قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عمرو على يكتب:الرموز"الطوطمية "في وصف الحالة "المصرية"


في البدء كان الرمز"، فقبل أن يتعلم الإنسان القراءة والكتابة، كانت الصورة هي الكلمة ، فالكلمات بحد ذاتها مجوفة لا معنى لها، فهي تستمد معناها سواء بالتعبير الكتابي أو الصوتي من خلال الصورة المرتبطة بها والتي يفسر معناها العقل البشري ، كلمات لا أنساها للباحث التاريخي باسيليوس زينو في كتابه الشهير ( رمز ومعنى ) وثقافة الشعوب "غابة من الرموز" كما قال الشاعر الفرنسي بودلير
ففي ليلةٍ من ليالي صيف عام 568 ق.م ، حلمت الملكة مايا ملكة الهند بفيلٍ أبيض يهبط من فوق جبلٍ ذهبيٍ ويتقدم منها، و في خرطومه غصنٌ من نبات البشنين، و يدور الفيل حول الفراش دوراتٍ ثلاث، ثم يمس جانب الملكة الأيمن و يدخل في رحمها، و لم تمضِ أيام حتى حملت الملكة ببوذا ، لا أعرف إذا ما كان هذا هو السبب في تقديس شعوب الشرق الأدنى لا سيما البوذيين للفيل أم أنه العكس فمن كثرة تقديسهم له صنعوا أسطورة بوذا مرتبطة به وهو الرمز " الفيل " المرتبط في الميثيولوجيا الهندية إلى الكائن الذي يتحول إلى عربة الإله "إندرا" الذي يخرج من أمواج البحر الحليبي، وهو رمز القوة المنتجة للأمطار، ويمثلوا بالأفيال الطائرة والحاملة للغيوم الماطرة، وبشكل عام يعتبر المجتمع الهندي أن الفيل جالب للحظ والازدهار وأيضاً غالباً ما يمثل "غانيشا" رب الحكمة مذلل الصعوبات بصورة رأس الفيل وجسد إنسان ، والرموز الحيوانية وجدتها في كل حضارات الشعوب القديمة والحديثة وهي مرتبطة بالطبع في الصفات المتأصلة في " الحيوان "ولم أجد من الشعوب من يخجل في وصف نفسه أو التشبه بحيوان يقدسه أو يحترمه ، وربما يعود ذلك الجذر التاريخي لهذه الظاهرة إلى "الطوطمية" وهي شكل قديم من الديانات، ساد المجتمعات البدائية حول العالم، حيث كانت تعتقد مجموعة معينة من البشر بأنها ترتبط بأواصر القربى مع الحيوانات أو النباتات، وبالتحديد الحيوان الذي كان يستوطن أماكن عيش هذه المجموعة البشرية ، فكان الفراعنة يقدسون القط وتم العثورعلى مقبرة جماعية للقطط تضم حوالي /180,000/ تابوت مطلي بالذهب أو الفضة، والسبب الرئيسي لنشوء هذه العبادة يتلخص بتقدير قدماء المصريين لدور القطط في حماية المحاصيل الزراعية من غزوات الفئران التي كانت تكثر بشكل مخيف في بلاد النيل، حيث كانت الزراعة هي عصب حياة تلك المجتمعات ، وكذلك اعتقد الصيادون القدماء أنهم إذا أكلوا قلب الأسد فسيصبحون أقوياء وأشداء كما هو الأسد تماماً، وإن هم أكلوا لحم الحية فسيمتلكون حكمتها التي كانوا يصفونها بها.
قد يعتقد البعض أن هذا النوع من العبادة اختفى، ولكن يبدو أن البشرية حتى اليوم ماتزال بشكل أو بآخر تمارس هذه العبادة، والغريب أن هذه الممارسة تتم على مستوى الدول والقوى السياسية والاقتصادية الكبرى ، فالصين أكبر إقتصاديات العالم يفتخر أهلها بأنهم أحفاد التنين – الكائن الاسطوري أله المطر والروس يعتبرون الدب شعارهم المفضل ولا يخجل الروسي لو وصفته بالدب رغم أن بعض الدول الغربية كانت تنظر لهم بسخرية لإرتباط الدب في بعض العقليات الغربية بالضخامة والوحشية الخرقاء ، غير أن الشعب الروسي قرر أن يقدم حيوانه ورمز قوميته بشكله الذي يراه كما حدث في دورة الالعاب الاوليمبية عام 1980 وتقديمه للدب " ميشيا " تميمة لهذه الدورة وإبراز رمزية القوة مع اللطف وهو أيضا رمز حزب روسيا المتحدة الذي يهيمن على الحياة السياسية الروسية ، ومن المصادفة أن لقب ديمتري ميدفيديف ، الرئيس الروسي المنتخب في عام 2008 ، حيث انه صفة من الكلمة الروسية медведь ، والتي تعني "الدب" وفي الولايات المتحدة الامريكية يتنافس على الدوام "الفيل" رمز الحزب الجمهوري مع "الحمار" رمز الحزب الديمقراطي دائما لنيل رضا الناخب الذي ينظر لصفات الحيوان وليس صورته المجردة فرمز "الفيل" في الثقافة الغربية رمز الكرامة والالتزام والقوة والمهارة وأطلق على الحزب الجمهوري الأمريكي عام 1874م من فنان كاريكتير أمريكي ورسام أخر هو توماس ناست أطلق عام 1870 الرمز الاخر " الحمار " للحزب الديمقراطي والذي رأى أن صفات هذا الحزب هي العناد ،الرؤية الواحدة، وامتلاك إرادة التغيير عند الرغبة بذلك ولا يخجل المواطن الامريكي إذا من أن يقول لك أنا حمار التوجه أو فيلى الهوى .
وقديما دخل بدوي على ملك عظيم يمتدحه فقال له أنت عندي كالحمار فلما هم الوزراء بمعاقبته أمر الملك أن كفوا عنه وأمر له بمكافئة كبيرة ، فلما إستهجن الحاشية الأمر قال لهم الملك أنظروا من أين الرجل ، فقير معدم من الجبال حماره يمثل له وسيلة الحياة الوحيدة والصديق الصدوق فأنا له كمثل ماقال فقد وصفني بأكثر ما يراه نفعا له ، وأنظر كيف إرتبط الحيوان لدينا بالرمز كما نقرأ في كتاب " الأصول " لدانيال الحكيم وكتاب " أرطميدورس " ترجم عن اليونانية وكتاب " التقسيم " للإمام جعفر الصادق وكتاب " الجوامع " لمحمد بن سيرين وكان حجة في تعبير الرؤيا وهو من التابعين وكتاب " الدستور " لإبراهيم الكرماني وإرتباط الحيوان حتى في الحلم برمزية معينة تخرج عن شكله الحيواني الى صفاته التى إرتبط بها .
وكيف إرتبطت الأحزاب في عالمنا العربي بالحيوانات ودلالاتها كما شاهدنا في الانتخابات المغربية الأخيرة في الشهر الماضي حيث إختار حزب «الاتحاد الدستورى» رمز الحصان، واختار حزب «التجمع الوطنى للأحرار» الذى يشارك فى الحكومة الحالية رمز الحمامة، وفضَّل «الحزب الليبرالى المغربى» رمز ملك الحيوانات الأسد، ذهب «حزب الاتحاد المغربى للديمقراطية» إلى أعماق البحار ليتخذ له رمزا انتخابيا عبارة عن دولفين، واتجه حزب «البيئة والتنمية المستدامة»، الذى يُعنى أساسا بكل ما هو بيئى وإيكولوجى، إلى اعتماد رمز حيوان «الأيل» شعارا له فى الانتخابات، واختار حزب «الشورى والاستقلال» رمز الجمل، فيما فضل «حزب الحرية والعدالة الاجتماعية» رمز الفيل.
بينما تفطنت اللجنة العليا الإنتخابية بوطننا المثقل بجلد الذات وتفعيل نظريات المؤامرة بإلغاء كل رموز الحيوانات من الجدول المزدحم بالرموز العجيبة مؤكدة – كما قالت بالحرف الواحد – أن الإنسان لا يصفه حيوان على الإطلاق – مدفوعا ربما بدعاوي سلفية أو إخوانية تحرم الأمر وإنساقت له اللجنة العليا " الدينية " فتراجع الجمل أشهر حيوان مصري في تاريخ الإنتخابات المزورة والحقيقية مدفوعا بأنه حيواااااااااااان يجتر ما يأكله وأنه رمز لأعضاء الحزب البائد إرتبط بهم كما إرتبطوا به ولم يصيبهم من صفاته من الصبر والتحمل الا قليلا ، والعجيب أن الساحة المصرية ترتبط بالشخصيات الكرتونية التي تحمل كثيرا من الصفات الحيوانية المحببة أو المنكرة – وأترك للقارئ الكريم تحديد الشخصية من منطلق "لوزعياته "وقناعاته الشخصية .
فهذا " الحرباء " المتلونة بكل شكل وبكل لون ، تراه على الشاشات الملونة يتلون بإختلاف الموقف و" نبل " الأهداف من وجه نظره والعجيب أن تراه متسلقا " حائط " البطولات في كل موقف ويتشابه للعجب مع بعض الصفات الجسدية من الحرباء فعينه دائمة الدوران على كل المحاور ولسانه الطويل يأكل على كل الموائد فلا تكاد ترى له موقف ولا تحسبه يوما على تيار ؟؟
وهذا " الأسد " الجسور علينا في كل طلعة بهية لسموه المتألق بالزئير وفي الحقيقة صفاته تتشابه مع " النعامة " التي تخبئ رأسها حين الجد في الرمال ظنا من أن أحد لن يراه أو يحاسبه على ما قال وما يقول وهو التطبيق الحرفي لبيت الشعر الشهير – أسد علي وفي الحروب نعامة – فلا يصيبنا منه الا زئير البئر الفارغ وزمار النعامة المرتجفة .
وكثيرون ينتمون الى طائفة " الطفيليات " المتميزة " بالنطاعة " والبرود والإلتصاق ولا تعرف له فصيلة سائدة أو كروسوم جيني ، فالتغير والتمحور على صفة الطفيليات سهل للغاية وأن يصيبك بداء الغباء منها شيئ وارد اذا جلست تستمع لهذه الشخصيات ومنها ما يصيبك مرض " النوم " وأعراض " الإنفلونزا " من رتابة ما يقول أو من برودة ما يقدم .
ولا داعي لذكر اصحاب صفات " العصافير " من نقل الاخبار والمنتمين لطائفة " الطاووس " وأصحاب" قرود الشمبانزي " الشبيه للانسان والتي خدعت دارون فصنفها حلقة وسيطة ونسبها ظلما مع الجنس البشري خلقا – بالفتحة- مع انها تنتمي لبعضنا خلقا –بالضمة – وبقية الصفات معلومة وموصوفة .
فإبحث عن نفسك أو عن من تراهم وسط سلسلة من الصفات "الطوطمية "الحيوانية المختلفة ، وتعلم عجائب خلق الله في استنساخ الصفات والاخلاق فإن وجدت نفسك " ذئبا "صباحا فإشكر الله أنه لم يخلقك " حمارا"في اخر النهار ؟؟؟؟