الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يناقشها الحوار الوطني.. كل ما تريد معرفته عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

صدى البلد

تناقش لجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة بـ الحوار الوطني، وثيقة ملكية الدولة والنظر في إقرارها أو تعديلها أو ما يترتب عليها م ضرورة إصدار تشريعات تكفل لها تنفيذها.

وكان مجلس الوزراء قد أعلن ملامح وثيقة ملكية الدولة ديسمبر الماضي، وحدد السياق العام لها والاهداف والمواجهات الاساسية.

وجاء في السياق العام للوثيقة، أن دور الدولة المصرية على مدى العقود الماضية شهد العديد من التحولات بما يتالائم مع طبيعة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية َ والفكر الاقتصادي السائد فـي كل عصر من العصور، وتراوح هذا ُ الدور ما بين دعاة حصر دور الدولة فـي تهيئة السبل الكفيلة بنجاح ُ النظم الليبرالية القائمة على الحرية الاقتصادية، وما بين دعاة ُّ تدخل الدولة المباشر فـي النشاط الاقتصادي بما يفرضه ذلك من مشاركتها فـي أنظمة الإنتاج والتوزيع

هذه العلاقة التي تربط وتجمع ما بين الدولة والمواطن، درج ُعرف المفكرون على تسميتها من المنظور الأوسع والأشمل بما يعرف بـالعقد االجتماعي »Contract Social».

فالدولة وفق هذا العقد ٌ مطالبة بالعمل على تلبية الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية لمواطنيها، والتي تختلف من حقبة لآخرى ومن دولة لأخرى.

وفـي السياق ذاته، فإن تواجد الدولة المصرية فـي النشاط َّ الاقتصادي تنوع وفقا للظروف االقتصادية والاجتماعية التي مرت بها الدولة، وقد نتج عن التواجد الكبير للدولة فـي بعض الحقب الزمنية اتساع محفظة الأصول المملوكة للدولة المصرية لتضم العديد من شركات القطاع العام، وقطاع األعمال العام، وتواجدها فـي العديد من القطاعات؛ بعضها سلع استراتيجية أو خدمات أساسية، والبعض الأخر تواجدت فيه الدولة؛ لتحقيق أبعاد َّ اقتصادية أو اجتماعية محددة..

تعي الحكومة المصرية  جيدا أن التواجد فـي النشاط االقتصادي ً ليس هدفا فـي حد ذاته، وإنما لتحقيق أهداف وغايات اجتماعية، واستراتيجية، واقتصادية إذا ما اقتضت الحاجة إلى ذلك، وأن هذا التدخل ينتهي بتحقيق تلك األهداف وزوال الدوافع من ورائها، فاألزمات المتكررة التي مرت على الدولة المصرية وما صاحبها من تداعيات على مختلف األصعدة االقتصادية واالجتماعية، اقتضت فـي بعض الفترات أال تقف الدولة مكتوفة األيدي دون تدخل منها لحماية المواطن المصري من تداعيات تلك األزمات.

وعلى وجه الخصوص، كان هناك تزايد مبرر لتواجد الدولة في النشاط االقتصادي في أعقاب عام 2013؛ لمواجهة عدد من التحديات، بما يشمل انخفاض معدالت نمو الناتج المحلي الإجمالي َّ المحققة خالل تلك الفترة، الأمر الذي نتج عنه تراجع مستويات الرفاهة، وتراجع أهم مصادر النقد الأجنبي، ومن بينها متحصلات السياحة، وتدفقات االستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى ارتفاع عجز ميزان المدفوعات بمعدالت غير مسبوقة منذ (30 )عاما، وارتفاع معدالت البطالة، وتدهور المستوى المعيشي الأفراد. ُ

 نتج عن تلك العوامل كافة تراجع تصنيف مصر في المؤشرات ُ الدولية، وتراجع أداء مصر مقارنة بالاقتصادات المثيلة. ً

 بناء عليه، عملت الدولة المصرية على تبني ثالثة اتجاهات رئيسة لتصحيح المسار الاقتصادي، وهي: 

ضخ استثمارات حكومية داعمة للنشاط الاقتصادي

ضخ استثمارات حكومية داعمة للنشاط االقتصادي، توجه نصفها إلى قطاعات البنية التحتية والنقل والتعليم والصحة خــــالل الــفــتــرة (2015/2014 - 2021/2020)؛ لتنفيذ مشروعات فـي قطاعات رئيسة تعد عملا أصيلا للدولة، ويعزف القطاع الخاص عن الدخول فيها، كقطاعات البنية التحتية من المياه، والصرف الصحي، والكهرباء، والطرق، ً والنقل بما انعكس إيجابا على مستوى النشاط االقتصادي، وتحسين معيشة المواطنين، وتطوير بيئة ممارسة الأعمال.

تنفيذ المشروعات القومية

تنفيذ المشروعات القومية، حيث توجه نحو (%33) من الاستثمارات الحكومية المنفذة فـي المتوسط خالل الفترة (2018/2017 - 2020/2019)؛ لتنفيذ مشروعات قومية فـي قطاعات رئيسة داعمة للنمو والتشغيل ومحفزة للاستثمارات المحلية والأجنبية. 

 إطلاق اصلاحات اقتصادية لدفع النمو الاقتصادي

 إطلاق إصلاحات اقتصادية لدفع النمو الاقتصادي، واحتواء الاختالالات الاقتصادية الداخلية والخارجية، لا سيما عبر المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي (2016 2019)، فيما تستهدف المرحلة الثانية من البرنامج، والتي تم إطلاقها فـي شهر أبريل من عام 2021؛ البناء على المكتسبات الاقتصادية القومية التي تحققت بفعل برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي بدأته مصر نهاية عام 2016؛ وتسعى ولاول مرة، إلى التركيز على تحفيز جانبي العرض والطلب، وتعزيز الاقتصاد الأخضر؛ بهدف زيادة مستويات الإنتاجية التي تُعد بدورها أهم وسيلة ينتقل بموجبها تأثير هذه الإصلاحات إلى القطاع الحقيقي. 

ولقد كان لهذه االتجاهات الرئيسة، والتي عملت عليها الحكومة ٌ المصرية، انعكاس ٌّ إيجابي، عكسه العديد من مؤشرات األداء 4 وثيقة سياسة ملكية الدولة - جمهورية مصر العربية - ديسمبر 2022 ُّ الاقتصادي، وكذلك تحسن تصنيف مصر فـي عدد من المؤشرات الدولية، والتي تُعد عنصرا رئيسا لجذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة، واستطاعت مصر تحقيق قفزات فـي عدد من تلك المؤشرات إثر التدخلات التي قامت بها الدولة المصرية فـي قطاعات بعينها، وكذلك برامج الإصالح الاقتصادي المتبعة.

والتزاما بما ورد فـي الدستور المصري وفقا للمادة (27)، والتي َّ نصت على أن يهدف النظام الاقتصادي إلى تحقيق الرخاء فـي البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة االجتماعية، بما ُ يكفل رفع معدل النمو الحقيقي الاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل، وتقليل معدالت البطالة، والقضاء على الفقر. 

ويلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة، ً ودعم محاور التنافس وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيا وبيئيا، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان ً وقطاعي  المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الانواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح األطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك. 

ويلتزم ً النظام الاقتصادي اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل ّ لعوائد التنمية، وتقليل الفوارق بين الدخول، والالتزام بحد أدنى للاجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فـي أجهزة ً الدولة لكل من يعمل بأجر، وفقا للقانون«

وفـي ظل التطورات المتعاقبة التي شهدها العالم والاقتصاد المصري فـي الآونة الأخيرة، برزت الحاجة إلى وجود حكومات تتمتع بأعلى مستوى من الكفاءة والديناميكية والاستجابة لاحتياجات مواطنيها، بل والمرونة كذلك فـي مواجهة الالزمات والصدمات الاقتصادية، وهو ما يبرر التحول نحو دور جديد للدولة تقاس فيه كفاءة الحكومات بمدى قدرتها على تقديم خدمات عامة عالية الجودة لمواطنيها، وسعيها نحو تعزيز مستويات البنية الأساسية الداعمة للاستثمار المحلي والأجنبي، وتبنيها لأطر تشريعية وتنظيمية تكفل جاذبية بيئات الأعمال، وقدرتها على تأسيس شبكات أمان اجتماعي قادرة على تقديم الحماية للفئات الهشة، ونجاحها فـي مساعدة الأفراد والشركات على الاستفادة من الفرص التي يتيحها التحول الرقمي والثورة الصناعية الرابعة.