدخل حربًا إلا لتصنع سلامًا بشروطها،

ولا تدخل مؤتمرًا إلا لتصيغ قواعد اللعبة من جديد.

حين تتكلم مصر، يصمت العالم…

وفي بروكسل، تكلّمت مصر، فاستمعت أوروبا.