قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الفساد آفة مجتمعية


الفساد آفة مجتمعية عرفتها المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ، وهو مرض عضال تحمله كل الدول والمجتمعات سواء أكانت غنية أم فقيرة، متعلمة أم جاهلة، دكتاتورية أم ديمقراطية، قوية أم ضعيفة، وهو مما يرتبط ظهوره واستمراره برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية يعتقد في قرارة نفسه أنه ليس له حق فيها ومع ذلك يسعى إليها، لذا فهو يلجأ إلى وسائل سرية للوصول إليها منها إقصاء من له الحق فيها، أو الحصول عليها عن طريق الرشوة أو المحسوبية أو الواسطة واختلاس المال العام وغيرها.
ولا يقتصر ظهور الفساد على القطاع العام بل قد يكون أكثر ظهورا في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني، والفساد في القطاع العام لا يظهر في مفاصل السلطة التنفيذية والسلطة القضائية فقط، بل يمكن أن يظهر في ميدان عمل السلطة التشريعية من خلال تجميد المشاريع لأغراض المساومة مثلا، أو في توزيع المناصب الحكومية على أسس حزبية أو طائفية، أو على مقياس الولاء بغض النظر عن الجدارة أو الكفاءة أو الاختصاص، كما قد يظهر بشكل صارخ في المؤسسات المستقلة بضمنها المؤسسات الرقابية أو المتخصصة في مكافحة الفساد كفساد المحققين وضباط الشرطة والمفتشين العامين وموظفيهم.
وليس هناك علاقة مباشرة بين نظام الحكم والفساد، فالفساد موجود في دول أنظمتها ديكتاتورية كما هو موجود في دول أنظمتها ديمقراطية، إلا أن الأنظمة غير الديمقراطية تعد حاضنة صالحة للفساد أكثر من الأنظمة الديمقراطية من الناحية النظرية، لأن الأخيرة (أي الأنظمة الديمقراطية) تكون في ظلها السلطات متوازية ومستقلة، وتوفر انتخابات حرة ونزيهة وتداولا سلميا للسلطة وحرية تعبير وصحافة حرة وقضاءً مستقلا محايدا عادلا وكفئا، لذا تكون ممارسة الفساد عملية صعبة أو خطرة ذات نتائج غير مضمونة.
وقد صنف الفساد إلى فساد سياسي وفساد بيروقراطي أو إداري، وعرف الفساد السياسي بأنه:- إساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية، لتحقيق مكاسب شخصية، وأهم اشكاله المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب.
وبسبب غياب الفصل بين الإدارة والسياسة، خاصة في البلدان النامية، فإن تقسيم الفساد إلى سياسي أو كبير وإداري أو صغير يكون غير واضح ونسبي.
تعد هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، أحد أهم الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير والموجة الثانية لها فى 30 يونيو، حيث ضاقت وضاعت الفواصل والحدود بين الحزب الحاكم والسلطات الثلاث، مما أضعف من رقابة السلطات على بعضها البعض، كما سيطرت السلطة التنفيذية على الإعلام، مما ساهم فى تضليل الرأى العام وهنا يقترح ما يلى:
1- تفعيل دور مجلس النواب فى مكافحة الفساد ليس فقط عبر دراسة التقارير التى تقدم له من الأجهزة المعنية ولكن بتفعيل أدوات المساءلة البرلمانية المتعارف عليها للحكومة ولرؤساء الأجهزة المستقلة، وتفعيل دوره فى مناقشة حقيقية وفعالة فى إقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة، وهنا يمكن عمل دورات تدريبية وتثقيفية لأعضاء لجنة الخطة والموازنة فى المجلس على كيفية قراءة الموازنة العامة للدولة.
2- ضرورة الحد من السلطات الممنوحة للسلطة التنفيذية فى إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، كما يجب تفعيل دور البرلمان فى مراجعة اللوائح التى تصدرها السلطة التنفيذية، خاصة فيما يتعلق بأوجه إنفاق الميزانية المقررة لكل جهة حكومية.
3- تفعيل مبدأ خضوع التنفيذيين لمساءلة البرلمان، وتفعيل الدور الرقابى للمجالس الشعبية المحلية على الأجهزة التنفيذية فى نطاق الوحدات المحلية، وتدريبها على كيفية الرقابة على هذه الأجهزة.
ورغم أن الفساد قد يحقق مآرب المفسد الشخصية إلا أنه لا يكون إلا مقابل ثمن يدفعه، فمن يدفع الرشوة لإنجاز أو تسريع معاملة فهو يحصل على ذلك نتيجة دفعه مبلغ الرشوة الذي ينبغي أن لا يكون مضطرا إلى دفعه لولا الفساد، وعندما يتم تعيين شخص بوظيفة ما بتوسط أحدهم فهو قد يكون إنما وضع مستقبله ومعيشته تحت تصرف مرجع الواسطة، وقد يكون الثمن المدفوع هو ثمن معنوي أو مادي أو نقدي، إلا أن الثمن الأكبر الذي يدفع عن ممارسة الفساد هو ذلك الذي يدفعه المجتمع بكامله، ألا وهو انهيار الوطن.