الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مهرجانات بيت الدين تحيي مئوية مولد الموسيقار زكي ناصيف

 الموسيقار زكي ناصيف
الموسيقار زكي ناصيف

بينما كانت قذائف الحرب تفتك بأبناء الطوائف المختلفة على الأراضي اللبنانية تمكن بموسيقاه أن يوحد بينهم على نغم مشترك حتى أن البعض وصفه بأنه "صانع الهوية اللبنانية".

إنه زكي ناصيف الذي اختارت مهرجانات بيت الدين الدولية تكريمه في ذكرى مرور مئة عام على مولده ولم تجد أبلغ من تعبير "عاشق الورد" لتكريمه من خلال إعادة نثر ريحانه الموسيقي في أرجاء جبل لبنان.

وكانت ليلة الجمعة معبقة بإرث ناصيف وشارك فيها أربعة فنانين لبنانيين وفرقة موسيقية من أربعين شخصا بقيادة إيلي العليا و20 من أفراد فرقة كورال الجامعة الأمريكية في بيروت حيث درس ناصيف في ثلاثينيات القرن العشرين.

وقدمت الأمسية حوالي عشرين أغنية كتب كلمات معظمها ولحنها الفنان الذي ولد عام 1916 وتوفي في 2004. وشارك في الأمسية كل من سمية بعلبكي ورنين الشعار وزياد الأحمدية وجوزيف عطية.

وحصدت سمية من بستانه أزهارا حين ألقت الأغنية التي عرفها الناس بصوت فيروز (يا عاشقة الورد) والتي حملت السهرة اسمها وهي من كلمات الشاعر المصري الراحل مصطفى محمود ويقول مطلعها "يا عاشقة الورد.. إن كنت على وعدي.. فحبيبك منتظر.. يا عاشقة الورد.. حيران ينتظر.. والقلب به ضجر.. ما التلة ما القمر.. ما النشوة ما السمر.. إن عدت إلى القلق.. هائمة في الأفق.. سابحة في الشفق.. فهيامك لن يجدي".

وتألقت سمية بعلبكي أيضا في أغنية (ليلتنا من ليالي العمر) وقصيدة من كلمات إميل رفول "تسألني الحسناء عن قلبي فلا تدري مقلتاي ماذا تقولان لها. فكم تصبو شفتاي لتهمس أحبها ويغيب السؤال في هدأة الليل. فينساب الجواب أغنيات هازجات لنا للشباب".

كما أدت رنين الشعار أغنية فيروز (أهواك بلا أمل) و(حبايبنا حوالينا نسم يا نسيم علينا). وبصوت جبلي غنى جوزيف عطية (اشتقنا كتير يا حبايب نمشي دروبنا سوا) و(يا جار الرضا).

أما المغني وعازف العود زياد الأحمدية فغني (نقيلي أحلى زهرة) و(حلوة ويا نيّالها).

وهكذا على مدى ساعتين تنقلت سمية بعلبكي بين ورود ناصيف وتدفقت رنين الشعار غناء بين روائعه المشرقية وترددت أصداء صوت جوزيف عطية الجبلي بين حنايا القصر التاريخي وتألق زياد الأحمدية مع عوده بإدارة المؤلف الموسيقي غي مانوكيان.

وبين أغنية وأخرى كانت تظهر على شاشات عملاقة لقطات فيديو لناصيف وهو يؤدي بعض أغنياته أو يتحدث في برامج شارك فيها أو في مقابلات تلفزيونية.

وفي الختام تشارك الجميع في تأدية أغنية (راجع لبنان يتعمر لبنان) وسط تصفيق الحضور.

وكتب الباحث الموسيقي اللبناني إلياس سحاب في جريدة الأخبار "لعلنا لا نبالغ إذا اعتبرنا زكي ناصيف شيخ الجيل الذي صنع أمجاد المدرسة المشرقية ليس فقط لأنه رحل في الثامنة والثمانين من عمره وهو في عز نشاطه بل لأنه أيضا كان أقدم من بدأ عملية الانغماس في البذور الأولى لهذه النهضة."

ويعتبر زكي ناصيف واحدا من الرعيل الأول من الملحنين الذين واكبوا نهوض إذاعة لبنان في أربعينيات القرن العشرين ولا تزال أعماله مؤثرة في الموسيقى الشعبية اللبنانية. وقدم أكثر من 500 أغنية ولحنها وغناها بصوته أو تغنى بها مطربون في مقدمهم صباح وفيروز ووديع الصافي.

ولد ناصيف في بلدة مشغرة أكبر مدن وادي البقاع الغربي في عام 1916. ومنذ صغره شارك في الشعر والموسيقى الشعبية مثل الزجل والعتابا والميجانا وألف ما سمي آنذاك (عصبة الخمسة) مع الأخوين رحباني وحليم الرومي والد ماجدة الرومي وتوفيق الباشا وفيلمون وهبي وهدفهم كان الخروج على الغناء الشائع إلى محاولة اكتشاف لون من الغناء المحلي الذي يستمد من الفولكلور جمله اللحنية.

ساهموا بإمداد إذاعة الشرق وإذاعة لبنان بالمواد الموسيقية والغنائية في الخمسينيات. وفي عام 1957 أطلقت العصبة (الليالي اللبنانية) الأولى في مهرجانات بعلبك الدولية بعمل فولكلوري بعنوان (عرس في القرية).

لا ينتمي ناصيف إلى مدرسة الرحبانية الموسيقية التي مزجت الموسيقى الغربية والكلاسيكية بالطابع الشعبي اللبناني والنمط التقليدي القديم. بدلا من ذلك أبقي على المواد القديمة ولكن بروح جديدة متزاوجة مع تقاليد الضيعة اللبنانية.

ومن أهم ما يشد اللبنانيين من مؤلفاته أغنية (راجع راجع يتعمر) والتي غناها خلال الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد من عام 1975 إلى عام 1990. واعتبرت تلك الأغنية نشيدا يدل على الصمود في وجه الدمار.

ورغم كبر سنه ألف ناصيف عام 1994 ألبوما كاملا لفيروز سماه (فيروز تغني زكي ناصيف) من إنتاج صوت المشرق. ويحتوي القرص المدمج على مواد ممتازة تعرض قدرات ناصيف على الإنتاج والتميز والتعبير.

وفي 2004 أنشأت الجامعة الأمريكية في بيروت برنامجا أكاديميا يحمل اسم زكي ناصيف تكريما لتلميذها الذي صار من أعمدة الموسيقى اللبنانية.

وفي مايو أيار الماضي تحول منزله في قرية مشغرة إلى (متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي) تخليدا لذكراه وأعماله.

وتستمر مهرجانات بيت الدين في عرض برنامجها هذا العام حيث من المقرر أن تستضيف في الثالث من أغسطس آب الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف وفي الخامس منه المطرب العراقي كاظم الساهر.