قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

المتاجرة بعضوية نقابة الصحفيين


الصحافة من المهن السامية ، التى تتسم بالنزاهة ، والشفافية ، والحياد ، والأمانة ، والضمير، والتأكيد على حق المجتمع فى المعرفة الصادقة ، الخالية من الغش والخداع ، والضلال والتضليل.

وهذه السمات المختلفة يجب أن تتوافر بالتبعية فى كل من يمارس تلك المهنة ، سواء كانوا يمثلون أفرادا ، أو مؤسسات ، فهى تختلف عن غيرها من المهن ، من حيث آليات التأثير على المجتمع والدولة ، وهى تساهم بقوة فى تشكيل وجدان وضمير الأمة ، كما أن لها دورها المباشر فى صنع القرار العام للدولة.

وظلت المهنة بهذه السمات والآليات لفترات امتدت لعقود من الزمن ، كانت الصحافة فيها المحرك الأول للمجتمع، والمرجعية الأولى فى المعرفة للشعب ولمتخذ القرار ، فتأصلت قوتها فى المجتمع ، وازدادت احتراما بين فئاته، وقوة لدى متخذ القرار ، فكانت الصحافة ، بكل ما يمثلها من مؤسسات ونقابة ، لها دورها الذى لا يمكن أن يتجاهله أحد سواء داخل دائرة صنع القرار العام فى الدولة ، أو خارجه ، وفى تاريخ نقابتنا العريقة – الصحفيين – الكثير من المواقف الدالة على ذلك ، منها الموقف من الرئيس الراحل أنور السادات فى أزمة هيئة الاستعلامات الشهيرة.

غير أن الصحافة ، وفى الفترة الحالية ، وتحديدا خلال العقد ونصف العقد الأخير ، شهدت تراجعا عن السمات التى تميزت بها ، وتخلى أغلب العاملين بها عنها ، وتحطمت آليات قوتها على صخرة المال ، الذى اتجه إليه البعض تكنيزا ، على حساب المهنة وسموها ، وحقوق المجتمع والدولة ، وذلك حينما تحولت المهنة إلى عملية تجارية مباشرة.

وقد اتخذت التجارة بالمهنة أشكالا ، بدأت خارج المؤسسات ، فى إساءة استخدام شرف الانتماء إليها ، فى ممارسة عمليات الابتزاز لبعض متخذى القرار ، ومن هم فى السلطة التنفيذية ، وكذلك لممارسة أعمال نصب واحتيال باسم المهنة ، ودرجاتها الوظيفية المختلفة.

انتقلت المتاجرة بالمهنة إلى نوع آخر ، وهو المتاجرة بعضوية نقابة الصحفيين ، والتى تمثل الشهادة الرسمية بامتهان الصحافة ، فتحول "كارنيه النقابة" إلى بيئة استثمارية ، لجأ إليها كثيرون وعلى أوسع نطاق ، ما بين استغلال المتدربين الصحفيين للعمل داخل المؤسسات لفترات زمنية تمتد لشهور ، بدون الحصول على مكافآت مالية ، وذلك بحجة الإخضاع لفترة التدريب ، التى امتدت فى بعض المؤسسات لسنوات تصل فى بعض الأحيان إلى ثلاث سنوات أو ما يزيد على ذلك ،وفى سبيل العضوية يتحمل المتدرب ويبذل الجهد والمال ، فى وقت يقوم فيه القائمون على بعض المؤسسات ، بتوفير التكاليف على حساب حقوق المتدربين ، ليس من أجل تقديم خدمة صحفية أفضل ، ولكن من أجل تعظيم الأرباح.

وصل الأمر بعملية التجارة بعضوية النقابة ، إلى حد الإعلان المباشر عن الحصول على أموال ، تم تسعيرتها محليا وعربيا ، حتى أنها وصلت محليا إلى ستين الف جنيه ، وعربيا إلى ما يقارب المائة ألف، فهناك من يعمل بصحف عربية خارج مصر ، لايحملون عضوية النقابة ، ولديهم استعداد لدفع آلاف الجنيهات فى سبيل الحصول على كارنيه النقابة.

وكثير من الصحف الحزبية والخاصة ، تحولت إلى التجارة فى عضوية نقابة الصحفيين ، وأصبح جل همها أن تتلقى الأموال من الراغبين فى الانضمام لعضوية النقابة ، مقابل تقديمهم للجان القيد بالنقابة.

ومن أسف أن النقابة ، والزملاء بمجلسها وبلجنة القيد ، لديهم علم بتلك الصحف ، ومع ذلك تستمر لجنة القيد فى قبول المتدربين الصحفيين بها ، دون أن تتخذ رادعا تجاه المتاجرة بعضوية النقابة ، والحصول على بدل التدريب والتكنولوجيا ، الذى يمثل عنصرا استثماريا آخر للذين يفكرون فى دفع أموال مقابل الحصول على عضوية النقابة.

أفرزت تلك الممارسات السلبية عناصر غير مهنية تضج بها الصحافة ، ويعانى منها المجتمع ، حتى كان لها أثر سلبي على المهنة والمجتمع من ناحية ، وعلى نقابة الصحفيين ، التى تراجع دورها ، من ناحية أخرى.