"هو كده" الجملة غير المنطوقة و لكنها لسان حال الشاشات، فكم من صوت نادى بالتغيير و نصح بضرورة التنوع في المحتوى الإعلامي مع شوية أوكسجين لعرض آراء مختلفة في إطار منضبط لا يهدد الأمن القومي للوطن و يفتح الباب للحريات و المعلومات .
نحن الآن في عصر التطور العلمي المذهل ، عصر الروبوت صوفيا ، كاميرا الدرون و عالم سينما الخيال العلمي أصبح الأقرب للواقع و الحقيقة ، ما تخافه قادم لا محاله ، و يجب أن تغير و تطور أسلحتك و فكرك لإحتواء هذا التطور وتطويعه لما يناسب سياستك و رؤيتك ، لا يمكن تحقيق النصر في هذه المعركة في ظل الجمود الفكري النمطي المُتشبث به ، الطريقة التي تتصور أنها سبب نجاحك بالأمس ليست بالضرورة من ستنصفك غدًا .
أنظر معى إلى الشاشات و قائمة البرامج ، برنامج صباحي في كل القنوات يحمل نفس المضمون و في نفس التوقيت تقريبا ، ثم البرنامج الديني يليه حشو إلي برنامج المرأة الذي يحمل نفس المضمون و في نفس التوقيت ثم حشو إلي المسلسل الدرامي في نفس التوقيت إلي برنامج التوك شو الذي يتبدل مذيعوه على القنوات بنفس المضمون و الضيوف و الفورمات ... إلخ ثم نسأل لماذا تعزف الناس عن المشاهدة و لماذا هم مستاءون من المحتوى ؟!
نفس الحال بالنسبة لخريطة برامج الراديو التي لم تتغير منذ أن ساهمت إذاعة نجوم f.m في عودة المستمع إلى الإذاعة و نَقلت عنها مضمونها باقي الإذاعات و لهذا الموضوع مقال آخر.
يا صديقي إن لم تكن تدري ، فأنت في عصر التطور التكنولوجي و الذكاء الإصطناعي ، بالإضافة إلى مواقع التواصل الجديدة و الإعلام الجديد ، و إن لم تقدم جديدًا و تغامر بمحتوى و مواهب مدربة مع شوية أوكسجين ، فأنت تحكم على نفسك بالإنهزام.
نشهد يوما بعد الآخر مؤتمرا و برامج تناقش كيفية مواجهة و مواكبة السوشيال ميديا و مخاطرها و يناشد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل مؤتمر بضرورة تغيير المشهد الإعلامي بما يتناسب و سياسة الدولة و إحتواء المواطنين بل وصل الأمر بقوله( يا بخت عبد الناصر بإعلامه) ، و طبعًا عنده حق فإعلام الزعيم جمال عبد الناصر كان يستخدم كل ما هو متاح و عصري من برامج ، أغنية ، فيلم و كلمة .. إلخ لنشر سياسته وإنجازته بشكل يجعل المواطن خلف الزعيم بحب، قناعة و مُناصره لكل خطواته و يُشاركه التحديات.
العالم تحرك كثيرًا من حولنا خلال السنوات القليلة الماضية و العديد من الحروب يجرى خوضها عالميًا من داخل ستوديهات التلفزيون ، المسرح الأساسي لحروب العصر ، ولا يمكن أن نقف محلك سر ، نرفض الرؤية الجديدة متشبثين بعناد تام بنهج أثبت فشله على كل المستويات ، و هنا لا يسعني أن أقول سوى أن هذا العناد هو الخيانة بعينيها للوطن و المواطنين .
و أخيرًا ..
طالبنا كثيرًا بعودة وزارة الإعلام إلى أن استجاب لنا ، لتنظيم العملية الإعلامية المفرق دماؤها بين المجالس ، و نحمد الله على العودة وعلى رأسها رجل صاحب رؤية بحكم خبرته الواسعة في هذا المجال عبر ثلاثة عقود يستوعب معظم مشاكلها و يُشهد له بالنزاهة والجرأة في إتخاذ القرارات التي تنفع المصلحة العامة، معالي الوزير أسامة هيكل، الكثير من الإعلاميين يعقدون الآمال بعودتك من أجل إعلام يليق بمصر في عام 2020 و لعلها بداية نصر من الله عز وجل لمهنة أرهقها المرض، أسأل الله أن يُنير بصيرتك ويسدد خطاك لما فيه الخير لمهنة تنوير العقول.