الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد الجندي: وزارة العدل اعتمدت أول وثيقة زواج تشترط عدم وقوع الطلاق الشفوي

الشيخ خالد الجندي
الشيخ خالد الجندي

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن وزارة العدل اعتمدت أول وثيقة زواج التي اشترط فيها الزوجان عدم وقوع الطلاق الشفوي بينهما.

وعرض الشيخ خالد الجندي، خلال حلقة سابقة ببرنامج «لعلهم يفقهون» المذاع عبر فضائية «dmc»، أول وثيقة زواج اشترط فيها الزوجان بعدم الاعتداد بـ الطلاق الشفوى، مؤكدًا أن ذلك سوف يقلب الموازين فى القضية التى يتحدث فيها منذ فترة، والتى تقول إن الطلاق الشفوى لا قيمة له.

وأوضح «الجندى»: أنه كان مدعوًا فى أحد حفلات عقد القران يوم الخميس الماضى، ورفض الزوجان إتمام العقد إلا بحضوره وأن يقول هو صيغة الزواج، وعندما ذهب وجد أن عقد القران كتب فيه شرط "عدم الاعتداد بالطلاق الشفوى"، وتم ذلك برضا الزوجين.

وأكد أن هذه تعد أول وثيقة زواج يشترط فيها الزوجان وبرضا الأهل من الطرفين، بعدم الاعتراف بـ الطلاق الشفوى، ووثقا ذلك فى عقد الزواج، متابعًا: "مفاجأة فوق خيالكم وستقلب الموازين لأن هذه اختيارات الشعب والزوجين".

«العقد صحيح والشرط باطل»
بدورها علقت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، على اشتراط عدم وقوع الطلاق الشفوي في وثيقة الزواج، قائلة: «العقد صحيح والشرط باطل».


وأكدت «الحنفي» لـ«صدى البلد»، أن الطلاق الشفوي يقع إذا كان الزوج قاصدًا بذلك الانفصال، وقال لزوجته «أنت طالق»، مشيرة إلى أن مسألة عدم وقوع الطلاق الشفوي رأي شخصي للشيخ خالد الجندي، وليس عليه إجماع فقهي ورفضه الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء.

اقرأ أيضًا:
وأوضحت العالمة الأزهرية، أنه بعد الدخول لو قال الرجل لزوجته «أنت طالق» مرة واثنتين لا يقع الطلاق على رأي الشيخ خالد الجندي، ويقع الطلاق على رأي علماء الأمة خلفًا وسلفًا، فما وضع هذه المرأة؟!، مشددة على أن مسألة الفروج لا اجتهاد شخصي فيها لما فيها من آثار تتعلق بالحياة الزوجية.

وتابعت: «لو أن زوجين اشترطا في عقد الزواج أنَّ الطلاق الشفهي بينهما غير واقع!، فهذا الشرط مُنافٍ لما تواترت الأمة عليه عِلمًا وعملًا، وحيث خالف الشرطُ الشرعَ فيكون الشرط باطلا ولا عِبرَةَ به، فإنْ طلق هذا الرجل امرأته شفهيًا فطلاقه معتَبرٌ ثم إن صحَّ له وقوع ثلاث طلقات شفهيات بشروطهن فعاشرها بعد ذلك فقد وقعا في الحرام معًا.

وواصلت: «لو طلقها يعتبر الشرط -عدم وقع الطلاق الشفوي- لاغيًا ويعتد بهذا الطلاق وتحسب مطلقة سواء أكانت طلقة  أولى أو ثانية وله حق المراجعة في فترة العدة لبقاء آثار الزوجية، أما إذا لم يراجعها حتى انتهت مدة العدة فلا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد».

وأكملت: «أنني سمعت أن الشيخ خالد الجندي يقول إن عدم وقوع الطلاق الشفوي اجتهاد منه، وأقول إن معنى اجتهاد هو بذل الجهد لاستخراج الحكم الشرعي، والاجتهاد من شخص بمفرده لتقرير حكم يخص الأمة الإسلامية في تحقيق مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ العرض والنسب لا يجوز، بل لابد من اجتماع أهل الحل والعقد على أمر مثل هذا، وهذا يتمثل في هيئة كبار العلماء بالأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء المصرية، التي أكد المسؤولون عنها وقوع الطلاق الشفوي.

ولفتت إلى أن الله تعالى شرع النكاح وأحاطه بسياج من السكن والمودة والرحمة لتحقيق السعادة الزوجية بينهما، قال تعالى: «وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا» (سورة النساء: 21)، ولهذا العهد الوثيق بين الزوجين كانت ديمومة عقد النكاح، أي أنه عقد غير مؤقت بمدة لما يترتب عليه من آثار، ولا يجوز اشتراط شرط فيه لا يتفق وطبيعة العقد، لأن هناك شروطًا تتفق وطبيعة العقد كشرط النفقة والسكني لأن هذا حق طبيعي للزوجة، وكذا طاعة الزوج فيما ليس فيه معصية الله -عز وجل-.

واستطردت: «أما ما يشترط عند العقد وهو أن الطلاق الشفوي لا يقع، فهذا أمر سابق على العقد لأنها لم تكن بعصمته بالشرط لم يصادف محله، كما أن الطلاق أمر مكروه ولا يجوز اللجوء إليه إلا إذا نفدت كل الطرق الموصلة إلى الإصلاح بين الزوجين لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق»، فكيف اشترط ما هو مكروه عند العقد في الوقت الذي ننشد فيه السعادة ودوام العشرة بينهما؟!.

وأبانت: كما أن اشتراط عدم وقوع الطلاق الشفوي عند العقد أمر يفسد الحياة بينهما بعد الدخول، والتلاعب بألفاظ الطلاق ليل نهار بينهما بحجة هذا الشرط الفاسد في العقد، مع العلم أن حكم الطلاق الشفوي باللفظ الصريح مجمع على وقوعه عند علماء الأمة، فقد أقرت هيئة كبار العلماء بوقوع الطلاق الشفوي من الزوج البالغ العاقل الذي توافرت لديه الأهلية الكاملة مع الإشهاد عليه وتوثيقه وعملا بقول الله تعالى: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ»، موضحة: «والأزهر الشريف  متمثل في هيئة كبار العلماء هو الجهة المنوط إليها أمر هذه الأمة في بيان الاحكام الشرعية وجب طاعته لأنه المسؤول أمام الله في صدور الأحكام ومدى صلاحيتها بما يحقق مصالح العباد، ولا ننظر إلى الفتاوى الفردية التي تفسد على المسلمين أمر دينهم خاصة في مسائل الفروج، مما يجعل المسلم في حيرة من أمر دينه، وعليه فلا يجوز شرط ما هو مكروه عند الله أثناء العقد عملًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بشِّروا ولا تنفِّروا».

ووجهت رسالة لمن ينادون بعدم وقوع الطلاق الشفوي قائلة: «ومن قال إن هذا الشرط يقلل من حالات الطلاق فهذا وَهْمٌ، عليكم أن تبحثوا عن الأسباب الرئيسية لكثرة حالات الطلاق، ومنها: البعد الديني والأخلاقي وتدخل الأهل من الجانبين بالإفساد لا بالإصلاح، فضلًا عن عدم تقدير قيمة الحياة الزوجية من الجانبين بمراعاة الحقوق لكل منهما، وغير ذلك من الأسباب.

الطلاق الشفوي يقع

وكانت هيئة كبار العلماء، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أقرت وقوع الطلاق الشفهى دون اشتراط توثيق أو إشهاد. 

وعقدت هيئة كبار العلماء بالأزهر، عدَّة اجتماعاتٍ في عام 2017م، لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وقد أعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد يوم الأحد 8 من جمادى الأولى 1438هـ الموافق 5 من فبراير 2017م.

وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم، إلى القرارات الشرعية التالية: أولًا: وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق.

وأضافت: ثانيًا: على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة.

وترى هيئة كبار العلماء أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ جميع إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي، وأنَّ العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء، وتثقيف المُقبِلين على الزواج.

وناشدت الهيئةُ جميعَ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، الحذَر من الفتاوى الشاذَّة التي يُنادي بها البعض، حتى لو كان بعضُهم من المنتسِبين للأزهر؛ لأنَّ الأخذَ بهذه الفتاوى الشاذَّة يُوقِع المسلمين في الحُرمة.

وأهابت بكلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ التزام الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء، والاستمساك بما استقرَّت عليه الأمَّةُ؛ صونًا للأسرة من الانزلاق إلى العيش الحرام.

كما حذِّرُت الهيئة المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق، ومن التسرُّع في هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وتعريضهم للضَّياع وللأمراض الجسديَّة والنفسيَّة والخُلُقيَّة، وأن يَتذكَّر الزوجُ توجيهَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الطلاق أبغَضُ الحلال عند الله، فإذا ما قرَّر الزوجان الطلاقَ، واستُنفِدت كلُّ طرق الإصلاح، وتحتَّم الفراق، فعلى الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ؛ حِفظًا للحقوق، ومَنعًا للظُّلم الذي قد يقعُ على المطلَّقة في مثلِ هذه الأحوال.

واقترحت الهيئة أن يُعادَ النظرُ في تقدير النفقات التي تترتَّب على الطلاق بما يُعين المطلَّقة على حُسن تربيةِ الأولاد، وبما يتناسبُ مع مقاصدِ الشريعة.

وتمنت هيئةُ كبار العلماء على مَن "يتساهلون" في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، وأن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم.