قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

المال السياسي ودعم الإرهاب.. يدفعان بالعلاقات المصرية القطرية إلى حافة الهاوية


ترسم الأنباء التى تواردت - بشكل غير رسمى - حول قرار مصر استدعاء سفيرها في الدوحة للتشاور بعد إجراء الاستفتاء المقرر على الدستور ، وذلك ردا على التدخل القطري المرفوض في الشأن الداخلي للبلاد ، صورة واضحة لقمة جبل جليد التوتر فى العلاقة بين الشقيقة الكبرى وقطر، بعد فترة "نفاد صبر" بلغ منتهاه على تصرفات غير لائقة وتدخلات غير مقبولة فى الشأن المصرى ، لم يراع فيها حكام قطر مكانة مصر ودورها التاريخى.
وعلى الرغم من أن العلاقات المصرية - القطرية شهدت مراحل تباينت بين الشد والتهدئة ، إلا أنها ظلت تحافظ على الحد الأدنى من التواصل الذى يشوبه النفور أو الفتور أحيانا ، حيث تراجع التنسيق المصري القطري طوال 15 عاماً الأخيرة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم قفزت العلاقات بشكل نوعى بعد زيارة مبارك للدوحة عام 2010 ، لتهتم الدوحة مرة أخرى بتقوية العلاقات مع القاهرة عقب ثورة 25 يناير.
فيما بلغت العلاقات أشد درجاتها قوة طوال عام حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، جرى ترجمة تلك القوة والزخم إلى اتفاقيات تعاون ومنح سخية لدعم الاقتصاد المصري، وظهر السخاء القطرى الرسمى وغير الرسمى فى محاولات زيادة الاستثمارات والتواجد فى السوق المصرى.
فيما مثلت الوديعة القطرية المقدرة بـ2 مليار دولار للبنك المركزي المصري ذروة هذا السخاء المسبب ، الذى كشفه المصريون عندما ردت القاهرة تلك الوديعة المجحفة فى شروطها بداية نوفمبر الماضي لتحل محلها وديعة كويتية بنفس المبلغ ، جاءت كدعم لشعب مصر.
وبدا المشهد الذى تعلوه الهمم فى العلاقة بين القاهرة والدوحة باهتا منفعلا مهزوزا ، وتغيرت الصورة كثيراً بعد الثورة الشعبية التى أطاحت بحكم الإخوان ، وراحت قطر وقناتها الشهيرة ووسائل إعلامها المختلفة تتآمر علانية ضد مصر، وتنشر الأكاذيب ، من خلال تصدير الوجوه التى تصفها بالمعارضة لواجهة المشهد ، ومنحهم مساحات واسعة من الظهور الإعلامى يبثون خلالها سمومهم وافتراءاتهم ضد مصر وشعبها، واصفين ثورة 30 يونيو بأنها انقلاب .
ولم يقتصر سلوك قطر " الدولة" على احتضان الإرهابيين وتقديمهم كمناضلين ومتحدثين باسم الشعب المصرى الذى لفظهم ، إنما امتد الأمر إلى التحرّيض ضد مصر فى كل المنتديات والمؤسسات الدولية، ولضمان الوصول إلى أكبر قاعدة رسمية وتنظيمية ومجتمعية بالغرب المناهض لثورة مصر فى محاولة لتأليب الرأى العام العالمى ، جرى دفع الأموال لوسائل إعلام أجنبية لتنقل كل الأكاذيب والادعاءات عن قناة "الجزيرة" .
وهو ما أدى إلى بروز مواقف انفعالية رافضة لمرحلة التحول الديمقراطى التى كرستها ثورة 30 يونيو وبدأت أولى مراحلها بكتابة الدستور والتحضير للاستفتاء عليه.
ويبدو أن الجهود المبذولة من جانب بعض الدول العربية لم تنجح فى إقناع قطر بمراجعة سياستها، ربما لأن حكام قطر، حتى بعد تغيير الأمير، كان لديهم توقعات غير حقيقية بأن مصر قد تتعرض للانهيار الأمنى والاقتصادى، أو أن الجيش قد ينقسم على نفسه أو يدخل فى صراع مع الشعب الذى يجله ويحترمه بشكل يعيد إنتاج سيناريو الحرب فى سوريا ، أو أن المجتمع الدولى يمكن أن يصل فى تصعيده ضد مصر إلى حد فرض العزلة والعقوبات عليها.
ومضت قطر فى دفع الأمر برمته إلى حد الصدام والقفز على مراحل توتير العلاقات مع الشقيقة الكبرى ، وهو ما وصل بسقف الصبر المصرى إلى حد النهاية بعد صدور بيان لا يتسق أبدا مع أى قاعدة دبلوماسية أو منظومة قيمية فى العلاقات بين الدول ، حيث تم استدعاء السفير القطري بالقاهرة ، سيف بن مقدم البوعينين، إلى مقر وزارة الخارجية ، لإبلاغه رفضنا شكلاً وموضوعاً للبيان الصادر عن الخارجية بشأن الوضع السياسي في مصر.
فقد وصفت الخارجية القطرية، في بيان ، قرار مصر إعلان الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ، بأنه كان مقدمة لسياسة إطلاق النار على المتظاهرين بهدف القتل ، زاعمة أن "قرار تحويل حركات سياسية شعبية إلى منظمات إرهابية، وتحويل التظاهر إلى عمل إرهابي، لم يجد نفعاً في وقف المظاهرات السلمية".
وجاء استدعاء السفير القطري بالقاهرة، وهي خطوة غير معتادة فيما بين الدول العربية ، كمؤشر واضح ورسالة شديدة اللهجة والدلالة على أن صبر مصر لن يصمد طويلا أمام كل الأفعال الاستفزازية والتدخل المرفوض في الشأن الداخلي للبلاد ، وأن تصريحات السفير القطرى عن دعم بلاده لثورة 25 يناير، ومن بعدها ثورة 30 يونيو، يبتعد كثيرا عن واقع الممارسات القطرية على الأرض ، وأنه إذا كانت قطر صادقة في تأييد الثورتين فكان من المتوقع منها أن تتخذ خطوات ملموسة وبناءة لإعادة العلاقات بين البلدين إلى سياقها الطبيعي بدلاً من التدخل المرفوض في الشئون الداخلية للدول.
إلا أن قطر بمواقفها الداعمة للإرهاب الأعمى الذى يريد تدمير مصر ، استمرت فى محاولات إذكاء نيران الفتنة مستخدمة "المال السياسى" ، بهدف دفع الأوضاع بالبلاد إلى حافة الهاوية لإجبار القوى السياسية والمؤسسة العسكرية إلى اللجوء لحل سياسى يفضى إلى عودة جماعة الإخوان إلى السلطة ، وهو ما دفع العلاقة مع مصر إلى حافة الهاوية ، خاصة أن الأحداث التى مرت بها مصر أكدت فشل الفرضية القطرية وعدم صحة الادعاءات التى كانت تروّجها جماعة الإخوان للغرب بقدرتها على الصمود والعودة إلى سدة الحكم.
ولعل المريب فى أمر المواقف القطرية العدائية تجاه مصر ، هو أنها تناقض كافة المواقف الخليجية الداعمة للشعب والدولة المصرية ، حيث توالت التأكيدات الخليجية ،على أعلى المستويات ، حول رفض الدور القطرى ضد مصر والذى يدعم جماعة الإخوان ، إلا أن قطر ظلت على موقفها غير المبرر تجاه مصر .
وهو ما يستدعى موقفا استثنائيا من الشقيقة الكبرى ربما يعيد الأمور إلى نصابها ، ويسهم فى تكريس الصورة التاريخية لبلد دفع أثمانا باهظة من أجل الأشقاء ومد يده للجميع ، فى وقت لا يتوانى عن إحراق اليد التى تعبث باستقراره وأمن مواطنيه.