من هي "حمالة الحطب" ؟ وبما توعدها الله يوم القيامة؟

أم جميل، أروى بنتُ حرب بن أمية، أخت أبي سفيان زعيم قريش، بل الأمر أبعد من هذا فولداها عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب، هما زوجان لبنتي الرسول صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما أجمعين، وذلك قبل البعثة النبوية، إذا فهناك قرابة وجوار ومصاهرة ورحم، صورة اجتماعية واقعية لأسرة تقودها امرأة تمكن الحقد والحسد منها،فأعمى بصرها وبصيرتها، وأفقدها عقلها وصوابها، فكانت خلف زوجها تؤزه وتحرضه وتغريه، وتمده بأنواع الحيل والافتراء والدس على محمد، وتؤجج نار الفتنة، وتثير حربًا شعواء على النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك وصفها القرآن بحمالة الحطب.
أما أم جميل حمالة الحطب فقد استطاعت بتسلطها ومكرها وحقدها أن تجعل زوجها يحارب ويعادي ابن أخيه، فقادت حملة شيطانية ضد أطهر خلق الله، حملة إيذاء وسخرية واستهزاء،كان شعار حملتها: (مذمما- تعني: محمداً- أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا)، كانت ترفع صوتها بهذا الشعار بطرقات مكة، وتمشى بين الناس بالنميمة ضد النبي صلى الله عليه وسلم،تُحرض الناس عليه، بل كانت تترقب طريقه ثم تسبه وتعيره بالفقر، ثم أخذت تضع الشوك والأذى أمام بيته وفي طريقه، بل تحكمت بحياة أولادها، وتلاعبت بعقولهم كما فعلت بأبيهم، فقد ذكر الزمخشري في تفسيره: بأنها قالت لولديها:رأسي برأسيكما حرام إن لم تطلقا بنتي محمد، فلم يكن لهما إلا الرضوخ لها، فقاما بتطليق أم كلثوم ورقية، هكذا هي المرأة السوء تفريق للأسرة وإيغار للصدور، وخصومة وطلاق، وحسد وحقد ومكر .
وقد قيل أن عتبة بن أبي لهب، لما سمع كلام أمه حمالة الحطب، ذهب لمحمد وقال: يا محمد أنا كافر بالنجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم بصق تجاه الرسول ورد عليه ابنته وطلقها، فقال الرسول من شدة حزنه: اللهم سلط عليه كلباً من كلابك، وكان أبو طالب عمه حاضراً فقال:ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة. ثم عاد عتبة إلى أبي لهب وأخبره ثم خرج إلى الشام فنزلوا منزلاً،
فأشرف عليهم راهب من الدير وقال: إن هذه أرض مسبعة، فقال أبو لهب لأصحابه: أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة فإني أخاف على ابني عتبة من دعوة محمد. فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتبة، فجاء السبع يتشمم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله.إن دعوة المظلوم مستجابة، فما بالك لو كان المظلوم سيد البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فما أعظم دروس وعبر حمالة الحطب،
ولذا أنزل الله فيها سورة تتلى إلى يوم القيامة لتكون عظة وعبرة لهذا الصنف من النساء تلك اللاتي يعملن للشر، ويُخططن لأذية الناس، ويقفن في وجه دعوة الخير ونشره، فحمالة الحطب امرأة أبي لهب نموذج يتكرر في كل زمان ومكان، في الصد عن الخير ونشر الإسلام، وإذاعة الشر والرذيلة، ربما تمثل هذا النموذج في زماننا بفكر أنثوي فاسد وقلم نسوي صارخ بالرذيلة، أو بالغمز واللمز لأهل العلم والفضل من الصالحين والعاملين، وربما بإدارة لأوكار الدعارة والرذيلة، أو التعري والمجون عبر الفضائيات والمجلات، أو السحر والشعوذة والكهانة، أو النمامات القوالات الساعيات في خراب البيوت وتفريق الأزواج..، أو غير ذلك من صور الإيذاء للمجتمع والتربص بالناس، إنه نادي حمالة الحطب للمكر والإيذاء يعج بكثير من المشاركات والعضوات اللاتي يُتقن فن إذاعة الشر والأذية للناس، نعوذ بالله من شرهن ومكرهن، لقد كانت أم جميل عونًا لزوجها على كفره وجحوده وعناده؛ فتكون يوم القيامة عَونًا عليه في عذابه في نار جهنم،ولهذا قال تعالى:{حَمَّالَةَ
الْحَطَبِ} يعني تحمل الحطب فتلقيه على زوجها، ليزداد على ما هو فيه، فهي مُهَيَّأة لذلك،{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}أي:في عنقها،والعرب تسمي العنق جيدا
لقد كان لها قلادة فاخرة فقالت:لأنفقنها في عداوة محمد، فأعقبها الله بها حبلا في جيدها من مسد النار{حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}كانت تمشي بالنميمة، وتضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم،فكانت تأتي بأغصان الشوك، فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت تمشي بالنميمة وتنقل الحديث فتلقي العداوة بين الناس، وتوقد نارها كما توقد النار بالحطب. . وذكر القرطبي في سياق تفسير هذه السورة قول أكثم بن صيفي لبنيه: إياكم والنميمة! فإنها نار محرقة، وإن النمام ليعمل في ساعة مالا يعمل الساحر في شهر،
سبحان الله!كم من حمالة حطب اليوم تحطب الكلام، وتمشي بالنميمة والإفساد بين النساء، فعالم المرأة اليوم يعج بالقيل والقال، وأكثره على وجه الإفساد والكيد.