الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش هنا يوثق رحلة أمينة رزق مع الفن.. وأسرار علاقتها بـ يوسف وهبى وتنكرها في زي خادمة لتوصيل رسائل الغرام.. وكواليس طلاقها بعد 11 يوما ومغامراتها العاطفية

امينة رزق ترتدى المايوه
امينة رزق ترتدى المايوه

فى محافظة القاهرة وتحديدًا في 19 شارع أبو الفدا الزمالك، عاشت الفنانة أمينة رزق، التي وثق جهاز التنسيق الحضارى منزلها، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 15/04/1910 مكان الميلاد: طنطا،الغربية، وتاريخ الوفاة: 24/08/2003. 

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانين والسينمائيين وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث. 

ولدت أمينة رزق فى 15 أبريل من عام 1910 وهى تعتبر صاحبة أطول مسيرة فنية حيث دخلت المجال الفنى وهى فى سن الثانية عشر من عمرها ، لقبت الفنانة الراحلة أمينة رزق بـ "عذراء الفن"، وتعتبر واحدة من أشهر أمهات السينما العربية، نتيجة لرفضها الزواج من أجل فنها الذي عاشت من أجله، ووهبت نفسها لإسعاد جمهورها، التي رحلت عن عالمنا عام 2003، نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية، عن عمر ناهز الـ93 عامًا.

ظهرت لأول مرة على خشبة المسرح عام 1922 لتغنى في إحدى مسرحيات فرقة علي الكسار، وبعدها انتقلت للعمل مع فرقة رمسيس المسرحية التي أسسها عميد المسرح العربي يوسف وهبي، وارتبطت أمينة رزق بيوسف وهبى ارتباطا فنيا وعاطفيا كبيرًا. 

لسنوات لم تفكر أمينة رزق في طرق باب السينما، لكن ما سمعته من الممثل سليمان نجيب جعلها تغير رأيها، حيث حكت أمينة رزق في لقاء تليفزيوني نادر عن خطوة اتجاهها إلى السينما وهروبها من يوسف وهبي، قائلة: "إنها التقت بسليمان نجيب الذي كان مديرا للأوبرا وقتها، وتحدث معه ليخبرها أن هناك من يقول إنها لا تستطيع التمثيل خارج فرقة رمسيس، مما جعلها تشعر أن عليها أن تثبت نفسها في كل مكان بعيدا عن الفرقة، لكن كانت المشكلة إقناع يوسف وهبي بهذا الأمر، لذا قررت الهرب منه وانتهزت فرصة سفره وشاركت في فيلم "الدكتور" مع سليمان نجيب ليكون أول خطوة لها خارج مسرح رمسيس، ومن وقتها أثبتت نفسها وتهافت عليها شركات الإنتاج حتى وصل الأمر أنها كانت تقدم 6 أفلام في السنة".

كان لـ أمينة رزق، حلم سعت لتحقيقه في أول حياتها الفنية وهو أن تمتلك منزلًا خاصًا تتخلص به من متاعب السكن بالإيجار، ولذلك كانت تدخر كل أموالها من أجل تحقيق هذه الأمنية، وكلفت أمينة رزق، عددا من أصدقائها للبحث عن فيلا صغيرة في حدود المبلغ الذي تمتلكه، وفي أحد الأيام اتصل عليها أحدهم وقال لها، إنه عثر على ضالتها المنشودة وأعطاها عنوان الفيلا وطلب منها الذهاب فورًا لإتمام الصفقة قبل أن يفوز بها غيرها، وفي الطريق كان للقدر كلمة أخرى، حينما كانت أمينة تقود سيارتها بسرعة، وإذا بها تحتك بسيارة أخرى احتكاكًا خفيفًا، ونزل قائد السيارة الأخرى ليعاتبها ولكنه ما كاد يرى أمينة رزق، حتى مد يده إليها مصافحًا فهو زوج إحدى زميلاتها، وكان يعمل مهندسًا وعندما ذكرت له عن وجهتها قال لها: "إزاي تروحي تشتري فيلا في حتة هايهدوها كلها؟، دي مصلحة التنظيم هتستولى على المنطقة كلها" وهنا أدركت أمينة رزق أنها نجت من عملية نصب. 

وعن سر رفض امينة رزق للزواج ما قالته بنفسها في أحد اللقاءات الإذاعية: "بصراحة شديدة" معظم الروايات التي قمت بتمثيلها وتتناول قصص الحب والزواج كانت تقوم علي مآس، فإما يكون الرحل صاحب سطوة كبيرة علي من يحب، أو تقدم الفتاة نفسها لمن تحب ويغدر بها، ومن ذلك خشيت علي نفسي من الانتحار إذا ما وافقت علي الزواج، علي مثل تلك الروايات، كما كنت أفكر أنه من الممكن أن يقرر زوجي حرماني من الفن". 

قد كتبت امينة رزق بنفسها في إحدى المجلات الفنية عام 1958 عن مغامراتها العاطفية وجاء من ضمن ما صرحت به بخط يدها أن يوسف وهبي في إحدى المرات وبحضور والدتها التي كانت تصاحبها إلي المسرح في عمر الـ 13 عامًا قرأ خطابا من معجب كله حب وهيام، وكادت أمها أن تعنفها حتي تدخل يوسف وهبي، قائلًا، إن كل فنانة معرضة لهذا النوع من الإعجاب.

كما صرحت ضمن ما كتبت أنه كان هناك زميل لها بفرقة رمسيس يحاول لفت انتباهها، ولكنها كانت مشغولة بفنها ولم يكن عندها وقت للحب، ولأنها كانت تتطلع لأدوار البطولة، وفى أحد الأيام لم تأتِ أمها معها للمسرح، ووجد الشاب فرصة ليعرض عليها أن يوصلها بدراجته، وأخذت الأمر ببساطة وركبت معه دراجته، وحاول أن يثبت بالسرعة جراءته، ولكن انقلبت الدراجة بهما، ووجدت نفسها على الأرض وهو فى التراب الذى أفسد أناقته، وأكملت الطريق إلى بيتها على قدميها خوفا من السقوط بالدراجة مرة أخرى".

وقالت عن ثالث مواقفها الغرامية "في يوم جاءنى زميل وقال لى إنه زار شارع الهرم بالأمس وأدهشه أن يجد هناك جنة، فالمطاعم تعزف الموسيقى والجو رائع جميل، ولم أكن قد ذهبت أبدا إلى شارع الهرم، وكان حلمى أن أرى الأهرام وأبو الهول، ووافقت على الفور عندما دعانى، وكان الزميل طوال الوقت يستعمل الاصطلاحات الإنجليزية ليدلل على ثقافته الواسعة ونعمنا بالنزهة ورأيت الأهرام وأبو الهول وقضينا وقتا طيبا مرحًا"، وأكملت وفِي مساء نفس اليوم فوجئت بثورة الزميلات فى الفرقة فقد كن ساخطات لأنني خرجت مع رجل غريب عنى، لا هو قريبى ولا خطيبى ولم يشفع لى أنه أحد الزملاء فى الفرقة، وبعدها انقطعت عن تلبية أي دعوة إذا كان الداعى إليها رجلًا".

أما عن علاقة أمينة رزق بيوسف وهبى فتقول فى حوار سابق إنها كانت تساعد يوسف وهبى فى كل زيجاته ومنها تزوجه من سعيدة منصور التى كانت متزوجه فى ذلك التوقيت ، كانت أمينة رزق تتنكر فى شخصية خادمة لتوصيل الرسائل الغرامية بينهم ، إلا أنه كان يتردد بأن أمينة رزق تعيش قصة الحب من طرف واحد، ولا تستطيع رفض ما يقوله لها يوسف وهبي. 

عقدت أمينة رزق خطبتها لمرة واحدة بعد إصرار أسرتها على الأمر، فاضطرت إلى أن توافق وكان يعمل ضابطًا وقد استغلت سفره لفترة وارسلت له شبكته لكي تعود إلى عملها بالفن، وبعدها بـ 14 عامًا عاد هذا الشخص مجددًا مصرًا على زواجه منها بعد أن تزوج فتاة أجنبية ثم طلقها، وبالفعل اتفقت معه أمينة رزق على أن يكون الأمر مجرد خطوبة وبعد عقد القران فوجئت به يطالبها بحقوقه الشرعية، لكنها رفضت لعدم وجود عاطفة إلا أنها رفضت إلى أن حدث شجار بينهم لمدة 11 يوما بعد كتب الكتاب، فتم الطلاق وفقا لرواية أمينة رزق فى حوار تليفزيونى نادر.

على عكس بعض الفنانين رفضت أمينة رزق فكرة الاعتزال، على الرغم من المرحلة العمرية التي وصلت لها، فقد تجاوزت التسعين، لكنها ظلت تشارك في الأعمال الدرامية والمسرحية، وذلك رغم حادث السير الذي تعرضت له وأصابها بكسور في ساقها ، وخلال مشوارها الفني حصلت أمينة رزق على العديد من الجوائز، ومنها وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر، وفي عام 1991 عيّنت بمجلس الشورى.


وقد بلغ عدد الأعمال الفنية التي قدمتها أمينة رزق علي مدار تاريخها الفني 270 عَمَلًا من بينها 130 فيلمًا سينمائيًا و120 عَمَلًا تليفزيونيًا وما يزيد عن 50 عَمَلًا مسرحيًا.

وتتمثل الأعمال السينمائية في فيلمين صامتين هما "ساعة التنفيذ وسعاد الغجرية" ثم تحولت الأفلام إلي ناطقة مثل " قلب امرأة، قيس وليلي، رجل بين امرأتين، الدكتور، أولاد الذوات، الدفاع، أولاد الفقراء، الطريق المستقيم، ليلي في الظلام، من الجاني، يد الله، ثمرة الجريمة، هارب من السجن، البيت الكبير، عاشت في الظلام، كل بيت له راجل، مصطفي كامل، في شرع مين، أربع بنات وظابط، صوت من الماضي، الشيطانة الصغيرة، دعاء الكروان، نهر الحب، رسالة إلى الله، بداية ونهاية". 

ومن أعمالها التليفزيونية مسلسلات " أحلام الفتي الطائر، أيها الحب لا تهجرني، وأه يازمن، ليلة سقوط غرناطة، السمان والخريف، أمي الحبيبة، عالم عّم أمين، أبن تيمية، بوابة المتولي، حارة الشرفا، الجدران الدافئة، الكتابة علي لحم يحترق، دور يازمن، الكهف والحب والزمن، مخلوق اسمه المرأة، مملوك في الحارة، أيام الحب والغضب، ولا يزال الحب مستمر، عمر بن عبد العزيز، حكايات مستر أيوب ومسز عنايات".

ومن أبرز أعمالها الخالدة علي المسرح رواية "السنيورة" و مسرحية "إنها حقا لعائلة محترمة جدًا" وكان آخر ما قدمته علي المسرح قبل أيام من رحيلها مسرحية "يا طالع النخل" عن قصة الأديب الكبير توفيق الحكيم.

جدير بالذكر أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلالها بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.