الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشهادة الطبية الوهمية.. الإفتاء توضح حكم الحصول على الإجازات بها

الأعذار الطبية ..
الأعذار الطبية .. حكم الحصول على الإجازات منها

حكم الموظف الذي يقدم الأعذار الطبية الوهمية للحصول على الإجازات المرضية تكاسلًا وتثاقلًا عن العمل .. وهل الكسل عذر شرعي يوجب الكذب والحصول على الإجازة المريضة؟ وما هي النصيحة الموجَّهة للكسالى من الموظفين؟ وهل يجوز للطبيب كتابة الإجازة المرضية الكاذبة التي يعلم زيفها؟

سؤال مطول أجابت عنه دار الإفتاء المصرية، بأن الحكم على تصرفات الموظفين في أخذهم للمأموريات والإجازات المرضية إنما يكون بحسب مطابقتها للوائح والنظم التي نظم بها ولي الأمر هذه الوظائف، والتي التزمها الموظف عند توقيعه لعقد العمل، ويفرق فيها بين أمرين:

الأول: قيام الموظف بعمل المأموريات والإجازات المرضية التي تكون بعلم رؤسائه في العمل ويكون الأمر فيها مخولًا إليهم في السماح بها من عدمه حسب نظام العمل ولوائحه؛ فهذا جائز شرعًا.

والثاني: من يقوم بتقديم المأموريات والإجازات المرضية الوهمية الكاذبة تهاونًا منه وتكاسلًا، وهذا مُحرَّمٌ شرعًا ومخالِفٌ قانونًا؛ لما اشتمل عليها من كذب ومفاسد.

وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويرجع عن هذه المعصية، ويسعى في إتقان عمله والقيام بواجبه؛ حتَّى يُحلِّلَ كسبه ويطيب عيشه، ويحرص على خدمة مجتمعه ووطنه.

وعلى الطبيب أن يتحرى في كتابة الإجازة المرضية دون تقصير أو تهاون، وأن يصرح في التقرير بما يطابق حالة المريض دون تغيير أو تلاعب بالألفاظ؛ لأنه الفيصل في تحديد المرض من عدمه، وهو في ذلك مستشار، والْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ، وإلَّا اشترك مع المتمارض في الإثم.

رفع المشقة عن أصحاب الأعذار
الشرع الشريف يقوم على مراعاة التيسير ورفع الحرج وإزالة الضرر عن المكلفين، وهذا ظاهر مبثوث في عموم المقاصد والأدلة والأحكام حتى أصبح الاعتدال سمة ملازمة للمسلم ومكونًا من مكونات شخصيته، قال تعالى: «يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ».

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُبيِّن ذلك بقوله: «إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ"»، وعنه أيضًا: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ»، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: «يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا».

التيسير ورفع المشقة عن أصحاب الأعذار يمثل أساس ولُب الإسلام فهو منطقة وُسْطَى، ويُعد معلمًا أساسيًا من معالم الدين الإسلامي، وكل فريضة فرضها الله سبحانه وتعالى إلا وحفها بألوان من الرخص ورفع المشقة والحرج بما يجعل الإقبال على الله متسعًا فسيحًا.

حكم ترك المبيت بمِنًى لأصحاب الأعذار
المبيت بمنًى لياليَ التشريق مختلف فيه بين العلماء: فالجمهور على أنه واجب، والحنفية على أنه سنة.

يدل على القول بالسُّنِّيَّة ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن العباس رضي الله عنه استأذن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ليبيت بمكة ليالي مِنًى من أجل سقايته، فأذن له"، ولو كان المبيت واجبًا لما رُخِّص في تركه لأجل السقاية، فعلم أنه سُنَّة وهو المختار للفتوى؛ لما يَعتَرِي الحجيجَ مِن تعبٍ شديدٍ وضيقِ مكانٍ وخَوفِ مرض.

فمَن ترك مبيت الأيام الثلاثة جميعًا: فمِن العلماء مَن قال إنه يُسَنُّ له -ولا يجب- أن يجبره بدم، ومن ترك مبيت ليلة واحدة جبرها بالتصدق بمُدٍّ من طعام، وقال الحنفية والإمام أحمد في رواية: إنه لا يلزم بترك المبيت بمِنًى شيء.

وحتى على قول الجمهور إن المبيت بمِنًى واجب، فإنهم يرخصون لِمَن كان ذا عذر شرعي في ترك المبيت، ولا إثم عليه حينئذٍ ولا كراهة، ولا يلزمه شيءٌ أيضًا، ولا شك أن الضعف والخوف من المرض من جملة الأعذار الشرعية المرعية.